ما سيحصل في اليوم التالي للحرب؟
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
كتب عباس صباغ في" النهار": لم تكن ولادة القرار الدولي 1701 في 12 اب عام 2006 عادية. فالقرار جاء بعد عدوان اسرائيلي على لبنان استمر من 12 تموز وحتى صبيحة يوم الاثنين في 14 اب من ذلك العام ، أي حتى لحظة دخول القرار حيز التنفيذ. ولم يعلن لبنان الرسمي يوماً انه ضد تطبيق القرار 1701 ، وكرر رؤساء الجمهورية والحكومات المتعاقبة التمسك بالقرار، وفي الوقت عينه كانت المطالبة بإلزام اسرائيل تنفيذه .
وعليه كان التمسك به هو المحدد الاساسي للخطاب الرسمي ، اما في ظل الحرب الدائرة رحاها راهناً فكان تجديد للموقف وهو ما عبر عنه #رئيس مجلس النواب#نبيه بري في خطابه في الذكرى الـ46 لتغييب #الامام موسى الصدر .
موقف بري لا يختلف مع موقف الحكومة وان كان ذلك القرار صدر كتتويج لانهاء عدوان تموز عام 2006 ، وان مراجعة المشاركين في مفاوضات اقراره ومنهم وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم ال ثاني تؤكد ان تل ابيب كانت مستعجلة لاصداره . فالقرار فرض وقف الاعمال العدائية من دون ان ينص على وقف كامل لاطلاق النار ، وكذلك لم تنفذ مندرجاته كافة ولا سيما الانسحاب من كامل الاراضي اللبنانية .
بيد ان التمسك بالقرار هو رسالة للخارج ولتل ابيب، وان خلاصة ذلك الموقف تكمن في ان كل المبادرات الخارجية وزيارات الموفدين المعلنة منها وغير المعلنة ، لن تصل الى فرض وقائع جديدة لا تتماشى مع المصلحة اللبنانية وجاء قرار التجديد لقوة "اليونيفيل" الاخير ليكرس الخيار الرسمي والحؤول دون ادخال تعديلات على القرار الاممي وذلك انطلاقاً من مسلمات عدة من ابرزها ان لا قواعد ولا اجراءات امنية تسبق تنفيذ القرار، وان تنفيذ الاخير يجب ان يكون مقروناً بمعالجة كل العناوين الخلافية والتي لا تزال قائمة منذ ما قبل اصدار القرار 1701 ، ومن ابرزها الانسحاب الاسرائيلي من النقاط المتحفظ عليها لبنانياً منذ العام 2000 ، وكذلك الانسحاب من القسم الشمالي من خراج الماري ( القسم الشمالي المحتل من بلدة الغجر، واعادة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا فضلاً عن استعادة نقطة B1 ، في راس الناقورة وهو الامر الذي لم يتنازل عنه لبنان في اتفاق تثبيت الحدود الذي رعته الامم المتحدة في تشرين الاول من العام 2022 .
اما المسلمة الاخرى والثابتة التي يتمسك بها لبنان وكذلك "حزب الله" فهي وقف الخروقات الجوية والبحرية للسيادة اللبنانية.
وفي خلاصة الموقف الرسمي ان لا منطقة عازلة في الجنوب اللبناني ، عدا انه لا ترتيبات امنية قبل وقف الحرب . اما موقف "حزب الله" من القرار 1701 فهو معروف وسبق لقيادته ان ابدت ملاحظات على طريقة تطبيقه والانتقائية المعتمدة لجهة عدم وجود قوات اممية لحفظ السلام على الجانب الاسرائيلي والاكتفاء بالجهة اللبنانية .
اما لجهة انسحاب "حزب الله" لمسافة كيلومترات من الحدود فإن الرد كان من خلال تأكيد الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله ان لا جدوى لذلك طالما ان مديات الصواريخ التي تستخدمها المقاومة تفوق المسافات التي طالب الموفدون الدوليون بالتراجع اليها. اضافة الى انه لا وجود علنيا للمقاومة على طول الحدود ولا مراكز عسكرية لها. والاهم من ذلك كانت اشارة نصر الله الى اطلاق المسيرات من شمال الليطاني ومن البقاع وبالتالي افراغ كل الاقتراحات المتعلقة بالمنطقة العازلة من مضمونها ، لتنضم الى الاقتراحات السابقة ومنها اقامة ابراج على الحدود.وووفق ذلك فإن اليوم التالي للحرب لن يحمل تغيرات لافتة لجهة الاوضاع على الحدود او على الاقل لن تكون ترتيبات لا تخدم لبنان .
لا تشبه ظروف اقرار القرار 1701 ما يشهده لبنان والمنطقة اليوم ، فذلك القرار لم يصدره مجلس الامن الدولي تحت الفصل السابع ، لكنه بات اقرب الى ذلك الفصل منه الى الفصل السادس ، ولكن هذا لا يعني البتة تحويل قوات حفظ السلام الى قوات ردع ، وان مهمتها الاساسية هي مؤازرة الجيش اللبناني على الحدود من دون ان تكون من صلاحياتها منع الاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة على لبنان.
وعليه تركزت الاتصالات الدولية والإقليمية التي اجراها لبنان طيلة السنوات الفائتة ، وكانت ترتفع وتيرتها قبل التجديد الدوري لقوة "اليونيفيل" على قاعدة التزام لبنان تطبيق القرار بعد 18 عاماً على إصداره ، وأن إسرائيل تتحمل مسؤولية حيال الصعوبات التي حالت دون تطبيقه بسبب إصرارها على خرق الأجواء اللبنانية براً وبحراً وجواً وصولاً إلى تحليق الطيران الحربي الإسرائيلي فوق سمائه واستخدامه للقيام بغارات ضد سوريا.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: القرار 1701 حزب الله
إقرأ أيضاً:
المقاومة في اليوم التالي
يقال إن (الحق فوق القوة) وإن المقاوم المدافع عن حقه في وطنه وحريته وسيادته واستقلاله، هو الأقوى من المحتل والأكثر شجاعة من الغازي والوافد الغريب عن الأرض والتضاريس.
غزة تجاوزت بملحمتها (حطين) و(عين جالوت) وتجاوزت ملاحم العرب والمسلمين في مواجهة الحملات الصليبية.. نعم تجاوزت ملحمة طوفان الأقصى كل ملاحم العرب والمسلمين التي كانت متعادلة في قدرات أطرافها، غير أن ملحمة الأقصى كانت ملحمة استثنائية غير مسبوقة في التاريخ، لا من حيث قدرات أطرافها، ولا من حيث إمكانياتهم، إذ يصعب بل يستحيل أن نقارن بين قدرات وإمكانيات المقاومة ماديا ومعنويا وعلميا وتقنيا واستخباريا وعسكريا، مع عدو مدجج بكل القدرات العسكرية الحديثة بل والأكثر حداثة، والمتفوق تقنيا والمدعوم من كبرى جيوش العالم ودول العالم، التي اصطفت سرا وعلانية إلى جانب العدو، مقدمين له كل أشكال الدعم والإسناد بكافة أشكاله عسكريا استخباريا وأمنيا وتسليحا وتجسسيا وإعلاميا ودبلوماسياً وغطاء سياسياً في كل المحافل الدولية والمنظمات الدولية، لدرجة ان أمريكا ودول الغرب وكل عواصم الحريات والديمقراطيات في العالم تخلت من أجل الكيان الصهيوني عن قيمها وأخلاقياتها ومبادئها وقوانينها ودساتيرها من أجل نصرة العدو الصهيوني، فيما المقاومة التي حوصرت من العدو ومن كل دول العالم حوصرت أيضا من أشقائها عربا ومسلمين، في حرب إبادة جماعية دامت لأكثر من 15 شهرا، حربا أبادت القطاع ولم تترك فيه حجرا ولا شجرا وذهب ضحيتها أكثر من (70 ألف شهيد) غالبيتهم نساء وأطفال وشيوخ ومدنيون عزل، وهناك أكثر من (200 الف جريح) وآلاف المعتقلين، حرب مشفوعة بحصار جوي وبري وبحري، حرب منع الأعداء خلالها الطعام والماء والوقود والأدوية عن الأطفال والنساء والشيوخ وعن أكثر من (2.5) مليون عربي فلسطيني، ظل لأكثر من (15) شهرا تائها في جغرافية القطاع المحدودة التي لا تزيد عن (365)كم مربع.
حرب استهدف العدو فيها المنازل والمساجد والكنائس والمدارس والطرقات والمستشفيات وعربات الإسعاف وطواقم الدفاع المدني والدكاترة ومخازن الأدوية، حرب إبادة ممنهجة ومنظمة ومتفق عليها بالفعل والصمت والتجاهل، حرب عجزت المؤسسات الدولية المعنية بحماية السلم والأمن الدوليين عن إيقافها، حرب دمرت مقرات الأمم المتحدة، واهتان خلالها رموز المنظمات الدولية، حرب يمكن وصفها بأنها حرب إبادة كاملة جسدت انحطاط المجتمع الدولي وانهيار قوانينه وكل المنظومات القانونية والأخلاقية، سقطت خلالها حتى الأديان بكل مسمياتها (سقطت للأسف بكل قيمها) والهويات الحضارية والإنسانية.
حرب أخفق فيها العدو رغم كل ما سلف ذكره، عن تحقيق ولو هدف من بنك أهدافه التي أعلنها يوم قرر شن عدوانه وحرب إبادته على قطاع غزة بذريعة تصفية المقاومة وتجريدها من سلاحها والتخلص منها فكريا ووجوديا وماديا ومعنويا، نعم حرب رغم بشاعة العدو وجرائمه فيها ورغم المدد الغربي والشراكة الأمريكية والصمت العربي الإسلامي إزاءها، هزم فيها العدو هزيمة منكرة وساحقة، هزيمة قد لا يستوعبها البعض من أصحاب نظريات (الانبطاح) الذين ينظرون إلى الدمار في غزة ويعتبرونه دليلاً على (هزيمة المقاومة) فيما آخر سيقول: من قتلت المقاومة من العدو؟ مقارنة بما قتل العدو من الشعب الفلسطيني؟ وهناك من سيظل يتمسك بخيبته ويتحدث عن (مغامرات المقاومة) وأنها ضحت بالشعب الفلسطيني وضاعفت من معاناته ودمرت قدراته وعرضته للإبادة، وأمثال هؤلاء ومن يرددون مثل هذه الترهات هم بشر قد سلب الله منهم عقولهم وجَّردهم حتى من بقايا كرامة يمكن أن يتحلى بها إنسان لديه بقايا من كرامة وحرية وشذرات من نخوة عز.
حرب عدوانية شنها العدو، وكانت بالنسبة للمقاومة مصيرية مرتبطة بحقها الوجودي وحق شعبها في الوطن والدولة والحرية، حرب حسمتها المقاومة الفلسطينية وانتصرت فيها ومشاهد تبادل الأسرى كافية لتثبت انتصار المقاومة التي لا يمكن مقارنتها بالعدو وقدراته وإمكانياته وإمكانيات حلفائه وداعميه.. فمن دعم المقاومة؟ حتى (سلطة عباس) المرتهنة شاركت العدو في عدوانه على المقاومة، العرب خانوا المقاومة ومن هرولوا ليتوسطون ما كانوا ليهرولون للوساطة لو كانت المقاومة ضعيفة أو تمكن العدو من سحقها، ماذا فعل هؤلاء في لبنان؟ وماذا فعلوا في سوريا؟ هل قدروا يلتزمون بما تعهدوا به للشعب اللبناني؟ هل تمكنوا من ردع العدو في سوريا؟ وحدها اليمن ممثلة بحكومة صنعاء، أقدمت على ما لم يكن يخطر ببال أحدا عدوا كان أو صديقا.. نعم عملت اليمن ما لم يجرؤ على القيام به ويعمله أي نظام عربي هل كانت صنعاء تغامر؟ لا كانت مؤمنة حد اليقين بما تقوم به وتعرف جيدا ما الذي قامت به والهدف من وراء ذلك، وهو ما لم يدركه أو يستوعبه أصحاب نظريات الانبطاح والارتهان..
لذا أعيد وأكرر ما سبق أن قلته في تناولة سابقة بأن اليوم التالي الفلسطيني هو يوم المقاومة وهي من سوف تشكل أطيافه وهذا ما نشاهده ويشاهده العدو والعالم الذين أرعبتهم مشاهد العزة والكبرياء والشموخ في قطاع غزة.