في قلب جبل لبنان، حيث تمتد أشجار التين بظلالها الوارفة على أرض قرية المشرفة في قضاء عاليه، يولد سحر لا يُضاهى، وحكايات تتسرب من كل زاوية لتروي قصة الأصالة والعطاء. من ترابها نبتت الأشجار، بتلك الطعمة الفريدة التي تتجلى في كل حبة، فتينها ليس مجرد فاكهة تنمو بين ثنايا الأرض، بل هو رمز للحياة والتواصل بين الأجيال.

هنا، حيث يمشي الزائر بين الحقول، يسمع صوت الأجداد في الرياح، يُحدثونه عن الأرض، عن التين، عن عشق المزارع لأرضه، وتمسكه بها.. يحدثونه عن ذلك الحب الذي لا يزول.
اليوم، يجتمع شباب وأهالي المشرفة، أبناء هذه الأرض الطيبة، ليعيدوا للأذهان مجد الماضي ويغرسوا في الحاضر بُذور المستقبل.
بفرح وأمل، ينظم "نادي شباب المشرفة" مهرجان التين، ليعرضوا بكل فخر منتوجات المزارعين التي تحكي قصة شقاء وعطاء لامحدود. إنهم يعرضون تلك المربيات التي تحمل في طياتها نكهة الشمس وقطرات الندى، يعرضون التين الذي جمعته أيادي أجدادنا وحفظته ذاكرة القرى وتسيّد عرش أسواق بيروت ولبنان منذ سنوات وسنوات.
هذا المهرجان ليس مجرد حدث، بل هو احتفال بالانتماء، وتكريم لكل من سقى تراب المشرفة بعرقه، لكل من حرسها بأعينه واحتضنها بقلبه. إنه دعوة لكل من غادرها يوماً، لكل من حمل معها حنين الأرض، ليعود ويشهد على هذا الإرث الذي لا يندثر، وليرى كيف تنبض القرى بقلوب أبنائها.
هنا، حيث الرياح تحمل رائحة التين والذاكرة، يقف أهل المشرفة ليقولوا للعالم إن قريتهم ليست مجرد بقعة جغرافية، بل هي روح ونبض، هي ملاذ لكل من يبحث عن جذوره، ولكل من يحنّ إلى تلك الأيام التي كانت فيها البساطة كنزاً والوفاء عنواناً.   وإيمانا منهم بقريتهم، قرّر شباب نادي المشرفة بهمة أبطاله أن يحيوا هذا الإرث الإستثنائي بمهرجان سينظم في 7 و8 أيلول، الساعة 5 مساء، في قرية المشرفة.
من هنا، تقول رامونا سري الدين، وهي عضو مشارك في النادي أن هذا المهرجان يأتي تكريمًا لمزارعي قرية المشرفة، الذين تعبوا في هذه الأرض وأعطوها من عمرهم.
وتلفت سري الدين خلال اتصال مع "لبنان24" إلى أن القرية ستكون على موعد وعلى مدى يومين متتالين مع إحياء "مهرجان التين"، إذ سيتم عرض هذه الفاكهة التي تعتبر من أجود وأهم الفواكه ليس فقط في منطقة الجبل، إنّما في لبنان، نسبة إلى الأرض المهيّأة لهذه الزراعة، بالاضافة إلى العوامل الطبيعية التي جعلت من تين المشرفة أهم تين في لبنان.
وتقول سري الدين بأن المهرجان سيتضمن عددا من النشاطات أهمها عرض فاكهة التين، بالاضافة إلى عرض المنتجات التي يمكن تصنيعها من هذه الفاكهة وأهمها مربى التين، بالاضافة إلى عدد كبير من النشاطات الأخرى.
وتؤكّد رامونا سري الدين أنّ "نادي شباب المشرفة" يهدف من هذا المهرجان إلى استقطاب الزوار إلى هذه القرية الكبيرة بحب وعطاء أهلها.
ودعت سري الدين اللبنانيين إلى التوجه إلى هذا المهرجان الذي سيجسّد تاريخ مُزارع المشرفة المعطاء والمحب، الذي لم يتخل عن أرضه يومًا.
بكل فخر واعتزاز، نقول: هذا هو تين المشرفة، وهذه هي قريتنا، قلبها النابض الذي لا يعرف التوقف، وروحها التي لا تعرف الانطفاء.   في هذا اليوم، لا تحتفل المشرفة بالتين فقط، بل نحتفل بأنفسنا، نحتفل بكل لحظة عاشتها المشرفة، وكل حبة تين جمعتها أيدينا، وكل دمعة فرح سقطت ونحن نشاركها مع من نحب.
هذا المهرجان هو أكثر من مجرد فعالية؛ هو عهد مع الأرض، مع التاريخ، ومع الجذور التي لا تزال تربطنا بعمقها. إنه دعوة لكل من فارق المشرفة، لكل من يحن إلى رائحة التراب بعد المطر، وإلى دفء البيوت التي كانت تملأها الحياة بضحكات الأهل وجمعات الأحباب.
في هذا اليوم، نمسح عيوننا بدموع الفخر، ليس فقط بما أنتجته الأرض، بل بما زرعته في نفوسنا من حب لا يذبل..
هنا، في قلب المشرفة، سنعيد إحياء حكاية أرض لم تتخلَّ يومًا عن أبنائها، أرض تعلّمنا منها أن الحب يمكن أن ينمو ويثمر كما ينمو التين، وأن الروح يمكن أن تتغذى بعبق الذاكرة كما تتغذى بطعم الثمار المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: هذا المهرجان سری الدین لکل من

إقرأ أيضاً:

المهرجانات والفعاليات بوابة لتنشيط الاقتصاد وإبراز الهُوية الوطنية

"عمان": تلعب المهرجانات دورا محوريا مهما في تنشيط الحركة السياحة والتجارية في ولايات سلطنة عمان، مع الاهتمام بإبراز الهُوية العمانية، واستقطاب الزوار من داخل وخارج السلطنة، والعمل على تحفيز نشاط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

كما تعد المهرجانات السياحية منصات ترويجية فريدة تعكس الموروث الثقافي والطبيعي لسلطنة عمان، وتتيح الفرصة للزوار لاكتشاف معالمها المتنوعة، بدءًا من الصحاري الشاسعة والجبال الخلابة، وصولًا إلى الشواطئ الساحرة والأسواق التقليدية.

وخلال أشهر الشتاء الباردة برزت محافظات سلطنة عمان بتنظيم العديد من المهرجانات التي لاقت استحسان الزوار والإقبال الكبير على الفعاليات المتنوعة، فهي من الأدوات التي تسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي وتعزيز الحركة السياحية، ومن بين هذه الفعاليات البارزة تأتي فعالية "الرحالة" في ولاية لقابل، التي أصبحت محطة رائعة تجمع عشاق المغامرة والاستكشاف من داخل سلطنة عمان وخارجها.

كما استطاعت فعاليات "الرحالة" استقطاب الآلاف من الزوار والسياح الذين يتوافدون للاستمتاع بالبرامج المتنوعة التي يقدمها، بدءًا من جولات المشي في المسارات الطبيعية الخلابة، وصولًا إلى الأنشطة الثقافية والتراثية التي تعكس الهوية الفريدة لولاية القابل. ودائما ما تحفز الفعاليات والمهرجانات جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، حيث برزت فعاليات الرحالة كفرصة ذهبية لدعم المشاريع المحلية، إذ يتيح للبائعين والحرفيين ورواد الأعمال عرض منتجاتهم التقليدية واليدوية، ما يعزز حركة التجارة ويوجد فرص عمل مؤقتة لسكان الولاية.

كما تعد الفعاليات المتنوعة التي صاحبة المهرجان منصة مثالية للتعريف بالموروث الثقافي للمنطقة، حيث تُقام عروض الفلكلور الشعبي، والمعارض الحرفية، إضافة إلى المحاضرات والجلسات الحوارية التي تسلط الضوء على ثقافة الترحال وأهميتها في التاريخ الإنساني. كما تتيح الفعاليات فرصًا للشباب للمشاركة في الفعاليات التطوعية والتنظيمية، ما يعزز من مهاراتهم في إدارة الفعاليات الكبرى. وتُوفّر فعالية «رحّالة» التي تستمر إلى 27 فبراير الجاري مزيجًا فريدًا من الأنشطة التي تجمع بين الترفيه والثقافة، وتقدّم أجواءً عائلية مميزة من خلال الألعاب الترفيهية الحديثة، إضافةً إلى فعاليات تستعرض ثقافات متنوعة، مما يُوجد تجربة شاملة تمزج بين الأصالة والمعاصرة.

أنشطة متنوعة

أما فعاليات "جرّب جنوب الباطنة 2025" والتي نظمت في خبة القعدان بولاية نخل، فقد استطاعت تقديم فرصة مثالية لاستكشاف التراث العُماني العريق والاستمتاع بتجارب فريدة تجمع بين المغامرة والترفيه والثقافة، وعززت السياحة الداخلية وما تتمتع به محافظة جنوب الباطنة من مقومات سياحية وثقافية وتراثية فريدة. كما ترجمت فعالية "جرّب جنوب الباطنة" مكانة المحافظة كوجهة سياحية واعدة، من خلال تقديم أنشطة متنوعة تشمل سباقات السيارات والدراجات الرملية، ومسابقات الخيل والهجن، وتجارب الطيران الشراعي، والرماية بالأسلحة التقليدية، إلى جانب الأنشطة الثقافية والترفيهية التي تُبرز الهُوية العُمانية والتراث العريق.

كما تضمنت الفعاليات أنشطة ترفيهية ورياضية وثقافية تناسب مختلف الفئات العمرية، وتضمنت الفعاليات مسابقات للخيل والهجن التي تُعد جزءًا مهمًا من التراث العُماني، قدمت وسط أجواء طبيعية تعكس طابع الصحراء والأودية، مع تنظيم سباقات السيارات المعدلة في البيئة الرملية، وتجارب قيادة الدراجات الرملية لعشاق المغامرات.

فيما قدم مهرجان الظاهرة السياحي في ميدان الفعاليات بولاية عبري عروضًا مبهرة، أضفت أجواءً من الفرح والبهجة على الحضور. وترجم المهرجان الحياة التقليدية في سلطنة عمان من خلال قرية تراثية نموذجية تعرض أنماط الحياة الحضرية والبدوية والريفية، وضم المهرجان سوقًا شعبيًا يعكس الموروث الثقافي للمنطقة، وقرية للحرفيين، وأماكن مخصصة لبيع التمور والحيوانات.

ولأهمية رواد الأعمال ودورهم البارز في الحركة التجارية داخل الولايات، استطاع المهرجان أن يجذب 38 رائدًا من رواد الأعمال ضمن معرض تجاري للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مما يعزز دعم ريادة الأعمال.

فيما استطاع المهرجان بتعدد الأنشطة والفعاليات أن يبرز مقومات الولاية الطبيعية والتاريخية، ويساعد في تعزيز الاقتصاد المحلي من خلال دعم القطاعات التجارية والسياحية.

وجهة ثقافية وسياحية

وتعتبر فعاليات مهرجان صحار الثالث من الفعاليات الرائدة التي تُبرز التراث والثقافة العمانية، وتسهم في تحفيز القطاعين السياحي والاقتصادي في الولاية. واستطاع المهرجان أن يستقطب أكثر من 400 ألف زائر، مما عزز من مكانة محافظة شمال الباطنة باعتبارها وجهة ثقافية وسياحية مميزة وتنوعت فعالياته على مدى 45 يوما بين الترفيهية والعروض الثقافية والرياضية والفنية والتراثية، كما تضمن المهرجان مجموعة متنوعة من الفعاليات التي استقطبت الزوار من مختلف الأعمار، حيث تم تنظيم عروض فنية تقليدية وحلقات عمل للحرف اليدوية وأمسيات شعرية إلى جانب مسابقات رياضية تنافس فيها المشاركون في عدة ألعاب تقليدية.

كما تضمّن المهرجان معرضًا استهلاكيًا (بازار) شاركت فيه أكثر من ٥٦ جهة إلى جانب ١٢٠ أسرة منتجة استفادت من قدوم مئات الآلاف من الزوار إلى زوايا المهرجان، إضافة إلى نجاح المهرجان في تشغيل أكثر من ١٦٠ باحثًا عن عمل طوال فترته.

واختتم اليوم موسم شتاء الطحايم 2025 بولاية جعلان بني بو حسن، والذي لاقى اقبال كبير من مختلف الفئات العمرية، وهدف الموسم إلى تحقيق التنمية المستدامة من خلال تسليط الضوء على التراث العُماني الأصيل ودمجه بأساليب مبتكرة تناسب مختلف الفئات العمرية، وتوظيف التنوع الطبيعي والجغرافي للمحافظة، كما استطاع الموسم أن يدعم 120 من رواد الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والحرفيين والأسر المنتجة.وعكس الموسم روح التراث والثقافة التي تتميز بها محافظة جنوب الشرقية، وجمع بين الترفيه والتثقيف، مع التركيز على دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والأسر المنتجة، لتعزيز الاقتصاد المحلي وإبراز المنتجات العُمانية.

هذه المهرجانات والفعاليات تساهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد المحلي بطرق مختلفة، من بينها دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، عبر توفير منصات لأصحاب المشاريع المحلية لعرض وبيع منتجاتهم، مثل الحرف اليدوية، والعطور، والمأكولات التقليدية، مما يسهم في زيادة دخلهم وانتشار منتجاتهم. كما خلق فرص عمل مؤقتة وأحيانا دائمة، مع تعزيز الاستثمارات في القطاع السياحي ليؤدي النجاح المتكرر للمهرجانات إلى جذب المستثمرين لإنشاء مشاريع سياحية جديدة، مثل المنتجعات، والمطاعم، ومراكز الترفيه، ما يدعم التنمية المستدامة في ولايات سلطنة عمان.

مقالات مشابهة

  • تأجيل سباق «مروح» للمحامل الشراعية
  • تنازل مرشح على مقعد النقيب في انتخابات التجديد النصفي لـ الصحفيين
  • صريح جدا: هذا هو الشخص الذي يثق فيه الجزائري و يبوح له بسره
  • المهرجانات والفعاليات بوابة لتنشيط الاقتصاد وإبراز الهُوية الوطنية
  • ما هي وحدة "سابير" التي أنقذت إسرائيل من صواريخ إيران؟
  • اللجنة المشرفة على انتخابات نقابة الصحفيين تبدأ غدا تلقي طلبات الطعون والتنازلات
  • قضايا الدولة تمد التصويت في الانتخابات بسبب إقبال أعضاء الجمعية العمومية
  • اللجنة المشرفة على انتخابات نقابة الصحفيين تبدأ تلقي الطعونات غدا
  • غدا.. اللجنة المشرفة على انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين تبدأ تلقي طلبات الطعون والتنازلات
  • بعد انتقادات واسعة.. عضو لجنة المشرفة على انتخابات الصحفيين يستجيب ويتقدم بطلب لإعفائه