موقع 24:
2025-03-20@06:01:51 GMT

الشرق الأوسط وخريطة التحولات الدولية

تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT

الشرق الأوسط وخريطة التحولات الدولية

تعتبر القوة واحدة من أسس العلاقات الدولية، وبها تتشكل التحالفات التي تحكم النظام الدولي، فمعيار تصنيف النظام أحادياً، أو ثنائياً، أو تعدّدي القطبية، يأتي بناء على توزيعات القوة بين الدول المختلفة.

القوة ليست حالة ثابتة بل متغيرة ونسبية، وهذا ما يفسر لنا التحولات التي تطرأ على خارطة التحالفات الإقليمية والدولية الجديدة، وهي في أبسط معانيها تتثمل في القدرة والتأثير في سلوك الآخرين، أي الفاعلين الدوليين في قضية أو قضايا معينة.


في هذا السياق تعتبر القوة غاية ووسيلة لتحقيق الأهداف العليا لأي دولة، وهي أس نظرية الواقعية المفسرة لعلاقات الدول، وقد ارتبطت بظهور الدولة القومية عام 1648 كفاعل رئيسي للعلاقات، كما أنها، أي القوة، تفسر لنا مسار الحروب والسلام، وكل المظاهر الدولية، فهي تتشكل من عناصر عدة، تتفاوت بين الدول كمساحة جغرافية، وموارد اقتصادية، وطبيعية، ومنظومة قيم وثقافة، وعقيدة، إضافة إلى القوة العسكرية والاقتصادية والقوة التكنولوجية، وما يعرف اليوم بالقوة الناعمة، وقوة المؤسسات السياسية، ورؤية القيادة.
كل الدول تمتلك قدراً من القوة يمنحها التأثير في خريطة التفاعلات الدولية، بمختلف أشكاله، وبناء على القوة يتم تقسيم الدول على هذا الأساس، بين دول عظمى، وأخرى كبرى، بين مؤثرة، وأخرى متوسطة التأثير، وفي نهاية السلم الدول الصغرى، التي لا يكون لها أي تأثير في القرارات الدولية، أو في الأحداث التي يعيشها العالم، بمختلف توجهاته، وتقسيماته.
لكن، وبرغم هذا التقسيم التقليدي، إلا أن هذا التقسيم لم يعد ثابتاً بمنظور التطورات التي يشهدها العالم اليوم، بل متحول، لأنه حتى الدول الصغرى، وبمعايير المساحة الجغرافية والسكان، يمكن أن تكون دولاً ذات تأثير، من منظور القوة الناعمة والقوة الاقتصادية، خاصة الدول الواقعة في منطقة الشرق الأوسط، ولنا في دولة الإمارات مثالاً واضحاً في ذلك، فدولة الإمارات العربية المتحدة المتحدة اليوم، تعد من الدول ذات الحضور الكبير في القرار الدولي حيث تتصدر الدول بمؤشر «القوة الناعمة».
ولو نظرنا إلى خريطة القوة الدولية في عالمنا المعاصر، لرأينا الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا، ودولاً غربية عدة، من الدول التي تمتلك القوة بكل عناصرها، من قوة عسكرية، واقتصادية، ومالية، ودبلوماسية، وإقليمية. 
مع ذلك فإن منطقة الشرق الأوسط تحتفظ بأهميتها التاريخية باعتبارها واحدة من أهم المناطق الجيوسياسية في العالم، التي يتشكل من خلالها النظام الدولي، وتفسر لنا التحولات فى القوة الإقليمية، والدولية، والصراعات، والحروب، والتنافسات بين القوى في المنطقة. 
منطقة الشرق الأوسط لم تعد كما كانت في السابق من المناطق التابعة والمقسمة بين دول القوة والنفوذ، على المستوى الدولي، فتنامي قوة هذه الدول يعود إلى امتلاكها لعناصر القوة الشاملة، وهي من السمات البارزة التي تميزها في الوقت الحاضر، حيث نلاحظ دوراً مؤثراً وفاعلاً، ليس على مستوى المنطقة فقط، بل على مستوى القرار، الإقليمي والدولي.
ومن التغيرات الواضحة في مشهد النظام العالمي اليوم، نشهد تراجعاً للدور الأمريكي مع تصاعد وتنامي دور الصين كقوة ذات نفوذ كبيرلقوة الصين، وما المنتدى الصيني العربي، الذي عقد خلال شهر مايو/أيار العام الجاري، إلا دليلاً على أهم التحولات والتغيرات التي تشهدها المنطقة، حيث اعتبر انعقاد هذا المنتدى بمثابة تعزيز لعناصر القوة التي تجمع الصين بالدول العربية، وتناقش أهم ركائز التعاون، حاضراً ومستقبلاً.
هذا الحدث، أو ما يمكن تسميته التقارب الصيني العربي، يعد بمثابة تغيير في خريطة التفاعلاات والتحالفات الدولية، ففي السابق كان الشرق الأوسط أحد أهم المناطق المغلقة للاستراتيجية الأمريكية، لكننا نشهد اليوم إعادة رسم الخريطة السياسية للمنطقة بدور أكبر لفاعليها من الدول العربية، والتي تسعى لملء فراغ القوة الذي عانته المنطقة على مراحل تاريخية ممتدة. 
من المعروف أن منطقة الشرق الأوسط، تعد من أكثر المناطق في العالم تعرضاً للتغيرات والتحديات، الداخلية والخارجية، بحكم أهميتها الاستراتيجية، والنفطية، والمالية، والأمنية، إضافة بالطبع إلى موقعها الجغرافي، ومن يقيم معها علاقة يكون قادراً على صياغة بؤر القوة والتأثير.
هذه العوامل وغيرها التي تتمتع بها دول الشرق الأوسط، في الماضي والحاضر، تفسر لنا السر في تنافس القوى الإقليمية لتسجيل حضور قوي في المنطقة، وحرصها على كسب مزيد من مناطق النفوذ فيها، مع العلم أن هناك العديد من التحديات التي تواجه هذه الدول، من أبرزها تراجع دور الدولة الوطنية المركزية القادرة على بسط سيادتها وسيطرتها على حدودها والأمثلة كثيرة، من بينها اليمن، ليبيا، العراق، وسوريا، وغيرها من الدول التي باتت تشكل مناطق رخوة، يستطيع من خلالها الخارج، بألوانه المتعددة، من النفوذ إليها.
إضافة إلى ذلك هناك تحديات أخرى تواجه دول المنطقة، من بينها: المناخ، والتصحر، والهجرة، وانتشار دور الجماعات المتطرفة من خارج الدول، على هيئة ميليشيات مسلحة خارج القانون والنظام، أسهمت في إحداث إخلالات أمنية في كثير من الدول، وما نشاهده هذه الأيام من انتشار الإرهاب في بعض هذه الدول، أكبر دليل على ذلك. 
واليوم تشكل الحرب على غزة أكبر التحديات التي قد تترتب على تداعياتها إعادة رسم الخريطة السياسية، وشكل التحالفات في المستقبل، ومن التحديات تحقيق السلام والأمن والاستقرار، وارتباط أمن المنطقة واكتمالها بالقبول بالدولة الفلسطينية، التي يشكل قيامها استئصالاً للكثير من الأسباب التي تقف وراء التنافس الإقليمي، ونشاط الجماعات المناهضة لبناء الدولة الوطنية، فالدولة الفلسطينية تشكل المفتاح لمستقبل المنطقة، وخيارها في الأمن، والسلام، والاستقرار، أما عدا ذلك فسيكون مفتاحاً للحرب الشاملة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل منطقة الشرق الأوسط من الدول

إقرأ أيضاً:

الذهب يسجّل أعلى مستوى على الإطلاق مع تصاعد التوتر في الشرق الأوسط

ارتفعت أسعار الذهب بالأسواق المحلية خلال تعاملات أمس الثلاثاء، مع ارتفاع الأوقية بالبورصة العالمية، لتسجل أعلى مستوياتها على الإطلاق، حيث عززت التوترات الجيوسياسية وعدم اليقين التجاري الطلب القوي على الملاذ الآمن، وفقًا لتقرير منصة إلكترونية لتداول الذهب.
وقال المدير التنفيذي للمنصة، إن أسعار الذهب بالأسواق المحلية ارتفعت بنحو 40 جنيهًا، خلال تعاملات اليوم ومقارنة بتام تعاملات أمس، ليسجل سعر جرام الذهب عيار 21 مستوى  4270 جنيهًا، في حين ارتفعت الأوقية بنحو 31 دولارًا، لتسجل مستوى 3032 دولار.

وزير الاستثمار يلتقي مسؤولي ReNew Power لبحث مشروعات الهيدروجين الأخضرالإسكان: اليوم.. بدء التخصيص للمتقدمين بأكبر طرح بمشروع «بيت الوطن»


وأضاف، أن جرام الذهب عيار 24 سجل 4880 جنيهًا، وجرام الذهب عيار 18 سجل 3660 جنيهًا، فيمَا سجل جرام الذهب عيار 14 نحو 2847 جنيهًا، وسجل الجنيه الذهب نحو 34160 جنيهًا.
ووفقًا للتقرير اليومي للمنصة، فقد ارتفعت أسعار الذهب بالأسواق المحلية بنحو 90 جنيهًا خلال تعاملات أمس الإثنين، حيث افتتح سعر جرام الذهب عيار 21 التعاملات عند مستوى 4210 جنيهات، واختتم التعاملات عند 4230 جنيهًا، في حين ارتفعت الأوقية بالبورصة العالمية، بقيمة 16 دولارًا، حيث افتتحت التعاملات عند مستوى 2985 دولارًا، واختتمت التعاملات عند 3001 دولار.
أوضح، مواصلة أسعار الذهب لموجة الارتفاعات المتتالية، لتسجل الأوقية أعلى مستوى له على الإطلاق عند 3,032 دولارًا اليوم الثلاثاء، حيث عززت التوترات الجيوسياسية وعدم اليقين التجاري الطلب القوي على الملاذ الآمن.

وأضاف، أن تجدد الصراع في الشرق الأوسط  كان محركًا رئيسيًا لارتفاع أسعار الذهب، حيث اشتدت الغارات الجوية للكيان المحتل الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث أفاد مسؤولو الصحة الفلسطينيون عن سقوط أكثر من 400 قتيل، وقد أدى انهيار وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين، إلى تفاقم مخاوف السوق، مما دفع المستثمرين إلى زيادة استثماراتهم في الذهب كأداة تحوط ضد عدم الاستقرار الجيوسياسي.

ويأتي خرق وقف إطلاق النار قبل ساعات فقط من مكالمة هاتفية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتوصل إلى اتفاق نهائي لإنهاء الحرب في أوكرانيا، في حين سيصوت البرلمان الألماني اليوم الثلاثاء على ميزانية جديدة قد تزيد الإنفاق الدفاعي بنحو 49 مليار دولار، وفقًا لتقارير بلومبرج.

وعززت سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمركية، من حالة عدم اليقين، فقد فرضت إدارته بالفعل رسومًا جمركية بنسبة 25% على الصلب والألومنيوم، سارية المفعول منذ فبراير، وتخطط لفرض رسوم جمركية متبادلة وقطاعية إضافية في 2 أبريل، وقد تؤدي هذه الإجراءات إلى تعطيل التجارة العالمية، مما يزيد من مخاطر التضخم ويزيد من جاذبية الذهب كمخزن للقيمة.

ارتفعت أسعار الذهب بنسبة 15% منذ بداية العام، مسجلًا أعلى مستوياته القياسية 14 مرة، وبينما يُتوقع أن يواجه بعض عمليات التصحيح عند مستوى 3050 دولارًا، يتوقع المحللون المزيد من الارتفاع إذا استمرت العوامل المحفزة الحالية، وسط ارتفاع قوي للطلب على الملاذ الآمن، وسيناريو خفض أسعار الفائدة الأمريكية.

ورفع بنك «يو بي إس جروب» توقعاته لأسعار الذهب إلى 3200 دولار، مع تزايد احتمالات اندلاع حرب تجارية عالمية مطولة، وهو سيناريو يتوقع المحللون أن يدفع المستثمرين إلى شراء المزيد من أصول المعدن النفيس، إذ يعكس النزاع التجاري المتصاعد أهمية دور الذهب كمخزن للقيمة في الفترات التي تسودها الضبابية.
ودفعت الارتفاعات غير المتوقع في أسعار الذهب هذا العام البنوك الاستثمارية إلى مراجعة توقعاتها لأسعار الذهب، حيث رفعت أربعة بنوك على الأقل - سيتي بنك، وجولدمان ساكس، وماكواري، وآر بي سي - توقعاتها في الأسابيع الأخيرة.
وعزز الطلب من البنوك المركزية، التي تعمل على تنويع استثماراتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي، حيث اشترت البنوك المركزية، وخاصةً في الأسواق الناشئة، أكثر من 1000 طن من الذهب سنويًا على مدار السنوات الثلاث الماضية على التوالي.
وفي سياق متصل، تترقب الأسواق اجتماع لجنة السوق المفتوحة بالفيدرالي الأمريكي يومي الثلاثاء والأربعاء،  لإصدار قراراتها بشأن السياسة النقدية، وسط توقعات بأن يُبقي البنك المركزي أسعار الفائدة دون تغيير بعد خفضها بمقدار 100 نقطة أساس منذ سبتمبر، وتتوقع الأسواق استئناف التيسير النقدي في يونيو، وهو سيناريو من شأنه أن يدعم الذهب.

مقالات مشابهة

  • ردع الحوثي: خيار إستراتيجي نحو الاستقرار في الشرق الأوسط
  • ارتفاع أسعار النفط بفعل انخفاض المخزونات الأمريكية وتوترات الشرق الأوسط
  • الشرق الأوسط على صفيح ساخن والعالم يترقب: إيران ترفض التصعيد وواشنطن تتوعد- عاجل
  • الشرق الأوسط على صفيح ساخن والعالم يترقب: إيران ترفض التصعيد وواشنطن تتوعد
  • لماذا قصف ترامب الحوثيين فجأة؟
  • أشرف سنجر: الشرق الأوسط لن يُكتب له الاستقرار إلا برحيل نتنياهو
  • الذهب يسجّل أعلى مستوى على الإطلاق مع تصاعد التوتر في الشرق الأوسط
  • كأس السوبر السعودي في الصين
  • تركيا: نهج إسرائيل "العدائي" يهدد مستقبل الشرق الأوسط
  • تتوقع تقارير تراجع إنتاج الغاز الطبيعي في أوروبا بحلول عام 2050، فيما تتأهب تركيا لتكون أحد اللاعبين الصاعدين في القطاع بالمنطقة، بفضل الحقول المحلية المكتشفة وخططها الطموحة للإنتاج. ووفقًا لتقرير صادر عن منتدى الدول المصدرة للغاز تحت عنوان “منظور 2