يمانيون:
2025-03-17@15:29:03 GMT

مخاطر القبول بحلول وسط في المرحلة الراهنة

تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT

مخاطر القبول بحلول وسط في المرحلة الراهنة

حسن نافعة

ازدادت في الآونة الأخيرة الضغوط التي تمارس على حركة حماس لحملها على تغيير موقفها من المقترحات الأمريكية الرامية إلى وقف الحرب التي يشنّها الكيان الصهيوني على قطاع غزة، منذ ما يقرب من أحد عشر شهراً، والتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها بالمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وهي مقترحات اعتمدتها الأمم المتحدة وصدر بشأنها قرار مجلس الأمن رقم 2735.


كان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد طرح في 31 /5 /2024 “خريطة طريق” استهدفت التوصل إلى الصفقة المنشودة، وتضمنت ثلاث مراحل مدة كل منها ستة أسابيع. تشتمل المرحلة الأولى على: وقف تام لإطلاق النار، انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق الآهلة بالسكان، إطلاق سراح عدد من الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في القطاع، خصوصاً النساء والشيوخ والجرحى وإعادة رفات بعض من قُتل منهم، الإفراج عن مئات الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية، عودة المدنيين الفلسطينيين إلى منازلهم، وزيادة كمية المساعدات الإنسانية إلى 660 شاحنة يومياً.
أما المرحلة الثانية فتستهدف التوصل إلى “وقف دائم للعمليات العسكرية”، وتتضمّن: تعهداً بالإفراج عن كل الأسرى الأحياء المتبقّين، بمن فيهم الجنود الرجال، وانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع أنحاء القطاع. أما المرحلة الثالثة والأخيرة فتستهدف إنهاء الصراع وتتضمن: البدء في تنفيذ خطة لإعادة إعمار القطاع “بطريقة لا تتيح إعادة تسليح حماس”، وإعادة رفات من تبقى من المحتجزين الذين لقوا حتفهم في الحرب.
لم يكتف الرئيس بايدن بطرح مقترحات تحمل اسم بلاده وحدها، وإنما سعى في الوقت نفسه لكي تحظى مقترحاته بأوسع تأييد دولي ممكن، ما يفسر حرصه على اللجوء إلى مجلس الأمن لتحويل هذه المقترحات إلى قرار صادر عن أعلى سلطة دولية مسؤولة عن حفظ السلم والأمن في العالم.
وقد تمكن مجلس الأمن في جلسته المنعقدة في10/ 6/ 2024 من التصويت بالفعل على مشروع القرار الذي تقدمت به الإدارة الأمريكية، متضمناً “خطوطاً عريضة لترتيبات يراها المجلس ضرورية لمساعدة الأطراف المُنخرطة في الحرب على غزّة في التوصّل إلى وقف تامّ لإطلاق النار”.
القرار رقم 2735 يقترح بدوره خطة من ثلاث مراحل مدة كل منها ستة أسابيع. تشمل المرحلة الأولى: الوقف التام لإطلاق النار، انسحابَ القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة كافة، إطلاقَ سراح مُحتجزين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية، خاصّة النساء والشيوخ والجرحى، تسليم رفات القتلى والإفراج عن مئات المُعتقَلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، عودة النازحين الفلسطينيين إلى منازلهم، وزيادة كمّية المساعدات الإنسانية بشكل محسوس وضمان وصولها وتوزيعها بطريقة فعّالة وعادلة على كلّ من يحتاجها.
أما المرحلة الثانية فينص القرار على أن تبدأ بوضع الاتفاق الخاصّ بالوقف الدائم لإطلاق النار، والذي يفترض أن يكون قد تم التوصل إليه إبان مفاوضات المرحلة الأولى، موضع التطبيق، وفيها تلتزم حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى بالإفراج عن الرهائن الأحياء المُتبقّين كافة، بمن فيهم الجنود الرجال، في مقابل التزام “إسرائيل” بسحب جميع قوّاتها خارج القطاع، مع التشديد على الرفض الصريح لأيّ محاولة تهدف إلى إجراء تغييرات ديمغرافية أو إقليمية في القطاع، بما في ذلك الأعمال التي من شأنها تقليص مساحته.
أما المرحلة الثالثة فتشمل: إعادة رفات جميع المُحتجزين الذين لقوا حتفهم في أثناء الحرب، والشروع في تنفيذ خطّة لإعمار قطاع غزّة، مع إعادة التشديد في الوقت نفسه على التزام مجلس الأمن الثابت برؤية حلّ الدولتَين “ضمن حدود آمنة ومُعترفٍ بها وبما يتّفق مع القانون الدولي ومع قرارات الأمم المتّحدة ذات الصلة”، وأيضاً على “أهمية توحيد قطاع غزّة مع الضفّة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية”.
تجدر الإشارة هنا إلى أن حركة حماس أعلنت موافقتها الصريحة، بالأصالة عن نفسها وبالنيابة عن بقية فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة في القطاع، على خطة بايدن وقرار مجلس الأمن، وطلبت من “الوسطاء” ترجمة “الخطوط والترتيبات العريضة” التي تضمنتهما هاتان الوثيقتان إلى خطط عمل تفصيلية تحتوي على جداول زمنية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، كما طلبت من هؤلاء الوسطاء في الوقت نفسه تقديم ضمانات أو تعهدات مكتوبة تؤكد التزام “إسرائيل” بالوفاء بما سيتم الاتفاق عليه من خطط ومن جداول زمنية محددة.
غير أن حركة حماس سرعان ما اكتشفت أن الكيان الصهيوني لم يعلن أبداً موافقته الصريحة على هاتين الوثيقتين، وأنه يعدّهما مجرد مقترحات قابلة للتفاوض، كما اكتشفت أن وفود الكيان إلى جولات المفاوضات المختلفة لم تتمتع بصلاحيات كاملة تؤهلها التوقيع على اتفاق نهائي، ومن ثم يتعين عليها العودة في كل مرة إلى نتنياهو الذي كان يضيف شروطاً جديدة، وهو ما يفسر قرار حماس بالتوقف عن الدوران في هذه الحلقة المفرغة من المفاوضات العبثية، وانتظار توصل الوسطاء بأنفسهم إلى اتفاق تفصيلي قابل للتنفيذ، وهو ما لم يحدث، ولا يتوقع أن يحدث في المستقبل المنظور.
كان يفترض أن يقوم الوسطاء بما يمليه عليهم واجبهم كوسطاء، إن كانوا كذلك حقاً، وأن يطالبوا حكومة الكيان بالإعلان أولاً عن موافقتها الصريحة على خطة بايدن وقرار مجلس الأمن، ثم الدخول بعد ذلك في مفاوضات لاحقة مع كل من حماس والكيان للاتفاق على خريطة طريق تفصيلية تقترن بها جداول زمنية تحدد التزامات كل منهما في كل من مراحلها الثلاث.
ولأن الولايات المتحدة هي الطرف الوحيد الذي يملك أدوات ضغط حقيقية تتيح له حمل الكيان الصهيوني على الانصياع لما اقترحته بنفسها واعتمده مجلس الأمن، فقد كان ينبغي لها أن تعلن بوضوح مسؤولية نتنياهو عن عدم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وبالتالي فتح الطريق أمام تهديده باحتمال فرض عقوبات أممية عليه.
غير أنها لم تفعل، ولا يتوقع منها أن تفعل لأسباب كثيرة معروفة. الأدهى من ذلك، أنها قامت بعكس ما يمليه عليها واجبها كوسيط، حين عدّت حماس المسؤولة عن عدم التوصل إلى اتفاق وطالبت الوسيطين الآخرين، مصر وقطر، بممارسة ما يستطيعان من ضغوط لحملها على تقديم تنازلات ترضي نتنياهو!
كثيرة هي الضغوط التي تتعرض لها حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة في المرحلة الراهنة. فإلى جانب ما تتعرض له من ضغوط عنيفة على طاولة المفاوضات، تتعرض في الوقت نفسه لضغوط ميدانية رهيبة. فكلما فشل نتنياهو في تحقيق انتصارات عسكرية في مواجهتها وعجز عن تحرير الرهائن بالقوة المسلحة، صبّ جام غضبه على المدنيين العزل وزادت وحشيته في ارتكاب أبشع المجازر في حقهم.
فقد وصل عدد المدنيين الذين قتلهم نتنياهو حتى الآن إلى ما يقرب من 50 ألف شهيد ووصل عدد الجرحى إلى ما يقرب من مئة ألف جريح، 60 % منهم من الأطفال والنساء، وهي نسبة مرتفعة جداً تعادل نحو 7 % من إجمالي سكان القطاع ككل.
ولا تقتصر معاناة هؤلاء السكان على القتل والإصابات الجسدية وإنما وصلت إلى حد جعل حياة من تبقى منهم على قيد الحياة شبه مستحيلة، من خلال تعمد منع الغذاء والدواء والمياه عنهم، وتدمير المدارس والمستشفيات والمخيمات وقتل الصحفيين وعمال الإغاثة وإجبار السكان على النزوح المتكرر من منازلهم، ثم مطاردتهم بالطائرات والمسيرات أثناء النزوح القسري. ويعتقد نتنياهو أنه كلما ازدادت وحشيته في ارتكاب هذا “الهولوكوست”، وهو أبشع مما تعرض له اليهود على يد النازي في الحرب العالمية الثانية، زاد الضغط على حماس ودفعها إلى تقديم ما يطلبه من تنازلات، وربما إلى الاستسلام الكامل.
لم تقتصر ضغوط نتنياهو الميدانية على حماس وعلى فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة وعلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة فحسب، وإنما شملت مؤخراً كل مكونات محور المقاومة. فقد أغار الكيان الصهيوني على ميناء الحديدة في اليمن، وتمكن من تدمير العديد من مخازن النفط ومحطات توليد الكهرباء وقتل العديد من المدنيين، وأغار على الضاحية الجنوبية في لبنان، وتمكن من اغتيال القائد فؤاد شكر، أكبر شخصية عسكرية في حزب الله، وأغار على طهران نفسها وتمكن من اغتيال القائد إسماعيل هنية، الأمين العام لحركة حماس، أثناء زيارته العاصمة الإيرانية للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد. وها هو يستدير الآن إلى الضفة الغربية ليشعلها ناراً. ويريد نتنياهو من وراء هذا التصعيد الشامل أن يثبت، ضمن أمور أخرى كثيرة، أن الكيان الصهيوني ما تزال له اليد الطولى في المنطقة، وبالتالي سوف يتمكن من فرض إرادته في النهاية، رغم النكسة العابرة التي مُني بها في 7 تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي.
بهذا التصعيد، يكون الصراع مع المشروع الصهيوني قد دخل مرحلة جديدة تماماً لم تعد تقبل بأي تنازلات أو حلول وسط، وإلا ضاعت كل التضحيات التي قدمت سدى.
صحيح أن الشعب الفلسطيني يدرك جيداً أنه لم يعد أمامه سوى النصر أو الاستشهاد، لكن متى تدرك الشعوب والأنظمة العربية والإسلامية أنها جميعاً مستهدفة، وأن المشروع الصهيوني صمّم ليهيمن على كل شعوب المنطقة ومقدراتها، وليس على الشعب الفلسطيني ومقدراته وحده؟

أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: المقاومة الفلسطینیة الکیان الصهیونی فی الوقت نفسه لإطلاق النار أما المرحلة التوصل إلى مجلس الأمن

إقرأ أيضاً:

الدكتور ماهر صافي في حواره لـ"البوابة نيوز": الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة هي الأنسب للمرحلة الحالية.. تصريحات نتنياهو بعودة القتال في القطاع مناورات للضغط على حماس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 

مصر ترفض مخططات تهجير الفلسطينيين منذ بداية العدوان.. والبديل خطة إعمار غزةالقاهرة طرحت خطتها لتقويض خطة ترامب التي تسعى لتهجير سكان القطاعالمجتمع الدولي يجب أن يتحمل مسؤولياته تجاه الأزمة في غزة القمة العربية نجحت في رفض أي مخطط لتصفية القضية الفلسطينيةاحتجاز ترامب لطالب فلسطيني غير قانوني وانتقامي ويمثل تصعيدًا غير مسبوق الصحافة يجب أن تكشف الحقيقة وتفضح الانتهاكات الإسرائيلية في غزةتحتاج غزة لوصول المساعدات بشكل أسرع وأكثر أمانًا لدرء المجاعة الإعلام الإسرائيلي المزيف يهدف إلى تضليل الرأي العامالشعب الفلسطيني لن يتنازل عن حقوقه مهما كانت التحديات 

في قلب الشرق الأوسط، حيث تتلاطم أمواج التاريخ والجغرافيا، تقف غزة شامخة، شاهدة على صراعات لا تنتهي وآمال لا تخبو، في هذا الحوار، نغوص في أعماق الواقع الغزي، مستكشفين أحدث التطورات التي ترسم ملامح مستقبل هذه البقعة الصامدة.

تعيش فلسطين بشكل عام، وقطاع غزة على وجه الخصوص، ظروفًا غير مسبوقة من التوتر والدمار إثر العدوان الإسرائيلي المستمر منذ سنوات، ومع تصاعد العمليات العسكرية، يعاني القطاع من خسائر بشرية ومادية كبيرة، ما يعكس واقعًا مأساويًا يعيش فيه أكثر من مليوني فلسطيني. 

في هذا السياق، تبرز مصر كداعم أساسي للقضية الفلسطينية، حيث قدمت خطة شاملة لإعادة إعمار غزة، بالإضافة إلى رفضها التام لمخططات تهجير الفلسطينيين وتوطينهم في أماكن أخرى، بما في ذلك خطة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، والتي كانت تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.

حاورت جريدة "البوابة نيوز" الدكتور ماهر صافي المحلل السياسي الفلسطيني، لنستعرض معكم الأبعاد المختلفة لمستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ونناقش تأثيره على مستقبل القطاع، كما سنتناول دور مصر في إعادة إعمار القطاع، وكيفية مواجهة المشاريع المشبوهة التي تستهدف الشعب الفلسطيني وتهجيره من أراضيه.

وسنتناول السيناريوهات المحتملة لمستقبل غزة، في ظل استمرار الصراع وتفاقم الأزمات الإنسانية والاقتصادية، وسنبحث عن فرص لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، من خلال إيجاد حلول عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية.

كما نسعى إلى تقديم رؤية متكاملة للوضع في غزة، من خلال تحليل معمق للأوضاع الراهنة، وتأكيد راسخ على حق الشعب الفلسطيني في حياة كريمة ومستقبل واعد.

الوضع في غزة يتطلب تدخلات عاجلة لإعادة إعمار البنية التحتية المتدمرة، وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وعلى الرغم من الجهود الدولية المستمرة، تبرز مصر كداعم رئيسي لإعادة إعمار غزة، ما رأيك في الخطة المصرية الحالية لإعادة إعمار القطاع؟

ملامح الخطة المصرية هو تشكيل لجنة لتتولى إدارة شؤون قطاع غزة في مرحلة انتقالية لمدة 6 أشهر، على أن تكون مستقلة ومكونة من شخصيات غير فصائلية «تكنوقراط» تعمل تحت مظلة الحكومة الفلسطينية.

‎ووفق الخطة، سيتم توفير سكن مؤقت للنازحين في غزة خلال عملية إعادة الإعمار، ومناطق داخل القطاع في 7 مواقع تستوعب أكثر من 1.5 مليون فرد، وقدرت الخطة إعادة إعمار غزة بـ 53 مليار دولار وستستغرق 5 سنوات.

‎أصبحت الخطة المصرية خطة عربية إسلامية ومسألة اعتماد القمة العربية للخطة وأيضًا منظمة التعاون الإسلامي التي تضم 57 دولة، بالتالي أصبحت الخطة المصرية هي الأنسب لقطاع غزة.

القمة العربية الطارئة كان من أهم مخرجاتها رفض أي مخططات لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير الشعب الفلسطيني.. ما رأيك في مخرجات القمة وأهميتها؟
‎إن القمة العربية الطارئة حققت جزء كبير من أهدافها من أنها أصدرت مخرجات مهمة، وأهم تلك المخرجات هو رفض أي مخططات لتصفية القضية الفلسطينية سواء خطة التهجير أو خطة إعادة الإعمار.

‎والرؤية المصرية كانت واضحة عندما رفضت تهجير الشعب الفلسطيني من الجانب الأمريكي والجانب الاسرائيلي، ومنذ بدء العدوان والدولة المصرية ترفض التهجير، وقدمت خطة بديلة تقوم على فلسفة إعمار قطاع غزة في ظل وجود الفلسطينيين.

ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أن الاجتماع الأول بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورئيس الأركان إيال زامير ناقش احتمال استئناف القتال في غزة قريبًا.. هل ترى أن ذلك المقترح سينفذ أم سنرى استكمال للهدنة؟
‎زامير قد  أدخل تعديلات على خطة استئناف القتال بينها ضربات مكثفة ومناورة برية أوسع، وأرى أنها مناورات للضغط على حماس لمزيد من التنازلات في شأن صفقة الأفراج عن المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية.

ماذا بعد رفض ترامب للخطة العربية لإعمار غزة؟ وما سيكون وضع غزة حال تنفيذ مقترح ترامب؟
القاهرة  طرحت خطتها في مسعى لتقويض خطة ترامب الأمريكية التي تقضي بتهجير سكان القطاع والسيطرة عليه لبناء مشروع استثماري سياحي، سماه ترامب "ريفييرا الشرق الأوسط"، في تراجع واضح عن النهج التقليدي للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، والذي كان قائمًا على حل الدولتين، وقد قوبلت  الخطة العربية برفض قاطع من إسرائيل، فيما وصفتها واشنطن بغير الواقعية، كما أكد البيت الأبيض تمسك إدارة ترامب برؤيتها لإعادة إعمار غزة خالية من حماس. 

ومن الصعب تنفيذ هذا المقترح في ظل الإصرار المصري والعربي والإقليمي الداعم للقضية الفلسطينية بفرض الخطة المصرية لإعمار غزة، وتمسك الشعب الفلسطيني بحقه في الأرض وتقرير مصيرة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 1967

ما هو مصير اتفاق وقف إطلاق النار في ظل التصعيدات الإسرائيلية الأخيرة؟ 
الاتفاقية التي جاءت بجهود مصرية قطرية، وصلت إلى طريق ربما كنا نأمل أن تستمر المرحلة الأولى، ثم ننتقل إلى المرحلة الثانية، نتنياهو ومجموعة من الإسرائيليين أمثال بن غفير وسموتريش، وغيرهم، وعلى رأسهم نتنياهو لا يريدون استكمال الاتفاق، ولكن المرحلة الثانية ربما تتأخر ولكنها سوف تأتي، ربما أن حركة حماس أوفت بكل شيء حيث لم تخرق الاتفاق ولو للحظة.

ماذا عن اعتقال الطالب الفلسطيني الذي يدعى محمود خليل في نيويورك؟ وما رأيك في رد ترامب بأنه سيعتقل كل من يناصر حماس؟
‎احتجاز إدارة ترامب لمحمود خليل غير قانوني وانتقامي، ويمثل هجومًا على حقوقه في حرية التعبير، ويمثل تصعيدًا غير مسبوق ومخيف  على الخطاب المؤيد لفلسطين.

‎تلك الخطوة تعتبر هي أحد الجهود الأولى التي يبذلها ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض في يناير، للوفاء بوعده بالسعي إلى ترحيل بعض الطلاب الأجانب المشاركين في حركة الاحتجاج المؤيدة للفلسطينيين.

ما هو دور المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمة الحالية في غزة؟
‎كشفت الحرب في غزة عن خلل في قيم المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمات، فبينما نرى هرولة وتنافسا على سرعة إدانة قتل الأبرياء في مكان ما ونجد ترددا غير مفهوم في إدانة نفس الفعل في فلسطين، بل نجد محاولات لتبرير هذا القتل والإبادة المستمرة للشعب الفلسطيني الذي كان حصيلة الشهداء تجاوزت الـ 50 ألف شهيد جلهم من الأطفال والنساء والمدنيين وإصابة  أكثر من 110 آلاف خلافًا للمفقودين والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الاسرائيلي.

ما المصاعب التي تواجه سكان غزة بعد مرور 10 أيام على قرار إسرائيل بوقف دخول المساعدات إلى القطاع؟
بعد مرور 10 أيام من الحصار على قطاع غزة، يواجه السكان وضعًا إنسانيًا كارثيًا يتفاقم يومًا بعد يوم، خاصة بعد قرار إسرائيل بوقف دخول المساعدات إلى القطاع، ومن أبرز المصاعب التي يواجهها السكان نقص حاد في الغذاء والماء، ةالمواد الغذائية الأساسية، حيث نفدت المخزونات في العديد من المتاجر والمنازل، كما تسبب انقطاع الكهرباء في توقف محطات تحلية المياه، مما أدى إلى نقص حاد في المياه الصالحة للشرب، يضطر السكان إلى شرب مياه غير نظيفة، مما يزيد من خطر انتشار الأمراض.

ما هي الاحتياجات الإنسانية العاجلة التي يجب تلبيتها في غزة في ظل الظروف الراهنة؟
‎تحتاج غزة لوصول المساعدات بشكل أسرع وأكثر أمنًا ولمزيد من طرق الإمداد لدرء المجاعة والحد من انتشار الأمراض الفتاكة.

يشهد قطاع غزة أزمة إنسانية متفاقمة، تتطلب استجابة دولية عاجلة لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان، فمع تصاعد حدة الصراع، تتزايد معاناة المدنيين الذين يواجهون ظروفًا معيشية قاسية ونقصًا حادًا في الخدمات الأساسية.

يعاني سكان غزة من نقص حاد في الغذاء، حيث تضررت البنية التحتية الزراعية والغذائية بشكل كبير، هناك حاجة ماسة لتوفير سلال غذائية تحتوي على المواد الأساسية، بالإضافة إلى المياه الصالحة للشرب، حيث تضررت شبكات المياه والصرف الصحي.

ويشهد القطاع الصحي في غزة انهيارًا تدريجيًا، حيث تعاني المستشفيات والمراكز الصحية من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية والوقود. هناك حاجة ملحة لتوفير الرعاية الصحية الطارئة للجرحى والمرضى، بالإضافة إلى الدعم النفسي للمتضررين من الصراع.

كما فقدت العديد من الأسر منازلها بسبب القصف، مما يتطلب توفير ملاجئ آمنة ومناسبة للنازحين، بالإضافة إلى دعم جهود إعادة إعمار المنازل المتضررة.

ما هو تقييمك للأوضاع الحالية في قطاع غزة بعد التصعيدات الأخيرة؟
يعتمد سكان غزة على المساعدات للبقاء على قيد الحياة في ظل غياب القدرة على إنتاج أو استيراد الغذاء، ولكن المساعدات الإنسانية وحدها لا تستطيع تلبية الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع. بالرغم من الدعم المستمر من قبل الدولة المصرية لإغاثة شعب غزة وتمكن الأمم المتحدة ووكالات المعونة الدولية والمنظمات غير الحكومية من إيصال مساعدات إنسانية محدودة، ولكن الكميات أقل بكثير مما هو مطلوب لمنع مزيج قاتل من الجوع وسوء التغذية والمرض. وينتشر نقص الغذاء والمياه النظيفة والمساعدات الطبية بشكل حاد في قطاع غزة بشكل عام.

كيف يمكن للصحافة والإعلام أن يساهموا في تسليط الضوء على معاناة سكان غزة ونقل الصورة الحقيقية للأحداث؟
إن عوامل متعدّدة، على غرار الإجراءات الروتينية الإعلامية والصحفية والسياسات التنظيمية والأنظمة الاجتماعية، قد أثّرت في التغطية الصحافية لهذا العدوان على الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة والقدس ما انعكس على عمق السرديّات وغناها، في الواقع، غالبًا ما تُعطي الإجراءات الروتينة الإعلامية، التي تتضمّن الممارسات المعيارية مما يؤثّر بالتالي في فهم الرأي العام وخطابه، ولقد واجهت وسائل الإعلام الرئيسية عقبات في تغطيتها للعدوان على غزة بما فيها حواجز سياسية وتحديات أيديولوجية وقيود لوجستية.

ما هي الرسالة التي تود توجيهها للمجتمع الدولي والمواطنين العرب بشأن ما يحدث في غزة؟
الرسالة التي أود توجيهها للمجتمع الدولي والمواطنين العرب هي عدم التعامل مع الرواية الإسرائيلية والغربية الغير صادقة في سرد ما يقال في الإعلام الاسرائيلي المزيف الذي يهدف إلى تغير المفاهيم وتشبيه الضحية بالقاتل.
ويجب على المواطنين العرب أن يدركوا أن هناك شعب فلسطيني يريد التحرر وإقامة دولته المستقلة وهو حق مشروع ومصيري.

في ختام هذا الحوار مع المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور ماهر صافي، يمكن القول إن الوضع في غزة يظل متشابكًا ومعقدًا، وسط تحديات سياسية وإنسانية كبيرة، الدكتور صافي أشار إلى أن الوضع على الأرض في غزة يحتاج إلى تحرك فوري على مستوى المجتمع الدولي لوضع حد للانتهاكات، والعمل على تقديم الدعم الإنساني بشكل عاجل، كما أكد على ضرورة تعزيز الوحدة الفلسطينية وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات الكبرى التي تواجه الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الحرجة.

ودعا الدكتور صافي إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية والعمل على إيجاد حل شامل يضمن الحقوق الفلسطينية ويضع حدًا لمعاناة سكان قطاع غزة الذين يواجهون ظروفًا قاسية للغاية، مؤكدًا أن غزة ستكون دائمًا مركزًا للنضال الفلسطيني، ولن تهزمها التحديات، بل ستظل رمزًا لصمود الشعب الفلسطيني وإرادته في مواجهة الاحتلال.

1000112505

مقالات مشابهة

  • وزير الدفاع يحذر كل من يُساند الكيان الصهيوني
  • المعارضة في نيوزلندا تقود مشروع قانون لفرض عقوبات على الكيان الصهيوني
  • الدكتور ماهر صافي في حواره لـ"البوابة نيوز": الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة هي الأنسب للمرحلة الحالية.. تصريحات نتنياهو بعودة القتال في القطاع مناورات للضغط على حماس
  • الخلافات تتعمق.. نتنياهو يعتزم إقالة رئيس الأمن الداخلي الإسرائيلي
  • نتنياهو يوجّه بمواصلة المفاوضات وفقا لرد الوسطاء على المقترح الأميركي
  • نتنياهو يقرر مواصلة مفاوضات الصفقة استنادا لمقترح ويتكوف
  • نتنياهو يوعز باستمرار المفاوضات مع حماس بناء على مقترح ويتكوف
  • لماذا غضب نتنياهو من صفقة تبادل الأسرى التي وافقت عليها حماس؟
  • ذوو الأسرى الإسرائيلين يحذرون نتنياهو من تفجير الاتفاق.. نريد أولادنا دفعة واحدة
  • لماذا لن يعود نتنياهو لقرار الحرب؟