فيلم الاتحاد.. بديل المهمة المستحيلة في 2024؟
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
قيل قديما إن السينما تنقسم إلى 3 أجزاء، أولها فني، والثاني صناعي، والثالث تجاري. وقيل أيضا إن صناع الفن السابع لا يجرؤون على إنتاج عمل دون أن يتورطوا في حسابات المكسب والخسارة، قبل أن ينهمكوا في تصوير البطل وهو يقبع على مقعده المفضل باكيا حبه الضائع، بينما تغيب الإضاءة بالتدريج عن المشهد.
ولعل ذلك الجزء التجاري والصناعي هو الأبرز في هوليود باعتبارها القلعة التي تقدم للعالم ما يصل أحيانا إلى ألف فيلم سنويا هي الأكثر مشاهدة، وبالتالي فإن تحول الفن السابع إلى "صناعة" أصبح حقيقة لا جدال فيها.
ويبدو أن غياب جزء جديد من سلسلة "مهمة: مستحيلة" (Mission: Impossible) هذا العام -الذي اعتاده الجمهور- أثار أطماع منتجين أصغر قليلا من صانعي السلسلة وأقل طموحا، ليقدموا فيلما بديلا، يسدون به فراغ السوق، على أن يحمل العمل كثيرا من ملامح أفلام السلسلة.
ويأتي فيلم "الاتحاد" (The Union) للمخرج جوليان فارينو ضمن هذه المعادلة، التي نجحت إلى حد ما في تقديم عمل يمكن أن نراه أحد أفلام المواسم التي تشبه موسم العيد في السينما المصرية، إذ يحمل صفات التسلية والترفيه بشكل أساسي، وإن كانت الكوميديا مجرد مسخ، وقد جاءت محاولة الظهور بمظهر عمل يتبنى قضية بمثابة أمر مشكوك فيه.
تدور أحداث الفيلم حول عامل بناء يدعى "مايك" (مارك والبيرغ)، يتم الدفع به إلى عالم التجسس عندما تقوم صديقته روكسان (هال بيري)، بتجنيده لمهمة استخباراتية خطرة.
وكانت روكسان هجرت عالم المدرسة الثانوية والأصدقاء منذ 25 عاما، فحققت نجاحات كبيرة في عالم التجسس بعدما انضمت إلى جهاز سري منافس للمخابرات المركزية الأميركية. تحاول الشابة استعادة صداقات ما قبل 25 عاما، في حين يستعيد مايك روح الولد الذي يفعل المستحيل ليظهر أمامها بمظهر الرجل القوي.
ورغم أنه يصعب على أي منطق درامي أو إنساني القبول بفكرة عودة صديقة الدراسة الثانوية بعد ربع قرن لتجد صديق الصبا يحمل المشاعر ذاتها، ويصعب أيضا القبول بفكرة أن تتذكر جاسوسة محترفة شابا كان زميلا لها، وتستعين به لحل مشكلة جواسيس محترفين، فإن صناع "الاتحاد" أجازوا حدوثها في عالم الترفيه الخالص الذي لا يمت للواقع أو المنطق أيضا بصلة.
يتخذ المخرج البريطاني جوليان فارينو، المعروف بأعماله الوثائقية والدرامية القليلة، منعطفا مفاجئا نحو عالم التجسس في الفيلم.
ويرصد الفيلم طبيعة مايك المتواضعة واندفاعه المفاجئ إلى عالم يتجاوز تجاربه اليومية. والبيرغ، بسحره القوي وحضوره الجسدي، هو الخيار المثالي لدور البطل العادي. أما انتقال شخصيته من رجل عادي إلى جاسوس فهو أمر غير مقنع، لكنه جذاب، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى أداء والبيرغ الدقيق. يقدم لنا هذا الفيلم مزيجا من الضعف والصلابة، مما يجعل مايك شخصية يمكن للجمهور أن يجد نفسه فيها.
ولعل الدور الذي قدمه والبيرغ في هذا العمل هو الأكثر مساسا به على المستوى الشخصي والعائلي، فقد في حياته الشخصية العديد من الأعمال بعد انفصال والديه، وتورط في العديد من أعمال الاحتيال والسرقات بعد فقدان الأم اهتمامها به وتخلي والده عنه.
أما هال بيري، فتتألق في دور روكسان، عميلة الاستخبارات المخضرمة ذات الماضي المعقد. وثمة تفاهم واضح بين بيري ووالبيرغ يضفي طبقة من التوتر الرومانسي، الذي يضاف للتوتر الناتج عن أعمال التجسس والمعارك. يتم الكشف عن دوافع روكسان تدريجيا، وتتعامل بيري مع الثقل العاطفي لخلفية شخصيتها برشاقة، مما يجعلها أكثر من مجرد اهتمام عادي في دراما تجسس.
يكمل الممثل جيه كيه سيمونز فريق التمثيل الرئيسي بدور عميل مخضرم يعمل كمدير للثنائي، ويضيف ذكاؤه وسلوكه الراقي لمسة من البهجة إلى الفيلم، مما يوازن بين اللحظات الأكثر كثافة. تعد شخصية توم بيرنان التي يجسدها سيمونز غامضة ولكنها ودودة للغاية.
الفرص الثانية المستحيلةيمزج السيناريو الذي كتبه جو بارتون وديفيد غوغنهايم ببراعة بين الإثارة التي توفرها أفلام التجسس وروح الرومانسية. وبالتحديد بين الإيقاع السريع والتقلبات والمنعطفات. وقد تمكن كاتبا فيلم "الاتحاد" من إضفاء روح الدعابة والعاطفة على السرد، لكن محاولات بناء مواقف كوميدية لم تكلل إلا بالسخافة، لكن العمل إجمالا يطمح على طريقته الخاصة إلى منح الفرص الثانية وإعادة اكتشاف الحب المفقود، وهي طريقة خاصة مثيرة للجدل والأسئلة حول قبول منتجي العمل بمغامرة غير منطقية عن حب اثنين من المراهقين وإمكانية عودته بعد ربع قرن، وبلاهة جاسوسة محترفة ورؤسائها الذين قبلوا باقتراح تجنيد طالب ثانوي مجهول شوهد للمرة الأخيرة منذ 25 عاما.
يبرز إخراج فارينو أفضل ما في طاقمه مع الحفاظ على قبضة محكمة على نغمة الفيلم. تخدمه خبرته في الدراما التي يسيطر عليها الأشخاص بشكل جيد هنا، حيث يؤسس حبكة التجسس الأكبر من الحياة في القصة الإنسانية للغاية لمايك وروكسان. كما تم تنفيذ مشاهد الحركة بشكل جيد دون أن تطغى على الجوهر العاطفي للفيلم، مما يحقق توازنا مثاليا بين المشهد والقصة.
يلتقط التصوير السينمائي الذي قام به روبرت إلسويت كلا من الواقعية القاسية لعالم موقع البناء الذي يعيش فيه مايك، والجماليات الأنيقة والغامضة لمشاهد التجسس، في حين تلعب الموسيقى التصويرية، التي ألفها جون كي إكس إل، دورها في إتمام الحالة المزاجية المتغيرة للفيلم، من مشاهد الحركة المتوترة والمليئة بالحيوية إلى اللحظات الأكثر رقة واستبطانا بين مايك وروكسان.
ولا يمكن الحديث عن شخصيات غير مكتملة البناء في الفيلم، إلا لو أردنا القول إن الشخصيات التي اكتمل بناؤها بشكل نسبي هي روكسان ومايك فقط، أما باقي شخصيات العمل فقد جاءت جميعها دون استثناء مبتورة التاريخ، غامضة الدوافع، دون ملامح إنسانية.
حاول فيلم "الاتحاد" أن يقدم رحلة توفر الإثارة والعمق العاطفي، خاصة مع الأداء القوي من جانب أبطاله، إلا أن السيناريو الضعيف حال دون اكتمالها، وإن نجح جوليان فارينو في دخول عالم أفلام التجسس وقدم فيلما ترفيهيا يستكشف تعقيدات الحب والولاء والمسافات التي قد نقطعها لحماية من نهتم بهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
طيارون إسرائيليون يكشفون كواليس الهجوم على إيران
كشف طيارون إسرائيليون عن تفاصيل الهجوم الأخير على إيران للرد على الضربات التي قامت بها طهران في بداية الشهر الجاري على تل ابيب بعد مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.
وقال أحد الطيارين لصحيفة "واي نت" الإسرائيلية، إن العملية سارت برمتها وفقاً للخطة المحددة، وإنه بعد الهبوط استغرق الأمر مني لحظة لاستيعاب ما تم فعله.
ويصف الرائد طيار مشاعره بمجرد التحليق في الجو قائلاً "كان نعلم أن هذا التاريخ قيد الصنع وهو شيء لم يحدث من قبل، حيث تم تدريبنا على الضرب في العمق والوصول إلى بلدان العدو البعيدة في ظل التهديدات الكبيرة".
خلف الكواليسفيما كشف طيار إسرائيلي أخر عن كواليس الضربات ضد إيران وقال "في الأيام التي سبقت الضربة، ركزنا بشكل أساسي على الاستعدادات للسيناريوهات الأرضية، ودراسة التضاريس والنماذج الجوية، بما في ذلك السيناريوهات والاستجابات، وجلسنا نفكر فيما يعنيه وجود مفاجآت - في الطائرة أو الأنظمة أو الميدان نفسه، بالطبع، وماذا يحدث إذا لم تسير الأمور كما هو مخطط لها.
ولكن بمجرد أن تحلق في الجو، يكون هناك تركيز متزايد، ولا يدخل أي شيء آخر في ذهنك".
وأضاف الطيار "إننا فعلنا شيئاً غير مسبوق على هذا النطاق، من اللحظة التي تعبر فيها خط الطيران إلى أراضي العدو، وتكون كل حواسك حادة. وتظل اليقظة عند هذا المستوى المرتفع حتى نعود إلى حدود بلدنا، وبعد العبور مرة أخرى، تسمح لنفسك بالاسترخاء. بمجرد أن تغادر، يمكنك أن تتخيل ما يحدث.
وتابع "نشعر بإحساس الواجب وإنه لأمر مؤثر للغاية أن نقول "تم الإذن بالإقلاع" ونرسل تلك الطائرات بعيداً جداً. ونرى إلى أين تتجه، ونشعر بالمسؤولية، وإن الشعور بمعرفة أن الطائرات أكملت المهمة أمر لا يصدق، إنه شعور بالرضا عن كوننا جزءاً من شيء تاريخي".
#Israel: #IAF Pilots who attacked Iran speak out: 'After landing, it took me a moment to process what I have done. https://t.co/XWNceW7mBd
— C. MICHEL WEINBERG ????????????????✡️ (@CMichelW) October 31, 2024 حالة صدمةفيما قال رئيس قسم الذخائر داخل الجيش الإسرائيلي "في اللحظة التي تنتهي فيها، ويهبط الجميع، ننتظر فقط المهمة التالية، ولو سألني أحد قبل عام عما إذا كان شيء مثل هذا سيحدث، لن أصدقه، وفي تلك الأيام الأولى من الحرب، كنا في حالة صدمة، ولم نتوقع هذا، وكانت المشاعر شديدة، ولقد جهزنا بعض السيناريوهات لتجاوز الواقع".
وأوضح رائد أخر بصفته طياراً مقاتلاً، إنه تدرب على مثل هذه اللحظات، وقال "لقد تم تدريبنا على الضرب في عمق أراضي العدو. وأنا أعرف كيف أتمكن من الوصول إلى بلدان بعيدة في ظل تهديدات عديدة. وهذه هي القدرات التي تدربنا عليها حتى قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول). وفي الأيام التي سبقت المهمة، ازدادت الحماسة، وكان هناك القليل من الضغط أيضاً. وقد بلغت الذروة قبل الإقلاع مباشرة. ويأتي هذا من معرفة أهمية ومعنى ما نحن على وشك القيام به، وتابع "لقد كلفني قائد السرب بالمهمة ودربني عليها. وفي النهاية، أنا من يقوم بها، ولها معنى لكل مواطن في البلاد. قد لا يعرفون أنني الشخص الذي ينفذها، لكن المهمة الواحدة لها أهمية استراتيجية".
Speaking to pilots and air crews at the Hatzerim Airbase, Defense Minister Yoav Gallant says that "after we strike in Iran, everyone will understand what you did in the preparation and training process."
"Everyone who dreamed a year ago of beating us and attacking us, paid a… pic.twitter.com/AkSDINjvK5
وتابع "لم تكن هذه المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة التي أعرض فيها نفسي للخطر في مهمة قتالية"، وقال "حتى في الطلعات الأكثر روتينية أثناء الحرب، أتحمل المخاطر. وإذا قام العدو بعمله بشكل جيد، فهناك فرصة أن أتعرض للضرب، إنه خوف أفهمه في كل مرة أقلع فيها. أفضل ما يمكنني فعله هو عدم التفكير في الأمر، والتركيز فقط على الطيران بسرعة وبشكل جيد، وإذا حدث شيء مفاجئ أستجيب على النحو الأمثل، نظراً لأنها كانت مهمة بالغة الأهمية، حيث كنت أعرف أن هناك فرصة لتعرضي للضرب، لكن كان لدينا متسع من الوقت للاستعداد لكل طارئ تقريباً، والاستجابة "ماذا إذا حدث الأسوأ، فأنا مستعد ذهنياً وأعرف الخطوات التي يجب اتخاذها في كل لحظة".