قالت القناة 12 العبرية، صباح اليوم الثلاثاء، إن المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن محور فيلادلفيا تسبب في توتر كبير في المفاوضات الجارية هذه الأيام لوقف إطلاق النار في قطاع غزة ، وإبرام صفقة تبادل أسرى.

وبحسب تقرير لشبكة سي إن إن الأميركية، فقد أثار تصريح نتنياهو بأن إسرائيل لن تنسحب من محور فيلادلفيا موجة من ردود الفعل الغاضبة من جانب المسؤولين المشاركين في المحادثات، حيث ادعى مصدر رفيع مطلع على التفاصيل في التقرير أن "هذا الرجل دمر كل شيء في خطاب واحد".

وتزامنا مع تصريح نتنياهو، عقد اجتماع سري في الدوحة بين رئيس الموساد ديفيد بارنيع ورئيس وزراء قطر محمد عبد الرحمن آل ثاني. وعقد اللقاء في محاولة لإنقاذ الاتصالات وسد الفجوة بين الطرفين، حيث يصر نتنياهو على وجود عسكري في منطقة فيلادلفيا، فيما تطالب حماس بالانسحاب الكامل كشرط لأي اتفاق.

وأوضح خليل الحية، المسؤول الكبير في حماس، موقف الحركة في مقابلة مع شبكة الجزيرة، وأكد أنهم لن يوافقوا على أي صفقة دون انسحاب إسرائيلي كامل من محور فيلادلفيا. بل إنه ادعى أنه بالنسبة لحماس فإن قضية المحور أهم من قضية الاسرى.

اقرأ أيضا/ مسؤولون إسرائيليون: لا مفر من دخول مُتجدّد وواسع للجيش إلى شمال قطاع غـزة

ووفقا لمصادر من المفاوضات التي تحدثت مع شبكة CNN، فإن إصرار نتنياهو الأخير على البقاء في فيلادلفيا يمثل تغييرا كبيرا في موقف إسرائيل. ويذكر التقرير أنه عندما أعلن الرئيس بايدن مخطط الصفقة في 31 مايو - والتي قال إن إسرائيل وافقت عليها - شمل انسحاب الجيش الإسرائيلي "إلى الشرق من المناطق المأهولة بالسكان، لكنه لم يتضمن أي إشارة محددة إلى محور فيلادلفيا.

ويشير التقرير إلى أنه في الأسابيع التالية فقط أضاف نتنياهو البقاء في فيلادلفيا كشرط، وركزت المفاوضات النهائية على طبيعة الوجود العسكري الإسرائيلي على طول الحدود.

وانتقد الرئيس جو بايدن أمس رئيس الوزراء نتنياهو بشدة، وعندما سئل عما إذا كان نتنياهو يفعل ما يكفي لتأمين إطلاق سراح الأسرى الذين تأسرهم حماس، أجاب بايدن بإيجاز: "لا"، إلا أن بايدن امتنع عن توسيع نطاق انتقاداته علنًا، مشددًا على أن المفاوضات لا تزال في طور التقدم، حتى أنه صرح بأنه "قريب جداً" من تقديم اقتراح نهائي لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى في غزة.

المصدر : وكالة سوا

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

كلمات دلالية: محور فیلادلفیا

إقرأ أيضاً:

صراع الحضارات وسيناريوهات الهيمنة في مفاوضات واشنطن وطهران

كانت سلطنة عُمان اليوم محط أنظار العالم؛ لا لأنها منطقة نزاع أو تدور حول سياستها الخارجية علامات استفهام وتعجب، ولكن لأنها المساحة الوحيدة التي تجد فـيها القوى المتصارعة فـي الشرق الأوسط متسعا للحوار واحتفاء به والقوة السياسية القادرة على إدارة اللحظات التاريخية الخطرة حينما يحتاج العالم إلى بوصلة أخلاقية وجيوسياسية فـي منطقة تتقاذفها أهواء القوة والتصعيد. ورغم أن لقاء واشنطن بطهران الذي انطلق اليوم فـي مسقط ليس الأول من نوعه، ولا يبدو أنه سيكون الأخير، إلا أنه يأتي هذه المرة فـي ظروف شديدة التعقيد سواء فـي توقيته أو فـي رمزية الشخصيات التي تمثل طرفـي التفاوض، وفـي طبيعة الرهانات التي تتجاوز مجرد ملف نووي تقني لتطال بنية التوازن الإقليمي والعالمي.

ولذلك لا يبدو لي، شخصيا، أن السؤال الأهم يتعلق، فقط، بإمكانية نجاح هذه المفاوضات أو فشلها، رغم البدايات المبشرة جدا، بل يتعلق بالسياق الذي دفع الطرفـين للجلوس ـ ولو بشكل غير مباشر ـ مرة أخرى على طاولة الوساطة/المفاوضات. ما الذي تغير؟ ومن يُراهن على الوقت؟ ومن يسعى لتثبيت معادلة جديدة قبل أن تنفلت الأمور نحو صدام قد لا يُمكن احتواؤه؟

إذا ما عدنا إلى جذور الأزمة، فإن «الملف النووي الإيراني» ما هو إلا واجهة مقبولة ويمكن التبرير بها، لحرب طويلة على الاستقلال السياسي، وربما، الكرامة الحضارية، ومحاولة الدول الخارجة عن نادي الهيمنة الغربية أن تضع موطأ قدم فـي نظام دولي بُني ليقصيها. ولذلك لا ينبع الخوف الأمريكي/ الغربي من إيران من برنامج نووي قد يعرف مجتمع المخابرات الأمريكي حدوده وإمكانياته، ولكن ينبع قبل كل شيء من أن إيران، ومنذ ثورتها عام 1979، قررت أن تتحرر من عباءة التبعية الغربية، وأن تقول لا، وهو أمر لا يُغتفر فـي العقل الإمبريالي. لكن هذا لا يعني، بالمطلق، أن علينا، جميعا، ألا نخشى من أي برنامج نووي إيراني أو إسرائيلي أو أي برنامج آخر فـي المنطقة، بل على العكس من ذلك فإن أي برنامج نووي كان موجودا أو فـي طريقه للوجود هو خطر جديد يضاف إلى الأخطار التي تهدد منطقتنا الملتهبة، وما أكثر تلك الأخطار التي تتراوح بين خطر القوميات والمذهبيات إلى خطر الشرارة النووية. ويسعدنا جميعا أن تكون المنطقة خالية من جميع أنواع الأسلحة النووية.

لم يُخفِ ترامب العائد بقوة إلى البيت الأبيض رغبته فـي عرض مهاراته التفاوضية، ولكن خلف هذه الرغبة يقف منطق أكثر عمقا، وأكثر بعدا فـي التشكل من السنوات التي عرف فـيها العالم هذا السياسي والمطور العقاري.. إنه منطق السيطرة على التوازنات الإقليمية ومنع إيران من امتلاك ورقة ردع، ولو كانت رمزية، فـي وجه تحالف واشنطن ـ تل أبيب. والأمر، كما كان واضحا طوال الوقت، لا يتصل فقط ببرنامج نووي، بل بمحور إقليمي يمتد من طهران إلى بيروت، ويهدد بإعادة تشكيل الجغرافـيا السياسية للشرق الأوسط خارج النسق الأمريكي المعتاد.

لكن تفاصيل التاريخ تخبرنا أن هناك لحظات تقارب بين الفرقاء والخصوم غير متوقعة، ويمكن أن تحدث فـي لحظات الالتباس الكبرى وكذلك لحظات التحولات العميقة التي تغير كل شيء، دون أن نعتقد أن ذلك يحدث صدفة؛ فالرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت له مقولة مهمة وتستحق التأمل دائما: «فـي السياسة، لا يحدث شيء بالصدفة. وإذا حدث، فبالتأكيد انه قد تم التخطيط له بهذه الطريقة». والكتابات التي تناولت العلاقات الأمريكية الإيرانية منذ خمسينيات القرن الماضي منذ الانقلاب على مصدق بدعم من الاستخبارات الأمريكية ووصولا إلى الاتفاق النووي فـي 2015 تشير إلى أن لحظات التقاطع كانت ممكنة حين تراجعت نزعة الهيمنة ولو مرحليا لصالح العقلانية الجيوسياسية.

ويمكن أن نقرأ فـي هذه الجولة من المفاوضات التي بدأت هذه المرة فـي العلن، خلافا لما كان عليه الحال فـي الجولات الأولى من المفاوضات التي أدارتها سلطنة عُمان بحكمة واقتدار وأفضت إلى اتفاق 2015، إرادتين متناقضتين: فواشنطن تبدو أنها تريد إنقاذ المظهر دون التخلي عن جوهر السيطرة، فـيما تريد طهران الحفاظ على الكرامة دون أن تخسر كل شيء؛ ولذلك جاء الجميع إلى مسقط بنوايا مشروطة وكذلك برؤية واضحة حول التحولات التي حدثت فـي المنطقة خلال العامين الماضيين. تطالب الإدارة الأمريكية بتوسيع إطار التفاوض ليشمل الصواريخ الباليستية والنفوذ الإقليمي الإيراني، وهو ما تعتبره طهران مسا بثوابت سيادتها. أما إيران، فتقدم إشارات ولو كانت محدودة، بشأن خفض تخصيب اليورانيوم مع وجود مراقبة دولية، ولكن يبدو أنها ترفض بشكل قاطع النقاش حول «تفكيك» المشروع النووي كما حدث في تجارب عالمية سابقة، كما لا يبدو أنها مستعدة، رغم كل التحولات، أن تنسحب من ساحات نفوذها فـي المنطقة.

هذا يقودنا لأن نطرح سؤالا يبدو مهما فـي هذه المرحلة: ما الذي يجعل أي تقارب ممكنا إذا؟

من المفـيد استحضار السياق الحضاري لمحاولة الإجابة على مثل هذا السؤال. فالعلاقة بين إيران وأمريكا ليست مجرد صراع جيوسياسي، بل هي احتكاك حضاري بين نموذجين: الأول يرى نفسه حاملا للقيم العالمية الليبرالية، والثاني يستند إلى تاريخ طويل من الهوية الحضارية والتمسك بالخصوصية ويعتبر الحضارة الفارسية أحد أعرق الحضارات فـي العالم دون منازع. ومعروف كيف توظف الدول موضوع الهوية فـي بناء سردية العداء. واستطاع الغرب أن يصور إيران منذ اندلاع الثورة الإيرانية باعتبارها تهديدا وجوديا للغرب ليس لأنها ترفض شروط التبعية، ولكن لأنها تمتلك سردية مضادة للهيمنة.

لا يمكن الآن، إذا، أن نفصل هذه المفاوضات التي يمكن أن يعتبرها البعض فنية حول تفاصيل ملف نووي يرفضه الغرب ويرفضه جيران إيران عن منطق «الصفقة» ومنطق «السيادة».

وتفهم سلطنة عُمان، المعنية جدا بإطفاء أي شرارة يمكن أن تشعل الحرب فـي هذه المنطقة المشتعلة بالكثير من الصراعات عبر التاريخ، كل هذه الأفكار وهذه التوازنات وهذه النزاعات وتحاول جاهدة دفع الطرفـين نحو مساحة وسط، حيث يمكن الحفاظ على ماء الوجه دون تفجير المنطقة ودون ترك اللحظة التاريخية تفلت من سياقها دون مكاسب.

لكن خطر عدم التوصل إلى هذه المساحة يبقى حاضرا وإنْ بدرجات متفاوتة. وتصريحات نتنياهو الأسبوع الماضي بأن «العمل العسكري هو الخيار الوحيد إن لم يتم تدمير المواقع النووية» لا يمكن تجاهلها. كما أن ترامب، الذي يظهر أنه لا يفضل خيار الحرب، يحشد قوة عسكرية هائلة على مقربة من إيران. ولذلك تضعف هذه التناقضات احتمالات نجاح طويل الأمد، ما لم يكن هناك عمل جماعي لكبح جماح منطق التصعيد والوصول إلى فهم مشترك مفاده أن السلام ليس تنازلا ولكنه يمكن أن يكون استراتيجية تبني عليها الدول لمستقبل أكثر استقرارا.

ولذلك أرى، شخصيا، أن هذه المفاوضات التي بدأت اليوم السبت هي أقرب إلى أن تكون اختبارا أخلاقيا أكثر من كونها اختبارا دبلوماسيا لترامب من جهة ولإيران من جهة أخرى. ولكنها فرصة استثنائية لتجنب حرب جديدة، ومناسبة لإعادة التفكير فـي أسس العلاقات الدولية، هل هي علاقات قائمة على الإكراه؟، أو يمكن أن تُبنى على الندية والاعتراف المتبادل؟ هل بإمكان دولة مثل أمريكا أن ترى فـي إيران شريكا لا مجرد خصم؟ وهل تستطيع إيران أن تُطمئن العالم وجيرانها دون أن تتخلى عن هويتها وسيادتها على قرارها؟

أما المفاوضات فقد لا تسفر جولتها الأولى عن نتيجة كبيرة كما قد يحلم البعض، ولكن مجرد انعقادها فـي هذا التوقيت وفـي عُمان بالذات يعني أن هناك أملا فـي أن العالم لم يفقد قدرته الكاملة على التفاهم قبل أن يذهب نحو الانفجار العظيم، ولم يفقد قدرته على فهم المساحة الأكثر قدرة فـي المنطقة على تبني الحوار ورعايته.

عاصم الشيدي رئيس تحرير جريدة «عمان»

مقالات مشابهة

  • مفاوضات أميركا إيران.. بقائي يتحدث عن مكان آخر وزيارة مرتقبة
  • مسؤولون إسرائيليون: تقدم محتمل في جهود التوصل إلى اتفاق هدنة
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: سيطرة كاملة على محور موراج
  • صراع الحضارات وسيناريوهات الهيمنة في مفاوضات واشنطن وطهران
  • تصعيد جديد في الحرب على غزة.. إسرائيل تطوّق رفح وتسيطر على محور «موراغ»
  • إسرائيل تحاصر بالكامل وتسعى لتوسيع المنطقة العازلة
  • مصادر عبرية: مفاوضات عنيدة وصعبة تجري مع حماس عبر الوسطاء
  • محللون: الضغط الأميركي سيجبر نتنياهو على إنهاء الحرب
  • مسؤولون صهاينة يتحدثون حول إمكانية التوصل لصفقة تبادل
  • باراك يتهم نتنياهو بقيادة إسرائيل نحو الهاوية