التصعيد ضد الشعب الفلسطيني.. مسؤولية الضحية أم جلادها؟
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
مفيد أن يتذكر بعض السياسيين والقادة العرب التصريحات الإسرائيلية على ضوء توسيع رقعة العدوان والجرائم في الضفة بعد وقوعها في غزة، وأن يدققوا بسياسة الاحتلال المتبعة هناك. الإفادة موجهة أيضا لبعض الأصوات والنخب العربية والفلسطينية التي تضع اللوم في أسباب العدوان والتصعيد بالجرائم على مقاومة الشعب الفلسطيني، وتبني ذرائع إسرائيلية في تبرير العدوان على شعب يرزح تحت احتلال يستهدف وجوده المادي والمعنوي والتاريخي فوق أرضه، بعد بروفة جرأة جرائم الإبادة في غزة، بموازاة تضخم إرهاب عصابات المستوطنين على الأرض والسكان في مدن الضفة والقدس.
فالاحتلال يذكّر الشعب الفلسطيني وكل العرب يوميا، من خلال فاشيته ومنهج الإرهاب المتبع على الشعب الفلسطيني، بأن طبيعته لن تتبدل ولن تتغير، لا في السلوك والمنهج ولا في العقيدة المستندة لأسفار توراتية في الإبادة للفلسطينيين والأغيار التي تجسدت في غزة، وما تبعها من خطط سلب واستيطان للأرض تعني أمرا واحدا بأن الفاشية والعنصرية الصهيونية لا تنتهي عند حدود ما تتفتق عنه نوايا سموتريتش وبن غفير ونتنياهو وعميحاي وغيرهم، بقدر ما تعبر عن فاشية جماعية تحكم ميول المجتمع الإسرائيلي بكافة أحزابه.
الاحتلال يذكّر الشعب الفلسطيني وكل العرب يوميا، من خلال فاشيته ومنهج الإرهاب المتبع على الشعب الفلسطيني، بأن طبيعته لن تتبدل ولن تتغير، لا في السلوك والمنهج ولا في العقيدة المستندة لأسفار توراتية في الإبادة للفلسطينيين والأغيار التي تجسدت في غزة، وما تبعها من خطط سلب واستيطان للأرض
فغداة عملية الخليل الفدائية عند مفرق ترقوميا، كرر بنيامين نتنياهو تهديداته الفاشية ضد الفلسطينيين، وأعاد ضخ الأكاذيب لتبريرها؛ وحول تعطيل المقاومة صفقة التبادل، في محاولة لإعادة شد عصب المجتمع الإسرائيلي ليوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر. وهنا تقع المسؤولية الأخلاقية والسياسية على من يرعى مفاوضات صفقة التبادل، بالخروج للرد على أكاذيب نتنياهو ومماطلته التي يشتكي منها الشارع الإسرائيلي، وإلا ستبقى الرواية الصهيونية مسنودة بصمت الوسطاء.
دلائل الكذب الإسرائيلي دامغة عن هذا التزوير، واستمرار الحالة العربية الراهنة والفلسطينية بالدفع إلى مأزق فلسطيني مغلق ينتهي بتبديد الحقوق الفلسطينية وتلويث المقاومة الفلسطينية ومعناها، وتدمير صورتها في فترة ملائمة لإكمال مد جسور التطبيع العربي للعبور نحو مصافحة اليد الصهيونية، وتجسيد بُنى عربية هويتها إذعانية مستسلمة لمنع هزيمة المشروع الصهيوني، وتتمحور حول صمت قادة ومسئولين عرب والاستماع لأكاذيب نتنياهو بعد عجز مخزٍ أمام جرائمه، في ظل الهروب العربي الرسمي من أي هوية وطنية وأخلاقية وإنسانية وسياسية في ساحة المواجهة في فلسطين؛ بمحاولة استئصال هذه الهوية من الجسد والقلب العربي، وباحتقار حقائق الصراع مع المستعمر الصهيوني والتخلي المفضوح عن صراعه ومواجهته. وبسط الاستبداد وقهر الأحلام العربية، يعني التخلي عن المسؤولية التاريخية ببعدها الوطني والأخلاقي والإنساني العادل.
وقبل أيام قليلة أعلن الوزير المأفون بن غفير نيته إقامة كنيس يهودي داخل المسجد الأقصى، بعد نجاح الاقتحام المتكرر لباحاته من عتاة المستوطنين بدعم وحماية رسمية من حكومة الاحتلال. وتنفيذ التقسيم الزماني والمكاني قد بدأ فعليا أمام صمت دولي وعربي، وسموتريتش يعلن تمويل مشاريع ضخمة للاستيطان ومزيد من نهب الأرض. فجرائم الحرب الإسرائيلية في غزة والإبادة الجماعية التي فشل المجتمع الدولي بوضع حد لها، ودون فرض إجراءات عقابية ملموسة من الذين يدعون الحرص على عدم اتخاذ خطوات أحادية تضُر بمسار "السلام" الذي دُمر فعليا بسياسة الاستيطان والحصار والتهويد ونهب الأرض، هي جرائم تؤدي لفرض أمر واقع بتطبيق سياسة الفصل العنصري على الأرض والسكان، والتي توعد بن غفير بتوسيعها بعد عملية الخليل، وكذلك دعوته لتطبيق قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين وتشديد حصار المدن الفلسطينية وتقييد حركة سكانها لأن "حق الحياة للإسرائيليين أهم من حق تنقّل الفلسطينيين".
معنى ذلك، أن البديهيات الاستعمارية للمؤسسة الصهيونية، تفرز فطرة مواجهتها والصدام معها من قبل أصحاب الأرض، وهي مسؤوليتهم التاريخية لمواجهة احتلال استعماري استيطاني إحلالي، يطبق نظام الفصل العنصري عليهم. ولذلك فإن أدوات المواجهة التي يمتلكها شعب تحت الاحتلال، وفي ظروف الفلسطينيين، هي أدوات إفشال مشروع هزيمتهم بإرادة لا تنكسر، وبتعزيز صمودهم فوق أرضهم، لأن عدوهم مدجج بكل أدوات القتل الغربية والأمريكية، لكنهم لن يعدموا كل وسيلة لتحقيق هزيمته بمقارعته والاشتباك المستمر معه، وتلك طبيعة الشعوب المستعمرة التي دل عليها التاريخ لدحر المحتل.
الرسالة العربية الرسمية للفلسطينيين تعطي ردا مهزوما وخذلانا تاريخيا لهم، كما حصل في غزة ويتكرر في الضفة والقدس. التجند لهذا الهروب بأكداس من سفلة ومرتزقة بعض النظام العربي، يهدف لتحويل القضية ومقاومة شعبها لمسألة مبذولة في نقاش: هل كنا سمنا على عسل مع مستعمرنا قبل السابع من أكتوبر؟
فالقضية الفلسطينية ورمزيتها ومقدساتها ومكانتها وعدالتها، يفترض أن تكون في موقع يمثل شرف أمة ومصالح شعوبها في نيل الحرية والكرامة والعدالة، أما انتهاج الابتذال المستمر للدفاع عن ذرائع المستعمر وسياساته في صحف وشاشات عربية واستحضار التزييف الصهيوني، وبسياسة تضم كل مساوئ وموبقات وفساد وهشاشة وركاكة النظام العربي لمواجهة جرائم الإبادة الصهيونية لشعب فلسطين، فإن هذا يعني أن الرسالة العربية الرسمية للفلسطينيين تعطي ردا مهزوما وخذلانا تاريخيا لهم، كما حصل في غزة ويتكرر في الضفة والقدس. التجند لهذا الهروب بأكداس من سفلة ومرتزقة بعض النظام العربي، يهدف لتحويل القضية ومقاومة شعبها لمسألة مبذولة في نقاش: هل كنا سمنا على عسل مع مستعمرنا قبل السابع من أكتوبر؟
الجواب الإسرائيلي يحيط بحياة الفلسطينيين على الأرض في الضفة وغزة والقدس وفي الدخل المحتل عام 48، يستفزهم للدفاع عن النفس ومواجهة عدوهم، فكل ما يتصل بقضيتهم وحقوقهم لا يدعو لهدوء واستكانة واستسلام، ولأن أمنيات بن غفير وسموريتش وعميحاي، غير بعيدة عن بقية منبع الإرهاب، لقادة صهاينة أمثال يوآف غالانت، وعوباديا يوسف، وشلومو بيرن، ورابين، ورفائيل ايتان، وإلعيزر كشتيئيل، واسحق غيزنبروغ، ومناحيم بيغن وباروخ غولدشتاين وبن غوريون، وشارون، الذي نَظَرَ للإبادة الفلسطينية.. التزام راسخ بمبادئ صهيونية تلمودية توراتية، تطبق على الشعب الفلسطيني باستخدام بنود قاموس دموي ضده يدعو لإبادته ومعاملته كالصراصير والحيوانات البشرية، ويصفهم بالحطابين والخدم والعبيد والأشرار الملعونين، و"مليون منهم لا يساوون ظفر يهودي".
هذه مبادئ يعمل وفقها العقل الصهيوني في سلوك العدوان والهمجية المتبع في غزة، ويعاد تنفيذه في مدن الضفة بنفس جرائم الحرب والإبادة، فيما البعض حائر السؤال عن مسؤولية التصعيد؛ أهي الضحية أم جلادها المسُتعمر؟
x.com/nizar_sahli
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الضفة غزة الاحتلال الفلسطيني الإبادة فلسطين غزة الاحتلال الضفة الإبادة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی فی الضفة فی غزة
إقرأ أيضاً:
أطباء بلا حدود تتهم الاحتلال بالعزل والفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني
اتهمت منظمة "أطباء بلا حدود"، اليوم الخميس، الاحتلال الاسرائيلي بأنه يعمل على العزل والفصل العنصري للشعب الفلسطيني ، مؤكدة أن العمليات العسكرية التي ينفذها جيش الاحتلال في الضفة الغربية، تقيد حصول الفلسطينيين على الرعاية الصحية.
وذكرت المنظمة في بيان لها "العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية وتقييد الحركة تسببا في تقليص حاد في قدرة الفلسطينيين على الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية"، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
وأشارت المنظمة في تقريرها، إلى أن إلحاق الأذى والحرمان من الرعاية الصحية يشكلان جزءًا من نمط قمعي ممنهج، وهو ما وصفته محكمة العدل الدولية بأنه يرقى إلى العزل العنصري والفصل العنصري".
وأضافت "اقتحامات الاحتلال الإسرائيلي والقيود المشددة على الحركة حدت من قدرات الوصول إلى الخدمات الأساسية، ولا سيما الرعاية الصحية، إذ إن الوضع تدهور بشكل أكبر منذ إعلان وقف إطلاق النار في غزة، حيث إن الظروف المعيشية تردّت للكثير من الفلسطينيين الذين يدفعون أثمانًا باهظة على الصعيدين الجسدي والنفسي".
ورصدت المنظمة، تزايد الهجمات على الطواقم والمرافق الطبية، بما في ذلك الهجمات على المستشفيات، وتدمير المواقع الطبية المؤقتة في مخيمات اللاجئين.
وأشارت المنظمة إلى أنها رصدت خلال الفترة من أكتوبر 2023 حتى ديسمبر 2024، 694 هجومًا على الرعاية الصحية في الضفة الغربية، مع وقوع المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية غالبًا تحت حصار قوات الاحتلال".
وأوضحت أن "القيود المفروضة على الحركة أدت إلى تداعيات مهلكة، فقد تعرّض الوصول إلى الرعاية الصحية للعراقيل بشكل كبير في ظل إعاقة حركة سيارات الإسعاف واستهدافها، والتصعيد في العدوان الذي أسفر عن الكثير من الضحايا والمصابين، إلى جانب الدمار الواسع الذي يطول البنية التحتية المدنية من طرق ومرافق صحية وشبكات مياه وكهرباء، خصوصًا في مخيمات طولكرم وجنين".
ولفتت إلى أن المرضى في المناطق النائية وضواحي المدن مثل جنين ونابلس، يعانون أوضاعًا قاسية، إذ يُجبر المرضى المصابون بأمراض مزمنة، مثل المحتاجين إلى غسيل الكلى بانتظام، على البقاء في منازلهم بسبب العقبات الكبيرة التي تحول دون وصولهم إلى الرعاية الصحية.
وتابعت "إلى جانب التوغلات العسكرية الإسرائيلية المتكررة، أدى عنف المستوطنين والتوسع المستمر في المستوطنات إلى تعريض الكثير من الفلسطينيين لمزيد من العنف، وسط خشية من التنقل في جميع أنحاء الضفة الغربية".
وأتمت المنظمة قائلة "إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال، تتحمل التزامات قانونية بموجب القانون الدولي، لضمان إمكانية وصول السكان إلى الرعاية الصحية وحماية العاملين في المجال الطبي، في ظل ما يواجهه نظام الرعاية الصحية في الضفة الغربية من ضغط هائل، ما يجبره على العمل بحالة طوارئ دائمة".