موقع 24:
2024-09-15@11:26:55 GMT

الشرق الأوسط وخريطة التحولات الدولية

تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT

الشرق الأوسط وخريطة التحولات الدولية

تعتبر القوة واحدة من أسس العلاقات الدولية، وبها تتشكل التحالفات التي تحكم النظام الدولي، فمعيار تصنيف النظام أحادياً، أو ثنائياً، أو تعدّدي القطبية، يأتي بناء على توزيعات القوة بين الدول المختلفة.

القوة ليست حالة ثابتة بل متغيرة ونسبية، وهذا ما يفسر لنا التحولات التي تطرأ على خارطة التحالفات الإقليمية والدولية الجديدة، وهي في أبسط معانيها تتثمل في القدرة والتأثير في سلوك الآخرين، أي الفاعلين الدوليين في قضية أو قضايا معينة.


في هذا السياق تعتبر القوة غاية ووسيلة لتحقيق الأهداف العليا لأي دولة، وهي أس نظرية الواقعية المفسرة لعلاقات الدول، وقد ارتبطت بظهور الدولة القومية عام 1648 كفاعل رئيسي للعلاقات، كما أنها، أي القوة، تفسر لنا مسار الحروب والسلام، وكل المظاهر الدولية، فهي تتشكل من عناصر عدة، تتفاوت بين الدول كمساحة جغرافية، وموارد اقتصادية، وطبيعية، ومنظومة قيم وثقافة، وعقيدة، إضافة إلى القوة العسكرية والاقتصادية والقوة التكنولوجية، وما يعرف اليوم بالقوة الناعمة، وقوة المؤسسات السياسية، ورؤية القيادة.
كل الدول تمتلك قدراً من القوة يمنحها التأثير في خريطة التفاعلات الدولية، بمختلف أشكاله، وبناء على القوة يتم تقسيم الدول على هذا الأساس، بين دول عظمى، وأخرى كبرى، بين مؤثرة، وأخرى متوسطة التأثير، وفي نهاية السلم الدول الصغرى، التي لا يكون لها أي تأثير في القرارات الدولية، أو في الأحداث التي يعيشها العالم، بمختلف توجهاته، وتقسيماته.
لكن، وبرغم هذا التقسيم التقليدي، إلا أن هذا التقسيم لم يعد ثابتاً بمنظور التطورات التي يشهدها العالم اليوم، بل متحول، لأنه حتى الدول الصغرى، وبمعايير المساحة الجغرافية والسكان، يمكن أن تكون دولاً ذات تأثير، من منظور القوة الناعمة والقوة الاقتصادية، خاصة الدول الواقعة في منطقة الشرق الأوسط، ولنا في دولة الإمارات مثالاً واضحاً في ذلك، فدولة الإمارات العربية المتحدة المتحدة اليوم، تعد من الدول ذات الحضور الكبير في القرار الدولي حيث تتصدر الدول بمؤشر «القوة الناعمة».
ولو نظرنا إلى خريطة القوة الدولية في عالمنا المعاصر، لرأينا الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا، ودولاً غربية عدة، من الدول التي تمتلك القوة بكل عناصرها، من قوة عسكرية، واقتصادية، ومالية، ودبلوماسية، وإقليمية. 
مع ذلك فإن منطقة الشرق الأوسط تحتفظ بأهميتها التاريخية باعتبارها واحدة من أهم المناطق الجيوسياسية في العالم، التي يتشكل من خلالها النظام الدولي، وتفسر لنا التحولات فى القوة الإقليمية، والدولية، والصراعات، والحروب، والتنافسات بين القوى في المنطقة. 
منطقة الشرق الأوسط لم تعد كما كانت في السابق من المناطق التابعة والمقسمة بين دول القوة والنفوذ، على المستوى الدولي، فتنامي قوة هذه الدول يعود إلى امتلاكها لعناصر القوة الشاملة، وهي من السمات البارزة التي تميزها في الوقت الحاضر، حيث نلاحظ دوراً مؤثراً وفاعلاً، ليس على مستوى المنطقة فقط، بل على مستوى القرار، الإقليمي والدولي.
ومن التغيرات الواضحة في مشهد النظام العالمي اليوم، نشهد تراجعاً للدور الأمريكي مع تصاعد وتنامي دور الصين كقوة ذات نفوذ كبيرلقوة الصين، وما المنتدى الصيني العربي، الذي عقد خلال شهر مايو/أيار العام الجاري، إلا دليلاً على أهم التحولات والتغيرات التي تشهدها المنطقة، حيث اعتبر انعقاد هذا المنتدى بمثابة تعزيز لعناصر القوة التي تجمع الصين بالدول العربية، وتناقش أهم ركائز التعاون، حاضراً ومستقبلاً.
هذا الحدث، أو ما يمكن تسميته التقارب الصيني العربي، يعد بمثابة تغيير في خريطة التفاعلاات والتحالفات الدولية، ففي السابق كان الشرق الأوسط أحد أهم المناطق المغلقة للاستراتيجية الأمريكية، لكننا نشهد اليوم إعادة رسم الخريطة السياسية للمنطقة بدور أكبر لفاعليها من الدول العربية، والتي تسعى لملء فراغ القوة الذي عانته المنطقة على مراحل تاريخية ممتدة. 
من المعروف أن منطقة الشرق الأوسط، تعد من أكثر المناطق في العالم تعرضاً للتغيرات والتحديات، الداخلية والخارجية، بحكم أهميتها الاستراتيجية، والنفطية، والمالية، والأمنية، إضافة بالطبع إلى موقعها الجغرافي، ومن يقيم معها علاقة يكون قادراً على صياغة بؤر القوة والتأثير.
هذه العوامل وغيرها التي تتمتع بها دول الشرق الأوسط، في الماضي والحاضر، تفسر لنا السر في تنافس القوى الإقليمية لتسجيل حضور قوي في المنطقة، وحرصها على كسب مزيد من مناطق النفوذ فيها، مع العلم أن هناك العديد من التحديات التي تواجه هذه الدول، من أبرزها تراجع دور الدولة الوطنية المركزية القادرة على بسط سيادتها وسيطرتها على حدودها والأمثلة كثيرة، من بينها اليمن، ليبيا، العراق، وسوريا، وغيرها من الدول التي باتت تشكل مناطق رخوة، يستطيع من خلالها الخارج، بألوانه المتعددة، من النفوذ إليها.
إضافة إلى ذلك هناك تحديات أخرى تواجه دول المنطقة، من بينها: المناخ، والتصحر، والهجرة، وانتشار دور الجماعات المتطرفة من خارج الدول، على هيئة ميليشيات مسلحة خارج القانون والنظام، أسهمت في إحداث إخلالات أمنية في كثير من الدول، وما نشاهده هذه الأيام من انتشار الإرهاب في بعض هذه الدول، أكبر دليل على ذلك. 
واليوم تشكل الحرب على غزة أكبر التحديات التي قد تترتب على تداعياتها إعادة رسم الخريطة السياسية، وشكل التحالفات في المستقبل، ومن التحديات تحقيق السلام والأمن والاستقرار، وارتباط أمن المنطقة واكتمالها بالقبول بالدولة الفلسطينية، التي يشكل قيامها استئصالاً للكثير من الأسباب التي تقف وراء التنافس الإقليمي، ونشاط الجماعات المناهضة لبناء الدولة الوطنية، فالدولة الفلسطينية تشكل المفتاح لمستقبل المنطقة، وخيارها في الأمن، والسلام، والاستقرار، أما عدا ذلك فسيكون مفتاحاً للحرب الشاملة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل منطقة الشرق الأوسط من الدول

إقرأ أيضاً:

التصريحات لا تنهى حربًا

حذر وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف فى كلمته خلال جلسة الحوار الاستراتيجى السابع روسيا - مجلس تعاون دول الخليج العربية بالرياض قبل أيام من أن الشرق الأوسط على شفا حرب إقليمية كبرى، لافتاً إلى أن بلاده تعمل مع دول الخليج وجميع الأطراف من أجل منع نشوبها، لاسيما بعدما عجز المجتمع الدولى - بحسب تعبيره- عن وقف القتال فى قطاع غزة والموت الجماعى لسكانه مما أدى إلى تدهور حاد فى الوضع العسكرى والسياسى فى جميع أنحاء المنطقة، من حدود لبنان وإسرائيل إلى البحر الأحمر.

السؤال هنا فى أى سياق يمكننا قراءة هذه التصريحات؟ هل من منطلق أن روسيا تستشعر الخطر فعلا، أم فى سياق تسجيل روسيا لنقاط على حساب منافستها التقليدية الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة عندما ذكر لافروف أن واشنطن كانت السبب فى عرقلة كل قرارات الشرعية الدولية لوقف إطلاق النار فى غزة

تحدث لافروف بلغة متعاطفة مشابهة تماما للغة العرب عند الحديث عن القضية الفلسطينية، فقال مثلا إن السلام فى الشرق الأوسط مستحيل دون حل القضية الفلسطينية وهذا لا يتأتى من دون حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وفقا لقرارات الشرعية الدولية.

فيما يخص الحرب فى غزة سأتوقف عند عبارة قالها لافروف وهى «إن العنف الحالى ضد الفلسطينيين غير مسبوق، ولم تشهده أى من الحروب العربية الإسرائيلية»، وهنا أسأل وهل هذا العنف مثلا منذ يومين أو أسبوعين أو حتى شهرين أم أنه الآن يقترب من العام؟ فهل ما فعلته روسيا كافٍ لوقف الحرب؟ قد يكون الرد أن روسيا وقفت فى مجلس الأمن مع القرارات الى تطالب بوقف الحرب لكن واشنطن استخدمت الفيتو، هذا صحيح، لكننا نقول وهل روسيا مثلا لا تعلم أن الفيتو قد أصاب مجلس الأمن بالشلل منذ عقود ولا يعول عليه لطالما وقفت الولايات المتحدة بجانب إسرائيل؟ ألم تكن لدى روسيا وسيلة أخرى للضغط على إسرائيل لوقف الحرب ولو بالحشد الدولى وتكوين جبهة عالمية قوية لمنع هذه المجازر فى أيامها الأولى أم كان عليها أن تنتظر 11 شهرا ثم تعود و تحذر من حرب اقليمية واسعة؟!

أنا أتفق مع أن روسيا لا تريد أن تتطور هذه الحرب إلى حرب إقليمية واسعة النطاق ولا حتى الولايات المتحدة تريد حربا إقليمية، ولكن روسيا وقفت فى الشهور الأولى للحرب موقف المشاهد والمستفيد اعتقادا منها أن هذه الحرب  ستشتت انتباه الولايات المتحدة وتحول مواردها بعيداً عن أوكرانيا وهو ما حدث الفعل عندما أرسلت واشنطن وحدات إضافية من منظومة «باتريوت» إلى الشرق الأوسط، أخذتها من مخزون محدود من الأنظمة التى كانت كييف تسعى بشدة إلى الحصول عليها. وفى إبريل، وتحسباً لضربة انتقامية إيرانية ضد إسرائيل، قامت واشنطن بنقل مزيد من العتاد العسكرى إلى المنطقة للمساعدة فى الدفاع عن إسرائيل، ثم أرسلت فى يونيو مع تصاعد التوترات بين إسرائيل وحزب الله، سفناً وقوات من مشاة البحرية الأمريكية إلى المنطقة وهو ما رحب به الكرملين، علاوة على ذلك اعتقدت روسيا أنه من المرجح أن تؤدى الحرب فى الشرق الأوسط إلى ارتفاع أسعار النفط، مما سيعقد جهود إدارة بايدن للسيطرة على كلفة الوقود التى يدفعها المستهلك الأمريكى العادى قبل أشهر من الانتخابات الأمريكية وهو ما سيأزم الموقف الأمريكى وهو المطلوب لروسيا، ومن ثم فحسابات روسيا منذ البداية كانت براجماتية تنافسية، صحيح هى لم تكن مع الحرب وكانت تدين المجازر الإسرائيلية فى غزة، لكنها  لم تضع الشرق الأوسط أو القضية الفلسطينية على قمة الأولويات.

الآن بعدما تعقدت الأزمة ولاح فى الأفق شبح الحرب الإقليمية لم تعد التصريحات أو الجهود الاعتيادية العادية من روسيا كافية، ولو أرادت أن تفعل شيئا فعليها مثلا أن تشكل جبهة عالمية قوية لوقف الحرب تضم مثلا إلى جوارها الصين والمجموعة العربية وتركيا، هذا سيضع الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل فى كماشة المجتمع الدولى وستنتهى هذه الحرب إلى أن يحين وقت إعادة هيكلة مجلس الأمن المشلول.

مقالات مشابهة

  • البابا تواضروس: مجلس كنائس الشرق الأوسط كالشجرة المغروسة التي تعطي ثمرها في حينه
  • القيادة المركزية للجيش الأمريكي “تتلقى تقييما” من الأردن حول الوضع في الشرق الأوسط
  • القس يشوع بخيت يهنئ مجلس كنائس الشرق الأوسط باليوبيل الذهبي
  • البنتاجون: حاملة الطائرات «روزفلت» غادرت الشرق الأوسط
  • التصريحات لا تنهى حربًا
  • حاملة الطائرات الأمريكية “روزفلت” تغادر الشرق الأوسط
  • حاملة الطائرات الأمريكية روزفلت تغادر الشرق الأوسط وتعود إلى سان دييغو
  • هرباً من عمليات الجيش اليمني.. حاملة الطائرات الأمريكية “روزفلت” تفر من الشرق الأوسط
  • أسوشيتدبرس: حاملة الطائرات الأمريكية "روزفلت" تغادر الشرق الأوسط
  • “أسوشيتد برس”: حاملة الطائرات “روزفلت” الأمريكية تفر من الشرق الأوسط