انقلاب النيجر: معضلة سياسية وهواجس أمنية واقتصادية تقلق الجزائر
تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT
أعلن الجنرال عبد الرحمن تشياني تنصيبه رئيسا "للمجلس الوطني من أجل حماية النيجر"
عقب الإنذار الذي أصدرته المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) ضد المجلس العسكري، الذي قاد الانقلاب في النيجر، أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (السبت 5 أغسطس / آب) إن بلاده ترفض أي تدخل عسكري في النيجر.
مختارات عشية قمة إيكواس.. الانقلابيون يتهمون فرنسا بزعزعة استقرار النيجر تحليل: طوق أزمات حول الدول المغاربية يشتدّ بانقلاب النيجر هل تستطيع إيكواس التدخل عسكريا ضد قادة انقلاب النيجر؟ جحيم الصحراء.. دور أفريقيا في عمليات ترحيل المهاجرين
وقال تبون في مقابلة مع وسائل إعلام محلية "نحن مستعدون لمد يد المساعدة للنيجر، والجزائر لن تستعمل القوة مع جيرانها. الجزائر ترفض التدخل في أي حرب، وترفض أن يُراق أي دم لدول شقيقة أو صديقة".
وقبل ساعات من انتهاء مهلة الإنذار الذي أصدرته إيكواس، شدد تبون على أن أزمة النيجر تُمثل "تهديداً مباشراً للجزائر" وأن "أي تدخل سيشعل منطقة الساحل".
وكانت الحكومة الجزائرية قد أدانت الانقلاب في النيجر، إذ نُقل عن مصادر حكومية قولها إنه يتعين "وضع حد فوري للهجوم غير المقبول على النظام الدستوري إذ لا يزال محمد بازوم الرئيس الشرعي للنيجر".
يتزامن هذا مع عقد رؤساء إيكواس قمة (اليوم الخميس 10 أغسطس/ آب) من أجل الاتفاق على خطة عمل تجاه النيجر؛ عقب رفض قادة الانقلاب الخروج من السلطة وسط توقعات باتخاذ خطوات قد تشمل التدخل العسكري لإعادة النظام الديمقراطي في النيجر.
وعشية القمة اتهم المجلس العسكري في النيجر فرنسا بخرق المجال الجوي المغلق وإطلاق سراح "إرهابيين"، الأمر الذي سارع مصدر حكومي فرنسي بنفيه لوكالة الأنباء الفرنسية.
وشكلت السلطات العسكرية المنبثقة عن الانقلاب في النيجر حكومة تتألف من 21 عضوا بقيادة علي الأمين، رئيس الوزراء الذي سبق أن عينه الانقلابيون، فيما تولى الجنرال محمد تومبا من المجلس العسكري الذي استولى على السلطة منصب وزير الداخلية والأمن العام وإدارة الأقاليم.
الجزائر أمام معضلة
وفيما يتعلق بالجزائر، ترى هاجر علي، الخبيرة في العلوم السياسية بالمعهد الألماني للدراسات العالمية والمناطقية (GIGA) ومقره هامبورغ، أن الجزائر تواجه "معضلة وهو ما أنعكس على موقفها تجاه تهديد إيكواس بشن تدخل عسكري محتمل في النيجر بعد الانقلاب".
وفي مقابلة مع DW، قالت إن الرئيس الجزائري يمضي قدما في السياسة الخارجية التقليدية للبلاد التي ترتكز على عدم الانحياز التقليدي، مضيفة: "سوف يمكّنه هذا من البقاء على مسافة واحدة من كل من روسيا والولايات المتحدة رغم أن الغزو الروسي لأوكرانيا جعل من الصعب على الجزائر الحفاظ على هذا المسار".
لاقت زيارة الرئيس الجزائري تبون إلى روسيا في يونيو / تموز الماضي ترحيبا كبيرا (13/6/2023)
وعزت هاجر علي ذلك إلى أن الحرب الروسية على أوكرانيا "غيرت الدور الجزائري إذ أضحت مصدرا هاما للطاقة للدول الغربية، حيث تعد دول الاتحاد الأوروبي إلى جانب الولايات المتحدة وكندا شركاء التبادل التجاري الرئيسيين للجزائر."
ووفقا لبيانات جمعية التجارة الخارجية الألمانية، فقد حققت شركة "سوناطراك" الجزائرية للطاقة المملوكة للدولة عائدات تصدير غير مسبوقة بلغت حوالي 60 مليار دولار خلال العام الماضي.
وأضافت هاجر علي أن "الإصرار على تطبيق مبدأ عدم الانحياز في ظل الظروف الراهنة كما تفعل بلدان إيكواس الأخرى يعد أمرا صعبا"، مشيرة إلى أن إعطاء الضوء الأخضر للتدخل العسكري في النيجر من شأنه أن يسبب توترا في العلاقات مع روسيا رغم أن قادة الانقلاب في النيجر لم يؤكدوا بعد مسار العلاقات مع موسكو.
بيد أن هذا لا ينفي أن وسائل إعلام روسية تشير إلى تقارب بين قادة الانقلاب والكرملين.
وأشارت هاجر علي، التي قامت بأبحاث عن النظم الاستبدادية وآثار الانقلابات العسكرية، إلى أن الجزائر "لا تستطيع تحمل تبعات أي توتر في العلاقات مع روسيا بسبب علاقاتهما القوية إذ تعد موسكو مصدر أكثر من ثلثي الأسلحة الجزائرية، فضلا عن كون الجيش الروسي يقدم تدريبات رئيسية للجيش الجزائري."
وقالت إنه رغم ذلك، فإن أي "قرار ضد التدخل العسكري من قبل إيكواس يحمل في طياته مخاطر توتر العلاقات بين الجزائر والغرب". وتابعت: "يتمثل المسار الأكثر أمانًا للجزائر بما يحافظ على مصالحها في الوقت الحالي، في إدانة المجلس العسكري مع وضع حد للمشاركة في أي عملية عسكرية كبيرة".
أفادت منظمات حقوقية بزيادة كبيرة في ترحيلات المهاجرين من الجزائر إلى النيجر
تزايد القلق في منطقة الساحل
ويرى مراقبون أن العلاقات بين الجزائر والبلدان الغربية تشهد تعقيدا على وقع ما يفسره البعض من أن الموقف الجزائري يتهاون مع الحكومات الداعمة للانقلاب في النيجر.
الجدير بالذكر أن مالي وبوركينا فاسو وهما بلدان مجاوران للنيجر قد أعلنا دعمهما لمنظمي القمة، فيما أعلنت حكومة غينيا بيساو استعدادها لدعمهم أيضا.
وتدير شؤون الدول الثلاثة حكومات عسكرية منذ عام 2021، ما يعني أن مسار الديمقراطية في منطقة الساحل بات معرضا للخطر.
وتراقب دول أوروبية وخاصة ألمانيا، التي دعمت النيجر في السابق باعتبارها واحدة من الدول الديمقراطية القليلة في منطقة الساحل، المسار الذي سوف تسلكه الجزائر حيال الأزمة في النيجر.
الهاجس الأمني
يعتقد مراقبون أن الموقف الجزائري المنتظر حيال الأزمة في النيجر لن يتوقف على إصرارها على سياسة عدم الانحياز والوضع السياسي في منطقة الساحل، بل سوف يأخذ في الحساب الهاجس الأمني.
وتراقب الحكومة الجزائرية بقلق حالة انعدام الأمن وعدم الاستقرار التي انزلقت إليه دول الجوار ولا سيما ليبيا ومالي، وهو ما أشارت إليه مجلة "جون أفريك" بقولها: "الجيش وأجهزة الأمن الجزائرية يواجهان بالفعل ضغوطا إضافية مصدرها شبكات التهريب والجماعات الجهادية."
وهذا الأسبوع، شدد رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أول السعيد شنقريحة، على أن الجيش الجزائري "سيبقى دائما على استعداد لمواجهة أي خطر قد يمس بأمن وسلامة الجزائر، مهما كان نوعه وحجمه".
ونقلت صحيفة "الشروق" الجزائرية (الثلاثاء 8 أغسطس/ آب) عن شنقريحة قوله: "إن تعزيز قدراتنا الدفاعية الوطنية وعصرنة وتطوير مختلف مكونات قواتنا المسلحة، يبقى شغلنا الشاغل، ويشكّل أحد الركائز الأساسية، التي نبني عليها في الجيش الوطني الشعبي (..) استراتيجيتنا بعيدة النظر، التي تأخذ في الحسبان جميع التعقيدات والسياقات والظروف الأمنية التي يعرفها العالم وتحيط بمنطقتنا الإقليمية، بما في ذلك التهديدات المزمنة والمتعددة الأشكال التي استفحلت خلال السنوات الماضية، على غرار انتشار الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود والتهريب والاتجار بالمخدرات".
يروانيوم النيجر بعد الانقلاب وتأثيره على أوروبا وروسياالجدير بالذكر أن الجزائر تواجه أيضا تدفقا في عمليات الهجرة غير القانونية إذ ذكرت شبكة "ألارم فون" أو "هاتف الإنذار" أن الجزائر أعادت أكثر من 11 ألف شخص إلى النيجر في الفترة ما بين يناير / كانون الثاني وأبريل / نيسان الماضي فيما تتم عمليات الترحيل بموجب اتفاقية تعاون أمني تم توقيعها في أكتوبر / كانون الأول عام 2021.
وتنص الاتفاقية على اتخاذ إجراءات مشتركة ضد الحركات الجهادية والجريمة المنظمة العابرة للحدود.
وفي تعليقها، قالت هاجر علي: "إذا حدث أي تدخل في النيجر، فمن شأن ذلك أن يفاقم الوضع الأمني المتدهور في منطقة الساحل، لذا فإن أي تدخل ستكون عواقبه غير محسوبة".
القلق الاقتصادي
البعد الاقتصادي، يدخل أيضا في اعتبارات الجزائر بشأن وضع الأزمة في النيجر، إذ يمكن أن يؤدي أي تدخل إقليمي إلى التأثير على إنشاء خط أنابيب للغاز الطبيعي عبر الصحراء بين نيجيريا والنيجر والجزائر ، يهدف إلى تعزيز صادرات الغاز إلى أوروبا عبر منطقة الساحل.
وسوف تؤدي الخط عند اكتماله إلى نقل ما يصل إلى 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، فيما تصل تكلفته إلى 13 مليار دولار.
وقالت مجلة "جون أفريك" إن "أي تدهور للوضع الأمني سيكون له عواقب غير متوقعة على إنشاء الخط".
وعلى الرغم من مساعيها إلى دعم أسعار المواد الغذائية المرتفعة بفضل عائدات الغاز؛ تواجه الحكومة الجزائرية ضغوطا اقتصادية، ولذلك فإنها تعلق الكثير من الآمال على الانتهاء من إنشاء هذا الخط.
وفي هذا السياق، قالت هاجر علي إن تبون يحاول تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد، لكن "التدخل في النيجر قد يعيق تحقيق هذا الهدف. وهذا ليس بالضرورة أفضل سيناريو سياسي قد يواجه تبون؛ خاصة مع قرب إجراء الانتخابات الرئاسية عام 2024".
كيرستن كنيب/ م. ع
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: النيجر الرئيس محمد بازوم الانقلاب العسكري في النيجر التهديد بالتدخل العسكري في النيجر الانقلابات في منطقة الساحل أخبار النيجر الجزائر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون النيجر الرئيس محمد بازوم الانقلاب العسكري في النيجر التهديد بالتدخل العسكري في النيجر الانقلابات في منطقة الساحل أخبار النيجر الجزائر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الانقلاب فی النیجر فی منطقة الساحل المجلس العسکری أن الجزائر أی تدخل
إقرأ أيضاً:
رفيق شلغوم يكتب: دولة ناشئة.. أهداف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الواضحة
تابعت خطاب السيد رئيس الجمهورية الجزائر ي عبد المجيد تبون الذي وجهه للأمة عبر البرلمان بغرفتيه الأحد بقصر المؤتمرات بنادي الصنوبر بالجزائر العاصمة.
ويأتي خطاب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في ظل نهاية سنة تميزت بتحولات استراتيجية ستظهر نتائجها في قادم السنوات، ستحللها الأجيال القادمة ليس في الجزائر والمنطقة العربية والإسلامية فحسب بل في العالم.
تميز خطاب الرئيس تبون، بالشمول، الشرح والتفصيل، بعدما مس السياسات الأربع ( 4 ) التالية:
1 ـ السياسة الاجتماعية: ولا يستطيع حتى خصوم الرئيس تبون التشكيك في الانجازات الكبيرة التي تحققت منذ وصوله سدة الحكم إلى اليوم.
من منحة البطالة الغير مسبوقة بقارة إفريقيا بأكملها إلى رفع الغبن على المناطق النائية إلى الزيادات التي مست الأجور والمنح لمختلف شرائح المجتمع وصولا للإنجازات التي تحققت في قطاع السكن.
2 ـ السياسية الداخلية: وأهم نقطة فيها تأكيده على تنظيم “حوار وطني”.
لكن الرئيس الجزائري حدد ضوابطه، وأهمها أن يكون الحوار دون غوغاء وابتزاز وفي ذلك رسالة واضحة لتجار المناسبات السياسية بالبلاد وخارجها.
3 ـ السياسية الاقتصادية: شرح الرئيس تبون المكتسبات الاقتصادية التي تحققت والأخرى التي ينوي تحقيقها والتي ستمكن الجزائر من أن تكون مع الدول الناشئة حسب ما أكده الرئيس.
4 ـ السياسية الخارجية: وخص فيها فرنسا تحديدا بالرسائل المطلوبة وجدد دعم الجزائر للقضيتين الفلسطينية والصحراوية.
كما بعث الرئيس تبون برسالة واضحة لأبناء الجالية الجزائرية بالخارج، تحمل بين طياتها الاستشراف والنصيحة.
لن أعود لمحتوى خطاب الرئيس لأنه متوفر في جميع وسائل الإعلام خاصة منها الجزائرية.
لكني أقول بأن الإنجازات التي تحققت في قطاع الطاقة بالجزائر على سبيل المثال، والتي عددها الرئيس في خطابه ومنها (التوقف عن استيراد البنزين سنة 2021، وبالتالي أصبحت تنتجه بكل أنواعه وبسواعد جزائرية وكذلك إكتفاء الجزائر من الطاقة الكهربائية ولديها فائض ب 12 ألف ميغاواظ للتصدير) تفتح الشهية لتحقيق منجزات أخرى في ذات القطاع وفي قطاعات أخرى.
والشرط الأساسي هو توفر الكفاءة وتطبيق قاعدة الرجل المناسب في المكان المناسب.
قد يسأل البعض ويقول لماذا إخترت هذا المثال؟
والسبب واضح وهو التجسيد الميداني لما سبق وأن وعد الرئيس تبون بانجازه.
وسمعت بأذني تشكيك الكثير والكثير في هذه المشاريع التي نراها بأعيننا اليوم.
نعم نراها في “الميدان“ولا نقرأ عليها في”الورق”.
هناك فرق شاسعا بين “تسجيل” المشروع في الورق وبين “تجسيد” المشروع في الميدان، وفي مدة زمنية معينة ومحددة، وهو حال محطات تحلية البحر الخمسة (5) التي ستدخل حيز الخدمة خلال شهر رمضان الفضيل لعام 2025.
نعم هذه مشاريع نفتخر بها.
من يستطيع أن يوقف إستيراد البنزين وينجز 5 محطات لتحلية مياه البحر في هذه المدة الزمنية القصيرة، يمكنه أن يحقق الاكتفاء الذاتي في القمح اللين سنة 2029، كما تحقق من القمح الصلب هذا العام.
والمسألة مسألة إرادة ومسألة الرجل المناسب في المكان المناسب وفقط أو هكذا أثبت الميدان.
أعتقد بأن ما حققه الوزير عرقاب، في قطاعي الطاقة والمناجم، وما حققه الوزير “بلعريبي” في قطاع السكن، وما يتجه تدريجيا الوزير “شرفة” لتحقيقه في قطاع الفلاحة (حسب المؤشرات الأولية) يؤكد نجاح هذه القاعدة.
وجب التنويه هنا أيضا للإنجازات الغير مسبوقة في قطاع التعليم العالي والتي لها علاقة بالمؤسسات الناشئة التي أصبحت تعرف طريقها بالجزائر وبثبات.
وأنا أكتب هذا المقال دشن وزير القطاع البرفيسور “كمال بداري” أول مصنع لتصميم الشرائح الإلكترونية بمركز تنمية التكنولوجيات بالعاصمة الجزائرية.
كما تم تحويل 10 براءات اختراع إلى منتوجات قابلة للتصنيع والتسويق، ومن دون شك فإن استغلال هذه الإبتكارات وأخرى صناعيا وتجاريا تعزز من دور الجامعة الجزائرية وتساهم في جعلها عاملا رئيسيا في نمو الإقتصاد المبتكر.
قطاع الصناعة وحده الواضح أنه”المجروج”، والرئيس قال بأنه تم وضع الأصبع على الجرح.
ومن المؤكد بأنه في حال وجود الرجال المناسبين في الأمكنة المناسبة يستطيع القطاع “المجروج” معالجة جرحه واللحاق بكل عافية بعدد من القطاعات التي هي في صحة جيدة، وتعيش طفرة ملموسة و“ميدانية” وليست ”مسجلة” وفقط.
هذه هي الخلاصة التي توصلت لها من خلال حديثي مع عدد من الفاعلين بالقطاع.
بالنسبة للسياسية الخارجية الجزائرية، الرئيس تبون، قال ما يجب أن يقال سواء لبوعلام “صنصال” أو” فرنسا” أو فيما يخص القضيتين الفلسطينية والصحراوية أما باقي الملفات، فلكل مقام مقال.
نعم الانجازات الميدانية الواضحة التي تحققت بعدد من القطاعات وفي وقت وجيز تجعلنا نأمل في الأفضل، وأن نكون ضمن الدول “الناشئة”، لكن هذا من دون شك يتطلب إنخراطا أكبر لوزارة الصناعة وهو ما نأمله مع الوزير الجديد، ابن القطاع الدكتور ”سيفي غريب”، وخاصة إنخراط الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار التي حسب مديرها “عمر ركاش” شرعت في تجسيد المرحلة الثانية من الإصلاحات وذلك بعد أوامر الرئيس، والتي تتعلق بشكل خاص بالرفع من نجاعة الشباك الوحيد وتحسين توزيع الأوعية العقارية، من خلال وضع شباك وحيد فعلي يلقى فيه المستثمر جميع الخدمات في مكان واحد دون أن يضطر للتنقل إلى مختلف الإدارات.
ما اتمناه كمتابع للشأن الجزائري، أن أرى مدير الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار وهو يزور مشاريع جسدت في الميدان (ولما لا تكون رفقة الوزير التابع لقطاعه الاستثمار) وذلك حتى ينزع عمر ركاش بدلة “تسجيل المشاريع” ويرتدي بدلة ”إنجاز المشاريع”، لأن الفرق واضحا وشاسعا بين البدلة الأولى والبدلة الثانية من حيث النتيجة وبالتالي القيمة.
الرجل المناسب في المكان المناسب ضرورة فرضتها أهداف ”الجزائر الناشئة” لتنفيذ برنامج الرئيس، وهو ما ظهر جليا في عدد من القطاعات التي أصبحنا نفتخر بها وبإنجازاتها الميدانية.
الجزائر الناشئة ليست حلم ولا هدف الرئيس تبون لوحده، بل حلم وهدف كل جزائري حر يعتبر نفسه ابن الشيخ أماود، بن بولعيد، الحواس، لطفي، عميروش، وابن كل شهداء هذه البلاد الذي دفعت 5 ملايين و530 ألف شهيد خلال 132 سنة من الاحتلال الفرنسي المجرم.
خطاب الرئيس، البارحة للأمانة كان في المستوى العالي، سواء من حيث الشكل أو المضمون، والمطلوب الآن ضرورة امتلاك الجزائر آلة إعلامية وطنية قوية تسوق كما يجب للإنجازات الغير مسبوقة الموجودة في الميدان، وتضع أصبعها على الجرح لمعالجته، دون أن تزيد من حجمه أو تتركه ينزف، لأن مهنيتها ووطنيتها تمنعها ذلك.
للأسف في الكثير من الأحيان نحن نخاطب في أنفسنا بالجزائر، رغم إجتهادات البعض منا من أهل القطاع.
لن أنسى أبدا عندما تلقيت دعوة من الرئاسة الأذربيجانية العام الفارط لحضور ندوة عالمية خصصت للإعلام الإلكتروني، ألتقيت قامات إعلامية عربية وإسلامية وعالمية محترمة، وجدتها تقريبا وللأسف عند حديثي مع عدد منها أنها لا تعرف شيئا عن منحة البطالة التي أقرها الرئيس تبون بالجزائر، بل الطامة الكبرى، أنها لا تعرف ولم تسمع من قبل على الجامع الأعظم بالجزائر.
في تلك اللحظة إقتنعت بأننا بحاجة لإعلام جزائري يخاطب العالم، بقدر حاجتنا لإعلام يصنع الرأي العام الوطني ويؤثر في الداخل، لأن “الجزائر الناشئة” يلزمها إعلام وطني قوي ومؤثر داخليا وخارجيا.