سودانايل:
2025-01-29@14:58:49 GMT

الكتابة في زمن الحرب (40): عن ابن خلدون (1)

تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT

يرى البعض ان القراءة في هذا الزمان المليء بالأحداث المؤلمة والهموم العظيمة ضرب من ضروب المستحيل، حيث تثقل الاوجاع كاهل الإنسان المعاصر ولكأن الشاعر امروء ألقيس يكتب عن أحوالنا اليوم، فانظر ماقاله في احدى قصائده:
وليل كموج البحر أرخى
سدوله علي بأنواع الهموم ليبتلي

وفي هذا السياق، أجد أن ما قامت به تلك المجموعة المميزة “نادي 81” باختيارهم لكتاب “مقدمة ابن خلدون” عمل يستحق التقدير.

لقد وقع الاختيار عليّ لمشاركة الدكتور محمد بابكر كمتحدث رئيسي، وقد تم تكليفي بمعاونته في إدارة المنصة. أصدقكم القول، بأنني شعرت بالرهبة في البداية، فالمقدمة تجمع بين مختلف أنواع العلوم الإنسانية. ولكن تحمست كثيراً خاصةً بعد أن قرأت الكتاب واستوعبت منه الكثير مما كان يهمني كقارئ..
اما هؤلاء الشباب النشطون، والذين واصلوا اجتماعاتهم الأسبوعية لأكثر من عامين، يقومون بقراءة الكتب وتحليلها بشكل نقدي عميق. ولو أتيح لك حضور إحدى جلساتهم، لظننت أنهم خريجو كليات أدبية، في حين أن معظمهم أطباء؛ منهم الجراح والطبيب النفسي، يتقنون شرح النفس كما يتقنون تفكيك النصوص المعقدة في مختلف فروع العلم والمعرفة.

أما عن ابن خلدون، فإنه ومن خلال مقدمته، تظهر عبقريته الفذة وترى فهمه العميق لسلوكيات المجتمعات وأحوال الدول. رغم أن ما كتبه يعود للقرن الرابع عشر الميلادي، إلا أن تحليلاته تبدو وكأنها تصف واقعنا المعاصر. سعى ابن خلدون في مقدمته لفهم قوانين تطور المجتمعات والدول، حيث تمر الدول بمراحل تبدأ بالنهوض والقوة، ثم تصل إلى مرحلة الركود والانهيار. عندما يتحدث عن “كثرة الجباية” كعلامة على اقتراب نهاية الدولة، يشير إلى أن الضغوط الاقتصادية والفساد المالي غالبًا ما تكون دليلًا على تدهور السلطة.
وصف ابن خلدون ظواهر سلبية مثل انتشار التنجيم والنفاق وظهور الشخصيات الانتهازية والدجالين، مما يعكس تفكك المجتمع وفقدان الثقة في النظام السائد. وهي أمور تتكرر في مختلف الأزمنة والأماكن عندما تواجه الدول أزمات وجودية.
كتب أحدهم متطاولاً على ابن خلدون، واصفًا إياه بأنه “يتجسس على المستقبل”، وأعتقد أن هذا الشخص قد أذهلته عبقرية ابن خلدون ونظرته الثاقبة للأمور. ويمكن القول إن ابن خلدون، من خلال ملاحظاته الدقيقة، لم يكن يتجسس على المستقبل بقدر ما كان يضع أسسًا لفهم الحاضر والمستقبل من خلال دراسة الماضي. تعتمد تحليلاته على مبدأ أن التاريخ يعيد نفسه، وأن سلوك البشر والدول يخضع لقوانين معينة يمكن التنبؤ بها إذا ما تم دراستها بعمق.

وعليه، فإننا نقول ما كتبه ابن خلدون يتجاوز الزمن، ويظل مرجعًا هامًا لفهم الديناميكيات الاجتماعية والسياسية، وهو ما يجعله واحدًا من أعظم المفكرين في التاريخ.

عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة
osmanyousif1@icloud.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: ابن خلدون

إقرأ أيضاً:

أول تعليق من الأوقاف حول الكتابة الموجودة على منبر مسجد السيدة زينب

قال الدكتور أسامة رسلان، المتحدث الرسمي باسم وزارة الأوقاف، على الجدل المُثار حول الكتابة الموجودة على منبر مسجد السيدة زينب، قائلاً: "رصدنا جدل على مواقع التواصل الاجتماعي على هذه الكتابة، وجاري دراسة هذا الأمر لاتخاذ القرار المناسب".

وأضاف "رسلان"، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "محطة وصول"، المذاع على فضائية "الحدث اليوم"، أن وزير الأوقاف شهد افتتاح معرض الكتاب يوم الخميس الماضي، وشارك في ندوة ثقافية شهدت إقبالاً واسعًا تحت عنوان "جانب من جوانب التصوف".

وأوضك أن وزير الأوقاف قدم دعوة عامة للمصريين لاستعادة الشغف بالعلم والمعرفة، لأن الريادة المصرية على مر القرون كانت قائمة على العلم والمعرفة، وبإذن الله تستمر وتحيا من جديد. 

مقالات مشابهة

  • بالفيديو| القرقاوي: الإمارات عاصمة المستقبل
  • القرقاوي: الإمارات عاصمة المستقبل
  • الكتابة والحزن
  • "شراكات من أجل المستقبل".. معرض الكتاب يناقش تطور العلاقات المصرية الأسيوية
  • ظاهرة كونية.. كواكب خارج المجموعة الشمسية "تتفكك"
  • عن الكتابة والقراءة والسفر.. خطط الأدباء لعام 2025
  • في متاهة السياسة: مسؤولية الكتابة في عالم منقسم
  • جماهير البرازيل تنتظر «بيليه المستقبل»!
  • صراع البيت الأبيض مع القانون الدولي
  • أول تعليق من الأوقاف حول الكتابة الموجودة على منبر مسجد السيدة زينب