رغم أن العين غير المدربة قد تعتقد أن منطقة الخليج تشهد حاليا هزة غير مسبوقة، ما بين تغير في التحالفات وتراجع في الدور الأمريكي، لكن عين الخبير تعرف جيدا أن ما يحدث الآن في تلك المنطقة هي نفس الديناميكيات الجيوسياسية التي حكمتها قبل 50 و 100، وحتى 500 عام، أي أن المنطقة تعود إلى "إعدادات ضبط المصنع".

ما سبق كان خلاصة تحليل كتبه أندرو لاثام، أستاذ العلاقات الدولية في كلية ماكاليستر في سانت بول، مينيسوتا، وزميل أول في معهد السلام والدبلوماسية ، وزميل غير مقيم في أولويات الدفاع بواشنطن العاصمة، ونشرت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية.

حقيقة التقارب السعودي الإيراني

ويرى لاثام أن التقارب السعودي الإيراني الأخير، بوساطة صينية، ما هو في الحقيقة إلا خيارا من الجانبين لعيش مرحلة أكثر هدوءا صراعهم الوجودي من أجل السيادة الإقليمية، لكن المستقبل غير البعيد يشير إلى عودة أكيدة للانتقام الخشن المتبادل بينهما.

ويشبه الكاتب الأمر بما فعلته الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في سبعينيات القرن الماضي، التخفيف من حدة التنافس بينهما ، وتخفيف خطابهما العدائي وسلوكهما تجاه بعضهما البعض، لكن هذا لا يشير إلى نهاية الصراع الوجودي.

اقرأ أيضاً

33 عاما على غزو العراق للكويت.. نقطة تحول تاريخية لمنطقة الخليج

التحوط السياسي

في نفس السياق، يمثل تقارب كل من الإمارات والبحرين مع إسرائيل، بعد أن كان العرب واليهود خصوما تاريخيين، وكذلك دخول قوى كبرى لساحة النفوذ بالمنطقة، مثل الصين وروسيا وتركيا، انعكاسا لاستراتيجية التحوط السياسي التي بات يتبعها قادة الخليج، حيث ينوعون شراكاتهم مع عدة حلفاء أمنيين واقتصاديين عالميين، بدلا من ترك البيض كله في سلة  الولايات المتحدة، وفقا لما ترجمه "الخليج الجديد".

ويضيف الكاتب أن المنطق الكامن وراء ذلك "منطقي وخالد"، فالاعتماد فقط على حليف واحد يمكن أن يترك دول الخليج عرضة لتغيير الديناميكيات العالمية أو التغييرات في أولويات السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

ومن خلال اغتنام الفرص التي يوفرها دخول دول إقليمية جديدة جديدة، سعت دول الخليج إلى التخفيف من المخاطر من خلال المواءمة الانتهازية مع قوة خارجية واحدة في بعض القضايا وقوى خارجية أخرى على أخرى - كل ذلك مع استغلال الفرص الاقتصادية والدبلوماسية الجديدة التي يوفرها دخول لاعبين إقليميين جدد.

وقد تعرض اعتماد الخليج التاريخي على الولايات المتحدة للحصول على ضمانات أمنية لتحديات من خلال المشاركة الاقتصادية الصينية المتزايدة، مما يوفر وسيلة بديلة للتجارة وتطوير البنية التحتية.

في الوقت نفسه، أدت الأهمية الاقتصادية المتزايدة للهند إلى زيادة التعاون مع دول الخليج، بينما تسعى روسيا إلى توسيع موطئ قدمها الإقليمي من خلال الشراكات العسكرية.

بدورها، أصبحت تركيا لاعبًا مهمًا، حيث تُظهر نفوذها في القضايا الإقليمية.

ورغم أن هذه الديناميكية تعيد تشكيل التحالفات والمشهد الدبلوماسي، لكن الكاتب يؤكد أنها ليست جديدة. في الواقع، بل هي قديمة قدم النظام الدولي نفسه.

اقرأ أيضاً

صراع الخليج يتفاقم.. أمريكا تحشد عسكريا وإيران تستعرض صاروخيا

إعدادات المصنع

ويقول إن ما يحدث ببساطة الآن هو عودة عنصر أساسي في الجغرافيا السياسية قبل الحرب العالمية الأولى: "توازن متشدد قائم على المصالح"، حيث تسعى الدول إلى مواجهة أو تعويض قوة وتأثير الجهات المهيمنة أو المهددة من خلال تشكيل تحالفات أو بناء القدرات العسكرية أو القيام بمناورات دبلوماسية - دون الإشارة إلى الهوية أو الأيديولوجية.

ويختم لاثام مقاله بالقول: "ما نشهده في الخليج العربي ليس غامضًا بشكل خاص، ولكنه عودة إلى (إعدادات المصنع) للجغرافيا السياسية، وإن كان ذلك مع لمعان إقليمي محدد للقرن الحادي والعشرين".

المصدر | أندرو لاثام / ذا هيل - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: منطقة الخليج الحرب الباردة العلاقات السياسية من خلال

إقرأ أيضاً:

أحمد موسى: الكويت من أولى الدول التي دعمت مصر منذ 30 يونيو 2013 وحتى اليوم

أكد الإعلامي أحمد موسى، في حلقة اليوم من برنامجه "على مسئوليتى"، المُذاع عبر فضائية "صدى البلد"، دور الكويت الكبير في دعم مصر خلال الأوقات الصعبة، مشيرًا إلى الوقفة الثابتة من الدولة الكويتية والشعب الكويتي منذ ثورة 30 يونيو 2013 وحتى اليوم.

وقال موسى: "عندما اندلعت ثورة 30 يونيو 2013، كانت الكويت من أولى الدول التي دعمت مصر، سواءً من الناحية السياسية أو الاقتصادية، فالكويت كانت دائمًا إلى جانبنا في الأوقات الصعبة، وخصوصًا بعد بيان 3 يوليو، فموقف الكويت كان مشرفًا في تقديم الدعم لمصر، سواءً من خلال دعم البنك المركزي المصري أو من خلال تقديم مساعدات مالية لدعم الاقتصاد المصري في وقت كان فيه الوضع صعبًا للغاية".

وتابع موسى: "الكويت، إلى جانب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، كانت من الدول التي وقفت معنا بكل قوة، ودعمهم لم يكن فقط دعمًا سياسيًا، بل دعمًا ماليًا أيضًا، وهو أمر لا يمكن نسيانه. هؤلاء الأشقاء ساعدونا في تجاوز الأزمة الاقتصادية التي كانت تواجه مصر في تلك الفترة، وما زلنا نتذكر وقفتهم القوية معنا".

وشدد على أهمية هذه المواقف قائلًا: "عندما يأتي وقت الحاجة، يثبت لنا هؤلاء الأشقاء أن لديهم محبة حقيقية لمصر، فالكويت، على وجه الخصوص، أظهرت حرصًا على استقرار مصر وأمنها، وهو ما يجعلها دولة محورية في المنطقة".

مقالات مشابهة

  • بافتتاح النسخة الثانية من ندوة دراسات الخليج.. أمين مجلس التعاون يشيد بالشراكة الخليجية – الأمريكية
  • ما الملفات التي سيبحثها نواف سلام خلال زيارته لسوريا؟
  • الأمين العام للأمم المتحدة: “إسرائيل” تحرم المدنيين في غزة من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة
  • كارني: نسعى لبناء جيش قادر على التصدي للتهديدات التي تواجهها كندا
  • أحمد موسى: الكويت من أولى الدول التي دعمت مصر منذ 30 يونيو 2013 وحتى اليوم
  • سفير الاتحاد الأوروبي: ناقشت مع المنفي العملية السياسية التي تُيسّرها الأمم المتحدة
  • مفاجأة.. هند صبري تعود إلى المنصات الرقمية بمسلسل جديد
  • حرب الرسوم.. ما أكثر السلع الصينية التي يعتمد عليها الأميركيون؟
  • خبير اجتماعي يحذر من التنمر الإلكتروني
  • أدرار.. الإطلاق الكلي لنشاط مصنع الإسمنت بتيمقطن