«الإفتاء» توضح حكم الجمع بين الصلوات بسبب العمل.. بين الوجوب والاستثناء
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
قال الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، ردا على سؤال «ما حكم الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل»، إن الأصل في الصلاة الفريضة، وهي ركن من أركان الإسلام، ومنزلتها من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، وقد عُنِي الإسلام في كتابه وسنته بأمرها، وشدَّد كل التشديد في طلبها وتقييد إيقاعها بأوقات مخصوصة؛ قال تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا.
وأضاف أمين الفتوى عبر صفحة دار الإفتاء على موقع «يوتيوب»، أن الإسلام حذَّر أعظم التحذير من ترك الصلاة؛ ففي الصحيحين - واللفظ لمسلم - عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ.
وأشار، إلى أنه قد بلغ من عناية الإسلام بالصلاة أن أمر المسلمين بالمحافظة عليها في الحضر والسفر، والأمن والخوف، والسلم والحرب، حتى في أحرج المواقف عند اشتداد الخوف حين يكون المسلمون في المعركة أمام العدو؛ قال تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ، وأيضا قوله تعالى، «فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ» [البقرة: 238-239]، أي: فَصلُّوا حال الخوف والحرب، مشاة أو راكبين كيف استطعتم بغير ركوع ولا سجود بل بالإشارة والإيماء، وبدون اشتراط استقبال القبلة؛ قال تعالى: «وَللهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» [البقرة: 115]».
جمع الصلوات للعذروأوضح أنه قد شرّع جمع الصلوات للعذر؛ فتؤدي الظهر مع العصر تقديمًا أو تأخيرًا، وتؤدي المغرب مع العشاء، بشرط أن ينوي ذلك قبل دخول وقت العصر أو العشاء، ومن هذه الأعذار الوحلُ؛ قياسًا على السفر بجامع المشقة في كل؛ فلقد أخرج الإمامان البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا"، وما أخرجه الإمام مسلم عن معاذ رضي الله عنه قال: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَكَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الإفتاء جمع الصلوات الله ع
إقرأ أيضاً:
مستمرة لأجيال.. الإفتاء توضح معنى الصدقة الجارية وأبوابها
الصدقة الجارية التي يستمر أجرها بعد الموت.. يغفل الكثيرون عن فضل الصدقة الجارية التي يستمر أجرها بعد الموت.
الصدقة الجاريةما يوقف أصله وينتفع بثمرته، أو ما ينتفع به مع بقاء عينه، فالصدقة الجارية مستمرة لأجيال متعاقبة، لا لجيل واحد، ومتعدية للعديد من الأشخاص، لا لشخص واحد؛ كبناء المدارس والمستشفيات والمساجد، وطباعة المصاحف، وكتب العلم النافع، وبناء المقابر للمحتاجين، وتوصيل الماء والكهرباء والخدمات للمحرومين، وحل مشكلات الناس، وما شابه ذلك، ممَّا يُحقّق غرض الدوام والتعدية.
الصدقة الجارية التي يستمر أجرها بعد الموت
وحثّ الإسلام على الصدقة والتبرع والمبادرة بأعمال الخير؛ قال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 261].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ) رواه البخاري ومسلم.
والصدقة الجارية هي الوقف، وهي المقصودة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) رواه مسلم، قال الإمام النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: "الصدقة الجارية هي الوقف" [شرح النووي على صحيح مسلم 11/ 85].
وفي بيان معنى الصدقة الجارية وأبوابها، قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ردا على سائل يقول: أعطاني الله تعالى سعة من المال، وأريد أن أنفق جزءًا من مالي في صدقة جارية. فأرجو توضيح معنى الصدقة الجارية وبيان أفضل أبوابها؟
وقال علي جمعة: الصدقة الجارية معناها: أنها المستمرة للأجيال المتعاقبة، لا لجيل واحد، والمتعدية للعديد من الأشخاص، لا لشخص واحد؛ كطباعة المصاحف، وكتب العلم النافع، وبناء المساجد، والمدارس، والمستشفيات، والمقابر للمحتاجين، وتوصيل الماء والكهرباء والخدمات للمحرومين، وإقامة جمعيات خدمية وتطوعية للزواج، وحل مشكلات الناس، وتوصيل احتياجاتهم للمسؤولين وما شابه، ممَّا يُحقّق غرض الدوام والتعدية.
وتابع: الصدقة تدفع البلاء، يقول ﷺ : (الصَّدَقَةُ تُطْفِىءُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِىءُ المَاءُ النَّارَ) والصدقة تجوز حتى ولو على الغني، فمن أخرج شيئًا - حتى ولو كان اليتيم غنيًّا إدخالاً للسرور عليه، أو حتى لو كان الجار غنيًّا إدخالاً للسرور عليه، أو كان حتى للوالدين وهم أغنياء إدخالاً للسرور عليهما - كانت هذه من الصدقات التي يقبلها الله سبحانه وتعالى وتقع في يده جل جلاله قبل أن تقع في يد الإنسان، وينعي على أولئك البخلاء فيقول : {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} وبذلك فقد كفروا نعمة الله.
فيما أوضح الدكتور محي الدين عفيفي، عضو مجمع البحوث الإسلامية السابق، إنه يمكن للإنسان أن يبر أحبائه المتوفين، وتحديدا والديه، عبر إقامة صدقة جارية لهم، وتتمثل الصدقة الجارية، في عدة طرق، منها توفير ثلاجة مياه في مكان به عمال يرتون به، أو مساعدة أسرة فقيرة تتزوج بنتهم أو ابنهم، أو المساهمة في علاج مريض بما يتيسر له، أو تبني ومساعدة طالب علم نابغ، حيث المساهمة في تكوينه العلمي، وليس شرطا تحمل تكاليف تعليمه كاملة.
وأوضح "عفيفي"، أن تنويع الصدقة مهم وأفضل عند الله تعالى، على أن يجرى العمل بنية أن يتقبلها الله، ووهب هذه الصدقة لروح المتوفي، لافتا إلى أن بر الابن بوالديه لا ينقطع بعد الممات، وإنما يبقى ويستمر، فعندما جاء رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يسـأله:" هل بقى من بر والدي شيء بعد مماتهم، قال نعم، صلة الرحم التي لا توصل إلا بهم، وإنفاذ عهدهم، أي الأمور التي كانوا يلتزمون بها ومداومتهم على فعل الخير، فيقوم الأبناء بنفس هذه الأعمال كنوع من البر، إضافة إلى إكرام صديقهم، إذا كان الأب والأم لهم صديق يرتاحون له، والإكرام هنا يعني الوفاء والأدب وحسن الخلق، وليس ضروريا أن يكون إكرام مادي.