التعاون في الذكاء الاصطناعي بين الصين وإفريقيا
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
ترجمة - بدر بن خميس الظفري -
يجتمع القادة الصينيون والأفارقة هذا الشهر للمشاركة في الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي، وستكون مجموعة من القضايا، تتراوح من التجارة والاستثمار إلى الأمن والتنمية الاجتماعية، على جدول الأعمال.
ومن بين أهم القضايا التي من المرجح مناقشتها بالتفصيل نظرًا لأهميتها الاستراتيجية التعاون في مجال التكنولوجيا الرقمية، والتي ظهرت في السنوات الخمس عشرة الماضية كمحرك للنمو الاقتصادي والتنمية.
علاوة على ذلك، تعهدت الصين بتنفيذ 10 مشاريع مساعدة رقمية في إفريقيا للمساعدة في تطوير البنية الأساسية الرقمية في إفريقيا. تعد الصين بالفعل واحدة من أبرز اللاعبين في القطاع الرقمي في إفريقيا، فقد تم التعاقد مع الشركات الصينية لبناء العمود الفقري لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات الوطنية في العديد من البلدان في جميع أنحاء القارة بما في ذلك أوغندا وتنزانيا وإثيوبيا والكاميرون ونيجيريا وغيرها. أظهر الكتاب الأبيض لعام 2021 الذي أصدرته الحكومة الصينية أن الشركات الصينية وضعت أكثر من 200000 كيلومتر من الألياف الضوئية التي ربطت ملايين الأشخاص بالإنترنت، ودخلت في شراكة مع 1500 شركة في إفريقيا في استراتيجيات التحول الرقمي الخاصة بها، وعملت مع 29 حكومة إفريقية في تطوير خدمات الحكومة الإلكترونية. علاوة على ذلك، تخوض الصين أيضًا سوق السحابة العامة في إفريقيا حيث تم التعاقد مع شركاتها لبناء مراكز بيانات في دول مثل السنغال وجنوب إفريقيا.
إن إنشاء البنية الأساسية الرقمية من شأنه أن يعزز قدرة إفريقيا على تسخير البيانات الضخمة وتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي القادرة على تحسين الإنتاجية والكفاءة الاقتصادية مما يؤدي إلى نتائج إيجابية في مجال التنمية. وتوقعت دراسات أجراها معهد ماكينزي العالمي أن الاستخدام الاستراتيجي للبيانات الضخمة من شأنه أن يضيف 13 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030.
وعلى هذا النحو، من الضروري لإفريقيا والصين استكشاف السبل لتسخير التكنولوجيا الرقمية من أجل نمو الاقتصاد في القطاعات الحيوية مثل الزراعة والصناعة. وفي حين تمتلك القارة أكبر حصة (حوالي 60 في المائة) من الأراضي الصالحة للزراعة غير المزروعة في العالم، فإنها لا تزال تنفق حوالي 35 مليار دولار من العملات الأجنبية النادرة سنويًّا على واردات الغذاء. وعلاوة على ذلك، على الرغم من أن الزراعة هي أكبر قطاع اقتصادي في إفريقيا حيث تمثل 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وأكبر جهة توظيف، إلا أنها لا تزال لا تنتج ما يكفي من الغذاء لإطعام شعبها. ويرجع هذا الوضع المزري للزراعة إلى حد كبير إلى عوامل عديدة بما في ذلك أنماط الطقس وعدم الاستقرار السياسي وسوء الإدارة واستخدام التكنولوجيا القديمة. إن استخدام البيانات الضخمة في الزراعة التي تُجمعُ من خلال تقنيات مثل أجهزة الاستشعار والأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار وغيرها من الأجهزة يمكن أن يحسن الكفاءة ويساعد المزارعين على اتخاذ قرارات أفضل. تجمع هذه التقنيات البيانات حول جوانب مختلفة من الزراعة بما في ذلك ظروف التربة وأنماط الطقس وصحة المحاصيل والاستخدام الأمثل للمدخلات.
يمكن استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل هذه البيانات من أجل مساعدة المزارعين على اتخاذ قرارات مهمة حول موعد الزراعة وكمية المدخلات التي يجب استخدامها، وكذلك التنبؤ بأنماط الطقس. وبالتالي، فإن نشر البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في الزراعة الإفريقية يمكن أن يدفع الإنتاجية ويساعد في تخفيف المخاوف بشأن الأمن الغذائي. وباعتبارها رائدة عالمية في التكنولوجيا الرقمية ومع 24 مركزًا تجريبيًا للتكنولوجيا الزراعية في جميع أنحاء إفريقيا، فإن الصين في وضع جيد لمساعدة البلدان الإفريقية على تحسين الإنتاج الزراعي من خلال استخدام التقنيات الجديدة. يجب أن يخرج منتدى التعاون الصيني الإفريقي القادم باستراتيجيات عملية لكيفية القيام بذلك.
إنّ الإنتاج الصناعي في إفريقيا متأخر عن المناطق الأخرى، مما يعني أن القارة تفقد عملات أجنبية ثمينة، حيث يتعين عليها استيراد معظم المنتجات المصنعة التي تحتاجها. تبلغ حصة قطاع التصنيع في الناتج المحلي الإجمالي لإفريقيا 13% فقط، بينما كانت حصته في التصنيع العالمي 2% فقط من عام 2012 إلى عام 2019. وكما هو الحال في الزراعة، يمكن استخدام تحليلات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي لدفع الكفاءة والإنتاجية في قطاع التصنيع الإفريقي. وقد نشرت تقنيات مثل إنترنت الأشياء الصناعي وأنظمة تنفيذ التصنيع وأنظمة التحكم الصناعي في التصنيع لجمع ومعالجة وتحليل المعلومات التي تساعد في اتخاذ القرار وزيادة الإنتاجية. ويمكن للدول الإفريقية أن تعمل مع الصين لتسهيل نقل التقنيات الجديدة إلى قطاعاتها الصناعية.
ويمثل منتدى التعاون الصيني الإفريقي فرصة للطرفين لمناقشة ورسم الطريق للمضي قدمًا في دمج التكنولوجيا في القطاعات الحيوية للزراعة والتصنيع.
ديفيد مونياي أستاذ مشارك في العلاقات الدولية والعلوم السياسية ومدير مركز الدراسات الأفريقية الصينية في جامعة جوهانسبرغ.
عن موقع الصين اليوم
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: منتدى التعاون الصینی الإفریقی بین الصین وإفریقیا البیانات الضخمة فی إفریقیا
إقرأ أيضاً:
الدماغ البشري يتفوّق على الذكاء الاصطناعي في حالات عدّة
لا شك أن أنظمة الذكاء الاصطناعي قد حققت إنجازات مذهلة، بدءًا من إتقان الألعاب وكتابة النصوص وصولًا إلى توليد الصور ومقاطع الفيديو المقنعة.
وقد دفع ذلك البعض إلى الحديث عن إمكانية أن نكون على أعتاب الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، وهو نظام ذكاء اصطناعي يمتلك قدرات معرفية شاملة تشبه قدرات الإنسان.
في حين أن بعض هذا الحديث ما هو إلا ضجة إعلامية، إلا أن عددًا كافيًا من الخبراء في هذا المجال يأخذون الفكرة على محمل الجد، مما يستدعي إلقاء نظرة فاحصة عليها.
تحديات تعريف الذكاء الاصطناعي العامتدور العديد من النقاشات حول مسألة كيفية تعريف الذكاء الاصطناعي العام، وهو أمر يبدو أن الخبراء في هذا المجال لا يتفقون عليه.
ويساهم هذا في ظهور تقديرات متباينة حول موعد ظهوره، تتراوح بين "إنه موجود عمليًا" إلى "لن نتمكن أبدًا من تحقيقه". وبالنظر إلى هذا التباين، يستحيل تقديم أي نوع من المنظور المستنير حول مدى قربنا من تحقيقه.
لكن لدينا مثال موجود على الذكاء العام بدون "الاصطناعي" - وهو الذكاء الذي يوفره دماغ الحيوان، وخاصة الدماغ البشري.
ومن الواضح أن الأنظمة التي يتم الترويج لها كدليل على أن الذكاء الاصطناعي العام قاب قوسين أو أدنى لا تعمل على الإطلاق مثل الدماغ. قد لا يكون هذا عيبًا قاتلًا، أو حتى عيبًا على الإطلاق. من الممكن تمامًا أن يكون هناك أكثر من طريقة للوصول إلى الذكاء، اعتمادًا على كيفية تعريفه.
لكن من المحتمل أن تكون بعض الاختلافات على الأقل مهمة من الناحية الوظيفية، وحقيقة أن الذكاء الاصطناعي يسلك مسارًا مختلفًا تمامًا عن المثال العملي الوحيد الذي لدينا من المرجح أن يكون ذا مغزى.
مع وضع كل ذلك في الاعتبار، دعونا نلقي نظرة على بعض الأشياء التي يقوم بها الدماغ والتي لا تستطيع أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية القيام بها.
أشارت أرييل جولدشتاين، الباحثة في الجامعة العبرية في القدس، إلى أن أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية "مجزأة" في قدراتها. فقد تكون جيدة بشكل مدهش في شيء ما، ثم سيئة بشكل مدهش في شيء آخر يبدو مرتبطًا به.
وأكدت عالمة الأعصاب كريستا بيكر من جامعة ولاية كارولينا الشمالية على هذه النقطة، مشيرة إلى أن البشر قادرون على تطبيق المنطق في مواقف جديدة دون الحاجة إلى إعادة تعلم كل شيء من الصفر.
ذكر ماريانو شاين، مهندس جوجل الذي تعاون مع جولدشتاين، أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تفتقر إلى الذاكرة طويلة المدى والمخصصة للمهام، وهي القدرة على نشر المهارات المكتسبة في مهمة ما في سياقات مختلفة.
أشارت بيكر إلى وجود تحيز نحو تفضيل السلوكيات الشبيهة بالسلوك البشري، مثل الردود التي تبدو بشرية والتي تولدها نماذج اللغات الكبيرة.
في المقابل، يمكن لذبابة الفاكهة، بدماغها الذي يحتوي على أقل من 150 ألف خلية عصبية، دمج أنواع متعددة من المعلومات الحسية، والتحكم في أربعة أزواج من الأطراف، والتنقل في بيئات معقدة، وتلبية احتياجاتها من الطاقة، وإنتاج أجيال جديدة من الأدمغة، وأكثر من ذلك.
الاختلافات الرئيسية بين الدماغ البشري والذكاء الاصطناعيتستند معظم أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية، بما في ذلك جميع نماذج اللغات الكبيرة، على ما يسمى بالشبكات العصبية.
تم تصميم هذه الشبكات لتقليد كيفية عمل بعض مناطق الدماغ، مع وجود أعداد كبيرة من الخلايا العصبية الاصطناعية التي تأخذ مدخلات وتعدلها ثم تمرير المعلومات المعدلة إلى طبقة أخرى من الخلايا العصبية الاصطناعية. لكن هذا التقليد محدود للغاية.
فالخلايا العصبية الحقيقية متخصصة للغاية، وتستخدم مجموعة متنوعة من الناقلات العصبية وتتأثر بعوامل خارج الخلايا العصبية مثل الهرمونات. كما أنها تتواصل من خلال سلسلة من النبضات المتغيرة في التوقيت والشدة، مما يسمح بدرجة من الضوضاء غير الحتمية في الاتصالات.
تهدف الشبكات العصبية التي تم إنشاؤها حتى الآن هي إلى حد كبير أنظمة متخصصة تهدف إلى التعامل مع مهمة واحدة.
في المقابل، يحتوي الدماغ النموذجي على الكثير من الوحدات الوظيفية التي يمكنها العمل بالتوازي، وفي بعض الحالات دون أي نشاط تحكمي يحدث في مكان آخر في الدماغ.
تمتلك أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية عمومًا حالتين: التدريب والنشر. التدريب هو المكان الذي يتعلم فيه الذكاء الاصطناعي سلوكه؛ النشر هو المكان الذي يتم فيه استخدام هذا السلوك.
في المقابل، لا يحتوي الدماغ على حالات تعلم ونشاط منفصلة؛ إنه في كلا الوضعين باستمرار، بينما في كثير من الحالات، يتعلم الدماغ أثناء العمل.
بالنسبة للعديد من أنظمة الذكاء الاصطناعي، لا يمكن تمييز "الذاكرة" عن الموارد الحسابية التي تسمح لها بأداء مهمة والاتصالات التي تم تشكيلها أثناء التدريب. في المقابل، تمتلك الأنظمة البيولوجية عمرًا من الذكريات للاعتماد عليها.
القيود والتحدياتمن الصعب التفكير في الذكاء الاصطناعي دون إدراك الطاقة الهائلة والموارد الحسابية المستخدمة في تدريبه. لقد تطورت الأدمغة في ظل قيود هائلة على الطاقة وتستمر في العمل باستخدام طاقة أقل بكثير مما يمكن أن يوفره النظام الغذائي اليومي.
وقد أجبر هذا علم الأحياء على إيجاد طرق لتحسين موارده والاستفادة القصوى من تلك التي يخصصها لمهمة ما.
في المقابل، فإن قصة التطورات الحديثة في الذكاء الاصطناعي هي إلى حد كبير قصة رمي المزيد من الموارد عليها.
ويبدو أن خطط المستقبل (حتى الآن على الأقل) تشمل المزيد من هذا، بما في ذلك مجموعات بيانات تدريب أكبر وعدد أكبر من الخلايا العصبية الاصطناعية والوصلات بينها.
كل هذا يأتي في وقت تستخدم فيه أفضل أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية بالفعل ثلاثة أضعاف الخلايا العصبية التي نجدها في دماغ ذبابة الفاكهة وليس لديها أي مكان قريب من القدرات العامة للذبابة.