الجزيرة:
2025-03-29@18:05:04 GMT

تاريخ وهوية.. المسكن في عمارة الأحساء التراثية

تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT

تاريخ وهوية.. المسكن في عمارة الأحساء التراثية

رحلة عمرها 35 عاما قضاها الكاتب والباحث السعودي سعيد عبد الله الوايل، مع العمارة التراثية بمنطقة الخليج والجزيرة العربية، يسافر من بلد إلى بلد، ومن مدينة إلى أخرى، باحثا وموثقا وحارسا لتراث غالٍ يستحق العناية والاهتمام.

قدم "الوايل" خلال تلك الرحلة المتواصلة حتى اليوم، عددا كبيرا من البحوث والإصدارات التي أثرت بالمكتبة العربية، ووفرت للباحثين العرب المهتمين بهذا المجال مادة غنية ومهمة، كان أولها كتاب "الأبواب والنقوش الخشبية في عمارة الشارقة التقليدية".

وفي السنوات العشر الأخيرة، استطاع الباحث إنجاز مشروع حفظ وتوثیق حرفة التجارة وحرفة البناء التقليدي وما يرتبط بها من صناعة الأبواب والنقوش الخشبية والجصية التقليدية في جميع مناطق الخليج العربي.

المسكن الأحسائي

صدر لـ "الوايل" حديثا في مجال العمارة وجمالياتها وتاريخها بالخليج والجزيرة العربية كتابه "المسكن في عمارة الأحساء التُراثية: تاريخ وهوية". وهذا ضمن سلسلة من الكتب والأبحاث التي قدمها المؤلف لتكون بمثابة موسوعة للعمارة التاريخية في الأحساء، سعى فيها لتوثيق ورصد التراث العمراني المحلي الذي عمل من أجله معظم فترات حياته.

كتاب "المسكن في عمارة الأحساء التراثية: تاريخ وهوية" للباحث السعودي سعيد عبد الله الوايل (الجزيرة)

وقد اعتمد في جمع المعلومات التي تضمنتها فصول كتابه على البحث الميداني المعتمد على الخبرة الميدانية التي اكتسبها في مجال توثيق المباني التراثية وعناصرها المختلفة، والزيارات الميدانية لكل مناطق الدراسة، وما قام به من تصوير وتوثيق ومقابلات وما حصل عليه من وثائق على مدار 35 عاما مضت.

وفي كتابه الجديد المكون من 6 فصول، يتناول "الوايل" أهم المناطق التاريخية في الأحساء، موضحا تاريخ العمارة فيها، والعوامل التراثية بها، كما يُقدم نماذج للبيت الأحسائي التقليدي مثل بيت البيعة، وبيت النجيدي، وبيت الخليفة بالمبرز، وغيرها.

وتمتد فصول الكتاب لتشمل دراسة كل ما يتعلق بالعمارة السكنية التاريخية في الأحساء، من مواد البناء وأساليب العمل والطرز الفنية والمعمارية والزخرفية، إضافة لدراسة الأثاث المستخدم في البيت الأحسائي، مع توضيح الفروق بين مسكن القرية والمدينة.

سوق القيصرية أحد أهم المزارات في الأحساء (واس)

ويأخذنا الكتاب في رحلة لمعرفة المباني التاريخية وعمارتها بمختلف أشكالها، باعتبارها أهم جوانب الحضارة عند مختلف الشعوب، وتكمن أهمية دراستها في كونها من الأولويات التي تقوم عليها برامج الحفاظ العمراني، التي تمهد لعمليات التوثيق والترميم والإدراج في منظومة الحياة العامة في العصر الحديث.

وتأتي الدراسات التي احتوى عليها الكتاب، والتي توزعت على فصوله الستة، لتسد الثغرة الناجمة عن قلة البحوث في هذا المجال، إذ إن العمارة السكنية التراثية الأحسائية -بحسب الكتاب- إرث ثقافي عظيم، أبدعه فكر وعقول الآباء والأجداد الذين عملوا على حفظ هذا الموروث الثقافي وتواصله عبر العصور، نجد أن من واجبنا نقله بكل أمانة للأجيال القادمة.

وللباحث أيضا مجموعة من الدراسات والمقالات المنشورة والمؤلفات التي تهتم بالعمارة التاريخية والنقوش التراثية في الخليج العربي، من بينها: الأبواب والنقوش الخشبية الإسلامية في المباني التاريخية في الخليج العربي، والنقوش الجصية الإحسائية، وأبواب دبي التاريخية وزخارفها.

مرت الأحساء بمتغيرات سياسية أثرت في تطور الأنماط والطرز المعمارية وحركة البناء فيها خصوصا عمارة المساكن (الألمانية) العمارة الإحسائية

ولعل من أهم ما يُميز العمارة السكنية أنها تعكس هوية المجتمع الثقافية والتاريخية وتتواءم مع حاجاته الروحية والمادية، فالارتباط بين المسكن وأسلوب معيشة الأسرة والحياة الاجتماعية استوقف الكثير من المعماريين، منهم المعماري حسن فتحي الذي يقول "كل شعب ممن أنتج معمارا، يطور أشكاله التي يفضلها، والتي تخص هذا الشعب مثلما تخصه لغته أو ملبسه، أو فنونه الشعبية. وأن لمظهر البناء تأثيرا عميقا في سكانه، وبالتالي يعبر عن شخصية الإنسان ومنزلته مع التفاصيل الأخرى لفرديته كما يتكيف حسب حاجاته الاقتصادية وبالتالي تتخذ المباني شكل المجتمع بما له من أبعاد كثيرة".

ووفقا لفصول وصفحات الكتاب، فإنه على اختلاف البيئات والأنماط المعمارية التي حفلت بها العمارة التاريخية في المملكة العربية السعودية، اتسمت العمارة التراثية الأحسائية بالكثير من جوانب التميز والإبداع، عززتها مهارة البنائين الأحسائيين وإبداعاتهم، وهو ما يعكس مرجعياتهم الثقافية، حيث أكدت الدراسات الآثارية والتاريخية أن البناء في معظم المدن أو القرى قام على أنقاض مبان أقدم منها وهو ما يوحي بانتقال أنماط قديمة سابقة وتواصلها، مما يدل على أن طرز العمارة السكنية الأحسائية ضمن مساقها التاريخي نموذج سبق كل مناطق الخليج، وكان له تأثيره الواضح في المناطق المجاورة من خلال عدة عوامل أهمها انتقال البنائين الأحسائيين للعمل في مناطق الخليج.

وكما أورد مؤلف الكتاب، فإن للتغيرات السياسية التي مرت بها الأحساء تأثيرها في تطور الأنماط والطرز المعمارية وحركة البناء، وبخاصة عمارة المساكن، حيث مرت المنطقة بفترات تاريخية مستقرة أحيانا، ومضطربة أحيانا أخرى، وهو ما ألقى بظلاله على تطور حركة البناء والعمران.

يُذكر أن منطقة الأحساء السعودية، تمتد جذورها التاريخية لآلاف السنين، وتُعد من أقدم المستعمرات البشرية بالجزيرة العربية، حيث سكنها الإنسان قبل قرابة 3 آلاف عام، فقد عُرفت منذ أمد بعيد بوفرة المياه بها وخصوبة أراضيها.

وتضم الأحساء بين جنباتها 40 موقعا أثريا بينها 9 مواقع نجحت السلطات السعودية في تسجيلها على لائحة التراث العالمي بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، وتتميز المنطقة بعمارتها التراثية الفريدة التي جذبت أعين المستشرقين والباحثين وعُشاق العمارة التقليدية بالمملكة والمنطقة العربية والعالم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات العمارة السکنیة التاریخیة فی فی الأحساء فی عمارة

إقرأ أيضاً:

مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد البيعة

بعد 1300 عام من بناء مسجد البيعة على يد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور في مشعر منى بمنطقة مكة المكرمة، جاء مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية في مرحلته الثانية ليجدده ويعيد بناءه، في خطوة يسعى من خلالها إلى تعزيز الحضارة الإسلامية للمملكة وإعادة الحياة إلى مواقع كان لها أثر تاريخي واجتماعي في تشكيل محيطها البشري والثقافي والفكري، واستعادة الدور الديني والثقافي والاجتماعي للمساجد التاريخية عبر المحافظة عليها.

ويمثّل مسجد البيعة الذي بُني في العام 144هـ بالقرب من جمرة العقبة بمشعر منى أحد المساجد المستهدفة بالتطوير لما يمثله من أهمية تبرز في سيرته الذاتية، حيث يتميز المسجد الواقع في “شعب الأنصار” مكان البيعة التي نتجت عنها هجرة النبي – صلى الله عليه وسلم – في مشعر منى، بخصائص معمارية فريدة، تعتمد على مجموعة من القيم الفنية والسياقية في مجال العمارة والبناء.

ويعمل مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية على ترميم مسجد البيعة – “https://goo.gl/maps/NwZpmNV5azRxtvhU7” – على الطراز المعماري للمنطقة الغربية، وذلك على مساحته الأساسية التي تقدر بنحو 457.56م2، وبطاقته استيعابية لـ68 مصليًا في وقت واحد.

ويتميز البناء على الطراز المعماري للمنطقة الغربية بتحمل الظروف الطبيعية المحيطة، فيما تشكل المساجد التاريخية فيه تحف معمارية تعكس ثقافة بناء متقنة تتكون من الطوب المنقبي والجبس والأخشاب حيث تتسم المساجد ببساطة تصميم الواجهات.

اقرأ أيضاًالمجتمعرئيس “سدايا” يزور مركزي عمليات المسجد الحرام وأمن الطرق بالشميسي

ويأتي مسجد البيعة ضمن مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية في مرحلته الثانية التي شملت 30 مسجدًا في جميع مناطق المملكة الـ13،‏‎ بواقع 6 مساجد لمنطقة الرياض، و5 مساجد في منطقة مكة المكرمة، و4 مساجد في منطقة المدينة المنورة، و3 مساجد في منطقة عسير، ومسجدين في المنطقة الشرقية، ومثلهما في كل من الجوف وجازان، ومسجد واحد في كل من الحدود الشمالية، تبوك، الباحة، نجران، حائل، والقصيم.

يذكر أن إطلاق المرحلة الثانية من مشروع تطوير المساجد التاريخية أتى بعد الانتهاء من المرحلة الأولى التي شملت إعادة تأهيل وترميم 30 مسجدًا تاريخيًا في 10 مناطق.

وينطلق المشروع من أربعة أهداف إستراتيجية، تتلخص بتأهيل المساجد التاريخية للعبادة والصلاة، واستعادة الأصالة العمرانية للمساجد التاريخية، وإبراز البعد الحضاري للمملكة، وتعزيز المكانة الدينية والثقافية للمساجد التاريخية، ويسهم في إبراز البُعد الثقافي والحضاري للمملكة الذي تركز عليه رؤية المملكة 2030 عبر المحافظة على الخصائص العمرانية الأصيلة والاستفادة منها في تطوير تصميم المساجد الحديثة.

مقالات مشابهة

  • أنشطة متنوعة.. 92 ألف مستفيد من "صم بصحة" في الأحساء
  • المساجد التاريخية والأثرية في تونس.. روحانية العبادة وعبق التاريخ
  • هدد بإغلاق مضيق هرمز..الحرس الثوري: وجود السفن الأجنبية في الخليج غير مُبرر
  • البحر الأحمر..الخليج الجديد في لعبة النفوذ
  • مساجد الشارقة.. متاحف تروي قصة الإسلام بفنون العمارة
  • «مضمون».. أوّل منصة لخدمات الإدراج المتعدد للعقارات في منطقة الخليج
  • فريق يستكشف معالم المدينة المنورة التاريخية بطائرات رياضية.. فيديو
  • “حماس”: القدس رمز عقائدي وتاريخي وهوية جامعة للأمة
  • محافظ ميسان يوافق على مقترح مشروع الطريق الحلقي الاستراتيجي حول مدينة العمارة
  • مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد البيعة