سودانايل:
2024-09-15@12:21:45 GMT

الكتابة في زمن الحرب (40): عن ابن خلدون (1)

تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT

يرى البعض ان القراءة في هذا الزمان المليء بالأحداث المؤلمة والهموم العظيمة ضرب من ضروب المستحيل، حيث تثقل الاوجاع كاهل الإنسان المعاصر ولكأن الشاعر امروء ألقيس يكتب عن أحوالنا اليوم، فانظر ماقاله في احدى قصائده:
وليل كموج البحر أرخى
سدوله علي بأنواع الهموم ليبتلي

وفي هذا السياق، أجد أن ما قامت به تلك المجموعة المميزة “نادي 81” باختيارهم لكتاب “مقدمة ابن خلدون” عمل يستحق التقدير.

لقد وقع الاختيار عليّ لمشاركة الدكتور محمد بابكر كمتحدث رئيسي، وقد تم تكليفي بمعاونته في إدارة المنصة. أصدقكم القول، بأنني شعرت بالرهبة في البداية، فالمقدمة تجمع بين مختلف أنواع العلوم الإنسانية. ولكن تحمست كثيراً خاصةً بعد أن قرأت الكتاب واستوعبت منه الكثير مما كان يهمني كقارئ..
اما هؤلاء الشباب النشطون، والذين واصلوا اجتماعاتهم الأسبوعية لأكثر من عامين، يقومون بقراءة الكتب وتحليلها بشكل نقدي عميق. ولو أتيح لك حضور إحدى جلساتهم، لظننت أنهم خريجو كليات أدبية، في حين أن معظمهم أطباء؛ منهم الجراح والطبيب النفسي، يتقنون شرح النفس كما يتقنون تفكيك النصوص المعقدة في مختلف فروع العلم والمعرفة.

أما عن ابن خلدون، فإنه ومن خلال مقدمته، تظهر عبقريته الفذة وترى فهمه العميق لسلوكيات المجتمعات وأحوال الدول. رغم أن ما كتبه يعود للقرن الرابع عشر الميلادي، إلا أن تحليلاته تبدو وكأنها تصف واقعنا المعاصر. سعى ابن خلدون في مقدمته لفهم قوانين تطور المجتمعات والدول، حيث تمر الدول بمراحل تبدأ بالنهوض والقوة، ثم تصل إلى مرحلة الركود والانهيار. عندما يتحدث عن “كثرة الجباية” كعلامة على اقتراب نهاية الدولة، يشير إلى أن الضغوط الاقتصادية والفساد المالي غالبًا ما تكون دليلًا على تدهور السلطة.
وصف ابن خلدون ظواهر سلبية مثل انتشار التنجيم والنفاق وظهور الشخصيات الانتهازية والدجالين، مما يعكس تفكك المجتمع وفقدان الثقة في النظام السائد. وهي أمور تتكرر في مختلف الأزمنة والأماكن عندما تواجه الدول أزمات وجودية.
كتب أحدهم متطاولاً على ابن خلدون، واصفًا إياه بأنه “يتجسس على المستقبل”، وأعتقد أن هذا الشخص قد أذهلته عبقرية ابن خلدون ونظرته الثاقبة للأمور. ويمكن القول إن ابن خلدون، من خلال ملاحظاته الدقيقة، لم يكن يتجسس على المستقبل بقدر ما كان يضع أسسًا لفهم الحاضر والمستقبل من خلال دراسة الماضي. تعتمد تحليلاته على مبدأ أن التاريخ يعيد نفسه، وأن سلوك البشر والدول يخضع لقوانين معينة يمكن التنبؤ بها إذا ما تم دراستها بعمق.

وعليه، فإننا نقول ما كتبه ابن خلدون يتجاوز الزمن، ويظل مرجعًا هامًا لفهم الديناميكيات الاجتماعية والسياسية، وهو ما يجعله واحدًا من أعظم المفكرين في التاريخ.

عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة
osmanyousif1@icloud.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: ابن خلدون

إقرأ أيضاً:

عاجل - نص كلمة الرئيس السيسي في الحدث الرئاسي الافتراضي "نداء عالمي لقمة المستقبل" (فيديو)

شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي في الحدث الرئاسي الافتراضي "نداء عالمي لقمة المستقبل"، المعني بمناقشة مواقف ورؤى الدول استعدادًا لقمة المستقبل المقرر انعقادها بالأمم المتحدة يومي 22 و23 سبتمبر الجاري، وهي القمة التي تهدف إلى وضع ميثاق دولي للمستقبل، يتناول موضوعات التنمية المستدامة، والسلم والأمن الدوليين، والعلوم والتكنولوجيا والابتكار.

وألقى الرئيس السيسي، كلمة مصر خلال ذلك الحدث الدولي، التي تضمنت أهم محاور الموقف الوطني من موضوعات النقاش في قمة المستقبل، وعلى رأسها إرساء مبادئ القانون الدولي، وإصلاح هيكل النظام المالي العالمي، وتعزيز جهود القضاء على الفقر والجوع، وحماية الأمن المائي لجميع الدول، وفيما يلي نص الكلمة:

أخي فخامة الرئيس "نانجولو مبومبا"، رئيس جمهورية ناميبيا؛
فخامة المستشار "أولاف شولتز"، مستشار جمهورية ألمانيا الاتحادية؛
معالي السيد "أنطونيو جوتيريش"، سكرتير عام الأمم المتحدة؛

نلتقي قبل أيام من "قمة المستقبل".. التي تنعقد عليها الآمال.. من أجل التوصل لتوافق دولي.. من شأنه تعزيز العمل متعدد الأطراف.. وفي القلب منه؛ جهود منظمة الأمم المتحدة.. بما يحقق أهدافنا المشتركة في التنمية المستدامة.. والحفاظ على السلم والأمن الدوليين.. وتمتع الشعوب كافة بحقوق الإنسان.. بشكل شامل وعادل.

السيدات والسادة،
إن "قمة المستقبل" تنعقد في ظل أزمات دولية متنامية.. سياسيًا واقتصاديًا.. وأخص بالذكر هنا؛ حالة التصعيد الخطيرة بالشرق الأوسط.. بما لها من تداعيات سلبية على المستوى الدولي.. وهو ما يحتم علينا.. أن تتضافر جهودنا خلال القمة.. لتحقيق الأولويات التالية:
أولًا: التمسك التام بتطبيق ميثاق الأمم المتحدة.. لإرساء نظام قائم على مبادئ وقواعد القانون الدولي.. دون تمييز أو معايير مزدوجة.. وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.. لترسيخ استقرار السلم والأمن الدوليين.

ثانيًا: إصلاح هيكل النظام المالي العالمي.. وتعزيز مشاركة الدول النامية في آليات صنع القرار الاقتصادي.. وتقوية دور الأمم المتحدة في الحوكمة الاقتصادية الدولية.. بما يسهم في تسهيل حصول دول الجنوب على التمويل اللازم لتحقيق التنمية المستدامة.. فضلًا عن معالجة أزمة الديون التي تتراكم على الدول النامية.. جرّاء أزمات عالمية لم تتسبب فيها تلك الدول.

ثالثًا: تعزيز جهود القضاء على الفقر والجوع على المستوى العالمي.. ومواجهة تحديات الأمن الغذائي التي تتفاقم نتيجة عوامل متعددة.. على رأسها نُدرة المياه.. سواء لأسباب طبيعية أو مصطنعة.. الأمر الذي يتطلب تعاونًا دوليًا.. للوفاء بحق الجميع في النفاذ للمياه.. واحترام القانون الدولي فى إدارة الأنهار العابرة للحدود.. لضمان تحقيق التوافق بين الدول المعنية.. وعدم وقوع أضرار على أية دولة.

وفي الختام.. تتطلع مصر إلى خروج القمة بنتائج ملموسة، تدفع نحو التغيير الحقيقي.. تنفيذًا للتعهدات الدولية.. بتوفير الأمن.. وتحقيق التنمية المستدامة.. لجميع الشعوب دون استثناء.

مقالات مشابهة

  • الإمارات.. "خلوة السفراء" تجمع 100 دبلوماسي لتصميم حكومات المستقبل
  • النائب أيمن محسب يطالب بتضافر الجهود الدولية لتعزيز القانون الدولي دون تمييز
  • السيسي: يجب تعزيز جهود القضاء على الفقر والجوع على المستوى العالمى (فيديو)
  • الرئيس السيسي يُطالب بتقوية دور الأمم المتحدة في الحوكمة الاقتصادية الدولية (فيديو)
  • الرئيس السيسي: قمة المستقبل تعزيز لجهود القضاء على الفقر والجوع
  •  السيسي يشارك في الحدث الرئاسي الافتراضي "نداء عالمي لقمة المستقبل"
  • عاجل - نص كلمة الرئيس السيسي في الحدث الرئاسي الافتراضي "نداء عالمي لقمة المستقبل" (فيديو)
  • الرئيس السيسي: «قمة المستقبل» تنعقد في ظل أزمات دولية متنامية
  • الرئيس السيسي: قمة المستقبل تنعقد عليها الآمال من أجل التوصل إلى توافق دولي
  • كلمة الرئيس السيسي خلال الحدث العالمي الافتراضي «نداء عالمي لقمة المستقبل»