#ذئبة_حمراء ونمر
بقلم/ #مروى_الشوابكة
ذات يوم كان على الطريق ذئبة حمراء ونمر، يسيران بشكل مستقيم، وكأنّهما في سباق، ثمّ ما لبثا إلّا ووجدا نفسيهما في جسد إنسانة في عمر الثلاثينات، فتصارعا؛ مَن سينهي قوّتها أوّلا؟ فأمّا الذئبة فقد قتلت جميع فلذات كبدها، كانت تهشّم وجهها أحيانا على هيئة فراشة حمراء حارقة، تمزّق عضلاتها بين الحين والآخر، تثير أعصابها وتشعرها بالضجر، ترهقها وتتعبها بين الفينة والأخرى؛ بدون سبب ومن دون موعد!
وأمّا النمر فيركض نحوها بكلّ قوّته، لينهش مفاصلها التي هي مرتكزات الجسد، يلدغ لحمها وعظمها؛ بل جسدها بأكمله!
ذئبة حمراء ونمر؛ يعيشان داخل دمها، يتغذون على لحمها وعظمها، ضعف سمعها وبصرها، جفّ الدمع في عينيها، هزُلت عضلاتها، شُدّت أعصابها، هشّت عظامها وهناك أنباء أنهم يقفون على عتبات قلبها.
ويشتدّ صراعهما مع جسدها الرقيق في فصلي الخريف والشتاء، فتتيبّس مفاصلها، تشتدّ آلامها، يكثر بكائها وعويلها، تسهل إصابتها بالرشح والزكام…، يغيّران لون جسدها وأحيانا يذهبان نضارة وجهها، وغيرها.
وهذان المفترسان الأشدّ فتكا؛ ليس لهما من دون الله كاشفة، وإنّها سائلة الله -عزّ وجلّ- أن يقال لها: “إنّي جزيتهم اليوم بما صبروا جنّة وحريرا”، وأن يجمعها وزوجها بفلذات أكبادهما “طيور الجنان”، عسى أن يكونا ممّن قال الله -تعالى- فيهم: “إنّي جزيتهم اليوم بما صبروا أنّهم هم الفائزون”، وأن يكونا من أهل هذه الآية: “وجزاهم بما صبروا جنّة وحريرا”.
ومن تساءل عن الذئبة الحمراء؛ فهي الحمّى الذؤابيّة، وأمّا النمر؛ فهو الروماتويد. مقالات ذات صلة (12) سبباً وجيهاً ومنطقياً للزواج بممرّضة 2024/09/02
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
إلى روح الأستاذ الدكتور عمر أبو نواس
#سواليف
“إلى روح الأستاذ #الدكتور_عمر_أبو_نواس أستاذ اللغة والنحو في جامعتي: القاسميّة والألمانية رحمه الله”
أوجعتَني ألمًا بالموت يا عمرُ
أُهديكَ صمتي وأَرثي القلبَ يا عمرُ
وفي وداعكَ بحرُ الشعرِ يحتضرُ
يا سيدَ الصبرِ إنْ كربٌ ألمَّ بهِ
يطوي الحَنايا على الشكوى ويصطبرُ
رحلتَ صبحًا عن الدنيا رحيلَ فتًى
ألقى الغَمامَ على الفصحى ويستترُ
ليْ في حضوركَ وجدٌ أنتَ تعرفُه
يا ابنَ الكرامِ عُراهُ الشمسُ والقمرُ
سهمُ المنية قد أوْدى بقافيتي
لما أصابكَ واستقوى به الوتَر
جراحُ قلبك في الأحشاء تكتمها
وترْتجي في كتاب الله لا تذَر
كالبحر يتلو على الأمواج زرقتَها
يا غربةَ الموج لمّا مسّها الخطر
في غيبة الروح تبكي كلُّ جارحةٍ
وللمنايا كؤوسٌ صفوها الكَدر
ما كنتُ أحسبُ قولي فيك ينثرني
بعد الرحيل رثاءً جمرُه الإِِبَر
أبا علي وما العلياءُ منزلةٌ
إلا لطيبك لا غدْر ولا هَذَر
لله قلبُك روضٌ فوحُه أنُفٌ
بوحُ الخُزامى على أغصانه خَضِر
سقيتَها من عيون الغيم غُرتَها
حتى تهادى إليكَ الطّلُّ والزَّهَر
شوقي إليك على جمر الفؤاد شجًى
يحكي الحكايا وفي أنّاتِه الصُّور
ماذا أقول: صداكَ اليومَ أنشدُه
أوجعتني ألمًا بالموت يا عمر
وما تزال بحلقي غصّةٌ حُبِسَتْ
تسري إليك وجفنُ العين يعتصر
حقًا رحلتَ وفي عينيكَ أسئلةٌ
تَروي إلينا ويُفشي سرَّها النظر
بالعلم عشْتَ إلى أن زاركَ الأجلُ
إنّ السماءِ تُرَجَّى حينَ تستتر
أ.د.خليل الرفوع
الجامعة القاسمية