المصرف المركزي الليبي قد يزيد المشكلات!!
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
على مدى الأسابيع والأيام الأخيرة اتجهت الأوضاع في ليبيا الشقيقة نحو مزيد من التدهور ليس فقط في غرب ليبيا -في طرابلس- ولكن أيضا في شرقها -في بنغازي- وازدادت التحذيرات المباشرة وغير المباشرة من داخل ليبيا وخارجها، مما يمكن أن تتطور إليه الأوضاع، وأعرب كثير من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية عن قلقها مما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع الليبية خاصة في هذه الظروف الراهنة التي تعاني من الانقسامات والاستقطاب وتعدد وتضارب التدخلات الخارجية التي تضع مصالحها الخاصة قبل المصالح الليبية، بغض النظر عن الشعارات التي يرفعها كل طرف في الظروف والمواقف المختلفة، وهذا الوضع هو في الواقع نتيجة لما شهدته ليبيا من أحداث منذ عام 2011 على الأقل والنهاية المأساوية لحكم العقيد القذافي، وفي ظل التدهور السريع للأوضاع الداخلية وكجزء منها نشطت اتصالات ومقابلات ولقاءات بين مسؤولين ليبيين وأجانب في محاولة لاحتواء تدهور الموقف والحد من إمكانية اتجاهه إلى الأسوأ، ومما لا شك فيه أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين محاولة رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح إنهاء ولاية رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة المعترف بها دوليا والاعتراف فقط بحكومة أسامة حماد التي عيّنها مجلس النواب باعتبارها الحكومة الشرعية في ليبيا، وهو ما رفضه عبد الحميد الدبيبة استمرارا لموقفه السابق، وبين ظهور مشكلة المصرف المركزي ومحاولة السيطرة عليه بالقوة المسلحة من جانب عناصر خارجة على القانون حسبما وصفها مجلس النواب الليبي في بيانه في 25 أغسطس الماضي.
وعلى ذلك فإنه من المفهوم أن الدبيبة سارع إلى تحريك إحدى ميليشياته لخلط الأوراق ولتعقيد الأحداث في الواقع ولعرقلة عملية أو محاولة الإطاحة به، والرجوع فيها وهو ما حدث في الواقع. جدير بالذكر أنه في الوقت الذي أطلقت فيه الميليشيات سراح أحد موظفي المصرف المركزي الذي اختطفته الأسبوع الماضي كما أن أعضاء الإدارة السابقة للمصرف المركزي قررت السفر إلى الخارج خوفا على حياتها وهو بمثابة هروب ولا يعبر عن إدارة مستقرة وسليمة للمصرف المركزي الليبي من ناحية، ويجعل سيف التهديد مسلطًا على رقاب الإدارة السابقة أو كبار عناصرها على الأقل من ناحية ثانية. كما يجعل تعيين إدارة جديدة مسألة تخضع لجدل وشد وجذب وإلى ضرورة توافق لا غنى عنها بين مجلس النواب ومجلس الدولة والمجلس الرئاسي ولا يجوز حصار أحدهما للأخرى لأي سبب؛ لأن ذلك يعرقل في الواقع عمل القيادة الليبية في النهاية.
ومن هنا فإن عقيلة صالح دعا إلى عودة المحافظ السابق -الذي غادر البلاد- وأكد أن المصرف المركزي سيظل مغلقا حتى يعود المحافظ السابق إلى منصبه السابق فضلا عن استمرار إغلاق حقول النفط الليبية حتى هذه العودة كذلك، وبالفعل انخفض إنتاج النفط الليبي بنحو النصف تقريبا. وقد تردد أن هناك تعليمات باستئناف الإنتاج في 3 حقول نفطية وهو مؤشر إيجابي. ولعل ما يسهل عودة محافظ المصرف المركزي السابق لمنصبه أنه كان قد رفض قرار إقالته من منصبه السابق، وأن المحافظ الجديد محمد شكري كان قد تم تعيينه من جانب المجلس الرئاسي وهو ما اعترض عليه مجلس النواب ومجلس الدولة باعتبار أنه ليس من حقه المشاركة في هذه العملية، ومن ثم اكد مجلس النواب ومجلس الدولة بقاء المحافظ السابق في منصبه ويعد هذا مدخلا ممكنا للتوافق والخروج من هذا المأزق الذي كان يمكن أن يتطور إلى مشكلة أكبر تؤثر على المصرف المركزي وممارسته لدوره، خاصة وأن ليبيا تستورد أكثر من 99% من احتياجاتها السلعية وأي ارتباك في هذا المجال ستكون عواقبه مؤثرة على الاقتصاد الليبي.
ثانيا: إن الصراع على السلطة والتشبث بالبقاء في مواقعهم الحالية هو القاسم المشترك بين رئيس حكومة لا توجد لديه حماسة كافية لحكومة منتخبة رغم كل تأكيداته السابقة بالتحضير للانتخابات. والشخصية الثانية عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي وهو الهيئة الليبية الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبي وهو يستمد من انتخابات مجلس النواب قوته وتأثيره. والشخصية الثالثة هي رئيس المجلس الأعلى للدولة والذي يضم شخصيات ممثلة للأقاليم الليبية وهي من أهم المقومات الاجتماعية الليبية وللقبائل الليبية باعتبارها من ركائز المجتمع الليبي. وخالد المشري هو رئيس المجلس الأعلى للدولة ويعارض عقيلة صالح في أي دور للمجلس الأعلى للدولة والمشاركة في مناقشة أدوار المؤسسات الأخرى ومنها على سبيل المثال قرار تعيين محمد الشكري محافظًا جديدًا للبنك المركزي والذي اعترض عليه كل من عقيلة صالح رئيس مجلس النواب ومحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي.. الشخصية الرابعة هي محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي وهو يميل إلى الحلول الوسطية وإلى التوافق بين القيادات الليبية حتى يمكن الوصول إلى حلول تحظى بأكبر قدر من التوافق والاتفاق فيما بينها. وفي ضوء ذلك وبرغم وجود شخصيات أخرى تتطلع إلى خوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية إلا أنه رغم أن الجميع يكرر دوما الحديث عن الانتخابات غير أنه لا توجد حماسة كافية لإجراء الانتخابات بشكل يجعل منها إضافة لصالح ليبيا اجتماعيا وسياسيا وأن الجميع يرضى بالأمر الواقع الراهن؛ لأنه لا يوجد من يملك القوة أو القدرة على تغييره وأن الميليشيات تريد دوما ثمن خدماتها ممن تقدمها إليه.
ثالثا: إنه إذا كان المصرف المركزي الليبي قد قام بدور مؤثر لصالح عبد الحميد الدبيبة من واقع سيطرته الفعلية كرئيس وزراء لحكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا خاصة في العام الأول لتوليه السلطة كحكومة شرعية، وهو ما استمر حتى الآن، فإن ظهور مشكلة المصرف المركزي وتفكير بعض الأطراف في اللجوء إلى السلاح وأعمال الترهيب يشير بوضوح إلى الأهمية الكبيرة للمصرف المركزي وللدور الذي يقوم به في ظل العائدات الضخمة لصادرات النفط الليبي والتي بلغت 20.7 مليار دولار العام الماضي وسجلت 7.6 مليار دولار في النصف الأول من هذا العام حسب بيانات المصرف المركزي، وتجدر الإشارة إلى أن الدبيبة أرسل قوات مسلحة إلى جدامس في اتجاه غرب ليبيا كما أن بعض قوات خليفة حفتر تحركت في اتجاه جنوب غرب ليبيا بزعم حماية تلك المناطق. ومع ظهور مظاهر حشد عسكري من جانب قبائل الزنتان وقوات مصراتة ـ فإنه يبدو أن الأزمة قد تتجه نحو التهدئة خاصة بعد التحركات الأمريكية والدولية والقلق الليبي الداخلي الملحوظ من عودة أجواء الحرب الأهلية التي استمرت بين عامي 2014 و2020 والتي لا يرغب فيها الليبيون. وليس من المبالغة القول أن أزمة المصرف المركزي يمكن أن تكون مدخلا لتوافق أوسع بين الفرقاء إذا أدركوا أن التوافق يخدم المصلحة المشتركة وأن التنافس والصراع يضر بالجميع في النهاية وبحاضر ومستقبل ليبيا وشعبها الشقيق.
د. عبدالحميد الموافي كاتب وصحفي مصري
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المصرف المرکزی اللیبی المجلس الرئاسی مجلس النواب رئیس المجلس عقیلة صالح فی الواقع من ناحیة من جانب یمکن أن فی هذه وهو ما
إقرأ أيضاً:
المصرف المركزي يطلق “مركز الابتكار” بمقر معهد الإمارات المالي
دشن مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي “مركز الابتكار” في مقر معهد الإمارات المالي الذي يعد مركزاً عالمياً للبحث والابتكار والتطوير في قطاع الخدمات المالية، وذلك تماشياً مع توجيهات القيادة الرشيدة ورؤية دولة الإمارات بتعزيز التحول الرقمي وتطوير كفاءات وطنية متخصصة في الابتكار المالي، وترسيخ مكانة الدولة مركزا عالميا للابتكار.
جاء ذلك خلال حفل أقيم أمس بمقر المعهد في دبي بحضور معالي خالد محمد بالعمى، محافظ مصرف الإمارات المركزي ورئيس مجلس إدارة معهد الإمارات المالي، وسعادة محمد بن طليعة، رئيس الخدمات الحكومية في حكومة دولة الإمارات، وسعادة سيف الظاهري، مساعد المحافظ للعمليات المصرفية والخدمات المساندة ونائب رئيس مجلس إدارة معهد الإمارات المالي، وسعادة نورة البلوشي مدير عام معهد الإمارات المالي، وأعضاء مجلس إدارة المعهد، بالإضافة إلى الرؤساء التنفيذيين للبنوك والمؤسسات المالية.
وحضر الحفل، كبار المسؤولين في شركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات والأمن السيبراني، وممثلون عن شركات متعددة الجنسيات لإدارة المدفوعات الالكترونية العالمية، وشركات “مايكروسوفت” و “إرنست ويونغ” و”أكسنتشر”.
يشكل “مركز الابتكار” جزءاً من برنامج “تحول البنية التحتية المالية” الذي يتضمن تسع مبادرات أطلقها المصرف المركزي في عام 2023 بهدف تمكين الدولة لتصبح مركزاً مالياً عالمياً، ومنصة للمدفوعات الرقمية، ووجهة للتميز في الابتكار والتحول الرقمي ويُعد أحد المشاريع البارزة التي يتعاون فيها المصرف المركزي ومعهد الإمارات المالي سوياً لدفع عجلة التحول الرقمي وتطوير كفاءات وطنية مؤهلة تلبي متطلبات المستقبل.
يهدف “مركز الابتكار” إلى تسريع وتيرة تبني التقنيات الحديثة في القطاع المالي وأنشطة الذكاء الاصطناعي، عبر توفير بيئة عمل مرنة وداعمة للبحث والتطويرويخطط لبناء شبكة تعاون واسعة تشمل الجامعات، والمؤسسات البحثية، والشركات الناشئة، مما يعزز من مكانة الإمارات وجهة عالمية متميزة للابتكار المالي.
ويضم المركز6 مختبرات مبتكرة مصممة لتوفير بيئة محفزة تتيح للطلاب والباحثين والمحترفين في المجال المالي تبادل الأفكار الإبداعية وتطوير حلول جديدة للتحديات التي يواجهها القطاع المالي.
تشمل هذه المختبرات المصممة لدعم الشراكات الدولية في مجال الابتكار، مختبر التعلم، والمختبر الرقمي، ومختبر التشريعات، ومختبر التفكير، ومختبر التعاون، ومختبر المستقبل. .
تضمن حفل التدشين استعراض العديد من الحلول التقنية والتجارب العالمية في الذكاء الاصطناعي في إطار تركيز مركز الابتكار على التقنيات المتقدمة.
وأكد معالي خالد محمد بالعمى، أن إطلاق مركز الابتكار يجسد رؤية قيادتنا الرشيدة لوضع الإمارات في مقدمة الاقتصاد الرقمي العالمي، وفقًا للخطة الوطنية “نحن الإمارات 2031”.
وأوضح أن المركز يعكس الأهداف الاستراتيجية للمصرف المركزي في إنشاء بنية تحتية مالية قوية ومبتكرة، ويدعم مستقبل التكنولوجيا المالية ورحلة التحول الرقمي في الإمارات ما يُسهم في تسهيل اعتماد التقنيات الرقمية لتعزيز الاستقرار النقدي والمالي، وتشجيع تبادل الخبرات والمعارف مع قطاع الخدمات المالية.
من جانبه، ذكر سعادة سيف الظاهري أن إطلاق مركز الابتكار يدعم طموحات الدولة في تشييد بنية تحتية تعزز نظاماً مالياً مزدهراً وتدعم نموه المستقبلي ورحب بجميع المعنيين في قطاع الخدمات المالية للانضمام إلى هذه المساحة التعاونية مشيرا إلى أن كل فكرة مبتكرة تسهم في تقديم حل جديد يعزز من تنافسية الإمارات و يدعم مركزها العالمي في التمويل والمدفوعات الرقمية.
بدورها أكدت سعادة نورة البلوشي أن إطلاق مركز الابتكار خطوة محورية في مسيرة الدولة لتعزيز قدرات الإمارات في الابتكار المالي مشيرة إلى سعى المركز إلى توفير بيئة تعليمية متقدمة تدعم البحث والتطوير في القطاع المالي، وتسهم في بناء كفاءات وطنية مؤهلة لمواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة في المجال المالي، بما يدعم توجهات الدولة نحو التحول الرقمي الشامل.
وشهد الحفل توقيع اتفاقية تعاون بين معهد الإمارات المالي وشركة “مايكروسوفت”، تهدف إلى تطوير حلول تقنية متقدمة تعزز الكفاءة الرقمية وقدرات الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي.
وبموجب الاتفاقية، سيتم توفير دورات تدريبية في الذكاء الاصطناعي لـ 10,000 متخصص في قطاع الخدمات المالية في دولة الإمارات.
وقال نعيم يزبك المدير العام لـ”شركة مايكروسوفت الإمارات إن الذكاء الاصطناعي يغير المشهد في قطاعاته كافة ويدفع عجلة الابتكار العالم وأضاف أنه من خلال تدريب أكثر من 10,000 متخصص في القطاع المالي على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، نعمل على تمكين الكفاءات الوطنية وتوفير الخبرات اللازمة، وشراكتنا مع معهد الإمارات المالي تدعم المساعي بتعزيز الكفاءات الوطنية لقيادة التميز والابتكار في عصر الذكاء الاصطناعي.
وأعلن معهد الإمارات المالي توقيع مذكرة تفاهم مع شركة”أكسنتشر” لتطوير مهارات 5000 باحث في مجالات التكنولوجيا الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والأمن السيبراني.
وأكد عمر بولس، الرئيس التنفيذي لشركة أكسنتشر في الشرق الأوسط أهمية التعاون مع معهد الإمارات المالي ومصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي في هذه المبادرة الاستراتيجية المصممة لتعزيز مهارات قطاع الخدمات المالية في دولة الإمارات العربية المتحدة في مجالات الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي.
فيما تم توقيع اتفاقية تعاون أخرى بين معهد الإمارات المالي وشركة إرنست ويونغ، تهدف إلى دعم تطوير الحلول الرقمية المستدامة في قطاع الخدمات المالية، وتوفير برامج تدريبية متقدمة في مجالات تحليل البيانات، والأمن السيبراني، والتحول الرقمي.
وقال خرّم ميان، رئيس خدمات التدقيق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لأكاديمية ارنست ويونغ إن الأكاديمية تفخر باختيارها من قبل معهد الإمارات المالي لدعم رؤيته الطموحة في تمكين الجيل القادم من المتخصصين العالميين في قطاع الخدمات المالية.
من جانبها، قالت فضيلة قبلاني شريك مديرة أكاديمية ارنست ويونغ لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن الاستثمار في تطوير رأس المال البشري لا يزال عنصرًا أساسيًا لضمان توافق المهارات والقدرات لدى الكوادر الوطنية مع الأهداف الاقتصادية الطموحة لدولة الإمارات”.
اشتمل حفل تدشين المركز أيضا على كلمة لبريت كينج، مؤسس شركة موفن المتخصصة في مجال التكنولوجيا المالية استعرض فيها رؤيته حول مستقبل الابتكار في القطاع المالي، مؤكدًا أهمية تعزيز المرونة والابتكار لتحقيق نمو مستدام.وام