جريدة الرؤية العمانية:
2024-09-15@08:09:20 GMT

الدولة.. والدولة العميقة

تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT

الدولة.. والدولة العميقة

 

مسعود أحمد بيت سعيد

masoudahmed58@gmail.com

 

يستخدم البعض مصطلح "الدولة العميقة" للإشارة إلى مراكز القوى الخفية التي تبسط سيطرتها على المُؤسسات الرسمية؛ سواءً كانت مُنتخَبة ديمقراطيًا، كما هو الحال في النماذج الغربية، أو في النماذج الأخرى التي تغيب فيها تلك المظاهر الحديثة؛ بحيث تُجيِّرها لخدمة مصالحها الخاصة.

هذا التوصيف بشكل عام لا يخلو من الصواب، وإن كان المصطلح نفسه يثير الالتباس؛ حيث يدغم الدولة ككيان معنوي أشمل مع السلطة السياسية في قالب واحد دون فواصل. وقد يكون من الصعوبة تحديد التخوم بين الدولة العميقة وتلك غير العميقة إلّا بالمعنى المجازي. بَيْدَ أنَّ هذا التعبير يُثار بشكل أوسع في مراحل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أو في حالات الانتقال في السلطة؛ حيث تنشط الرقابة الاجتماعية الذاتية على حجم التحوُّلات ومدى اقترابها من متطلباتها واحتياجاتها المُلحّة. وعلى ضوء الإرهاصات من جانبٍ، وسيادة المفاهيم المثالية من جانب آخر، يتم- عادةً- استدعاء ما ترسّب في المُخيِّلة لإيجاد نوع من التبريرات والتوازنات النفسية والذهنية، بحيث تُعزى كل المعوقات لقوة مجهولة تُطلَق عليها شتى الأوصاف والتسميات.

ووفق هذا المنطلق، سيكون من الطبيعي أن تُتهَم تلك الطغم المُسيطرة بالسعي للتحكم في الوضع الجديد وتسييره قدر الإمكان وفق أجندتها. وما يُهم توضيحه يتمثل في نقطتين رئيسيتين؛ الأولى: مدى واقعية الخلط بين الدولة بمفهومها التقليدي العام، وبين السُلطة. وأعتقد أن الفهم الشعبوي لا يُفرِّق بينهما كثيرًا، وفي المقابل فإنَّ للسلطات أسبابها في عدم التفريق، بحيث تعتبر كل من يتعرّض لها بالنقد يُسيء بهذا القدر أو ذاك للدولة التي تطنب في الحرص عليها نهارًا، بينما تنخرها ليلًا. ومن البديهيات أن النقد- إن وُجِد- ينصبُ حول السلطة السياسية من حيث تكوينها وممارستها وشكلها ومضمونها وانحيازها وإدارتها للموارد الطبيعية وتوزيعها وكيفية معالجتها للمعضلات الاجتماعية، وغيرها من القضايا التي تمس الوجود الاجتماعي.

وبما أنَّ الحديث يدور حول الإطار النظري التاريخي، فإن الدولة وفق تعريفها الليبرالي، هي الإقليم والشعب والسلطة السياسية، غير أن العنصرين الأولين يتسمان بالديمومة والثبات، في حين العنصر الثالث- أي السلطة السياسية- كقاعدة عامة فهو المُتحوِّل. وتأسيسًا على ذلك، فإن الدولة العميقة قد يُقصد بها تلك القوى ذات المحتوى الطبقي، بمضامينها وأبعادها وتحالفاتها وديناميكيتها الداخلية التي تقاوم التنازل عن مكاسبها.

النقطة الثانية أن استجلاء دور تلك القوى المُتنفِّذة داخل هذه المنظومة ومدى فاعليتها التي تتضخم في بعض المُنعطفات التاريخية، ليست مسألة نظرية مُجرَّدة. والوقوف على كُنْهِهَا يتطلب بالضرورة مُقاربات علمية واقعية، وربما قد يكون تأثيرها واضحًا في بعض التجارب الحديثة التي يُستشَف من نهجها وممارستها العملية الحذر والتردد، بحيث تُصدِر خطابها السياسي والإعلامي بالانشداد العاطفي نحو الماضي، أكثر من تطلعاتها للمستقبل. ومعروف أن فعّالية الدولة العميقة في معظم البلدان النامية تجري من خلال تسويق فرضيات طوباوية لا ترى مسوغًا منطقيًا لتصحيح مسارات أفرزت واقعًا مُثقلًا بالتراكمات السلبية. وضمنيًا.. توحي بأن لا شيء يولد ولا شيء يُفنى! وهي فرضية، بقدر ما تحمل من شحنات مُحبِطة، بقدر مُنافاتها للعقل والحقائق الموضوعية. وحينما تخضع هذه الفرضية للمراجعة والتقييم العلمي، تهوي تسعة أعشارها.

ومن نافلة القول إن كل التجارب المعاصرة ذات التوجه الرأسمالي التي تُخرِج قضية العدالة الاجتماعية من حساباتها، تواجه جملة استحقاقات مطلبية ضاغطة وليس بمقدورها اجتراح مخارج وحلول للأزمات البنيوية المُتفاقِمة، ما لم تضع في اعتباراتها مرامي وغايات القوى التي تشكَّلت قبلها، ووعي محاولاتها لجهة تكييفها وحصر مهماتها في حدود إدارة وضعٍ قد أُعِدَ سلفًا؛ الأمر الذي يُفقدها حقها في التمايز والاختلاف. ولا حاجة للتأكيد على أن التجارب الذكيّة منها تَبني قاعدتها الشعبية على أنقاض إخفاقات غيرها، عِوَضًا عن أن تحمل وزرها على ظهرها، ولا تثريب على ذلك؛ حيث لا يُؤاخذ أحد بجريرة غيره، وبحسب دروس التاريخ تُثمِر شعورًا وطنيًا مُريحًا قادرًا على تمويل ملامح مشروع واعد.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

[ الدولة الأموية ذهبت ببولة … !!!؟؟؟ ]

بقلم : حسن المياح – البصرة ..

{ الدولة الأموية بشيطنة معاوية ودهائه الإبليسي المراوغ المرن ، وبقوة المد الأموي الطاغي المحتال ، وضخامة دكتاتوريتها وظلمها وإجرامها ومنعها وحرمانها ، وما لها من هيل وهيلمان ديكور ….. فأنها إنتهت الى الزوال ** ( ببولة ) ** }}

يا مالكي …. أنها لشيطنة معاوية ( بتشديد الياء ) أموية مروانية ملتوية ….

أوليست القوى السياسية التي تسميها السلطة الرابعة ، هي نفسها بقواها الحزبية السياسية موجودة في السلطات الحقيقية الثلاث ….

ما الجديد فيها حتى تضاف كسلطة رابعة …. ؟؟؟ !!!

من يقود السلطة التنفيذية بوزاراتها …. اليست هي القوى { الأحزاب السياسية } هي المتحكمة فيها وتقودها …. ؟؟؟ !!!!

والسلطة التشريعية ( البرلمان ) من يقوده والذي فيه ويكونه ….. اليست هي نفسها القوى السياسية { الأحزاب السياسية } هي المكونة للبرلمان السلطة التشريعية ، وهي التي تقوده ….. ؟؟؟ !!!

لا تغطي الحقيقة التي هي فشلكم ، وقد أحسستم ، وعلمتم بأزمة سياسية ضخمة ، وأزمات سياسية كبيرة ، وأنها ستحصدكم بإذن الله تعالى عاجلٱ ، لفسادكم وإجرامكم وظلمكم …..

إنها الدكتاتورية الستالينية المستبدة ، والنيرونية المتفردة حاكمية وتصرفات ظالمة مجرمة قابضة …..

حسن المياح

مقالات مشابهة

  • الدخول في عملية سياسية تشمل القوى السياسية الوطنية عدا المؤتمر الوطني وواجهاته!
  • استغراب إعلامي من وصف المالكي للقوى السياسية بالسلطة الرابعة
  • لنقي: لن تكون مخرجات اجتماع ممثلي النواب والدولة ناجحة إلا بعد التئام مجلس الدولة
  • أبرز ما جاء في ردود أفعال القوى السياسية حول تصريحات ياسر العطا
  • لنقي: هنالك مخاوف من استغلال الخلافات السياسية والعسكرية لتشكل لجنة دولية للإشراف على أموال ليبيا
  • ميادة سوار الذهب: تماهي القوى السياسية العميلة مع القوى الخائنة للوطن مع التباس بائن في مفهوم الصراع السياسي
  • [ الدولة الأموية ذهبت ببولة … !!!؟؟؟ ]
  • الأحزاب السياسية .. ودورها فى رفع الوعى وبناء الوطن
  • «المنفي» يستعرض مع مجلس الدولة التطورات السياسية
  • المالكي: تضافر جهود القوى السياسية وتعاونها يمنع أيّ إنهيار قد يتعرض له العراق