جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-05@07:47:01 GMT

الدولة.. والدولة العميقة

تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT

الدولة.. والدولة العميقة

 

مسعود أحمد بيت سعيد

masoudahmed58@gmail.com

 

يستخدم البعض مصطلح "الدولة العميقة" للإشارة إلى مراكز القوى الخفية التي تبسط سيطرتها على المُؤسسات الرسمية؛ سواءً كانت مُنتخَبة ديمقراطيًا، كما هو الحال في النماذج الغربية، أو في النماذج الأخرى التي تغيب فيها تلك المظاهر الحديثة؛ بحيث تُجيِّرها لخدمة مصالحها الخاصة.

هذا التوصيف بشكل عام لا يخلو من الصواب، وإن كان المصطلح نفسه يثير الالتباس؛ حيث يدغم الدولة ككيان معنوي أشمل مع السلطة السياسية في قالب واحد دون فواصل. وقد يكون من الصعوبة تحديد التخوم بين الدولة العميقة وتلك غير العميقة إلّا بالمعنى المجازي. بَيْدَ أنَّ هذا التعبير يُثار بشكل أوسع في مراحل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أو في حالات الانتقال في السلطة؛ حيث تنشط الرقابة الاجتماعية الذاتية على حجم التحوُّلات ومدى اقترابها من متطلباتها واحتياجاتها المُلحّة. وعلى ضوء الإرهاصات من جانبٍ، وسيادة المفاهيم المثالية من جانب آخر، يتم- عادةً- استدعاء ما ترسّب في المُخيِّلة لإيجاد نوع من التبريرات والتوازنات النفسية والذهنية، بحيث تُعزى كل المعوقات لقوة مجهولة تُطلَق عليها شتى الأوصاف والتسميات.

ووفق هذا المنطلق، سيكون من الطبيعي أن تُتهَم تلك الطغم المُسيطرة بالسعي للتحكم في الوضع الجديد وتسييره قدر الإمكان وفق أجندتها. وما يُهم توضيحه يتمثل في نقطتين رئيسيتين؛ الأولى: مدى واقعية الخلط بين الدولة بمفهومها التقليدي العام، وبين السُلطة. وأعتقد أن الفهم الشعبوي لا يُفرِّق بينهما كثيرًا، وفي المقابل فإنَّ للسلطات أسبابها في عدم التفريق، بحيث تعتبر كل من يتعرّض لها بالنقد يُسيء بهذا القدر أو ذاك للدولة التي تطنب في الحرص عليها نهارًا، بينما تنخرها ليلًا. ومن البديهيات أن النقد- إن وُجِد- ينصبُ حول السلطة السياسية من حيث تكوينها وممارستها وشكلها ومضمونها وانحيازها وإدارتها للموارد الطبيعية وتوزيعها وكيفية معالجتها للمعضلات الاجتماعية، وغيرها من القضايا التي تمس الوجود الاجتماعي.

وبما أنَّ الحديث يدور حول الإطار النظري التاريخي، فإن الدولة وفق تعريفها الليبرالي، هي الإقليم والشعب والسلطة السياسية، غير أن العنصرين الأولين يتسمان بالديمومة والثبات، في حين العنصر الثالث- أي السلطة السياسية- كقاعدة عامة فهو المُتحوِّل. وتأسيسًا على ذلك، فإن الدولة العميقة قد يُقصد بها تلك القوى ذات المحتوى الطبقي، بمضامينها وأبعادها وتحالفاتها وديناميكيتها الداخلية التي تقاوم التنازل عن مكاسبها.

النقطة الثانية أن استجلاء دور تلك القوى المُتنفِّذة داخل هذه المنظومة ومدى فاعليتها التي تتضخم في بعض المُنعطفات التاريخية، ليست مسألة نظرية مُجرَّدة. والوقوف على كُنْهِهَا يتطلب بالضرورة مُقاربات علمية واقعية، وربما قد يكون تأثيرها واضحًا في بعض التجارب الحديثة التي يُستشَف من نهجها وممارستها العملية الحذر والتردد، بحيث تُصدِر خطابها السياسي والإعلامي بالانشداد العاطفي نحو الماضي، أكثر من تطلعاتها للمستقبل. ومعروف أن فعّالية الدولة العميقة في معظم البلدان النامية تجري من خلال تسويق فرضيات طوباوية لا ترى مسوغًا منطقيًا لتصحيح مسارات أفرزت واقعًا مُثقلًا بالتراكمات السلبية. وضمنيًا.. توحي بأن لا شيء يولد ولا شيء يُفنى! وهي فرضية، بقدر ما تحمل من شحنات مُحبِطة، بقدر مُنافاتها للعقل والحقائق الموضوعية. وحينما تخضع هذه الفرضية للمراجعة والتقييم العلمي، تهوي تسعة أعشارها.

ومن نافلة القول إن كل التجارب المعاصرة ذات التوجه الرأسمالي التي تُخرِج قضية العدالة الاجتماعية من حساباتها، تواجه جملة استحقاقات مطلبية ضاغطة وليس بمقدورها اجتراح مخارج وحلول للأزمات البنيوية المُتفاقِمة، ما لم تضع في اعتباراتها مرامي وغايات القوى التي تشكَّلت قبلها، ووعي محاولاتها لجهة تكييفها وحصر مهماتها في حدود إدارة وضعٍ قد أُعِدَ سلفًا؛ الأمر الذي يُفقدها حقها في التمايز والاختلاف. ولا حاجة للتأكيد على أن التجارب الذكيّة منها تَبني قاعدتها الشعبية على أنقاض إخفاقات غيرها، عِوَضًا عن أن تحمل وزرها على ظهرها، ولا تثريب على ذلك؛ حيث لا يُؤاخذ أحد بجريرة غيره، وبحسب دروس التاريخ تُثمِر شعورًا وطنيًا مُريحًا قادرًا على تمويل ملامح مشروع واعد.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كبسولات في عين العاصفة : رسالة رقم [129]

بقلم / عمر الحويج

كبسولة : رقم [1]

رفاق الثورة : أهل "تقدم" مواقفكم لازالت
نصف النصف وبين البينين من قوى الثورة
وأنتم ما زلتم مع "دُول" شوية ومع "دُول" شوية
وكأنكم مناوي آخر .
رفاق الثورة : أهل "تقدم" مواقفكم لازالت
يردد خطابكم لاحل إلا بوحدة قوى الثورة
وأنتم لا زلتم مع "دُول" شوية ومع "دُول" شوية
وكأنكم مناوي آخر .

[ لا للحرب .. نعم للسلام .. والدولة مدنية ]

***

كبسولة : رقم [2]

الإنصرافي :
الناطق الفعلي بأمر كيزانه الإسلامويين من كل لون يعزف
في غدو صوته ورواحه لحن الهزيمة المرة "سوف" ننتصر
يحسبه النصر المبين لمصالحهم وهو لايدري أنه يحارب
ذاته ومستنفريه وجيشه المختطف لا جنجويده يحارب
وهو في الحقيقة داخله يحارب شعبه وثواره/ت الأماجد .
ياسر العطا :
الناطق الفعلي بإسم كيزانه الإسلامويين من كل لون يعزف
في غدو صوته ورواحه لحن الهزيمة المرة " سوف " ننتصر
يحسبه النصر المبين لمصالحهم وهو لايدري أنه يحارب
بطعنته في الظهر لجيشه المختطف لا جنجويده يحارب
وهو في الحقيقة داخله يحارب شعبه وثواره/ت الأماجد .

[ لا للحرب .. نعم للسلام .. والدولة مدنية ]

***

كبسولة : رقم [3]

ذكرى فائتة .. بتاريخ 31 ديسمبر 2019 .

منذ 63 عاماً من عمر استقلالنا والحكومات (تجئ وتغور)
وهي تبطش وتقتل وتعذب وتعدم في هذا الشعب الطيب
.. بلا قانون
منذ 63 عاماً من عمر استقلالنا والحكومات (تجئ وتغور)
آن الآن الآوان لأخذ حقه كاملاً مكملاً هذا الشعب الطيب
.. وبالقانون

[ لا للحرب .. نعم للسلام .. والدولة مدنية ]

***

omeralhiwaig441@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • مصر 2000: الأحزاب السياسية تلعب دوراً مهماً في مساندة الدولة
  • برلماني: مصر تواجه تحديات كبيرة تتطلب التكاتف والوقوف صفًا واحدًا وراء القيادة السياسية
  • المشهداني:ضعف الحكومة = ضعف العملية السياسية
  • الحكيم يدعو القوى السياسية إلى الاستعداد لـطارئ يمس أمن العراق ويحذر من مندسين
  • كبسولات في عين العاصفة : رسالة رقم [129]
  • الدائرة الواحدة أم الدوائر المتعددة؟ صراع المصالح يشعل الساحة السياسية
  • الحصادي: ندعو البعثة الأممية لحضور لقاء مجلسي النواب والدولة في درنة
  • برلماني: القيادة السياسية قادرة على مواجهة أي تحديات تعترض المصريين
  • عون: بتضامننا وإخلاصنا للبنان الوطن والدولة نعبر إلى برّ الأمان
  • جرف الصخر.. اختبار جديد لميزان القوى السياسية في العراق