في وقت يعيش فيه العالم، خصوصًا إقليمنا العربي، أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية متشابكة، يظهر بين الحين والآخر من يُصدر فتاوى تتعلق بمسائل هامشية وغير هامة، مما يثير جدلًا واسعًا ويُشغل الرأي العام بقضايا ثانوية لا تمس جوهر التحديات الكبرى التي تواجه الأمة. من بين هذه الفتاوى تلك التي تُحرم تربية القطط، وهي فتوى أثارت الكثير من التساؤلات والانتقادات.

يطرح هذا الموضوع تساؤلًا كبيرًا حول مفهوم "فقه الأولويات"، وهو المفهوم الذي يُعنى بترتيب الأولويات في الفقه الإسلامي بما يتناسب مع احتياجات الناس والمجتمع وظروف الزمان والمكان. في ظل الأوضاع الراهنة التي تتطلب توجيه الجهود نحو قضايا كبرى مثل مواجهة الفقر، والبطالة، والجهل، والإرهاب، يُصبح من الضروري أن يوجه العلماء والدعاة تركيزهم نحو القضايا التي تعالج هذه المشكلات الجوهرية وتُسهم في تقدم المجتمع واستقراره.

إن التحدث عن تحريم تربية القطط في هذا السياق يُعتبر إهدارًا للوقت والجهد، وتشتيتًا لانتباه الناس عن القضايا الأكثر أهمية وإلحاحًا. فقد أصبحت هذه الفتاوى تثير الشكوك حول دور بعض الفقهاء في قيادة المجتمعات نحو النهوض والتطور، بل وتحولت إلى مواضيع مثيرة للسخرية لدى البعض، الذين يرون فيها انفصالًا عن الواقع وابتعادًا عن جوهر الدين الإسلامي الذي يدعو إلى العدالة والإحسان والتعامل مع المخلوقات برفق.

إن "فقه الأولويات" يجب أن يكون المنهج الذي يتبعه العلماء في توجيه الناس، فالأولويات اليوم تتمثل في توحيد الصفوف، والتصدي للأزمات التي تعصف بالأمة، والعمل على تعزيز القيم الإسلامية التي تدفع بالمجتمع نحو التقدم والرقي. الفتاوى التي تثير الجدل حول مسائل تافهة يجب أن تكون آخر ما يشغل العلماء، لأن مثل هذه الفتاوى قد تسهم في إشاعة الفتنة والفوضى، وتُشغل الناس عن القضايا المصيرية.

في الختام، يتطلب الوضع الراهن من العلماء والدعاة أن يُركزوا على ما ينفع الأمة ويُسهم في علاج مشكلاتها الحقيقية، وألا يتورطوا في إصدار فتاوى حول مسائل جانبية لا طائل منها. ففقه الأولويات هو مفتاح النهوض بالمجتمعات، وعلى الجميع أن يدرك ذلك ويسير في هذا الطريق.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: مصطفى ثابت

إقرأ أيضاً:

حكم تربية الكلاب لغرض شرعي أو خلافه.. دار الإفتاء تجيب

قالت دار الإفتاء المصرية، إنه لا مانع شرعًا من امتلاك وتربية الكلاب لغرضٍ من أغراض الانتفاع التي أباحها الشرع؛ كاتخاذها للصيد، أو لحراسةِ البيت، أو للحماية من اللصوص، أو لتتبع المجرمين واقتفاء أثرهم -كما تفعل الشرطة في بعض الأحيان- وما شابه ذلك من الأمور المفيدة للفرد والمجتمع.

هل يجوز قتل الكلاب والقطط الضالة المؤذية؟.. الإفتاء توضح الحكم الشرعيبعد تحرك البرلمان.. غرامة 500 ألف جنيه بقانون تنظيم حيازة الكلاب الخطرة

واستدلت دار الإفتاء في فتوى عن حكم تربية الكلاب، بقوله تعالى:﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [المائدة: 4]، ومعنى مكلِّبين: أي معلِّمين لها الصيد، ويشمل ذلك الحيوانات ومنها الكلاب.

أَمَّا تربية الكلاب لغير غَرَض من أغراض الانتفاع التي أباحها الشرع، فالمختار للفتوى: أنَّه لا حرج فيه، بمعنى أنَّه ليس حرامًا، بل هو باب المكروه.

وتابعت: ونقصان الحسنات الذي ورد فيه حديث ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا، لَيْسَ بِكَلْبِ مَاشِيَةٍ، أَوْ ضَارِيَةٍ، نَقَصَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطَانِ»،.

وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه: «قِيرَاط»؛  فقد اختلف العلماء حول معناه أيضًا، وأقرب التأويل فيه: أَنَّ المراد بنقص الأجر هو إذا كان في اتخاذ الكلب الإيذاء والترويع للآمنين، فما عدا ذلك فجائز، ولا يُنْقِص مِن حسنات صاحبه.

مقالات مشابهة

  • روسيا.. تطوير نموذج أولي لجهاز كمبيوتر يعمل “بسرعة الضوء”
  • تربية الكلاب تنقص من أجر صاحبها في هذه الحالة.. أمين الإفتاء يكشف عنها
  • «تربية الأجيال على الأخلاق وحب الوطن» في ندوة توعوية بالبحيرة
  • حكم تربية الكلاب لغرض شرعي أو خلافه.. دار الإفتاء تجيب
  • بلال قنديل يكتب: دائما في القلب
  • محمد بن زايد: الإمارات ماضية في تعزيز نهجها الذي يضع الصحة في قمة الأولويات التنموية
  • رئيس الدولة: الإمارات ماضية في تعزيز نهجها الذي يضع الصحة في قمة الأولويات التنموية
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • نائب ينتقد إدراج القوانين الجدلية على جدول الأعمال البرلمانية
  • الزمالك خسر الدوري والكاس وخسر كمان الأخلاق.. ناقد يهاجم الزمالك بسبب محمد مصطفي