رام الله - صفا

قال المحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد إن الإضراب العام الذي شهدته العديد من القطاعات في "إسرائيل" اليوم الاثنين، بدعوة من اتحاد نقابات العمال الإسرائيلية (الهستدروت)، يعكس مخاوف حقيقية من قطاعات واسعة على مستقبل الدولة.

وبدأ (الهستدروت) إضرابا عاما اليوم الاثنين للضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للموافقة على اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بعد مقتل 6 أسرى إسرائيليين كانت تحتجزهم حركة "حماس".

وأكد أبو عواد في حديث لوكالة "صفا"، أنه لولا جثث الأسرى الستة الذين تم استعادتهم من رفح، لما حدث الإضراب، خاصة وأن 4 منهم كان يدور الحديث حول الإفراج عنهم في الدفعة الأولى لصفقة التبادل.

ويعتقد أن تنوع المناطق الجغرافية لهؤلاء الأسرى، وخلفية أهاليهم الذين ينتمون للتيار الصهيوني الليبرالي في "إسرائيل"، هو ما ساعد بتحريك الملف بشكل كبير.

وأوضح أنه ليس من المعتاد أن تتدخل النقابات العمالية في القضايا السياسية، لكن هذه القضية تحولت إلى قضية عامة وأضحت قضية الأسرى لدى المقاومة بغزة، تعني شريحة كبيرة من الإسرائيليين، والذين هم معنيون بإنهاء هذا الملف، كما أن هناك شعورا بالواجب تجاه هذه القضية، وبالتالي تم تحريك هذا الملف باتجاه سياسي.

وأضاف أن المعارضة الإسرائيلية باتت ترى أنه فقط من خلال الشارع يمكن التأثير على نتنياهو وإزاحته، ولذلك فهي تحاول بكل ما أوتيت من قوة تحريك كل القطاعات، بما في ذلك القطاعات العمالية.

وأشار إلى أن الأزمة التي تمر بها "إسرائيل" جعلت الجميع فيها يتخطى الأعراف والقوانين الموجودة، فهذه الأزمة الممتدة منذ خمس سنوات والتي تتوج اليوم بهذا الاحتجاج الكبير، سبقها احتجاجات وقف الإصلاحات القضائية، باتت تدفع الجميع للاشتراك بالسياسة بشكل أو بآخر.

ولفت إلى أن دعم القطاعات الاقتصادية والصناعية للإضراب يأتي لكون القضية أكبر من مسألة مناكفة سياسية داخلية.

وقال: "هناك شعور بأن المسألة تؤثر على مستقبل الدولة وترتبط بإسرائيل ككل، وشعور جماعي بأن استمرار هذه الحالة من العصيان الداخلي من الحكومة وإدارة ظهرها للكثير من الملفات، والاستمرار بالحرب على قطاع غزة وعدم وجود استراتيجية، وكذلك الانقسام الداخلي الحاد، كل هذا بات يؤثر على إسرائيل ككل".

ومن هنا -يضيف أبو عواد- ثمة مخاوف حقيقية لدى قطاعات إسرائيلية واسعة ترى وجوب التحرك حتى لو كان في اتجاه ضرر مؤقت يتمثل في تعطيل الاقتصاد، ولكن لتحقيق هدف أكبر هو إنقاذ الدولة ومحاولة إعادة إسرائيل إلى طبيعتها.

وأشار أبو عواد إلى أن نسبة الالتزام بالإضراب كانت جيدة، وحسب تقديرات "الهستدروت" فاقت نسبة الالتزام 90%، ويشمل الإضراب القطاعات كافة؛ الإنتاجية، والتعليمية، والمطار، ومصانع، ومؤسسات شبه حكومية، وبلديات.

لكن السؤال المركزي برأي أبو عواد: هل سينجح الإضراب بالاستمرار لفترة طويلة؟ وهو يعتقد بأن الإضراب لن يستمر لفترة طويلة، لأنه إضراب سياسي، وقد اتخذت المحكمة قرارا بإلغائه، وحتى لو لجأ "الهستدروت" إلى التصعيد، فسينتقل للمحكمة العليا والتي بدورها ستتخذ قرار بإلغائه.

ولفت إلى أن رئيس "الهستدروت" أرنون بار دافيد هو أحد أعضاء حزب الليكود، وهو يريد ممارسة الضغط، لكن لا يريد الكسر مع نتنياهو.

ويتوقع أبو عواد أن لا يستسلم نتنياهو بسهولة، ويضيف: "نتنياهو لن يرضخ، بل سيناور حتى النهاية، وهو ينتظر هل سينجح الحراك بالوصول إلى رقم 700-800 ألف متظاهر، وهو الرقم الذي يخشاه".

وأشار إلى أن نتنياهو يمتلك الكثير من نقاط وأوراق القوة ما يمكنّه من إجهاض الإضراب من جانب، ومن جانب آخر لديه شارع وشريحة كبيرة تدعمه فيما ينوي القيام به، علاوة عن أن الاستمرار بالحرب بشكل عام هو مطلب الغالبية العظمى من الإسرائيليين.

ولا يستبعد أبو عواد أن يلجأ نتنياهو لاستخدام القضاء لكسر الإضراب، لأن هذا الإضراب مسيس وسيكون القضاء في صفّه.

كما قد يلجأ لتحريك الشارع المؤيد له باتجاه مضاد للقائمين على الإضراب، وقد يتخذ قرارات مراوغة فيما يتعلق بالانسحاب من محور فيلاديلفيا، أو تقديم بعض الاقتراحات، ووضع عراقيل أخرى في دواليب التوصل إلى الاتفاق.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: الهستدروت نتنياهو وقف إطلاق النار الحرب على غزة أبو عواد إلى أن

إقرأ أيضاً:

باحثون: لماذا فضّ أمن السلطة مسيرات الإضراب والتضامن مع غزة؟

ذكرت تقارير أن أجهزة أمن السلطة الفلسطينية قمعت أمس الاثنين مسيرة للتضامن مع غزة قرب دوار المنارة في مدينة رام الله، واعتقلت عددا من المتظاهرين بعد الاعتداء عليهم بالضرب.

وفي مقابلات مع الجزيرة نت، أكد باحثون سياسيون وخبراء أن ما قامت به أجهزة أمن السلطة يمثل مؤشرا خطيرا وسلوكا يخدم أهداف الاحتلال الإسرائيلي وحده، ويمثل إقصاء للتيار المقاوم والمناضل في الشعب الفلسطيني، ويعكس تنسيقا ممنهجا بين الأجهزة الأمنية وقوات الاحتلال، في ظل العدوان المستمر على قطاع غزة منذ نحو 18 شهرا.

وأمس الاثنين، عمّ إضراب شامل جميع مدن الضفة الغربية، وخرجت مسيرات استجابة لدعوة أطلقتها القوى والفصائل الفلسطينية ونشطاء تنديدا بحرب الإبادة على القطاع والعدوان المتواصل على المدن والبلدات الفلسطينية، لكن هذه المسيرات تعرضت لقمع واعتقال بعض أفرادها من قبل عناصر في أجهزة السلطة الأمنية.

آليات لأمن السلطة الفلسطينية في مخيم جنين (رويترز) موقف الفصائل

وأصدرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) صباح اليوم الثلاثاء بيانا تدين فيه اعتقال أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية مشاركين في المسيرات التي تدعو إلى نصرة غزة والتضامن معها.

وقالت الحركة في بيانها إن "حملة الاعتقالات التي شنتها أجهزة أمن السلطة ضد أبناء شعبنا في الضفة عقب مشاركتهم في مسيرات وفعاليات نصرة غزة؛ هو مؤشر خطير وسلوك يخدم أهداف الاحتلال الإسرائيلي ويشكل طعنة جديدة لشعبنا وقضيتنا التي تمر بأخطر مراحلها".

كما أشارت حركة الجهاد الإسلامي إلى أن هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها القضية الفلسطينية "تستدعي تضافر كل الجهود من أجل وقف تهجير شعبنا من غزة والضفة".

إعلان

وفي تصريحات خاصة للجزيرة نت، قال مسؤول العلاقات الوطنية في حركة الجهاد الإسلامي إسماعيل السنداوي إن "الاستجابة الواسعة لأبناء شعبنا في الضفة الغربية ليوم الإضراب العالمي تنديدا بحرب الإبادة وقتل المسعفين بدم بارد وقيام الأجهزة الأمنية الفلسطينية بقمع المتظاهرين والاعتقالات تعد أعمالا غير وطنية".

وأضاف السنداوي أنه "يجب على السلطة أن يكون لها دور في إسناد الشعب الفلسطيني في غزة من خلال العمل الجماهيري وتسيير القوافل إلى غزة".

موقف السلطة الفلسطينية

لكن الباحث والمحلل الفلسطيني الدكتور "ر. ع" (الذي رفض الكشف عن اسمه) يصف مظاهرات أمس بأنها قانونية ودعت إليها جهات رسمية وحركة فتح، وشارك فيها عدد كبير من فصائل العمل الوطني، وترافقت مع الدعوة إلى إضراب عام في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتزم بها الجميع بما فيها الوزارات والمدارس والجامعات والقطاع التجاري.

وأشار الباحث الفلسطيني -في مقابلة مع الجزيرة نت- إلى أنه "شاهد بنفسه في هذه التظاهرات بعض من لهم أجندات خارجية أو ممن ينتمون لصفوف المعارضة الذين يستغلون الحشد الجماهيري في رام الله، وخرجوا عن البوصلة الأساسية التي رمت إليها هذه التظاهرات".

وأضاف المتحدث أن هؤلاء "بدؤوا بتخريب الممتلكات العامة والاعتداء عليها وعدم الالتزام بالخط الرسمي المقرر في هذه التظاهرة، مما أدى إلى تعطيل حركة المرور". مؤكدا أن بعض هذه الجماعات هتفوا "بعبارات التخوين والسب على عناصر الأمن المشاركين، وعرّضوا أمن المواطنين للخطر، وهذا يتعارض مع فحوى المظاهرات وهدفها، مما استدعى تدخل رجال الأمن لاعتقال هؤلاء الخارجين عن الصف الوطني".

"السلطة حسمت أمرها"

وبالعودة إلى تقييم الأحداث التي وقعت أمس الاثنين في مظاهرات الضفة الغربية في ميزان المحللين السياسيين، فإن ذلك يضع السلطة الفلسطينية أمام مفترق طرق لاختيار الوجهة التي ستمضي إليها، خاصة في ظل تحديات التهجير الشامل والعدوان المستمر اللذين يتعرض لهما الشعب الفلسطيني.

إعلان

ويقول الباحث السياسي محمد غازي الجمل إن السلطة الفلسطينية "يبدو أنها قد حسمت أمرها -منذ أمد- باتجاه الانحياز إلى القيام بالوظيفة الأمنية بغض النظر عن الأفق السياسي أو وجود مبرر وطني لهذا الأمر، وهو ما ينعكس سلبا على شرعيتها والتأييد الشعبي لها كما تظهره العديد من استطلاعات الرأي التي تعطيها درجة متدنية للغاية من الشعبية في الضفة الغربية أو خارجها".

وأضاف الجمل -في مقابلة مع الجزيرة نت- إلى أنه مع استمرار اليمين الإسرائيلي في تجريف مخيمات الضفة الغربية وتشريد أهلها، فإن السلطة الفلسطينية تلتحق شيئا فشيئا بالمنظومة الأمنية الإسرائيلية، وتأخذ منها الحماية والغطاء السياسي ما دام ذلك مقبولا لدى اليمين القومي والديني المتطرف في إسرائيل.

التزامات السلطة

قضية الحسم الأمني وتنسيقه بين السلطة الفلسطينية والاحتلال التي تحدث عنها الجمل، يتوقف عندها مدير مؤسسة فيميد للإعلام إبراهيم المدهون، ويرى أنها تتم في إطار تنسيق وثيق وممنهج، وأشار إلى أن بعض العمليات تُنفذ بطلب مباشر من الاحتلال، وهناك اعتقالات تكون محددة وذات طابع أمني تكتيكي.

وذهب المدهون -في مقابلة مع الجزيرة نت- إلى "أن هناك اتفاقا ضمنيا بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية والإسرائيلية للحفاظ على حالة من الهدوء في الضفة، وضمان عدم حدوث أي تفاعل أو تعاطف جماهيري مع قطاع غزة، ولذلك يتم إفشال أي فعاليات داعمة لغزة بشكل استباقي، كما تتم ملاحقة واعتقال كل من يُظهر موقفًا مؤيدًا أو متضامنًا مع المقاومة هناك".

هذا الاتفاق بين الأجهزة الأمنية للسلطة والاحتلال -حسب مدير مؤسسة فيميد للإعلام- يثير عدة أسئلة تتعلق بالثمار التي تجنيها السلطة الفلسطينية من وراء ذلك؟

ويجيب المدهون بأن "السلطة لا تجني شيئًا فعليًا من هذه الاعتقالات سوى المزيد من الارتهان والتورط في التزاماتها الأمنية مع الاحتلال الإسرائيلي. لقد أصبح واضحًا أن السلطة عاجزة عن الفكاك من هذه الالتزامات (…) مما جعلها في موقع أقرب إلى الحارس منه إلى الممثل الوطني، وهذا الانحراف يعمّق أزمتها الداخلية ويزيد من فقدانها ثقة الشارع".

عناصر من أمن السلطة الفلسطينية في مخيم جنين (الفرنسية) لماذا التنسيق الأمني؟

لكن الاعتقالات التي وقعت في مظاهرات أمس الاثنين في الضفة الغربية تأخذ أبعادا أكبر وأعمق من مجرد التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي عند الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أحمد الحيلة.

إعلان

إذ يعدد الحيلة -في تصريحات للجزيرة نت- وجوه الثمار التي تجنيها السلطة من التنسيق الأمني مع الاحتلال، ومنها:

هذه الاعتقالات تدخل ضمن سياسة إقصاء التيار المقاوم في الشعب الفلسطيني وتهميشه، كنتيجة لاستحقاقات اتفاقيات أوسلو الأمنية والسياسية. التنسيق يعد نتيجة لحالة إنكار الفشل العميق الذي وقع فيه رجالات السلطة الفلسطينية، وانهيار برنامجها السياسي، وخشيتها من تعاظم تيار المقاومة الجارف. محاولة التفرّد بالقرار الوطني الفلسطيني واحتكار السلطة بغض النظر عن الواقع المر والمآلات الكارثية على القضية الوطنية لأسباب ذاتية وبسبب سياسات الاحتلال الاستيطانية والتهويدية. هذه الاعتقالات هي استحقاق لاستدامة السلطة كإدارة محلية، واستمرار امتيازاتها المادية، وذلك كله وفق معايير الاحتلال المتحكّم في أموال الشعب الفلسطيني وفي السلطة وفي امتيازات شخصياتها، مما يجعل البعد الوطني ضحية، وحقوق الشعب الفلسطيني في مهب الريح أمام تغوّل الاحتلال في دماء الفلسطينيين وتنكره لحقوقهم الوطنية، حسب ما ذكره الحيلة.

ومع هذه الحال، صعّد الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون عدوانهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 945 فلسطينيا، وإصابة نحو 7 آلاف، واعتقال 15 ألفا و800، وفق معطيات فلسطينية رسمية.

كما يواصل الاحتلال تنفيذ غاراته الجوية والبرية والبحرية على القطاع، منذ استئنافه الإبادة الجماعية بغزة في 18 مارس/آذار 2025. وحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فإن إسرائيل قتلت حتى اليوم الثلاثاء 1450 فلسطينيا وأصابت 3647 آخرين، حسب إحصاءات وزارة الصحة في غزة.

مقالات مشابهة

  • تمرد في الجيش.. رسالة صادمة تهز إسرائيل وتثير غضب نتنياهو
  • جولان: نتنياهو يرفض تحمل المسؤولية حتى بعد الكارثة التي شهدتها إسرائيل
  • كاريكاتير عماد عواد
  • مخاوف إسرائيل من النفوذ التركي في سوريا
  • السويد: إيران وراء محاولة استهداف سفارة إسرائيل في ستوكهولم
  • باحثون: لماذا فضّ أمن السلطة مسيرات الإضراب والتضامن مع غزة؟
  • نتنياهو: تركيا تسعى لإنشاء قواعد عسكرية في سوريا وهذا يشكل تهديدًا على إسرائيل
  • سفارتنا باليونان: ننوه المواطنين من إضراب يعطل حركة النقل والمطارات
  • تنويه للمواطنين من السفارة في اليونان.. إضراب يعطل حركة النقل والمطارات
  • واشنطن بوست: اجتماع نتنياهو وترامب يكشف ضعف إسرائيل