عربي21:
2024-11-26@04:57:54 GMT

بايدن وعمر بن الخطاب: أهل النار وأهل الضوء

تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT

اتّبع رئيس الكوكب "وصفة" طبق "قدر الماء" التي ابتدعتها امرأة الضوء التي قصّر بها البرد والليل، فطبخت لأولادها الجياع الماء، وأولاد غزة أجوع، وفي رواية شعبية أنها كانت تطهو الحصى، فعثر بها عمر بن الخطاب وهو يتفقد الرعية كما يتفقد رؤساؤنا شعوبهم -بجيوش المخابرات الخفية والعلنية- بحثا عمّن قصرت به الحرية وسوّلت له نفسه كتابة منشور ناقد، أو زفرة زافر، على جدران المبكى والمضحك، جدران وسائل التواصل الاجتماعي.



الرواية مشهورة، وهي تقول إن ابن الخطاب دنا من خيمتها واستأذن، وخاطبها بأهل الضوء لا أهل النار، فعلم أن أولادها جياع ثم بادر سريعا، فأحضر دقيقا وسمنا وتمرا، ثم ربض مربضا حتى أكلوا شبعوا وضحكوا ثم ناموا.

عشرة أشهر والشيخ بايدن (المقصود بالشيخوخة السنّ، وهو شيخ عشيرة الإمبريالية العالمية أيضا) يطبخ الدماء في قدر غزة المغلي، بعد أن ذهب ميناء الشيخ بايدن، القطب، الغوث، الوتد، البدل، مع هبات النسيم ونضاحة الذكرى، والأغلب أنه أهدى الميناء للبريديتور نتنياهو وبناه لأجله، فاستغله في عملية اقتحام غزة في النصيرات، في عملية تحرير الرهائن الأربعة، ولا يعدم أنه استخدم الطعام المحمول للقتل، فقد قتل بصناديق الإغاثة عددا غير قليل من الجائعين المحاصرين المكلومين.

عشرة أشهر والشعب الفلسطيني في غزة، تحت القنابل التي تعب المحللون من قياس زنتها بالأرطال وبقنابل الحرب العالمية الثانية وهيروشيما وناغازاكي، وطبق غزة ما زال على النار غير الهادئة، وكانت إيران تعد طبق الثأر أيضا متوعدة بالانتقام لشرفها المنتهك بقتل إسماعيل هنية على أرضها
وكانت إكسسوارات علب الطعام الديلفري، "الفاسد فود"، أكثر عددا من سعرات الطعام الحرارية المعدودة بأجهزة عدّ وحدات الطاقة عدّا، ولم تفدنا جهة مستقلة -أو مستغلة باللهجة البدوية- بالقول إنَّ الأطعمة فاسدة أو منتهية مدة الصلاحية للاستهلاك البشري، وهي كذلك فالمقصود هو "الشو" الإخباري.

وسبق شيخُ دولة عربية شيخَ الإمبريالية واليسار العالمي بايدن فأكرم أهل غزة برفدهم بمكعبات من الأكفان البيضاء الناصعة، لكن خبرين انتشرا من غير مظلات في وكالات الإعلام -وليس في كتاب "مدارج السالكين بين مخيمات إياك نتعوذ وعليك بالله نستعين"- وهو أنَّ بايدن وبخَّ نتنياهو، وفي عبارات إخبارية أخرى من غير مظلات جوية: أنه علا صياحه على نتنياهو -فسرَّ كثيرون بهذا القصاص الأمريكي العادل لقاتل أكثر من أربعين ألف طفل وامرأة وشيخ غير المفقودين والجرحى والجياع. وبخّه من غير صورة أو صوت -ونحن في عصر الصورة- ولو كان لاستأنسنا بهما وتواسينا.

وكان يخرج في هذه الأثناء المتحدث بلسان الحكومة الأمريكية -وأنفها وعيونها الثلاث- جون كيربي، وهو يلحس شفتيه -وليس شيئا آخر خطر ببالي- ليقول إنهم يقتربون من اتفاق وقف إطلاق النار، وليس من خلاف سوى على بعض التفاصيل. والتفاصيل شقوق ونخاريب يسكن فيها إبليس -وكثرت تصريحات ساسة وزعماء وهي تصريحات دورية- قولهم إنه حان الوقت لوقف إطلاق النار و"تحرير الرهائن"، وهو قول سمعناه كثيرا ونسمعه حتى ينضج الماء ويستوي طبق القرن للأكلة.

عشرة أشهر والشعب الفلسطيني في غزة، تحت القنابل التي تعب المحللون من قياس زنتها بالأرطال وبقنابل الحرب العالمية الثانية وهيروشيما وناغازاكي، وطبق غزة ما زال على النار غير الهادئة، وكانت إيران تعد طبق الثأر أيضا متوعدة بالانتقام لشرفها المنتهك بقتل إسماعيل هنية على أرضها، وإن طبق الثأر على نار الانتظار والوعيد الذي يعدّه الإمام المعصوم ينضج.

أما شريك بايدن من "أهل النار"، البريديتور نتنياهو، الذي يدير المعركة بإيقادها من فوق أهل غزة ومن تحت أرجلهم، فقد اتّبع حيلة أخرى غير حيلة طهو غزة بالقنابل من غير تفريق بين مدرسة أمم متحدة، ومسجد أثري أو محدث، أو كنيسة تحت الوصاية البريطانية (الكنسية المعمدانية)، وهي حيلة خضِّ الفئران الأسيرة في الكيس المغلق بإحكام، فدفع أهل مدن غزة إلى النزوح عدة مرات، حتى جعلهم من الجرحى الرحّل؛ لا تنفعهم شفاعات وأقوال الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، السيد جوزيب بوريل: "إن ما يزيد على 85 في المئة؜ من سكان غزة مطالبون بالنزوح، والوضع هناك مروع للغاية وعمال الإغاثة يتم قتلهم"، ولا دعوات الخارجية الأمريكية لتخفيض مستوى استهداف المدنيين. والتخفيض تفسيره: اقتل يا نتنياهو بدلا من مئة وثلاثين؛ سبعين يا أخي! اعمل تخفيضا، "ديسكاونت"، ولا تكثر الملح في الطبق.

بانتظار استواء الطبق "الطائر"، نستطيع القول إنَّ زعماء أوروبا وأمريكا والصين واليابان وسائر القوى العظمى والأقل عظمة؛ تحولوا إلى ظاهرة صوتية، وهي ظاهرة وُصف بها العرب. لقد سرقوا اللقب الذي ليس به طمع، كما سرقوا العقول العظيمة والذهب الأسود، والتحف الأثرية، والكنوز، والقرار السياسي
وحيلة خضِّ الفئران حيلة حربية اتبعها خالد بن الوليد في معركة كاظمة لكن مع جند فارس وليس مع المدنيين.

وبين الفينة والأخرى تطلق تصريحات أمريكية وأوروبية مسكنّة، وهي كل يوم، مثل تصريح الخارجية الأمريكية: "إنَّ عمال الإغاثة موجودون لمساعدة المدنيين الأبرياء ويجب على إسرائيل أن تضمن حمايتهم". وتصريح كامالا هاريس: أنا والرئيس بايدن نعمل على مدار الساعة للتوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في غزة وعلينا الوصول لذلك.. وتصريحات تشبه المواساة، من الإذاعة الوطنية الأمريكية عن سفارة واشنطن في القدس: أوامر الإخلاء المتزايدة تؤدي لنزوح متكرر لعشرات الآلاف بغزة. وتصريح ممثل الصين -وهي قوة عظمى- بمجلس الأمن: يجب ألا نسمح بتكرار مأساة غزة في الضفة الغربية، وتصريحات ممثلة سويسرا في مجلس الأمن: ندعو إسرائيل لاحترام التزاماتها وفقا للقانون الدولي واحترام حياة الأفراد، وتصريح نائب مندوبة بريطانيا بمجلس الأمن: زيادة أوامر الإخلاء الإسرائيلية تتسبب بفوضى في غزة والافتقار للأماكن الآمنة..

بانتظار استواء الطبق "الطائر"، نستطيع القول إنَّ زعماء أوروبا وأمريكا والصين واليابان وسائر القوى العظمى والأقل عظمة؛ تحولوا إلى ظاهرة صوتية، وهي ظاهرة وُصف بها العرب. لقد سرقوا اللقب الذي ليس به طمع، كما سرقوا العقول العظيمة والذهب الأسود، والتحف الأثرية، والكنوز، والقرار السياسي.

إنَّ أقوال المواساة "والطاقة الإيجابية المحفزة "تذهب مع الريح"، مثل ميناء بايدن الذي ذهب مع هبات النسيم العليل، ونرجو ونأمل أن تطفأ النار تحت طبق القرن، وقد قال أصدق القائلين: "كلَّمَا أَوْقَدُوا نَارا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ".

x.com/OmarImaromar

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة إسرائيل إسرائيل امريكا غزة الاغاثة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة من غیر

إقرأ أيضاً:

كيف ستدار الفترة المتبقية من إدارة بايدن؟

 

 

للنظام السياسي الأمريكي، وهو نظام رئاسي، سمات ومواصفات خاصة تميزه من غيره من النظم السياسية في العالم. من بين هذه السمات حرصه على وجود فترة انتقالية تفصل بين لحظة إعلان فوز الرئيس الجديد ولحظة خروج الرئيس المنتهية ولايته من البيت الأبيض، وهي فترة طويلة نسبياً تصل إلى شهرين ونصف شهر (5 نوفمبر إلى 20 يناير)، الهدف الأساسي من وجودها ضمان انتقال سلس للسلطة وتهيئة الرئيس الجديد وأعضاء إدارته، ذهنياً ومعلوماتياً، لاستكشاف القضايا الحساسة والاطلاع على أهم ما تحويه الملفات الشائكة، كي يتمكن المسؤولون الجدد من مباشرة مهماتهم فور تسلم مناصبهم رسمياً، وبما يضمن عدم وجود فراغ أو خلخلة في عملية اتخاذ القرارات. غير أن الفترة الانتقالية، التي تفصل بين انتخاب ترامب وخروج بايدن من البيت الأبيض، تبدو فريدة من نوعها.
فالرئيس الخارج من البيت الأبيض، والذي سبق له شغل مناصب عليا في النظام الأمريكي، تشريعية وتنفيذية، على مدى أكثر من نصف قرن، وأصبح على وشك توديع العمل العام نهائياً، يشعر الآن بإحباط شديد ناجم عن سوء إدارته للفترة التي أمضاها رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، بحيث فشل بايدن خلالها في تحقيق أي إنجاز يذكر في كل الأصعدة.
ففي بداية ولايته، سعى لعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق الخاص بالبرنامج النووي الإيراني وفشل، وفي وسطها لم يتسبب بإشعال الحرب في أوكرانيا فحسب، وإنما أخفق بعد اندلاعها أيضاً في تركيع روسيا بالعقوبات، كما فشل في حملها بالقوة على الانسحاب من الأراضي الأوكرانية التي احتلتها، بل قد يتسبب بإشعال حرب عالمية ثالثة بسبب قراره المفاجئ السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أتاكمز ATACMS أمريكية الصنع في ضرب العمق الروسي، وها هو يخرج في نهاية فترة ولايته ويداه ملطختان بدماء الفلسطينيين واللبنانيين بسبب ضلوعه المباشر في حرب الإبادة الجماعية التي تشنها “إسرائيل” على قطاع غزة والضفة منذ أكثر من عام، وأيضاً في الحرب العدوانية التي تشنها “إسرائيل” على لبنان منذ أكثر من أربعين يوماً.
لذا يتوقع أن يستميت بايدن في محاولة استغلال الأيام القليلة المتبقية له في البيت الأبيض لتحقيق أي إنجاز يُذكر، وهو ما يفسر مساعيه شبه اليائسة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في الجبهة اللبنانية.
أما الرئيس الداخل للبيت الأبيض فيعود إليه منتفخاً هذه المرة، ومزهواً بما حققه من انتصار كاسح أعاد إليه اعتباره وجعله يشعر، وخصوصاً بعد نجاته من محاولتين لاغتياله، بأنه مبعوث العناية الإلهية المفوض إعادة فك الولايات المتحدة وتركيبها كي تصبح من جديد مؤهلة للهيمنة على العالم، ليس من خلال الحروب والعمل على تغيير الأنظمة في الدول الأخرى بالقوة، مثلما اعتادت من قبلُ، لكن من خلال العمل على “جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”.
ولأن ترامب يدرك أن تلك هي فرصته الأخيرة، ثم بات عليه أن يستغلها من دون حساب لعواقب داخلية قد تحول دون انتخابه فترة ولاية ثالثة غير مسموح بها دستورياً، يُتوقع أن تدور معاركه الكبرى خلال فترة ولايته الثانية في الساحة الداخلية، وليس في الساحة الخارجية، كما يُتوقع أن تكون هذه المعارك شرسة ومليئة بالمخاطر، لأنها ستدور أساساً في مواجهة الدولة الأمريكية العميقة. لذا، أظن أنه يفضل عودة بعض الهدوء إلى الشرق الأوسط قبل دخوله البيت الأبيض، ثم ليس من المستبعد أن يتعاون مع بايدن في مساعيه الرامية إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الجبهة اللبنانية أو، على الأقل، عدم القيام بأي شيء يمكن أن يتسبب بعرقلة هذه المساعي. وإذا صح هذا الاستنتاج فربما يتم التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار في الجبهة اللبنانية، وربما في غزة أيضاً، كي يصبح الطريق معبَّداً أمامه للبحث في هدوء عن أفضل السبل لتسوية قابلة للدوام تؤدي إلى تخليد اسمه في التاريخ!!
أياً كان الأمر فعلينا أن نتذكر أن ساكن البيت الأبيض سيظل دائماً منحازاً إلى “إسرائيل”، سواء كان اسمه بايدن أو ترامب. ومع ذلك، أظن أنه لا يجب التقليل من أهمية الفوارق بين رئيسين متباينين تماماً، أحدهما يودع البيت الأبيض، وفي حلقه غصة من نتنياهو، بسبب تلاعبه المتكرر به وبمبادراته المتعلقة بوقف إطلاق النار أو بزيادة قوافل المساعدات الموجهة إلى السكان المدنيين في قطاع غزة، على رغم حرصه الشديد على أمن الكيان الصهيوني وتفوقه، والآخر يستعد لوضع قدمه في البيت الأبيض، وهو مختال بما حققه لهذا الكيان في الماضي، لكنه يدرك، في الوقت نفسه، أن أمامه أربعة أعوام كاملة، سوف يتعين عليه خلالها أن يوازن بين عدد من الاعتبارات المتناقضة، والتي قد تحد اندفاعه نحو الانحياز غير المشروط إلى “إسرائيل”.
فنتنياهو لا يستطيع أن يضمن سلوك بايدن خلال الفترة المتبقية على خروجه من البيت الأبيض، ولا شك في أنه لا يزال يذكر سلوك أوباما المفاجئ وغير المتوقع قبل خروجه من البيت الأبيض بأيام قليلة. ففي 23 ديسمبر عام 2016 امتنع أوباما من استخدام الفيتو ضد مشروع قرار كان مطروحاً للتصويت أمام مجلس الأمن في ذلك الوقت، يطالب “إسرائيل” بوقف الاستيطان في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ويؤكد عدم شرعية كل المستوطنات التي أقامتها “إسرائيل” في الضفة الغربية منذ عام 1967، وهو ما سمح بصدور قرار مجلس الأمن رقم 2334. ومن المعلوم أن الولايات المتحدة اعتادت استخدام الفيتو لمنع صدور جميع القرارات التي من هذا النوع، في ظل جميع الإدارات التي تعاقبت على حكم الولايات المتحدة منذ عام 1967، الجمهورية منها والديمقراطية، على حد سواء.
يؤكد معظم المراقبين أن نتنياهو راهن منذ البداية على فوز ترامب، وسعى بكل وسائل الخداع، التي يُجيدها، للتملص من كل المحاولات التي استهدفت التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة، والتي كان يمكن بالتالي أن تؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار في كل الجبهات الأخرى، ونجح في أن تستمر الحرب حتى ما بعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
ولم يكن من قبيل الصدفة أن يقرر نتنياهو القيام بالهجوم الكبير على حزب الله، بدءاً بعمليات البيجر، وانتهاءً بالغزو البري للجنوب، مرورا بعمليات الاغتيال التي طالت كبار القادة، وعلى رأسهم الشهيد السيد حسن نصر الله، قبل أسابيع قليلة من بدء انتخابات الرئاسة الأمريكية، وعندما تحقق ما كان يحلم به وفاز ترامب، أمسكت النشوة ليس بتلابيب نتنياهو وحده، وإنما أيضاَ بتلابيب أكثر التيارات تطرفاً وعنصرية في حكومة الكيان.
لقد تصور نتنياهو أن حماس باتت على وشك الهزيمة، ثم لم تعد قادرة على القيام بأي دور يُعتَدّ به في الساحة، كما تصوّر أن العمود الفقري لحزب الله تم كسره فعلاً، وبالتالي أصبحت هزيمته الكاملة وإخراجه من معادلات المنطقة مسألة وقت، وبالتالي سوف يستطيع، مع عودة ترامب، أن يتفرغ لإدارة الصراع مع إيران، “رأس الحية”، وأن يحشرها من جديد بين سندان العقوبات الأمريكية الشاملة ومطرقة الضربات الإسرائيلية الساحقة والمتكررة للعمق.
وذهبت النشوة بوزير المالية الصهيوني، بتسلئيل سموتريتش، إلى حد التصريح علناً بأن “عام 2025 سيكون عام ضم الضفة الغربية إلى الكيان!”. غير أن هذه النشوة ما لبثت أن تلاشت، وراحت تتحطم على صخرة ثلاثة تحديات، لن تستطيع حكومة نتنياهو أن تتغلب على أي منها بسهولة:
التحدي الأول: الفشل في إلحاق هزيمة عسكرية بحزب الله. لقد تعثر الاجتياح البري للجنوب اللبناني بسبب الخسائر الكبيرة التي باتت تلحق بجيش الكيان يومياً، وبالتالي أصبح احتمال نجاح الكيان في دفع الحزب بقوة السلاح إلى ما وراء جنوبي نهر الليطاني، وتمكين المستوطنين النازحين من العودة إلى مستوطناتهم في الشمال، مسألة شبه مستحيلة، وخصوصاً أن حزب الله ما يزال قادراً على إرسال صواريخه ومسيراته إلى كل شبر في الكيان، بما في ذلك “تل أبيب” نفسها.
التحدي الثاني: صمود حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة وتمكنها من إلحاق خسائر يومية بجيش الكيان، وكذلك صمود الشعب الفلسطيني على رغم المجازر اليومية وعمليات الإبادة الجماعية، في مشهد يرقى إلى مرتبة الإعجاز.
التحدي الثالث: انفراط عقد الجبهة الداخلية في الكيان من جديد، وخصوصاً بعد زوال أثر الانتصارات التكتيكية التي تحققت، وعجز حكومة الكيان عن تحويلها إلى إنجازات استراتيجية، وتأكد استحالة عودة الأسرى الإسرائيليين أحياءً من دون صفقة تلبي شروط حماس، وتصاعد الفضائح التي باتت تمسك بخناق نتنياهو، وخصوصاً بعد فضيحة التسريبات الأخيرة، التي تثبت، بما لا يدع مجالاً لأي شك، أنه المسؤول الأول عن تعثر صفقة التبادل.
فإذا أضفنا إلى ما تَقَدَّم أن بايدن، بسبب رغبته في تحقيق إنجاز يستر بعض ما لحق به من عورات وإخفاقات على مدى الأعوام الأربعة المنصرمة، قد يسلك سلوكاً مشابهاً لسلوك أوباما من قبل، ثم يمتنع من استخدام الفيتو لتمرير قرار يُلزم “إسرائيل”، وفقاً للفصل السابع من الميثاق، بوقف إطلاق النار وبزيادة حجم المعونات الإنسانية المقدمة إلى الشعب الفلسطيني المهدَّد بالإبادة في غزة، فربما تشهد الأسابيع القليلة المقبلة مفاجآت لم تكن في الحسبان، في مقدمتها سقوط حكومة نتنياهو وانهيارها. وفي هذه الحالة، أظن أن ترامب لن يمانع، بل قد يرحّب بالتعامل مع رئيس وزراء آخر غير نتنياهو.

أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة

مقالات مشابهة

  • رويترز: بايدن وماكرون بصدد إعلان اتفاق هدنة بين حزب الله وإسرائيل
  • بايدن وماكرون يعلنان وقف الحرب بلبنان |تفاصيل
  • بايدن وماكرون يعتزمان الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار بلبنان
  • البيت الأبيض ينفي إعلان بايدن وماكرون وقف إطلاق النار في لبنان غدا
  • البيت الأبيض: بايدن يراقب مفاوضات وقف إطلاق النار في لبنان عن كثب
  • إسرائيل أعطت الضوء الأخضر للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان.. حقيقة أم كذب؟
  • يوم غدّ... ما الذي سيُقرّره مجلس الوزراء الإسرائيليّ بشأن وقف إطلاق النار في لبنان؟
  • إعلام إسرائيلي: تل أبيب أعطت الضوء الأخضر لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان
  • قبل وقف إطلاق النار ما الذي يقوم به حزب الله؟.. معاريف تُجيب
  • كيف ستدار الفترة المتبقية من إدارة بايدن؟