موقع 24:
2025-02-02@07:37:20 GMT

الشرق الأوسط وخريطة التحولات الدولية

تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT

الشرق الأوسط وخريطة التحولات الدولية

تعتبر القوة واحدة من أسس العلاقات الدولية، وبها تتشكل التحالفات التي تحكم النظام الدولي، فمعيار تصنيف النظام أحادياً، أو ثنائياً، أو تعدّدي القطبية، يأتي بناء على توزيعات القوة بين الدول المختلفة.

القوة ليست حالة ثابتة بل متغيرة ونسبية، وهذا ما يفسر لنا التحولات التي تطرأ على خارطة التحالفات الإقليمية والدولية الجديدة، وهي في أبسط معانيها تتثمل في القدرة والتأثير في سلوك الآخرين، أي الفاعلين الدوليين في قضية أو قضايا معينة.


في هذا السياق تعتبر القوة غاية ووسيلة لتحقيق الأهداف العليا لأي دولة، وهي أس نظرية الواقعية المفسرة لعلاقات الدول، وقد ارتبطت بظهور الدولة القومية عام 1648 كفاعل رئيسي للعلاقات، كما أنها، أي القوة، تفسر لنا مسار الحروب والسلام، وكل المظاهر الدولية، فهي تتشكل من عناصر عدة، تتفاوت بين الدول كمساحة جغرافية، وموارد اقتصادية، وطبيعية، ومنظومة قيم وثقافة، وعقيدة، إضافة إلى القوة العسكرية والاقتصادية والقوة التكنولوجية، وما يعرف اليوم بالقوة الناعمة، وقوة المؤسسات السياسية، ورؤية القيادة.
كل الدول تمتلك قدراً من القوة يمنحها التأثير في خريطة التفاعلات الدولية، بمختلف أشكاله، وبناء على القوة يتم تقسيم الدول على هذا الأساس، بين دول عظمى، وأخرى كبرى، بين مؤثرة، وأخرى متوسطة التأثير، وفي نهاية السلم الدول الصغرى، التي لا يكون لها أي تأثير في القرارات الدولية، أو في الأحداث التي يعيشها العالم، بمختلف توجهاته، وتقسيماته.
لكن، وبرغم هذا التقسيم التقليدي، إلا أن هذا التقسيم لم يعد ثابتاً بمنظور التطورات التي يشهدها العالم اليوم، بل متحول، لأنه حتى الدول الصغرى، وبمعايير المساحة الجغرافية والسكان، يمكن أن تكون دولاً ذات تأثير، من منظور القوة الناعمة والقوة الاقتصادية، خاصة الدول الواقعة في منطقة الشرق الأوسط، ولنا في دولة الإمارات مثالاً واضحاً في ذلك، فدولة الإمارات العربية المتحدة المتحدة اليوم، تعد من الدول ذات الحضور الكبير في القرار الدولي حيث تتصدر الدول بمؤشر «القوة الناعمة».
ولو نظرنا إلى خريطة القوة الدولية في عالمنا المعاصر، لرأينا الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا، ودولاً غربية عدة، من الدول التي تمتلك القوة بكل عناصرها، من قوة عسكرية، واقتصادية، ومالية، ودبلوماسية، وإقليمية. 
مع ذلك فإن منطقة الشرق الأوسط تحتفظ بأهميتها التاريخية باعتبارها واحدة من أهم المناطق الجيوسياسية في العالم، التي يتشكل من خلالها النظام الدولي، وتفسر لنا التحولات فى القوة الإقليمية، والدولية، والصراعات، والحروب، والتنافسات بين القوى في المنطقة. 
منطقة الشرق الأوسط لم تعد كما كانت في السابق من المناطق التابعة والمقسمة بين دول القوة والنفوذ، على المستوى الدولي، فتنامي قوة هذه الدول يعود إلى امتلاكها لعناصر القوة الشاملة، وهي من السمات البارزة التي تميزها في الوقت الحاضر، حيث نلاحظ دوراً مؤثراً وفاعلاً، ليس على مستوى المنطقة فقط، بل على مستوى القرار، الإقليمي والدولي.
ومن التغيرات الواضحة في مشهد النظام العالمي اليوم، نشهد تراجعاً للدور الأمريكي مع تصاعد وتنامي دور الصين كقوة ذات نفوذ كبيرلقوة الصين، وما المنتدى الصيني العربي، الذي عقد خلال شهر مايو/أيار العام الجاري، إلا دليلاً على أهم التحولات والتغيرات التي تشهدها المنطقة، حيث اعتبر انعقاد هذا المنتدى بمثابة تعزيز لعناصر القوة التي تجمع الصين بالدول العربية، وتناقش أهم ركائز التعاون، حاضراً ومستقبلاً.
هذا الحدث، أو ما يمكن تسميته التقارب الصيني العربي، يعد بمثابة تغيير في خريطة التفاعلاات والتحالفات الدولية، ففي السابق كان الشرق الأوسط أحد أهم المناطق المغلقة للاستراتيجية الأمريكية، لكننا نشهد اليوم إعادة رسم الخريطة السياسية للمنطقة بدور أكبر لفاعليها من الدول العربية، والتي تسعى لملء فراغ القوة الذي عانته المنطقة على مراحل تاريخية ممتدة. 
من المعروف أن منطقة الشرق الأوسط، تعد من أكثر المناطق في العالم تعرضاً للتغيرات والتحديات، الداخلية والخارجية، بحكم أهميتها الاستراتيجية، والنفطية، والمالية، والأمنية، إضافة بالطبع إلى موقعها الجغرافي، ومن يقيم معها علاقة يكون قادراً على صياغة بؤر القوة والتأثير.
هذه العوامل وغيرها التي تتمتع بها دول الشرق الأوسط، في الماضي والحاضر، تفسر لنا السر في تنافس القوى الإقليمية لتسجيل حضور قوي في المنطقة، وحرصها على كسب مزيد من مناطق النفوذ فيها، مع العلم أن هناك العديد من التحديات التي تواجه هذه الدول، من أبرزها تراجع دور الدولة الوطنية المركزية القادرة على بسط سيادتها وسيطرتها على حدودها والأمثلة كثيرة، من بينها اليمن، ليبيا، العراق، وسوريا، وغيرها من الدول التي باتت تشكل مناطق رخوة، يستطيع من خلالها الخارج، بألوانه المتعددة، من النفوذ إليها.
إضافة إلى ذلك هناك تحديات أخرى تواجه دول المنطقة، من بينها: المناخ، والتصحر، والهجرة، وانتشار دور الجماعات المتطرفة من خارج الدول، على هيئة ميليشيات مسلحة خارج القانون والنظام، أسهمت في إحداث إخلالات أمنية في كثير من الدول، وما نشاهده هذه الأيام من انتشار الإرهاب في بعض هذه الدول، أكبر دليل على ذلك. 
واليوم تشكل الحرب على غزة أكبر التحديات التي قد تترتب على تداعياتها إعادة رسم الخريطة السياسية، وشكل التحالفات في المستقبل، ومن التحديات تحقيق السلام والأمن والاستقرار، وارتباط أمن المنطقة واكتمالها بالقبول بالدولة الفلسطينية، التي يشكل قيامها استئصالاً للكثير من الأسباب التي تقف وراء التنافس الإقليمي، ونشاط الجماعات المناهضة لبناء الدولة الوطنية، فالدولة الفلسطينية تشكل المفتاح لمستقبل المنطقة، وخيارها في الأمن، والسلام، والاستقرار، أما عدا ذلك فسيكون مفتاحاً للحرب الشاملة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل منطقة الشرق الأوسط من الدول

إقرأ أيضاً:

الشرق الأوسط… صراع العروش

بقلم الكاتب: حسنين تحسين

التهب الشرق الأوسط منذ اكثر من قرن تحت ثنائيتي صراع (العربي - الإسرائيلي) و (السني - الشيعي) و الحقيقة ان أساس الصراعين منذ تواجد الديانات التوحيدية الإبراهيمية.

استمرت هذه الصراعات و خاصة بالعصر الحديث بسبب (النفاق السياسي بلا سقف)  الذي مارسته الأنظمة مع شعوبها بالدرجة الأولى و مع المحيط لبعض الأنظمة الشمولية، فكان واحد يتوعد بإفناء الاخر مدعمين كلامهم بسبب من الغيبيات المزيفة, ولهذا يكرهون ترامب لأنه جاء بصراحة مزعجة وقال كفى يجب ان يتوقف هذا العبث وان يوضع حد لهذا النفاق السياسي فالشرق الاوسط يجب ان يكون مكان التنمية الداعمة و الصراع الحقيقي ليس هنا و انما في وسط اسيا!! 

نعم كان ترامب بولايته الأولى نبه العالم إلى ان الرؤساء السابقون أوهموكم بالصراع مع روسيا و تركتم الصين! و الان يقول ان الشرق الأوسط يجب ان ينهي هذا السخف الحاصل وان يكون داعم لأمريكا التي تحميه ولديها حرب زعامة مع الصين ، لهذا كل دولة بالشرق الأوسط حسب لها حسابها الخاص ورهن وجودها بتغريدة ينهي اقتصادها وللشرق الأوسط تجاربه فعلى سبيل المثال تركيا بسبب اعتقالها لقس أمريكي غرد من بضع كلمات هبط بالليرة من 530 إلى ان وصلت الان 3600 لكل 100 دولار، والصراع السني الشيعي دمره محمد بن سلمان بسحب بلاده والتوجه الصاروخي لتنمية بلده و كأن وصوله كان انقلاب على الحكم في السعودية و الصراع العربي الإسرائيلي تغيرت معادلاته بعد 7 أكتوبر.

خطأ من يظن ان ترامب سيستخدم ايران لحلب الخليج، والخطأ الأكبر من يرى الرجل بعين أمريكا السابقة، الرجل تاجر وبلا عقيدة سياسية، يفهم ان القوي من يملك مصادر المال و العلم فأمريكا الان يحكمها الأغنياء الأذكياء و ليس الضعفاء. لهذا يربح من يتقدم مبادرا الان وسيخسر من ينتظر. والرجل يعمل بسلسلة الأولويات بالخطة وليس بسلسلة الأولويات بالنفع، وبسلسلة الأولويات بالخطة العراق الأخير قبل ايران، وقطعا ترامب لا ينتظر احد إلا تركيا الان فموقف تركيا ومدى تعاونها مع أمريكا هو ما سيحدد طبيعة تعامل ترامب مع ايران، وهو ما يؤخر قرارات أمريكا بحق العراق فاذا خضعت تركيا سيتصرف بحزم مع ايران وإذا لم تخضع تركيا فموازنة القوى بالشرق الأوسط تحتاج ايران وذلك يحتاج إعادة لتوزيع النفوذ بالعراق.

مقالات مشابهة

  • الشرق الأوسط..تشكلٌ جديدٌ
  • البيت الأبيض: ترامب أكد خلال اتصاله بالرئيس السيسي أهمية تحقيق السلام بالمنطقة
  • مقال في فورين أفيرز: هذا ثمن سياسة القوة التي ينتهجها ترامب
  • الإمارات لاعب رئيسي في المشهد الإعلامي العالمي
  • الإمارات تعزز مكانتها لاعباً رئيسياً في المشهد الإعلامي العالمي
  • حامد فارس: القاهرة تعمل على إيجاد ظهير حقيقي لصناعة السلام في الشرق الأوسط
  • الشرق الأوسط… صراع العروش
  • الغرب وكأس الشرق الأوسط المقدسة
  • صلاح حسب الله: تأجيج الصراع في الشرق الأوسط يعرقل الحلول السلمية
  • ويتكوف : لم أناقش مع ترامب فكرة نقل الفلسطينيين من غزة