استدرجه الاحتلال ثم اغتاله.. أمير خليفة المقاوم الصامت والشرس في مخيم العين بنابلس
تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT
نابلس- بكاء وصراخ وهتافات تنعى الشهيد وتمجّد بطولاته في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي والتصدي لجنوده، هكذا كان مشهد وداع أمير خليفة في مشفى رفيديا الحكومي بمدينة نابلس، بعد قليل من اغتياله صباح اليوم الخميس.
أما الحدث فوقع عند الثالثة فجرا، وتلخّص في بضع دقائق استُدرج فيها المقاوم أمير خليفة من قبل جنود الاحتلال ليطلقوا عليه النار مباشرة ويصاب بـ5 رصاصات قاتلة.
على مدخل قرية زواتا القريبة من مدينة نابلس، استدرج أمير خليفة باتصال هاتفي يخبره أن جيش الاحتلال يحاصر منزلا في القرية، فانطلق مسرعا بدراجته النارية وببندقيته الشخصية ليتصدى للجنود الإسرائيليين كعادته.
وبمجرد وصول أمير -حسب رواية شقيقه وليد خليفة وشهود عيان تحدثوا للجزيرة نت- أطلق الاحتلال عبر "قناصة كانوا يعتلون سطح أحد البنايات المجاورة" رصاصهم تجاه الشاب الذي لم يستسلم ورد على جنود الاحتلال بإطلاق النار أيضا، واشتبك معهم لوقت قصير قبل أن يُصاب ويستشهد.
من وداع الشهيد أمير خليفة داخل مشفى رفيديا الحكومي بمدينة نابلس (الجزيرة) كمين واغتيالويقول وليد إن أمير -الملقب محليا "بالتتر"- تعرّض "لكمين محكم" من الاحتلال، حيث كان بانتظاره جنود في مركبة مدنية بيضاء اللون وآلية عسكرية وقناصة طوَّقوا المكان.
ويضيف "تبين أنه لم يكن هناك أي منزل محاصر، وأن الجنود نصبوا كمينا لأمير، وأطلقوا النار عليه مباشرة وأصابوه بـ5 رصاصات؛ اثنتين في الرأس من الخلف، و3 بالظهر وأنحاء مختلفة من جسده".
وحتى الساعة الواحدة فجرا، كان وليد مع شقيقه أمير يجلسان بالقرب من منزلهم في أحد أزقة مخيم العين، يتبادلان الحديث. يقول وليد "جلس يمازح طفلي الصغير الذي قبَّله وانصرف للنوم بعد أن حصل على هدية عبارة عن بعض النقود التي زادت تعلقه بعمه الشهيد".
وبعد ساعتين فقط، تلقى أمير اتصالا جعله ينتفض غضبا ويعتلي دراجته النارية ويمتشق سلاحه وينطلق بسرعة، بعد أن رفض اصطحاب أحد معه إلى الحدث.
ويرجح وليد أنه ونتيجة لفشل الاحتلال في اعتقال أمير أكثر من مرة؛ 3 منها في اقتحامات مباشرة للمخيم حيث يسكن، تم استدراجه لخارج المخيم الذي أضحت دهاليزه وأزقته المتداخلة مصيدة للاحتلال وجنوده، وجعلتهم في مرمى نيران المقاومين.
المقاوم الصامت
في مخيم عين بيت الماء (مخيم العين) وُلد أمير خليفة، الرابع بين 5 أشقاء ذكور، لأبوين من عائلة متواضعة، وتوفي والده قبل 9 سنوات. وفي مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تلقى تعليمه حتى الصف التاسع، ومنه خرج إلى سوق العمل لينفق على أسرته في أكثر من موقع متحملا ظروفا قاهرة.
يقول شقيقه وليد إن أمير تمنى الشهادة من صغره، واختار طريقه في المقاومة باكرا ولهذا لم يفكّر في الزواج، واعتقل مرة واحدة ولفترة قصيرة لدى الاحتلال.
واغتال الاحتلال الإسرائيلي مجدي خليفة ابن عم الشهيد أمير، وأحد مقاومي انتفاضة الأقصى عام 2004 بطريقة مباشرة ومشابهة لاغتيال أمير.
ومنذ عامين، طارد الاحتلال الشاب خليفة الذي انخرط في صف المقاومة في المخيم من دون أن ينضم إلى فصيل بعينه، "بل ابتاع دراجته وبندقيته من نوع كارلو المصنعة محليا على حسابه الخاص، وقاوم الاحتلال حتى الرمق الأخير"، كما أفادت عائلته.
و"بالمقاوم الصامت والشرس" وصف وليد شقيقه أمير، وعلى ذلك أجمع أهالي المخيم أيضا، وأكدوا أنه يتصدى ببسالة لجنود الاحتلال أثناء اقتحام المخيم، وتعرّض لتهديد مباشر من المخابرات الإسرائيلية، إذ طالبه ضباطها في اتصالات هاتفية بتسليم نفسه، غير أنه رفض التعاطي معهم، وأخبرهم أنه سيجعل المخيم "مقبرة لجيش الاحتلال".
واتخذ أمير من الأزقة سكنا له طوال عامين من المطاردة، ويقول شقيقه إنه كان "العين الساهرة" للمقاومة ويترصد أي اقتحام للاحتلال، وأحيانا لم يكن بحوزته إلا بضع رصاصات (6 أو 7 رصاصات) ولكن هذا لم يمنعه من المقاومة، بل كان يلجأ لإلقاء الأكواع المتفجرة (قنابل يدوية محلية الصنع) على قوات الاحتلال أو يرشقها بالحجارة في أسوأ الأحوال.
من وداع الشهيد أمير خليفة داخل المشفى (الجزيرة) صديق الشهداء وحبيب الأطفالولحق أمير خليفة برفيقه الشهيد محمد ندى، الذي استشهد برصاص القوات الخاصة الإسرائيلية لدى اقتحامها مخيم العين قبل أسبوعين.
ويُعرف أمير بصديق الأطفال، وهو ما كان واضحا في مشفى رفيديا عند بدء تشييع جثمانه، حيث احتشد عشرات الأطفال لوداعه والخروج في جنازته التي انطلقت نحو مقبرة مخيم العين وسط إطلاق النار غضبا وهتافات منددة بجريمة الاغتيال ومطالبة بالانتقام للشهيد.
ويقول الفتى فارس صالحي إنه التقى أمير قبل ساعات من استشهاده، "وكان يمازحنا ويضحك معنا، كأنه كان يودعنا"، في حين قال الفتى عمار جمعة إنه رآه عند منتصف الليل وكان يتجول بالمخيم بدراجته النارية كعادته، "وفي لحظة رأيناه يستقل دراجته وينطلق مسرعا، وبعد لحظات سمعنا أن هناك إصابة خطيرة قرب زواتا؛ فكان أمير".
خالة الشهيد أمير أبو خليفة تروي لحظاتها الأخيرة معه: "ما كان يفوت أي جنازة لشـــــــــــــــــــــــــــهيد… شـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهدا جنين راح من بين الجبال على جنازتهم". pic.twitter.com/H4G53hrTmD
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) August 10, 2023
يظهرون وقت الحدثويقول عادل خليفة (أحد شخصيات مخيم العين وقريب الشهيد) إن أمير عُرف "بمقاومته الصامتة والصادقة من دون حب الظهور والاستعراض العلني، بل كان ممن يظهرون ويعملون وقت الحدث فقط".
ويضيف للجزيرة نت أن هذا ما ميّز المقاومة في مخيم العين عن غيرها من المواقع الفلسطينية، وتحديدا في العامين الأخيرين. ويضيف خليفة العم "كان أمير محبوبا وقريبا ومن الناس وكتوما، ولا يعرف أحد له سرا".
وعن اغتيال أمير خليفة باستدراجه بعيدا عن موقعه، تقول عضوة لجنة التنسيق الفصائلي بنابلس ماجدة المصري إن إسرائيل أصبحت تستخدم طرقا بديلة للاقتحامات المباشرة التي تربكها وتسلط الضوء عليها محليا ودوليا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الشهید أمیر أمیر خلیفة مخیم العین
إقرأ أيضاً:
شهيد بنابلس والاحتلال يقتحم عدة مناطق بالضفة
استشهد شاب فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي، مساء الاثنين، فيما اعتقل 5 آخرون خلال اقتحامات بمدينة نابلس ومنطقة الأغوار ومحافظة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، في بيان مقتضب، عن "استشهاد الشاب نور أحمد مصطفى عرفات (18 عاما) متأثرا بجروح حرجة أصيب بها في الصدر والبطن والكتف، عقب إطلاق الاحتلال النار عليه في حي المساكن الشعبية بنابلس".
وقبيل إعلان وزارة الصحة، قالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان إن طواقمها نقلت إلى المستشفى "إصابة بالرصاص الحي في الصدر لشاب خلال اقتحام قوات الاحتلال لمنطقة المساكن الشعبية في مدينة نابلس".
من جهتها، أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية بأن الجيش الإسرائيلي اعتقل 3 فلسطينيين بمنطقة وادي المالح في الأغوار الشمالية.
وأضافت أن "قوات الاحتلال اعتقلت كلا من إبراهيم سلمان رحيل نجادة، وبرهان علي زامل دراغمة، وأحمد عبد الرحمن رشيد، واقتيدوا إلى جهة مجهولة"، دون تفاصيل عن أعمارهم.
وذكرت أن القوات الإسرائيلية داهمت منطقة وادي المالح "وشرعت بمداهمة العديد من مساكن المواطنين وتفتيشها، كما اقتحمت مدرسة المالح وأنزلت العَلم الفلسطيني".
اقتحامات واعتقالاتوفي جنين (شمال)، ذكرت الوكالة أن الجيش الإسرائيلي اعتقل "مواطنا ونجله من بلدة برطعة" غرب المدينة، ليرتفع عدد المعتقلين إلى 5 شمالي الضفة.
وأضافت أن "قوات الاحتلال اقتحمت البلدة وداهمت منزل المواطن أديب محمد قبها واعتدت على عائلته بالضرب، وحطمت محتويات المنزل وأحدثت فيه خرابا كبيرا".
من جهة أخرى، أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي كافة المداخل المؤدية إلى قرية الطبقة جنوب مدينة دورا في الخليل، ومنعت المواطنين من التنقل.
ونشرت ملصقات على الجدران تضمنت رسائل تهديد، وأكد شهود عيان اعتقال قوات الاحتلال لأحد الأطفال أثناء ذهابه إلى المدرسة وإصابته بجروح في رأسه.
قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم البلدة القديمة في الخليل (وكالة الأناضول)وتتعرض قرية الطبقة لاقتحامات شبه يومية يقوم خلالها جنود الاحتلال بدهم المنازل واعتقال فلسطينيين وإغلاق الطرق.
كما اندلعت اشتباكات مسلحة بين مقاومين فلسطينيين وقوات الاحتلال خلال اقتحامها مخيم بلاطة شرقي نابلس بالضفة الغربية.
وحاصرت قوات الاحتلال المخيم ونشرت قناصة وسط تحليق مكثّف لطائرات الاستطلاع، قبل أن تدفع بجرافات وآليات مصفحة إلى داخل المخيم وتُدمر شوارع وبنى تحتية.
وقالت مصادر محلية إن عملية الاقتحام تخللها إطلاق نار وتفجير عبوات ناسفة محلية الصنع.
كما اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة بيتا جنوب نابلس شمالي الضفة الغربية وداهمت عددا من الأحياء بها.
وأفادت مصادر فلسطينية بأن الاقتحام ترافق مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع وانتشار كثيف لقوات راجلة من جيش الاحتلال.
وأضافت المصادر أن شبانا استهدفوا القوات المقتحمة للبلدة بالزجاجات الحارقة في محاولة لصدها.
في السياق ذاته، قالت مصادر للجزيرة إن قوات الاحتلال اقتحمت مخيم الدهيشة ببيت لحم جنوبي الضفة الغربية وحاصرته ونشرت قوات كبيرة في أحيائه، كما داهمت المنازل وأوقفت عددا من الشبان، إضافة إلى دهم مطبعة في المخيم.
وبموازاة الإبادة بقطاع غزة، وسّع الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، ما أسفر إجمالا عن 784 شهيدا، ونحو 6 آلاف و300 جريح، وفق معطيات رسمية فلسطينية.