قال معهد أمريكي إن ثقة جماعة الحوثي وصبرها الاستراتيجي وميلها إلى التصعيد، على النقيض من ميل الغرب إلى الحلول السريعة وقصر فترة الانتباه، تضع الجماعة المتمردة في وضع متقدم بخطوات عديدة عن منافسيها الدوليين الآن، فيما تستغل الحرب في غزة كحصان طروادة.

 

وأضاف "معهد الشرق الأوسط" في تحليل أعدته الباحثة "ندوى الدوسري" بعنوان "الأسس الأيديولوجية لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر، في إطار تحليل الديناميكيات وراء علاقتهم بإيران، وترجم أبرز مضمونه "الموقع بوست" إن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر هي مظهر من مظاهر أيديولوجيتهم، المتجذرة في الأصولية الإسلامية.

 

وتابعت "بالتوافق اليوم مع "محور المقاومة" الإيراني، تهدف هذه الأيديولوجية إلى طرد الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، وتدمير إسرائيل، وإقامة خلافة إسلامية عالمية مع القدس في قلبها. ومن الجدير بالذكر أن حالة الصراع الدائم يُنظر إليها على أنها شرط ضروري لتحقيق هذه الأهداف الإيديولوجية. ويتناول التحليل التالي الإطار الإيديولوجي الذي يدفع أفعال الحوثيين في البحر الأحمر وتداعياتها الأوسع.

 

الحوثيون زيديون جاروديون

 

وتطرق التحليل إلى طموحات الحوثيين السياسية المتجذرة بعمق في الزيدية، وهي مدرسة فكرية داخل الإسلام الشيعي، والتي تقوم عقيدتها المركزية على أن الزعيم الروحي للمسلمين يجب أن يكون هاشميًا أو من نسل النبي محمد. ويُشار إلى هذا الشخص باسم الإمام، ولا ينبغي أن يتولى دورًا روحيًا فحسب، بل يجب أن يخدم أيضًا كزعيم للدولة.

 

وأشار إلى أن أول دولة زيدية ثيوقراطية تأسست على يد الزعيم الديني والسياسي يحيى بن الحسين في عام 983 م، على أراضي محافظة صعدة اليوم. جاء حسين إلى اليمن من الحجاز (المملكة العربية السعودية الحديثة) وأصبح معروفًا على نطاق واسع باسم الهادي.

 

وذكر أن الأئمة الزيديون حكموا شمال اليمن بقبضة من حديد لمئات السنين، وعزلوا البلاد عن بقية العالم، ومنعوا توفير التعليم الحديث والخدمات الأساسية. في سبتمبر/أيلول 1962، أطاحت القوات الثورية اليمنية بقيادة ضباط الجيش بالإمامة وأنشأت نظاماً جمهورياً يقوم على المواطنة المتساوية، مما جلب شكلاً أكثر حداثة ومركزية للحكم. لم تستهدف الثورة نفسها الزيديين، الذين استمروا في الهيمنة على البلاد. ومع ذلك، فقد أنهت احتكار الهاشميين للسلطة، على الرغم من أن العديد من الهاشميين ما زالوا يشغلون مناصب عسكرية وحكومية عليا حتى يومنا هذا. ومع ذلك، ظل الحق في العودة إلى السلطة هدفاً للزيديين المتدينين المتشددين.

 

وأوضحت أن جماعة الحوثي نفسها هي فرع من حركة النهضة الزيدية التي ظهرت في أوائل التسعينيات. قاد زعيم الجماعة الأصلي، حسين بدر الدين الحوثي، تمرداً ضد الحكومة في عام 2004 وقتل في نفس العام. بعد وفاته، تولى شقيقه والزعيم الحالي، عبد الملك الحوثي، منصبه. كان والدهما، بدر الدين الحوثي، عالماً زيدياً بارزاً وشخصية مؤثرة. مشيرا إلى أن الرجال الثلاثة، اتبعوا مدرسة الجارودي، وهي طائفة أكثر صرامة من فرع الزيدية من الإسلام. وفي حين تفضل الزيدية التقليدية، ولكنها لا تشترط، أن يكون الإمام من نسل أحفاد النبي محمد (وهو المفهوم المعروف باسم الإمامة)، فإن الجارودية تجعل من نسل النبي شرطاً مسبقاً صارماً. ويعتقد الجاروديون أن حقهم الإلهي في الحكم لا يقتصر على اليمن، بل على الكون بأسره. وعلاوة على ذلك، يرفع الجاروديون الأئمة إلى مرتبة النبي، معتقدين أنهم مختارون من الله وأن البشر ليس لديهم أي شأن في اختيار أو مقاومة مثل هذا الحاكم. وقد أدى الخلاف بين الجاروديين بقيادة بدر الدين الحوثي وابنه حسين وبقية علماء الزيدية حول الإمامة إلى انقسام داخل حركة إحياء الزيدية في منتصف التسعينيات. في أواخر تسعينيات القرن العشرين، اختطف حسين الحوثي الحركة وأعاد تطرفها وعسكرتها، ودفعت ميوله العنيفة بعض مؤسسيها الرئيسيين إلى الابتعاد عنه. وفي الآونة الأخيرة، تم إرسال العديد من العلماء الزيديين المنتقدين للحوثيين إلى سجون سرية.

 

تأثير إيران على أيديولوجية الحوثيين

 

يقول التحليل إن الحوثيين مستوحون بقوة من ولاية الفقيه، وهو نظام الحكم الذي أسسه آية الله الخميني في أعقاب الثورة الإيرانية عام 1979 حيث تقع السلطة السياسية والدينية النهائية في أيدي زعيم ديني أعلى. درس بدر الدين في قم بإيران في منتصف الثمانينيات، بينما أمضى حسين وشقيقه عبد الملك بعض الوقت في إيران وجنوب لبنان خلال الثمانينيات والتسعينيات.

 

وأضاف "على الرغم من أن إيران لا تسيطر بشكل كامل على الحوثيين، فإن المتمردين مدينون لها بنجاح تحولهم إلى قوة عابرة للحدود الوطنية لا يستهان بها. كان حسين الحوثي مستوحى بقوة من الثورة الإيرانية وكان مكرسًا لاستيرادها إلى اليمن. كان يعتقد أن إيران، بأجندتها المناهضة للإمبريالية، يمكن أن تقود العرب نحو المجد. إن محاضراته، التي تشكل الجزء الأكبر من المنهج الذي يستخدمه الحوثيون لتلقين أتباعهم واليمنيين على نطاق واسع، تتركز حول إعطاء الأولوية للجهاد ضد أميركا وإسرائيل".

 

ولتعزيز سلطتهم -حسب التحليل- أنشأ الحوثيون دولة بوليسية ثيوقراطية. وتبجل الجماعة مؤسسها باعتباره "القرآن الناطق"، وزعيمهم الحالي باعتباره رئيس "المسيرة القرآنية"، وهو مصطلح يشير إلى منصتهم السياسية والدينية. وتنص وثيقتهم التأسيسية على أن الله اختار أهل البيت، في إشارة إلى أحفاد النبي محمد بشكل عام وإلى زعيم الجماعة بشكل خاص، لقيادة الأمة الإسلامية وحماية القرآن. ويشار إلى زعيمهم الحالي باسم عالم الهدى، أو "أيقونة الهداية". وتؤكد كل هذه العناصر على المكانة المقدسة لعبد الملك الحوثي، الذي يستحق الطاعة المطلقة من رعيته.

 

وطبقا للمعهد الأمريكي فإن قدرة الحوثيين على هزيمة منافسيهم خلال الحرب الأهلية اليمنية قد أكدت اعتقادهم بأن الله في صفهم. والآن، أصبحت هجماتهم على البحر الأحمر ضد إسرائيل جزءًا من الحرب المقدسة التي كانت الجماعة تستعد لها بدقة نيابة عن الأمة الإسلامية لعقود من الزمن.

 

الحرب في غزة كحصان طروادة

 

وأردف التحليل أن الحوثيين يعتقدون أن الحرب في غزة جعلتهم أقرب إلى تحقيق هذه النبوءة. فقد أمضت الجماعة العقود العديدة الماضية في الاستعداد لحرب مع إسرائيل والغرب - فمنذ 7 أكتوبر 2023، تخرج الحوثيون 45000 مقاتل كجزء من "قوات طوفان الأقصى"، المدربة لهذا الغرض. وعلاوة على ذلك، تحت راية "التعلم والجهاد"، يهدف الحوثيون إلى تجنيد 1.5 مليون طفل في معسكراتهم الصيفية خلال عام 2023.

 

وخلص تحليل معهد الشرق الأوسط إلى أن أجندة الحوثيين المناهضة للإمبريالية اكتسبت دعمًا متزايدًا في العالم الإسلامي وكذلك بين الجماعات اليسارية المتطرفة في الغرب، لكن هدفهم الأساسي هو تأسيس نسختهم من الإمبريالية الإسلامية بالتنسيق مع إيران ومحور المقاومة. قال عضو المكتب السياسي للحوثيين محمد البخيتي: "نحن نكافح من أجل إقامة العدل على الأرض". وبالتالي، من غير المرجح أن تردع الغارات الجوية الأمريكية البريطانية الحالية الحوثيين، الذين ينفذون استراتيجية طويلة الأجل لبناء جيش لحروبهم المستقبلية.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن أمريكا الحوثي إيران البحر الأحمر البحر الأحمر بدر الدین

إقرأ أيضاً:

قلق أمريكي من دعم روسي لـ “الحوثيين” في اليمن

الجديد برس|

تواجه الولايات المتحدة مخاوف متزايدة من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يلجأ إلى دعم الحوثيين في اليمن ردًا على تسليح الغرب لأوكرانيا، وذلك وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”.

وذكرت الصحيفة أن المسؤولين الأمريكيين يشعرون بقلق خاص من احتمالية قيام روسيا بتزويد الحوثيين بالأسلحة، مما قد يؤجج النزاع في المنطقة ويعزز الهجمات التي تستهدف السفن في البحر الأحمر.

كما تناول التقرير مراجعة الدول الغربية للمخاطر الناجمة عن استخدام أوكرانيا للأسلحة بعيدة المدى، مثل صواريخ “ستورم شادو” البريطانية التي تصل مداها إلى 155 ميلاً، والتي قد تمنح أوكرانيا تفوقًا عسكريًا في ظل التقدم البطيء للقوات الروسية.

في هذا السياق، طلبت أوكرانيا الإذن باستخدام صواريخ “سكالب” الفرنسية وأنظمة الصواريخ التكتيكية الأمريكية (ATACMS)، لكن الرئيس الأمريكي جو بايدن لا يزال مترددًا في الموافقة على استخدام أوكرانيا لأنظمة ATACMS، نظرًا لمخاوف البنتاغون بشأن المخزون الأمريكي.

جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، أكد أن موقف إدارة بايدن لم يتغير بخصوص توفير قدرات ضربات بعيدة المدى لأوكرانيا، مشددًا على أن الإدارة تأخذ تهديدات بوتين على محمل الجد. في المقابل، حذر بوتين من أن أي استخدام لهذه الصواريخ لضرب روسيا سيؤدي إلى تصعيد الصراع ويقرب دول الناتو، بما في ذلك الولايات المتحدة والدول الأوروبية، من الدخول في حرب مع روسيا.

مقالات مشابهة

  • تحليل غربي: الصراع في اليمن متجذر بعمق في صراعات القوة الإقليمية ودعوات الانتقالي تضاعف تعقيد الحل (ترجمة خاصة)
  • زعيم الحوثيين يؤكد فشل واشنطن في ردع عملياتهم البحرية الداعمة لفلسطين
  • ميناءا جدة والملك عبدالله الأكثر تضررا في توترات البحر الأحمر (ترجمة خاصة)
  • قلق أمريكي من دعم روسي لـ “الحوثيين” في اليمن
  • تقرير استخباراتي إسرائيلي: الحوثيون يخططون لشن هجوم بري على تل أبيب بعد وصول عناصرهم إلى سوريا (ترجمة خاصة)
  • معهد أمريكي يحذر من تدهور وضع الأزمة المصرفية في ليبيا أكثر
  • معهد أمريكي: دول الخليج ترى الحملة الأمريكية على اليمن “مضللة ” و “خطيرة”
  • معهد أمريكي: دول الخليج ترى في الضربات الأمريكية البريطانية على الحوثيين مضللة وغير واقعية وخطيرة (ترجمة خاصة)
  • رئاسة الجمهورية تستنكر انتهاكات الحوثيين لاستقلالية القضاء
  • الجزيرة مدني .. زيادة المعاناة وغياب الحلول!