“إسماعيل” و”نوال”:حب ووفاء فوق العادة!قصة محكية(2)
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
“إسماعيل” و”نوال”:حب ووفاء فوق العادة!قصة محكية(2)
من قلم د. #ماجد_توهان_الزبيدي
خرجت نوال من بهو السجن المركزي بالخرطوم ودموع عينيها أنهارا محبوسة في مقلتيها ،بعد أن تركت قلبها هناك بين يدي إسماعيل ،واخذت تشق طريقها لمجهول مهما كان قاسيا او قاتلا إلا أنه أكثر رحمة من العودة لديارها في أم درمان بعيدة عن فؤادها القابع في غرفة السجن !
وكانت تحس أن الموت البطيء خارج السجن سيكون ممتعا مادامت تتنفس من النسيم القادم لها من شباك غرفة إسماعيل ،حلم حياتها وعنوان وجودها في هذه الدنيا القصيرة !فما فائدة الدنيا دون حبيب حنون صادق أمين ينثر على الدوام الأمن وافستقرار والطمانينة في كيانها ،فماذا تريد ألأنثى أكثر من زوج يثير فيها حب الحياة والسكون والدفىء الروحي والنوم قريرة العين فوق بساط الحاضر المطمئن ؟!
مقالات ذات صلة ويظهر الشيطان الصهيوني ليعلن هزيمته 2024/09/02خرجت نوال من السجن بعد أن أقسمت لتنتظرن شوقها الحاضر والأبدي لربع قرن قادم على مقربة من أنفاسة على حافة السجن الذي ياويه ولو ادى بها قرارها هذا لو قطنت في عريشة من أغصان أشجار وارفة الظلال من أشجار حواف النيل على بساط من حصير فوق تراب الخرطوم ،وغطاء من خرقة بالية!
وهكذا كانت النتيجة:
وضعت اليمانية الحرة صرة أغراضها على بعد امتار قليلة من حرم حافة السجن المركزي وراحت تسير على قدميها نحو حافة إلتقاء النيلين الأزرق والأبيض تجمع أغصان الشجار ذات الأوراق العريضة ثم تجمعها في حزم متجاورة كبساط ثم تنقلها اولا باول قدر تحملها لنقطة البداية او مركز عريشتها القادمة بعد سويعات قبيل غروب شمس الخرطوم لتأوي نفسها إلى أن صاح مؤذن صلاة العشاء ،فإذا بعشها قد بات يطيب فيه النوم ،بعد ان ارخى بستره من جهاته الأربع عليها من أعين المتلصصين من رجال ونساء معا ممن لا يوفرون التلصص الدائم من عيون وقحة مفتوحة على المدى ،طيلة النهار والليل،حتى على حيوانات الأرض،فباتت نوال ىمنة مطمئنة،ثم اوت لفراشها على كرتونة فوق تراب الخرطوم الرملي تسند ظهرها ،ولحاف من خرقة بالية يستر معدتها وجنباتها،ليصيح ديك الصباح ثم تصحو هي وقد بدات جموع من السودانيين والسودانيات من بلاد الشمال والجنوب تتوافد جماعات ووحدانا لزيارات ذويها القابعين في غرف السجن من سياسيين وغير سياسيين من جميع الإتجاهات والأيديوجيات الإجتماعية والدينية والسياسية التي غنضوى فيها السودانيون والسودانيات ثم وجد النشطاء منهم هنا بفضل حكمة حكم العسكر الذين اهلكوا الحرث والنسل بعد ان تمكن منهم” مرض الخنادق” وغنقلبوا على الحكم المدني وراحوا يعيثون فسادا في كل ربوع السودان الطيب الفقير والمسالم ،وهم الذين لا وظيفة لهم ،اصلا،سوى المكوث على حدود الوطن وفي خنادقه لحماية وحدة ترابه وإنسانه وليس نهب مقدراته وتعذيب أحراره!
في اليوميين التاليين ،كانت عريشة نوال قد إكتملت بعد جمع عدد كاف من كراتين سميكة عريضة، وبات لها باب من كرتونة بحجم ثلاجة ،وباتت الحرة الشريفة في مأمن من حرارة شمس الخرطوم ومن بردها ليلا ،ثم أخذت في اليوم الثالث تبيع لجموع الزائرين للسجن بعض الحاجيات الصغيرة من مواد غذائية كعلب البسكويت وربطات الخبز والمعلبات ،وحلويات شعبية وحاجيات شخصية صغيرة كالدخان والمحارم فطنت نوال لتوفيرها من سوق وسط الخرطوم بما كانت قد إدخرته من باقي مال قليل خشيت أن تنفقه سريعا فأستثمرته في تجارة بسيطة لضمان السيولة بين يديها لئلا تمدهما للناس طلبا للصدقة في ضوء غلبة الفقر على معظم شرائح الشعب الذي باتت نوال وغيرها من عامة المجتمع معا يرون أنه بات “يحرث على الديك” من شدة الفاقة والعوز، في نظام سياسي شديد الفقر في معرفة ألف باء إحتياجات المجتمعات المدنية وحقوقها، وليس لديه سوى شعارات فارغة يلهي بها الناس،وليس له من مهارة سوى إقصاء خصومه السياسيين وكرهه الشديد للواعين من غير “المسحجين”،من اهل الرأي والنقابات والعلم والمعرفة والإدارة ، نظام لا يعرف كيفية الوصول لمجلس شعب أو برلمان من مفكرين وأهل دراية وإختصاص في كل او معظم نواحي المجتمع،من خلال نظام إنتخابات عصري قائم على مبدا وحدة الوطن شماله وجنوبه ووحدة اهله من مسلمين ومسيحيين وعرب وافارقه،ومبدا القوائم المبنية على الولايات من خلال التصويت الحر السري المباشر تحت رقابة صارمة من سلطة قضائية مستقلة تماما ، بعد تشكيل حكومة وحدة وطنية متخصصة بإجراء إنتخابات تكون نزيهة تماما وتحت مراقبة وطنية وعربية وإفريقية واممية ، وممثلة لكل مناطق السودان دون أي وجود للعسكر فيها، او ،للمؤسسات الأمنية التي يجب ان تقف على الحياد وتقوم بوظيفتها الاساس في حماية السودان من خطر التشتت والفرقة ،وتمتين عرى الوحدة الوطنية ومراقبة تجاوزات اجهزة السلطة التنفيذية والقضائية ،وقطع أيدي السفلة من سارقي المال العام جهارا نهارا،وحماية حقوق السودانيين السياسية وخاصة حريات الرأي والتعبير والكف عن ملاحقة السنة الناس ومقاصد نواياهم وخنق منابر النشر ومحاصرة مؤسسات التعليم وحشوها بأزلام العسكر او الدفع بمرشحين لها وتمويل حملاتهم الإنتخابية من المال العام لمنع وصول المرشحين المستقلين واعضاء الأحزاب والنقابات الذين قلوبهم على حاضر ومستقبل الوطن.
باتت نوال الآن،على الرغم من قطع حيلها،تسترجع زمن الحب والعشق والرومنسية في جبال اليمن وغاباته ،مع إسماعيل،تدريجيا، بعد ان باتت على مقربة من تواجد راعي بيتها وقرة عينيها ،متلهفة للقاء الثاني مع إسماعيل لتخبره بكل التطورات الرهيبة التي ستدهشه من بناء العريشة وبدء تجارة زوجته البسيطة التي باتت تؤتي اكلها من خلال إقبال كثير من زائري السجن على الشراء من بسطتها او “عرزالها” البسيط الذي تقف عليه سيدة عربية حرة ،اثبتت عيانا،إن بعض حرائر العرب،إن نوت إحداهن، كانت كالرجال الأفذاذ من مذيبي الجبال وقاهري الصخور! فقررت ان تتقدم غدا في الصباح بعد التاسعة بطلب مباشر إلى مكتب مدير السجن لزيارة الغالي الذي تعيش لأجله ومن اجله !(يتبع)
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
“فليصمه”
فليصمه، جاءت بصيغة الأمر، “فل” للترغيب والحث على القيام به، الفاء سببيه أي أداء السبب للقيام بالفعل بعدها، اللام للتوجيه، يصمه فعل مضارع، أي من شهد شهر رمضان في زمن المضارع لزمه الصوم، توجيه ممن خلق، أي لا مناص من صومه، وهناك ثواب وعقاب يترتب على الممتثل والمتقاعس، طبعاً شهر أنزل فيه القرآن، أي على كل مخلوق آدمي أن يعرف أنه عندما خُلق لابد له من موجه لحركته كي لا يزيغ عن المراد من خلقه، ولذا كان القرآن هو الدستور الذي فيه التوجيهات من الموجه الله سبحانه لهذه الأمة، ولذا لاشك أن من أهمل التوجيهات سيهمل نفسه حتماً، ونظراً لعظمة القرآن الكريم كلام الله جاء في حالة زمنية عظيمة ألا وهي شهر رمضان، إذاً يجب أن يفهم هكذا، رمضان يتعظم بعظم القرآن الذي هو عظيم من عظمة العظيم قائله سبحانه قال تعالى :”لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس” صدق الله العظيم، خاشعاً أي ذليل منصاع، متصدعاً أي “متخشخش / غير متماسك”، من عظمة القرآن الذي حقق فيه خشية الله، أي خوف شديد وحيطة وحذر، سبحان الله هذا شعور من جبل فيه حجار صماء، فكيف بمخلوق من لحم ودم ؟!، لذا بما أن القرآن الكريم هو التوجيه من الموجه سبحانه، لذا فنزول هذه التوجيهات في شهر رمضان يدل على أن شهر رمضان المبارك هو أعظم توجيه وجهه الله وحث عليه في كتابه القرآن والدليل اختياره سبحانه نزول كلامه وكتابه في هذا الشهر شهر الصوم، وبذا أمر الصوم في شهر رمضان المبارك ليس بالأمر الهين اللين الذي ممكن أن يتعداه كل آدمي شهد الشهر، ومن هذا نفهم مدى أهمية الالتزام والامتثال للأمر الإلهي “فليصمه”.
يجب أن نفهم بمختصر مفيد، أنه ومازال الموجه سبحانه هو الخالق والرازق وهو المعطي والمانع والنافع والضار، إذاً أيش عاد بقى لك أيها الإنسان حتى تتذمر، وهل أمرك بيدك ؟! وهل أنت أعرف من الله “وحاشى لله” بمصلحتك وأفيد لك؟!، مجرد وساوس وكبر وغرور نفسها التي أخرجت إبليس اللعين من رحمة الله وطرد من الجنة، لذا حري بك يا ابن آدم أن تعرف أن الله هو المتحكم في ما خلق وعليك أن تخشع وتتصدع أعظم من الجبال كونك لا شيء أمام جبروت الله ومقته وغضبه “والعياذ بالله” في حال لو عصيت، معادلة صحيحة واحد اثنين لا ثالث لهما، وبذا عليك التأمل في قوله تعالى :”هل من خالق غير الله يرزقكم” صدق الله العظيم، ومن هذا نعرف أن ومازال الأمر هكذا، فعلينا السمع والطاعة، فنصوم رمضان إيماناً واحتساباً كي نظفر برحمته ورضوانه، فهو الخالق وأعلم بما خلق وما ينفعك لتنتفع وما يضرك لتبتعد، ما شاء الله التسليم لله فيه نجاة وقوة ومنعة وعنفوان ومطمئنينة ورضى، فمتى أرضاك الله فما يسخطك ومتى أعطك الله فمن يمنعك ومتى ومتى ومتى، وعلى هذا فقس أي المصلحة يا ابن آدم أنت حري بكسبها، إنها تجارة مع الله يا هذا.
رمضان المبارك عاده إلا أبتدأ، وحتماً سيمر وقته بما يحمله من أجور وخير وبركات والحصيف من قدره حق التقدير وقدر رحمة الله التي نشرت في شهر كهذا على غيره من الشهور وأتم شهره على الوجه الذي يرضي الله، لو أحد من التجار قال لك لو دفعت قيمة هذه السلعة التي هي بألف ساحسب ألفك هذا بسبعين ألفاً وأشتري ماشئت من السلع من المحل بهذا المبلغ مقابل دفعك في سلعة قيمتها الألف، ماذا سيكون موقفك أمام التاجر ؟!، أسئل نفسك أيها المؤمن هذا السؤال وستجد كم ستكون خسارتك فيما لو قصرت في شهر رمضان المبارك أو ربحك فيما لو أستغليت كل لحظة من لحظات هذا الشهر من “تزودوا فإن خير الزاد التقوى”.. شهر مبارك وكل عام وأنتم بخير.
،،ولله عاقبة الأمور،،