انتهت ثاني جلسات اليوم الأول من المحور الفكري لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، في دورته الحادية والثلاثين (دورة د. علاء عبد العزيز) برئاسة الدكتور سامح مهران، بعنوان "المسرح وصراع المركزيات" وجاءت الجلسة الثانية تحت عنوان "الجمالي / المسرحي ومقاومة المركزية" والتي أقيمت بقاعة الندوات بالمجلس الأعلى للثقافة، وأدارها د.

مدحت الكاشف عميد المعهد العالي للفنون المسرحية سابقا.

د. نجوي قندقجي: إيجاد هويّة للمسرح العربي أمر معُقد


وفي بداية المداخلات قدمت الأردنية د. نجوي قندقجي أستاذة الفنون الأدائية والمسرحية في الجامعة الدولية اللبنانية، ورقة بحثية بعنوان "نظريّة المسرح وتمثيل المرجعيّات بين التحوّل والاضطراب"، وقالت : في ظل التجربة الغربية ونظرية المسرح التي تلقفتها التجربة العربية، حيث نلعب دوماً دور المتلقي والمستهلك والمقلّد والمُجاري، تصبح المقاربة لفهم آليات تمثيل المرجعيات أكثر صعوبة وتعقيداً، ورغم أطروحات التأصيل وإيجاد هويّة للمسرح العربي، لم يتم تجاوز تلك الفجوة التاريخية، لكونه وُلد من خارج مرحلة التأسيس، حين جاء كفنٍ، لا يمكن تجاهل بحث المسرح العربي عن طرق لتمثيل مرجعياته، وربما وضع بعض الملامح الواضحة، سواء كانت على صعيد الموضوع أو الشكل أو الأدوات.

وأكدت "قندقجي" أنه مع ضمور النظرية المسرحية وانشطارها إلى مسارات غير واضحة المعالم، تصبح التجربة المسرحية العربية أكثر ضياعاً، أمام تساؤلات حازمة جديرة بالبحث والرصد والتحليل: كيف قاربت التجارب المسرحية العربية مرجعيات الغربية الأساسية؟ وما هي مرجعيات العرض المسرحي العربي اليوم؟ وكيف اختلفت عن مرجعيات التأسيس وآليات التعبير عنها؟ ، هل التجريب العربي قادر على خلخلة آليات تمثيل مرجعيات العمل الفني أم يساهم في تكريس اضطراب هوية العرض المسرحي؟، كيف يستطيع التجريب أن يملأ تلك الفجوة الفاصلة ما بين تحوّلات المسرح الغربي وفوضى التجربة العربية؟.

الباحث التونسي حاتم التليلي : علينا أن ننتهي من أسطورة التمركز الغربي

فيما قدم الناقد المسرحي التونسي حاتم التليلي، ورقة بحثية بعنوان "نحو مـسرح ديوكولونيالي"، متسائلا: ما الذي سيتبقّى من المسرح الغربي لو نستأصل منه عودة برشت إلى ثقافة النّو والكابوكي؟ ما الذي سيتبقّى من هذا المسرح لو نسحب منه مسرحية المهابهاراتا لبيتر بروك بوصفها نشاطا مشرقيّا في قالب غربي؟ ما الذي سيتبقّى من هذا المسرح لو نجتثّ منه تحريضات أنتونان أرطو بوصفها طاقة بركانيّة هائجة باسم "نقيع السّحر" لم ينضب بعد من الثقافة المشرقية؟ ما الذي سيتبقّى من هذا المسرح لو نسحب عنه تلك العودة إلى الثقافة الإفريقية تحت تغطية فخاخ ذلك المفهوم المسرحيّ الماكر الموسوم بالمثاقفة؟

وتابع: وبشكل مضادّ: ما الذي سيتبقّى في المسارح العربيّة لو نستأصل منها المناهج المسرحية الغربية وتوجّهاتها الجماليّة والفكرية؟ كيف يمكن مجاورة الحدود بين المسرح الغربي والمسارح المشرقية والعربية والإفريقية دون السّقوط في مهنة التابع؟ هل يمكن التحدّث اليوم عن مسرح ديوكولونيالي منه يتكوّن الحديث عن تبديد النزعة المركزية للآخر ومنه تنتهي أسطورة التمركز الغربي ومنه نستطيع إبادة مفهوم الاستثمار والردّ على مفهوم المثاقفة المزعوم؟

وأضاف : للإقامة في تخوم هذه الأسئلة ومجاهيلها، لابد ان نتطرّق الي تأكيد استحالة التجريب في المسرح دون تبديد تلك الأضاليل الفكرية والجمالية ومزاعم التثاقف،  و إلى سؤال التجريب بوصفه الآن سلاحا فعّالا لتحطيم البراديغمات المسرحية السائدة عربيّا كانت أم غربيّا، سوف نتطرّق إلى سؤال الديكولونيالية في المسرح بوصفه رهانا جماليّا وفكريّا منه تنشأ عمليّة نقش المستقبل الجماليّ للعالم بشكل مشترك خارج معظم نزعات التمركز في أشكالها المختلفة.

د. كمال خلادي : مسرح الألفية الثالثة لا يعرف هوية الأمة الواحدة

بينما قدم الناقد والباحث المغربي كمال خلادي، ورقة بحثية بعنوان "مسرح الالفية الثالثة: من صراع اللامركزيات الي تعدد الجسد وهجرة الحركة" موضحا أنه يميل الدارسون والممارسون إلى التفكير في مسرح الألفية الثالثة انطلاقا من خطي تفكير بارزين إنهم الآن أميل إلى الاقتناع بأن مقولة الأمة الموحدة والمتجانسة قد انسحبت لتترك مكانها إلى رؤية المعالم بما هو مساحة مفتوحة يعاد تشكيلها باستمرار تحت ضغط التحولات السياسية، الاقتصادية، الثقافية، والتقنية في هذا السياق تصبح المهجنة والهشاشة سمتان أساسيتان للأمكنة التي تتشكل خصوصا من خلال قيم الإنتاج والاستهلاك، ويصبح مفهوم الهوية مفهوما متفاوضا بشأنه على الدوام. من جهة ثانية.
وأضاف "خلادي": يبعث خطا التفكير السابقان حزمة أسئلة قديمة وأخرى جديدة مسائل تصوراتنا حول المسرح، والأداء، والهوية، والثقافة، ومقولات مثل المسرح الخاص بنا، والمسارح الوطنية، والأنا والآخر، سنعيد طرح العلاقة بين المسرح العربي والغربي وفق نظم تفكير ومقاربات جديدة،  أيضا واقع انتقال المعرفة والفرجة والخبرة وإعادة تحتها وتوزيعها عبر النقال الأجساد والأشكال الأدائية.

د. وسام عبد العظيم : التيارات المسرحية الجديدة قضت على المركزية

فيما قدم الباحث والناقد العراقي د. وسام عبد العظيم عباس، ورقة بحثية بعنوان "السلالات الادائية في المسرح المعاصر ونهاية المركزيات" أكد خلالها أن وضع بوصلة واضحة لصراع المركزيات بشكلها العام يبدأ بالهوية الحضارية والثقافية كونها هي التي تحدد التماسك والتفكيك والصراع، بوصفها القادرة على وضع مقياس حقيقي لتفاوت المركزيات، ومن جملة الذين يتفاعلون مع هذا الصراع هو المسرح بوصفة العصب الرئيس في تشكيل الحضارة وتكوين الهوية الثقافية، ولان العروض المسرحية التقليدية في السياقات العربية والغربية هي نتاج بيئاتها التاريخية والثقافية والدينية الفريدة، اجتهد كل تقليد وطور أشكالًا مختلفة من التعبير، لذا فإن التبادل المستمر للأفكار والتعديلات عبر صراع المركزيات الناتج عن حركة المد والجز الذي تتعرض له المؤسسة المسرحية، نتج عنه تيارات محلية جديدة واضمحلال تيارات مركزية اخرى كانت سائدة وقد حدث ذلك نتيجة لتدمير المراكز، وتعميق الغموض، والتباس المعنى، عبر إنهاء الأسلوبية والاتجاه بخاصية تعدد الأساليب، ومزج الاتجاهات، والمزاوجة بينها ما اسهم بإنتاج انماط محلية و استكشاف الوان وتجارب ادائية تجتهد لتبرز على السطح.
لافتا إلى أن الصراع الملحوظ بين مراكز النظريات الادائية ساهم بشكل أو بأخر بإنتاج انماط فنية/ مسرحية/ ادائية جديدة لم تأخذ حيزاً في ما سبق، فتشكلت عبر مظلة اكبر فيها شيء من الخصوصية والاستقلال للنوع والمؤدي ومن هذه الأنماط الادائية، الرقص واللعب على الحبال وتربية القرود والمهرج والراوي، والحكواتي اذ لم تكن لهم خصوصية في ضل المركزيات التي كانت تمتاز بصرامة المنجز الفني،  فأخذت الاداءات المسرحية تتجه صوب التقديم الذي تجاوز جميع تابوهات فن التمثيل وخطوطها الحمراء عبر الارتجال، تبادل الادوار، الفعل الخارجي لتسييل/ تذويب، الحدود بين المؤدي وطبيعة الشخصية التي سيتم تقديمها.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي الدكتور سامح مهران المسرح ورقة بحثیة بعنوان ة المسرح

إقرأ أيضاً:

الأربعاء.. حدوتة ومسرحية مع سيد رجب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تحت عنوان "حدوتة ومسرحية مع سيد رجب" يقدم الممثل المصري الشهير سيد رجب تجربة فنية جديدة لجمهوره في 19 و20 مارس على مسرح تياترو أركان بالشيخ زايد، تشمل عرض مسرحية من فصل واحد بعنوان "الكاتب في شهر العسل"، من إخراج أحمد العطار، يعقبها تقديم سيد رجب لمجموعة مختارة من الحكايات الشعبية من تراثنا المصري الأصيل.
تعتبر هذه الأمسية فرصة نادرة لمشاهدة الممثل المصري الشهير، والمعروف بأدوار مميزة لا حصر لها في المسرح والسينما والتلفزيون، وهو يقدم لجمهوره أكثر شيء يتقنه: وهو الحضور الحي والمؤثر على خشبة المسرح، مع حس كوميدي لا تشوبه شائبة.
تعرض المسرحية للمرة الأولي في مصر بعد عرضها العالمي الأول في يناير من هذا العام ضمن برنامج "عروض الشارقة" الذي تنظمه مؤسسة الشارقة للفنون بدولة الإمارات العربية المتحدة.
تبدأ أمسية حدوتة ومسرحية مع سيد رجب بمسرحية "الكاتب في شهر العسل" وهي واحدة من أبرز أعمال الكاتب المسرحي المصري المعروف علي سالم (1936-2015)، والتي لا تزال تعكس واقعًا لا يزال وثيق الصلة بواقعنا المعاصر، وقام بإخراجها مسرحيا أحمد العطار برؤية تسلط الضوء على طبقاتها المتعددة وتكشف عن أبعاد جديدة هذه القصة المألوفة.
يقول العطار "تابعت أعمال على سالم منذ سنوات دراستي، وأعجبت بشكل خاص بمسرحياته ذات الفصل الواحد مثل "البوفيه" و"الكاتب والشحات" وغيرها. تحمل هذه المسرحيات لمحات سياسية وتعتمد عادة على شخصية رئيسة واحدة أو اثنين"، ويضيف العطار: "أعتقد أن "الكاتب في شهر العسل" هي واحدة من أفضل أعمال سالم: الشخصيات مرسومة بشكل ثري، وحبكة فنية مثالية البناء. وعلى الرغم من أنها نشرت لأول مرة في أوائل السبعينيات، إلا أن موضوعاتها لا تزال تلقى صدى على يومنا الحاضر. وتدور أحداثها على خلفيات سياسية وإنسانية عميقة، تتبع القصة زوجين في الستينيات، وتنتهي بنهاية مفاجئة وتحول في مسار الأحداث لا مفر منه".
يجسد سيد رجب في المسرحية دور الكاتب الممزق بين الشك واليقين، بينما تلعب ياسمين الهواري دور الزوجة التي تعقد هذا الصراع أكثر، حيث يصبح كل يقين هشًا، وكل حقيقة نسبية.
ولا تنتهي الليلة مع إسدال الستار بعد انتهاء المسرحية، حيث يبقى سيد رجب على المسرح ليحكي قصة بحضوره الآسر وأسلوبه الفريد في الحكي، سينسج سيد رجب حكايات شعبية تمتد عبر قرون، ويعيد احيائها على خشبة مسرح تياترو أركان. 
يمتد تاريخ التعاون الإبداعي بين سيد رجب واحمد العطار لسنوات طويلة وبدأ التعارف بينهما فى عام 1990، عندما كان احمد العطار شابا متحمسا للمسرح يحضر عروض سيد رجب مع فرقة الورشة المسرحية، ويقول العطار "عندما كنت شابًا، أعجبت جدًا بمهارات سيد التمثيلية، وعملنا معا لأول مرة في عام 2003 في عرض من إنتاج مصري سويدي وهو "حلم ليلة منتصف الصيف" من إخراج إيفا بيرجمان (ابنة المخرج السويدي الشهير إنجمار بيرجمان)، والتي تم عرضها باللغة العربية، كنت وقتها مساعد المخرج المسئول عن الإنتاج، بينما قام سيد بلعب البطولة أمام عدد من الفنانين المصريين والعرب، وواصلنا التعاون منذ ذلك الحين، وقمنا بعدة جولات عالميا معا".
وتعد مسرحية "ماما، انا عايز اكسب المليون" أول عمل لهما معًا من إخراج احمد العطار في (2004)، وأحدث أعمالهما مسرحية "العشاء الأخير" في (2014)، والتي حققت نجاحًا كبيرًا وجالت عدد من المسارح العالمية حتى عام 2019. وعلى مدى عقود، حصل سيد رجب على العديد من الجوائز عن أدواره في المسرح والسينما والتليفزيون، والجدير بالذكر أنه الممثل المصري الوحيد الحائز على جائزة أفضل ممثل من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي مرتين في 1993 و2007.
بينما يُعرف احمد العطار الآن كأحد أهم المخرجين المسرحيين بين أبناء جيله وهو أيضًا كاتب مسرحي ومدير ثقافي، وهو المؤسس والمدير العام لشركة المشرق للإنتاج ، التي تشرف على مشاريع فنية وثقافية متنوعة، بما في ذلك مساحة روابط للفنون، واستوديو عماد الدين، ومهرجان وسط البلد للفنون المعاصرة (دي-كاف)، كما حصل العطار في عام 2018 على وسام فارس الفنون والآداب من وزارة الثقافة الفرنسية.
تشارك سيد رجب في بطولة مسرحية "الكاتب في شهر العسل" الفنانة ياسمين الهواري، وهى ممثلة وراقصة مصرية تعيش بين القاهرة ولوس أنجلوس، بدأت مسيرتها المهنية في المسرح عام 2006، وشاركت في عدد من البرامج التلفزيونية للأطفال. وهي حاصلة على بكالوريوس في صناعة الأفلام من المعهد العالي للسينما بالقاهرة وماجستير في التمثيل من أكاديمية نيويورك للأفلام.
وتعتبر ياسمين الهواري أول فنانة مصرية تخرج مسرحية في أكاديمية نيويورك، وهى أيضا راقصة باليه سابقة في فرقة باليه أوبرا القاهرة، وقدمت أدوارًا متعددة في عروض دار الأوبرا المصرية.
ويشارك في بطولة عرض "الكاتب في شهر العسل" أيضا الممثل والموسيقي المصري الشاب إسلام فؤاد في دور النادل، درس فؤاد التمثيل في أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية بالإمارات العربية المتحدة، والغناء في معهد الموسيقى العربية في القاهرة.
تحتفل مسرحية "الكاتب في شهر العسل" بمرور 22عامًا على الشراكة الإبداعية بين احمد العطار وسيد رجب في المسرح، وتمثل التعاون الخامس بينهما، ويحتفي احمد العطار اليوم ليس فقط بمهارات سيد رجب التمثيلية ولكن أيضًا بقدراته في الحكي، وحضوره القوي على خشبة المسرح، وذكائه الإبداعي، وقبل كل شيء، تواضعه. ويختتم قائلا "على الرغم من نجوميته، يظل سيد رجب متواضعًا بشكل ملحوظ. لا يجعلك تشعر أبدًا بأنه أكبر من الدور، وهو أمر نادر. وبشكل عام، أستمتع بصنع المسرح مع بشر رائعين أكثر من مجرد ممثلين، يصبح المسرح جزءًا من حياتك، ونحن نعيش حرفيًا مع الأشخاص الذين يعملون في المسرحية وعلى إنتاجها؛ نكتشف بعضنا البعض ونصبح واحدًا. نشعر بقدر كبير من الإنسانية والأمان أثناء العمل مع فنانين مثل سيد رجب".

مقالات مشابهة

  • الأربعاء.. حدوتة ومسرحية مع سيد رجب
  • جوجل تطلق الإصدار التجريبي الثالث من Android 16.. اعرف الميزات
  • سامسونج توسع نطاق One UI 7 التجريبي للهواتف القديمة
  • 25 ألف زائر لجناح متحف المستقبل بمهرجان «ساوث باي ساوث» في تكساس
  • بالصور| الملايين يحتفلون بمهرجان "هولي" للألوان
  • وزير الكهرباء المهندس عمر شقروق لـ سانا: ستنتقل هذه الإمدادات عبر الخط العربي للغاز الذي يمر من أراضي المملكة الأردنية الهاشمية.
  • في ظل التقارب بين واشنطن وموسكو.. وزراء دفاع أوروبا يناقشون استراتيجية جديدة لدعم أوكرانيا
  • وزراء عرب يناقشون خطة إعادة إعمار غزة مع المبعوث الأمريكي
  • وزراء عرب يناقشون خطة إعادة غزة مع المبعوث الأمريكي
  • الاجتماع الأول للجنة العليا لمهرجان «الفضاءات المسرحية المتعددة».. صور