كيف تطورت المقاومة في شمال الضفة الغربية؟
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
الثورة / وكالات
في اجتياح عسكري هو الأضخم منذ عام 2002، تُظهر مجموعات المقاومة تطور في المواجهة يزداد وقعه يوماً بعد يوم منذ منتصف عام 2021، فمن عمليات إطلاق النار التي استهدفت الحواجز إلى عمليات التصدي لاقتحامات جيش الاحتلال بالاشتباكات المسلحة وصولاً إلى رحلة تطوير العبوات الناسفة ونصب الكمائن، بات جيش الاحتلال يواجه صعوبةً في مواجهة المقاومة هناك، فضلاً عن تصاعد الهجمة الاستيطانية على الفلسطينيين والتي باتت تفرض وجود حاجة للمقاومة الشعبية.
بدأت مجموعات المقاومة في العمل في محافظة جنين ثم توسعت مساحة العمل المقاوم إلى محافظاتٍ أخرى في شمال الضفة وهو ما اعتبره الاحتلال خطراً استراتيجياً يؤرق مشروعه الاستيطاني في الضفة، تعكس هذه المرحلة تطوراً تدريجياً نسلط الضوء عليه في هذا التقرير.
سيف القدس ونفض الغبار
كانت معركة سيف القدس التي اندلعت في مايو 2021 إيذاناً بمرحلة جديدة في الضفة المحتلة في حين تصدرت مدينة جنين هذه المرحلة عندما أسس الشهيد جميل العموري “كتيبة جنين” وشرع بتنفيذ عمليات إطلاق نار تستهدف قوات الاحتلال المقتحمة لمحافظة جنين، وحواجز الاحتلال، ما شكل حالة نفضِ للغبار عن واقع الضفة الذي اتسم بالركود النسبي.
ارتكزت كتيبة جنين في بداية إنطلاقها على عمليات إطلاق نار استهدفت حاجزي الجلمة ودوتان قرب المدينة، وبعد استشهاد المؤسس جميل العموري باتت الكتيبة تعمل على تطبيق حالة “إرباك ليلي” من خلال إلقاء عبوات بدائية الصنع “أكواع” على الحواجز، مع ازدياد حدة الاشتباكات عند كل اقتحام لجيش الاحتلال، واستمرت هذه الحالة حتى عام 2022 تصاعد معها العمليات الفردية، وإنشاء مجموعات مقاومة في مدينة نابلس ومخيم بلاطة على ذات نسق كتيبة جنين.
سياسة الاغتيالات قابلها تطور الأدوات
أطلق جيش الاحتلال عمليات اغتيال استهدفت المقاومين في جنين ونابلس، عن طريق الوحدات الخاصة التي كان يتم اكتشافها بالغالب ومواجهتها بالرصاص، وعلى الرغم من تكثيف الاغتيالات، لم تنجح هذه السياسة بإنهاء الظاهرة بل شكلت حافزاً بزيادة أعداد المقاومين والسعي لتطوير العبوات الناسفة.
وتطورت هذه العبوات الصغيرة إلى عبوات أكبر حجماً تُزرع في طريق آليات الاحتلال وتنفجر بها، بالتزامن مع ذلك اتسعت رقعة العمل المقاوم لتشمل مدينة طولكرم ومخيماتها، في حين نُفذت عدة عمليات إطلاق نار استهدفت المستوطنات في شمال الضفة.
وتناقلت مجموعات المقاومة خبرة التصنيع العسكري لتنتشر في مخيمات بلاطة شرق نابلس ومخيمي طولكرم ونور شمس في محافظة طولكرم، وأصبحت آليات الاحتلال تواجه صعوبةً في اقتحام أزقة هذه المخيمات، حيث يتم إعطاب الجيبات العسكرية بفعل هذه العبوات، فبات تحرك جيش الاحتلال في هذه المناطق أكثر صعوبة وتكلفة مادية.
عبوات مُدمرة وكمائن مُحكمة
في أحد اقتحامات مدينة جنين وتحديداً في 19 يونيو 2023، كانت مصفحة “النمر” العسكرية تسير بجبروتها على أطراف مخيم جنين، وسرعان ما استُهدفت بانفجارٍ ضخم حرفها عن مسارها وتطايرت أجزاء منها جراء مرورها فوق عبوة ناسفة ضخمة زُرعت في باطن الأرض، فأصيب 6 جنود بداخلها ولحق بها أضرار جسيمة، كانت هذه العملية الحدث الذي أظهر ثِقل العبوات الناسفة وجدواها في تدمير أعتى الآليات المصفحة، وعن حجم إمكانيات المجموعات المقاومة في شمال الضفة الغربية، بفرض عوائق لا يستطيع جيش الاحتلال اجتيازها في عملياته العسكرية في الضفة الغربية، إذ أصبح لا يمر اقتحام لمدينة جنين أو طولكرم إلا ويصطحب جيش الاحتلال الجرافات التي تحفر الشوارع وتدمرها لتأمين جيبات الاحتلال من العبوات الناسفة.
أظهرت هذه العملية وغيرها في عدة مناطق، عن تطور أساليب المقاومة واتساع بؤرها، فيما استطاعت عبوات المقاومة التغلب على جرافات الاحتلال العسكرية وناقلات جنده المصفحة، حيث وثقت مشاهد مصورة العديد من هذه العمليات تضمنت اشتعال النيران في جرافات الاحتلال وآلياته وإعطابها على الفور.
فيما نجحت هذه العبوات بإلحاق الخسائر في صفوف جنود الاحتلال، حيث اعترفت وسائل إعلام عبرية بمقتل مجندة إسرائيلية وإصابة عدة جنود، بعد استهداف جيب عسكري كان يقلهم، بعبوة ناسفة ضخمة أثناء اقتحام مدينة جنين في يناير 2024، تبعه عدة أخبار عن إصابات في صفوف الجنود أثناء اقتحامات مخيمات نور شمس وطولكرم وبلاطة، إضافة للكمين النوعي الذي استهدف جيش الاحتلال بسهل مرج ابن عامر قرب جنين حيث قتل ضابط في جيش الاحتلال وأصيب 17 جندياً في تفجير عبوتين ناسفتين أثناء اقتحام المدينة.
في حين نجحت المقاومة في مخيمي طولكرم ونور شمس بإيقاع جيش الاحتلال في كمائن قاتلة خلال الاقتحامات المتتالية لها.
جبهة الضفة واستنزاف جيش الاحتلال
بعد اندلاع معركة طوفان الأقصى تبنت حكومة الاحتلال استراتيجية حسم الصراع بدلاً من إدارته، في حين روج وزراء الاحتلال عدة مرات إلى الخطورة التي باتت تشكلها مجموعات المقاومة في الضفة على المشروع الاستيطاني خاصة في شمال الضفة، مع فقدان الأمن لدى المستوطنين مع تكثيف عمليات المقاومة هناك، وقد تجلى ذلك بوضوح في عدة تصريحات لوزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش التي دعا بها لتطبيق ما يجري في قطاع غزة من حرب إبادة إلى مدن شمال الضفة.
ومع تكرار الاقتحامات لشمال الضفة واتساع نشاط المقاومة بها مع تطور وسائل المقاومة وإدارتها للقتال، باتت هذه الاقتحامات تُشكل استنزافاً إضافياً لجيش الاحتلال بالتزامن مع استمرار القتال في قطاع غزة والجبهة الشمالية ضد حزب الله.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
عمرو خليل: إسرائيل تشعل الأوضاع في الضفة الغربية لإرضاء اليمين المتطرف
قال الإعلامي عمرو خليل، إنّ الاحتلال الإسرائيلي يواصل جرائمه في مناطق متفرقة في الضفة الغربية تشمل جنين وطولكرم ونابلس وغيرها، بفعل رغبة الحكومة اليمينية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو في فتح ساحة جديدة للصراع في المنطقة، مواصلا: "ويشن الجيش الإسرائيلي هجوما واسعا في شمال الضفة الغربية منذ 21 يناير الماضي، أطلق عليه اسم عملية الجدار الحديدي، وسط حملة واسعة من القتل والاعتقالات للأطفال والنساء".
وأضاف خليل، مقدم برنامج "من مصر"، عبر قناة "القاهرة الإخبارية": "وتستهدف العمليات الإسرائيلية مخيمات اللاجئين تحديدا في الضفة الغربية، حيث تم إجلاء نحو 40 ألف فلسطيني من 3 مخيمات وأصبحت الآن خالية تماما من السكان، ووفقا لوزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، من المقرر أن يبقى جيش الاحتلال لفترة طويلة في هذه المخيمات و"لن يتم السماح لسكان المخيمات بالعودة إليها".
وتابع: "أما الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد أعلن أن عدد شهداء الضفة الغربية منذ أحداث السابع من أكتوبر وصل إلى ما يقرب من ألف شهيد بينهم 180 طفلًا على الأقل، هذا بخلاف اعتقال مئات الفلسطينيين المدنيين، وبهتافات: "إما أن ترحلوا أو نحرقكم".. يواصل المستوطنون الإسرائيليون الاعتداء على ممتلكات الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث ينظم عشرات المستوطنين هجمات متواصلة على قرى مختلفة بهدف ترويع الفلسطينيين المدنيين".
وأردف: "من جانبها قالت منظمة الصحة العالمية إنها وثقت 54 اعتداءً على المرافق الصحية في الضفة الغربية منذ يناير الماضي؛ ما أسفر عن استشهاد 4 فلسطينيين وإصابة 9 آخرين، ووفقا لوسائل الإعلام الإسرائيلية، فقد تزايدات الاعتداءات التي ينفذها المستوطنون بحق الفلسطينيين، بنسبة 30% خلال العام الحالي، حيث تم توثيق نحو 139 اعتداء، وسط توقعات بأن تتجاوز الاعتداءات حاجز 800 حالة بحلول نهاية العام إذا استمرت على هذا النسق".
وأكمل: "فيما وصفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الأوضاع في الضفة الغربية بـ"البرميل المتفجر"، حيث حذرت من خطورة العمليات العسكرية في شمال الضفة الغربية، خاصة مع تزايد حوادث إطلاق النار وعمليات التفجير التي كان آخرها واقعة تفجير الحافلات في مدينتي بات يام وحولون، جنوب تل أبيب خلال شهر فبراير الماضي".
وأوضح: "في ظل هذه التطورات المتسارعة، عبَّرت جهات دولية، من بينها الأمم المتحدة وحكومات أوروبية مثل فرنسا وألمانيا، عن قلقها المتزايد وإدانتها لتصاعد العمليات العسكرية والاعتداءات في الضفة الغربية، داعية إلى ضبط النفس وتجنب مزيد من التدهور في الأوضاع الأمنية".
إسرائيل تشعل الأوضاعوأتم: "بلا سبب وبلا أهداف سوى إرضاء مخططات اليمين المتطرف.. إسرائيل تشعل الأوضاع في الضفة الغربية، وسط جرائم وانتهاكات لكل الاتفاقات والمواثيق الدولية".