الدولة.. والدولة العميقة
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
مسعود أحمد بيت سعيد
masoudahmed58@gmail.com
يستخدم البعض مصطلح "الدولة العميقة" للإشارة إلى مراكز القوى الخفية التي تبسط سيطرتها على المُؤسسات الرسمية؛ سواءً كانت مُنتخَبة ديمقراطيًا، كما هو الحال في النماذج الغربية، أو في النماذج الأخرى التي تغيب فيها تلك المظاهر الحديثة؛ بحيث تُجيِّرها لخدمة مصالحها الخاصة.
هذا التوصيف بشكل عام لا يخلو من الصواب، وإن كان المصطلح نفسه يثير الالتباس؛ حيث يدغم الدولة ككيان معنوي أشمل مع السلطة السياسية في قالب واحد دون فواصل. وقد يكون من الصعوبة تحديد التخوم بين الدولة العميقة وتلك غير العميقة إلّا بالمعنى المجازي. بَيْدَ أنَّ هذا التعبير يُثار بشكل أوسع في مراحل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أو في حالات الانتقال في السلطة؛ حيث تنشط الرقابة الاجتماعية الذاتية على حجم التحوُّلات ومدى اقترابها من متطلباتها واحتياجاتها المُلحّة. وعلى ضوء الإرهاصات من جانبٍ، وسيادة المفاهيم المثالية من جانب آخر، يتم- عادةً- استدعاء ما ترسّب في المُخيِّلة لإيجاد نوع من التبريرات والتوازنات النفسية والذهنية، بحيث تُعزى كل المعوقات لقوة مجهولة تُطلَق عليها شتى الأوصاف والتسميات.
ووفق هذا المنطلق، سيكون من الطبيعي أن تُتهَم تلك الطغم المُسيطرة بالسعي للتحكم في الوضع الجديد وتسييره قدر الإمكان وفق أجندتها. وما يُهم توضيحه يتمثل في نقطتين رئيسيتين؛ الأولى: مدى واقعية الخلط بين الدولة بمفهومها التقليدي العام، وبين السُلطة. وأعتقد أن الفهم الشعبوي لا يُفرِّق بينهما كثيرًا، وفي المقابل فإنَّ للسلطات أسبابها في عدم التفريق، بحيث تعتبر كل من يتعرّض لها بالنقد يُسيء بهذا القدر أو ذاك للدولة التي تطنب في الحرص عليها نهارًا، بينما تنخرها ليلًا. ومن البديهيات أن النقد- إن وُجِد- ينصبُ حول السلطة السياسية من حيث تكوينها وممارستها وشكلها ومضمونها وانحيازها وإدارتها للموارد الطبيعية وتوزيعها وكيفية معالجتها للمعضلات الاجتماعية، وغيرها من القضايا التي تمس الوجود الاجتماعي.
وبما أنَّ الحديث يدور حول الإطار النظري التاريخي، فإن الدولة وفق تعريفها الليبرالي، هي الإقليم والشعب والسلطة السياسية، غير أن العنصرين الأولين يتسمان بالديمومة والثبات، في حين العنصر الثالث- أي السلطة السياسية- كقاعدة عامة فهو المُتحوِّل. وتأسيسًا على ذلك، فإن الدولة العميقة قد يُقصد بها تلك القوى ذات المحتوى الطبقي، بمضامينها وأبعادها وتحالفاتها وديناميكيتها الداخلية التي تقاوم التنازل عن مكاسبها.
النقطة الثانية أن استجلاء دور تلك القوى المُتنفِّذة داخل هذه المنظومة ومدى فاعليتها التي تتضخم في بعض المُنعطفات التاريخية، ليست مسألة نظرية مُجرَّدة. والوقوف على كُنْهِهَا يتطلب بالضرورة مُقاربات علمية واقعية، وربما قد يكون تأثيرها واضحًا في بعض التجارب الحديثة التي يُستشَف من نهجها وممارستها العملية الحذر والتردد، بحيث تُصدِر خطابها السياسي والإعلامي بالانشداد العاطفي نحو الماضي، أكثر من تطلعاتها للمستقبل. ومعروف أن فعّالية الدولة العميقة في معظم البلدان النامية تجري من خلال تسويق فرضيات طوباوية لا ترى مسوغًا منطقيًا لتصحيح مسارات أفرزت واقعًا مُثقلًا بالتراكمات السلبية. وضمنيًا.. توحي بأن لا شيء يولد ولا شيء يُفنى! وهي فرضية، بقدر ما تحمل من شحنات مُحبِطة، بقدر مُنافاتها للعقل والحقائق الموضوعية. وحينما تخضع هذه الفرضية للمراجعة والتقييم العلمي، تهوي تسعة أعشارها.
ومن نافلة القول إن كل التجارب المعاصرة ذات التوجه الرأسمالي التي تُخرِج قضية العدالة الاجتماعية من حساباتها، تواجه جملة استحقاقات مطلبية ضاغطة وليس بمقدورها اجتراح مخارج وحلول للأزمات البنيوية المُتفاقِمة، ما لم تضع في اعتباراتها مرامي وغايات القوى التي تشكَّلت قبلها، ووعي محاولاتها لجهة تكييفها وحصر مهماتها في حدود إدارة وضعٍ قد أُعِدَ سلفًا؛ الأمر الذي يُفقدها حقها في التمايز والاختلاف. ولا حاجة للتأكيد على أن التجارب الذكيّة منها تَبني قاعدتها الشعبية على أنقاض إخفاقات غيرها، عِوَضًا عن أن تحمل وزرها على ظهرها، ولا تثريب على ذلك؛ حيث لا يُؤاخذ أحد بجريرة غيره، وبحسب دروس التاريخ تُثمِر شعورًا وطنيًا مُريحًا قادرًا على تمويل ملامح مشروع واعد.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
“رسائل الدول العميقة والعقيدة النووية “
بقلم : محمد البديري ..
بعد إعطاء بايدن السماح بقصف العمق الروسي ضمن المساحة الممتدة من صفر الى 300-500-1500
كم عمق ، والهدف قطع الامداد اللوجستي عن الجبهة وارباك الداخل الروسي بقصد تهييج الراي العام الداخلي و التهيئة لاسقاط بوتين شعبيا و هذا يعني تجييش كوريا وتجييش الصين معا لفك الحصار عن بوتين بدعم كوري واقتحام تايوان لإشغال الامريكان عن بوتين .
ستتغير المعادلة بإعطاء التنين الصيني أمراً بالتهيؤ للحرب وعليه سيكون هنالك شهرين حاسمين قبل تسلم ترامب اوراق البيت الأبيض ، وفي هذه المدة قد يتم تفعيل لعبة عض الاصابع ، وما مدى تاثيرها على العراق ؟ هل سيربك المشهد السياسي في اعطاء جرعة صبر ومطاولة للاكراد بالصمود والتهيء لما بعد النتائج ؟ او إعطاء جرعة صمود ومطاولة لدعاة الاقليم في الغرب .
في الجانب المجاور للعراق والمنطقة ، قد يكون هنالك دعم بقوة لعشائر البادية السورية وقطع طريق المقاومة و زيادة القصف قبل وقف اطلاق النار مع زيادة خراب لبنان و الضغط على الاسد باغلاق وقطع امداد المقاومة و اعطاء الاذن للاتراك بعدم التحرش بقصد لانها تمثل الأجندة الأمريكية مقابل حصة غازية ، والعب باوراقها الضاغطة في بغداد والمكون الاخر .
لا يمكن استبعاد تحريك اصابع الديمقراطية لتوجيه ضغوطات للشارع العراقي ضد الحكومة وفق ورقة التعيينات تتزامن معها دعايات مغرضة بعودة البعث ورفع الابواق الماجورة ضد النظام الوطني ، الوقت شهرين فقط عندها ستهدا الامور باتجاه لملمة الوضع في امريكا ، ولكن ماذا لو صمدت روسيا ماالذي يمكن ان يحصل فيما بعد!؟
هل ستلجا امريكا اولا لزعزعة سعر النفط لتدمير اقتصاد روسيا وثانيا ستفعل اعلامها ضد بوتين داخليا وتمنع بيع الغاز الروسي وحظر النفط مع تخفيض السعر لعزل روسيا عن العالم الرقمي بالتجارة العالمية لتغادر شركات الاستثمارات روسيا معتمدة على شيكات insurance payment كتعويض لما تخسر مع وعود عودة وفق نظام اخر .
هنا سترد روسيا بقوة و بمصادقة بوتين بتحديث العقيدة النووية و تدمير صوامع القمح وخنق اوديسا وارتفاع سعر القمح العالمي وهذا سيؤثر ايجابياً على مصدري القمح الامريكان لانها سترث مكانة روسيا في السوق العالمي لكن تاثيره سلباً على العراق بشكل واضح وهنا ضرورة الاستعداد والإعداد للاحتياط يصبح واجبا وطنيا ، و قد يختلف السيناريست بقبول خطة ترامب ورضوخ روسيا وانهاء الحرب واخذ الشرق الاوكراني مقابل فض التحالف مع ايران والقبول بتطويق الصين .
وفي مشهد آخر مع صعود ترامب واعادة انتاج المشهد الدولي في تركيا وسوريا ولبنان والعراق، ستكون السنوات القادمة اقتصادية للشعب الامريكي بامتياز واوراق الشرق الاوسط حرجة بداية في تركيا ربما ستشهد عنف جديد من اداء البكاكا وحزب الشعوب الديمقراطي لانكفاء تركيا داخليا وترك الامريكان يقتسمون الساحة السورية مع الروس لابعاد واضعاف المقاومة وقطع امتدادها لعشائر البادية بتكوين رابط منيع على طول شريط البادية مع العراق .
مع استمرار العنف في تركيا ربما سيؤدي ذلك الى انعاش القضية الكردية بقبولها دوليا من خلال ترك فكرة الدولة الكردية والتركيز على الحكم الذاتي المقبول دوليا ومدعوما غربيا من وجهة حقوق قانون الدولي الانساني وبالتالي ادراج قانون الحكم الذاتي في دستور تركيا بعد الانتخابات البرلمانية القادمة خلال السنوات الاربع القادمة من خلال زيادة اعمال العنف، للدفع بتكوين الضمانة الدولية للكرد ، وكذلك الدخول في حوارات الاحزاب السياسية لتهيئة الفكر السياسي التركي لتقبل تعديلات الدستور القادم وهذا مايوكده اوجلان من خلال اطلاق مناشدات لوقف العمل المسلح ضد الدولة التركية .
بعد انكفاء تركيا وسيطرة العشاير للبادية ياتي تنفس الصعداء لقطبي الانفصال الكردي والغربي من العراق
حيث سيعيد الكردي زعامته واملاءاته الانتهازية ضد المركز ويطالب بضمانات عسكرية امريكية وهي اسلحة دفاعات جوية ومنطقة امنة بخطوط عرض جديدة اكبر
لكن دون قرار اممي بل بتوافق امريكي كردي وانكفاء تركي وانشغال ايراني بمواجهة ضغوط اقتصادية كبيرة وبتراخي متعمد روسي ربما بعد القصف او الاذن بالقصف الداخلي لروسيا او مواجهة عواقب القصف والتوسع به وانخفاض سعر النفط والتهديد بقطع التعامل الرقمي والحظر النفطي لروسيا .
وهنا يكمن السوال هل سيتم توجيه الهجمة الصهيونية لضرب منشات العراق النفطية او منجزات ميناء الفاو لجعل المقاومة تتوقف عن مهاجمة اسرائيل ؟ وكذلك التوجه بشكوى ضد العراق في مجلس الامن لاخذ ذريعة بضرب العراق واعطاء جرعة امل للكرد ودعاة الاقليم الجديد بان يستمروا في التواصل الدولي والعشائري لتجييش الراي العام الدولي والشعبي بالمطالبة بالاقليم عندما يشتد القصف الاسرائيلي على العراق .
السؤال الاخر كيف تسمح سيادة دولة العراق ان تقبل لسفير بزيارة روساء العشاير والتواصل معهم و تسمح لمحافظ باصطحاب سفير دولة مهتمة بخطط تقسيم العراق بالتواصل مع زعماء العشاير !؟ اين قانون التخاطر !؟ هذه الزيارات هي نفسها وبنفس النمط في شمال الوطن واسفرت عن كيان مدمر للمنطقة واسرائيل كبرى ، اليست هذه سُنة للتقسيم في سوريا وايران وتركيا بقيادة اسرائيلية ومخطط يعتمد في تحركه وقولبته ضمن صندوق الذكاء الصناعي الذي سيتغلب على عقول البشر في التركيز بموضوع التقسيم القادم .
كيف ستنطلق الرسائل الخطيرة التي سيتم تمريرها من عمق الذكاء الصناعي ؟ هل ستفتت الشعوب وتقتل القيادات مع استغلال الفرص بتحويل المنطقة العربية الاسلامية الى منطقة عولمة مجردة من كل شيء
وهذا مانشاهده من استثمارات مليارية مهولة والعمل على تغيير مجتمعي وتطبيع المفاهيم الغربية في الساحة العربية ، في الظاهر مع الحكومة وفي العمق تجييش الشارع بالمال السياسي للسيطرة على عقول الناس بعد تدميرهم اقتصاديا او اصابتهم بالشلل ماديا وفكريا .
وفي قراءة لعمق التنين الصيني نرى بانه يتعرض الى موامرة كبرى ربما ستتركها امريكا تبتلع تايوان وتفتح لها جبهتان الاولى مع تايوان والثانية بفتوى جهادية سعودية خفية لتوجيه مغفلي الاسلام والمرتزقة لقتال بوذا انتصارا للروهاننغا المسلمة ، بعد ان يضمن ترامب ولاء بوتين المرتقب وفق المخطط المرتسم في العالم والشرق الأوسط .
الدول لها عقد تسعى لحلها وعقائد تعمل بعمقها بضد نوعي مع وضع الحلول داخليا وخارجيا بخط موازي وهنا ندعو دولتنا بالضرب بيد من حديد للفاسد والمتواطئ ومشبوه التاريخ ولكل من لا يوالي النظام في العراق وتفعيل قوانين الفساد والزج بالسجون والمصادرة لأموال الشعب المنهوبة ، ومفاجئة الخطط المرسومة واحباط المتربصين ومفاجئة المرجفين ممن ذهبوا لتهنئة ترامب و اخرين قدموا فروض الطاعة ، عجبا !!ونحن صناع الثورات وبلد الثروات و بناة التاريخ ، فهل من المعقول ؟ تاتي شرذمة تبيد التاريخ ان ما نواجهه اليوم هو اقل مما واجهه العراقيون ايام البعث المقبور ، وان ماسندفعه من خسائر للحفاظ على وحدة العراق هي اقل مما دفعناه لقيادة العراق ، والعقيدة الاسلامية مصنع النووية وعمقها الاستراتيجي في المنطقة والعالم .