تحية للروائي موسى العلي والباحث محمد قجة… ندوة في مهرجان أم الربيعين بصافيتا
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
طرطوس-سانا
احتضن المركز الثقافي في صافيتا اليوم فعاليات ثاني أيام مهرجان أم الربيعين الثقافي الرابع والعشرين بعنوان “تحية للروائي موسى العلي والباحث الموسوعي محمد قجة” والذي يعتبر إحياء لرحيل الكاتب الصحفي إبراهيم عبد الهادي.
وتضمنت فعاليات المهرجان ندوة تحية للروائي موسى العلي والباحث الموسوعي محمد قجة وفقرة موسيقية متنوعة شارك بها الفنان يوسف عبدو واليافع زيوس ميهوب على ألة الكمان.
وعرض فيديو عن الروائي الراحل العلي تضمّنَ أهم المحطات التي عاشها والمناصب واللقاءات خلال مسيرته حياته.
وأوضح الكاتب والإعلامي علام عبد الهادي لمراسلة سانا أهمية المسيرة الأدبية للروائي الراحل موسى العلي وتحدث عن جوانب شخصيته الإبداعية والوطنية الفكرية المهمة التي أثرى بها الحياة الثقافية مضيفاً قيماً جديدة للرواية السورية، مؤكداً أنه برز كقائد وخبير وحكيم تماهت قضاياه وهمومه مع قضايا الوطن.
أما الشاعر سامر كحل من محافظة السويداء فبين أن الجوانب الإنسانية والحياتية المتشعبة والمتنوعة التي عاشها الروائي موسى العلي صقلت من شخصيته الروائية والتي تجسدت من خلال نتاج خمس روايات، لافتاً إلى أن الروائي يجسد الجانب الإنساني الحقيقي تاركاً بصمة مميزة في مجال اللغة بطريقة استثنائية.
أما الأديبة سعاد مكارم فتحدثت عن أهم أعمال العلي الروائية والأدبية والمواضيع التي تناولها كل عمل له، ولغته الروائية التي كان يكتب بها أعماله وحسّه الإنساني الواضح في الروايات، كما استعرضت أعماله الخمس (عشق الشرق) و(أرض السهل) و(الانتزاع) و(حي الشير) و(رؤى الطاهر).
ابنة الفقيد الإعلامية ناهد العلي قامت بتوزيع بعض إصدارات الروائي موسى العلي هدية للحضور، حيث أشارت أن أسلوب الروائي تميز بعمق الثقافة والفكر والأدب ومتانة الأسلوب ورشاقته، متناولاً مختلف الجوانب الاجتماعية والوطنية والسياسية من خلال الحبكة الروائية.
الشاعر علي سليمان والأديبة ألوان عبد الهادي قدما إضاءة عن الباحث الراحل محمد قجة من على نشأته ومسيرته العلمية وحياته العملية والتذكير بأهم أعماله الأدبية والروائية والمناصب التي شغلها خلال مسيرة حياته.
هيبه سليمان
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: محمد قجة
إقرأ أيضاً:
شريفة التّوبية تختتم ملحمتها الروائيّة البيرق بـ هبوب الريح
"العُمانية": بينما يحضر التاريخ بوصفه عنصراً رئيساً في مجمل أعمال الروائيّة العُمانية شريفة التّوبية، فإنه يتجلّى بأسلوبٍ ملحميّ أخّاذ، باسطاً بين يدي القارئ كنزاً من الحكايات التراثيّة وقد أُعيد تشكيلها وبثّ الروح فيها من جديد، وذلك في روايتها الجديدة "هبوب الريح"، وهي الجزء الثالث والأخير من ثلاثيةٍ جاء جزؤها الأول بعنوان "حارة الوادي" (2021)، والثاني بعنوان "سُراة الجبل" (2022).
تسبر التّوبية في روايتها الجديدة أغوار السرد الشفاهي العُمانيّ، وتبحث في دهاليزه وعوالمه عن حكايات توائم الأفكار التي تريد مشاركتها مع القارئ، فتشتغل عليها، وتكتب حكايتها الخاصة والجديدة، مقدمة نموذجاً متميزاً في اشتباك الروائي المعاصر مع التاريخ والموروث الشفاهي.
في روايتها التي صدرت عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن، وجاءت في حوالي 600 صفحة، تعود التّوبية إلى تلك الحكايات التي كان يحدّثها جدّها فيها عن ذلك التاريخ القديم قبل النهضة المباركة (1970) على يد المغفور له جلالة السُّلطان قابوس بن سعيد، إذ انتبهت إلى أن في تلك الحكايات ما لم تقرأه في كتب التاريخ عن تلك المرحلة الزمنية بالذات، وكانت في حاجة لقراءة أخرى لذلك التاريخ، ورؤية وجه آخر للحكاية، بحسب ما تقول في أحد حواراتها.
وتضيف كاشفةً على تلك الروح التي كانت تسكنها قبيل شروعها بكتابة ملحمتها: "حينما كتبت ثلاثية (البيرق)، كنت أكتب الكتاب الذي تمنيت قراءته، فأعدت تشكيل الحكايات التي سمعتها من جدي ومن والدي ورفاق والدي بما يتناسب مع أعراف كتابة الرواية. أردت أن أخلق عالـماً جديداً مؤثّثاً بتلك الأحداث التي أستطيع القول إنها مغيّبة، وعُمان، كبلد عريق، كل زاوية فيه وكل درب وكل سهل وجبل ملهم للكتابة، في عُمان وراء كل حجر حكاية، فقط كانت تنتظر مَن يكشف عنها ويعيد كتابتها".
وتقدِّم التّوبية عبر ملحمتها السردية، بأجزائها الثلاثة، مرحلة مهمَّة من تاريخ عُمان السياسي والاجتماعي، وتعرض فيها المسار التاريخي لانتقال عُمان من حكم الإمامة الديني إلى حكم السلطنة، وما شهده ذلك الانتقال من أحداث وصراعات دامية، رافقتها تحولات سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية مهمّة تركت أثرها العميق في المجتمع العُماني.
وتصوّر في الجزء الأول مقاومةَ سكّان حارة الوادي للوجود البريطاني الذي كان يفرض سيطرته على البلاد، في خمسينيات القرن الفائت، ومناصرتَهم لحكم الإمام، في صراع غير متكافئ، تمخّضت عنه معاناة قاسية لأهل الوادي. ولأن هذه الحكاية لم تُذكر في كتب التاريخ، فقد نسجت الروائية خيوطها في خيالها، وقدمت أبطالها برؤية سردية أضاءت المناطق المعتمة في الحكاية، مازجةً الواقع بالخيال الفني الذي يحقق للقارئ متعته.
وفي الجزء نفسه قدمت وصفاً لطبيعة الحياة الشعبية وتفاصيل العلاقات الاجتماعية بين الناس، فنقرأ في أحد المقاطع: "يطيب لرجال الحارة الذهاب إلى السوق، ليس للشراء فقط، وإنما للجلوس وتبادل الأحاديث على مصطبة طويلة مبنيّة بمحاذاة الجدار الذي يفصل ضاحية مرهون عن السوق. توقّع حمدان أنّه لن يعثر على السمك طازجاً، لكنّه سيبحث، وماذا سيضرّه أن يبحث، فخديجة تريد سمكاً، فكان كلّما مرّ على دكّان من الدكاكين يضحكون على طلبه الذي أتى في غير وقته".
كما رصدت في الجزء الثاني أحداث الفترة التي سمَّاها المؤرخون "حرب الجبل"، والتي دارت في المرحلة الزمنية 1956-1959. إذ تقوم حبكة هذا الجزء على وقع تلك الحرب، بكل ما دفعه البسطاء من ثمن وتضحية.
وفي هذا الجزء تنكشف بعض الحقائق المتعلقة بـ "ناصر بن حمد"؛ الرجل الشجاع صاحب الشخصية الغامضة، الذي يشكّل لغزاً في حياته وفي موته أيضاً، وتنكشف مجموعة من الحقائق الأخرى من خلال تفاصيل السرد الذي تدور أحداثه في سجن القلعة والجبل الأشمّ وحارة الوادي. ويلتقي القارئ في الجزء الثاني بشخصيات جديدة ومؤثّرة عاشت تلك الفترة العصيبة وكانت وقوداً لنار الحرب المستعرة فيها.
كما تُبرز الأحداث دور المرأة في تلك الفترة عبر شخصية "عويدة"، أرملة "ناصر" التي تجد نفسَها وحيدةً تصارع أقدارها وأحزانها بعد مقتل زوجها وموت خادمتها وزوجة ابنها، فتتخذ قرارات شجاعة يكون لها أثرها الإيجابي في حياة أحفادها.
وتستكمل التّوبية في الجزء الأخير من "البيرق"، الذي اختارت له عنوان "هَبوب الرِّيح" أحداثَ هذا المسار التاريخي الذي شهد ولادة مقاومة وطنية ذات توجهات قومية وماركسية، وهي مواجهة انتهت أيضاً إلى الهزيمة والنكوص لأسباب تتعلق باختلال موازين القوى بين الطرفين. فقد بدت الحركة الوطنية وكأنها تحمل مزيجاً أيديولوجيًّا أُملِيَ من الخارج ولم تُنتجه خصوصية الواقع الاجتماعي والثقافي العُماني.
كما اعتنت في روايتها الجديدة بالجانب الاجتماعي، والمرأة، والعائلة، بزوجة السجين أو المناضل وأمه، في النصف الثاني من عمر القرن الماضي، وقد سلّطت الضوء على المشاعر الداخلية التي يعيشها ذلك الإنسان الفقير الذي تغرّب في بقاع الأرض، باحثاً عن لقمة العيش وعن التعليم، وتفاجأ أن الحياة خارج الحدود لا تشبه تلك التي في داخل الحدود.
وتحكي الرواية عن ذلك الإنسان الحالم بالتغيير في مرحلة زمنية كانت تعج بالأفكار الثورية التي سيطرت على مختلف أنحاء العالم، في مرحلة صعبة عاشها المجتمع العُماني، مرحلة لاقى فيها الفكر الشيوعي لدى الشباب العربي والخليجي بعض القبول في تلك الفترة، وكان من السهل انسياق هؤلاء الشباب المغتربين لهذه الأفكار الجديدة.
وتبدأ الأحداث مع الشخصية الرئيسة "حمود" الذي يُبتَعث إلى مصر للدراسة، ومن مصر التي فتنته كما لم يفتنه شيء آخر قبلَها في فنّها وثقافتها وأفكارها ورئيسها (عبد الناصر) الذي كان يقود حركة التغيير في الوطن العربي منادياً بالقومية والحريّة، وجد البطل نفسه يرتدي "قبّعة ماركس"، ويغير طريقه الذي كان يسير فيه إلى طريق آخر بعد أن يلتقي مع "أحمد سهيل" الذي فتح أمامه أبواباً أخرى للخروج من عالمه الضيق، فسلك "حمود" دروباً لم يتوقع يوماً أن يسير فيها.
كما تعاين الرواية الدروب التي سلكها "حمود" في شبابه، ومصيره الذي آل إليه، وحال "نفافة"؛ عروسه التي انتظرته طويلاً في "حارة الوادي"، وترصد الرواية التي صممت غلافَها الفنانة بدور الريامية، الأسباب التي دفعت ثلة من الشباب للانضمام إلى ما يمكن دعوته "الفكر الجديد"، والتي كانت نابعة من حلمهم بالتغيير، فضلاً عن أن لكلٍّ منهم أسبابه الخاصة به. كما أوجدت الكاتبة في هذا الجزء شخصيات جديدة؛ مثل: "أحمد سهيل"، و "عبد السلام"، و "أبو سعاد"، و "باسمة"، و "طفول" الثائرة في وجه العادات والتقاليد والأعراف والرافضة للاستغلال والتهميش.
وهنا يجد المتلقي نفسه يخوض في "هبوب الريح" وتفاصيل الأحداث المفصلية كما خاضها الأبطال مع مجتمعهم وعائلاتهم وأنفسهم، وسيعيش أحداث تلك المرحلة من تاريخ عُمان، وسيعثر على إجابات لأسئلة حول مصائر الشخصيات التي التقاها في الجزأين الأول (حارة الوادي) والثاني (سراة الجبل)، وسيندغم في اللحظات الحاسمة والفارقة في حياتهم حينما يقفون أمام خيارهم الأخير وهم يسمعون المغفور له بإذن الله السُّلطان قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه- يقول: "عفا الله عمّا سلف"، ويخاطبهم: "إني أعدكم؛ أول ما أفرضه على نفسي أن أبدأ بأسرع ما يمكن أن أجعل الحكومة عصرية... سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل أفضل".