ذا هيل: رغم الحراك الجيوسياسي الظاهري.. منطقة الخليج تعود إلى إعدادات ضبط المصنع
تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT
رغم أن العين غير المدربة قد تعتقد أن منطقة الخليج تشهد حاليا هزة غير مسبوقة، ما بين تغير في التحالفات وتراجع في الدور الأمريكي، لكن عين الخبير تعرف جيدا أن ما يحدث الآن في تلك المنطقة هي نفس الديناميكيات الجيوسياسية التي حكمتها قبل 50 و 100، وحتى 500 عام، أي أن المنطقة تعود إلى "إعدادات ضبط المصنع".
ما سبق كان خلاصة تحليل كتبه أندرو لاثام، أستاذ العلاقات الدولية في كلية ماكاليستر في سانت بول، مينيسوتا، وزميل أول في معهد السلام والدبلوماسية ، وزميل غير مقيم في أولويات الدفاع بواشنطن العاصمة، ونشرت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية.
ويرى لاثام أن التقارب السعودي الإيراني الأخير، بوساطة صينية، ما هو في الحقيقة إلا خيارا من الجانبين لعيش مرحلة أكثر هدوءا صراعهم الوجودي من أجل السيادة الإقليمية، لكن المستقبل غير البعيد يشير إلى عودة أكيدة للانتقام الخشن المتبادل بينهما.
ويشبه الكاتب الأمر بما فعلته الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في سبعينيات القرن الماضي، التخفيف من حدة التنافس بينهما ، وتخفيف خطابهما العدائي وسلوكهما تجاه بعضهما البعض، لكن هذا لا يشير إلى نهاية الصراع الوجودي.
اقرأ أيضاً
33 عاما على غزو العراق للكويت.. نقطة تحول تاريخية لمنطقة الخليج
التحوط السياسيفي نفس السياق، يمثل تقارب كل من الإمارات والبحرين مع إسرائيل، بعد أن كان العرب واليهود خصوما تاريخيين، وكذلك دخول قوى كبرى لساحة النفوذ بالمنطقة، مثل الصين وروسيا وتركيا، انعكاسا لاستراتيجية التحوط السياسي التي بات يتبعها قادة الخليج، حيث ينوعون شراكاتهم مع عدة حلفاء أمنيين واقتصاديين عالميين، بدلا من ترك البيض كله في سلة الولايات المتحدة، وفقا لما ترجمه "الخليج الجديد".
ويضيف الكاتب أن المنطق الكامن وراء ذلك "منطقي وخالد"، فالاعتماد فقط على حليف واحد يمكن أن يترك دول الخليج عرضة لتغيير الديناميكيات العالمية أو التغييرات في أولويات السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
ومن خلال اغتنام الفرص التي يوفرها دخول دول إقليمية جديدة جديدة، سعت دول الخليج إلى التخفيف من المخاطر من خلال المواءمة الانتهازية مع قوة خارجية واحدة في بعض القضايا وقوى خارجية أخرى على أخرى - كل ذلك مع استغلال الفرص الاقتصادية والدبلوماسية الجديدة التي يوفرها دخول لاعبين إقليميين جدد.
وقد تعرض اعتماد الخليج التاريخي على الولايات المتحدة للحصول على ضمانات أمنية لتحديات من خلال المشاركة الاقتصادية الصينية المتزايدة، مما يوفر وسيلة بديلة للتجارة وتطوير البنية التحتية.
في الوقت نفسه، أدت الأهمية الاقتصادية المتزايدة للهند إلى زيادة التعاون مع دول الخليج، بينما تسعى روسيا إلى توسيع موطئ قدمها الإقليمي من خلال الشراكات العسكرية.
بدورها، أصبحت تركيا لاعبًا مهمًا، حيث تُظهر نفوذها في القضايا الإقليمية.
ورغم أن هذه الديناميكية تعيد تشكيل التحالفات والمشهد الدبلوماسي، لكن الكاتب يؤكد أنها ليست جديدة. في الواقع، بل هي قديمة قدم النظام الدولي نفسه.
اقرأ أيضاً
صراع الخليج يتفاقم.. أمريكا تحشد عسكريا وإيران تستعرض صاروخيا
إعدادات المصنعويقول إن ما يحدث ببساطة الآن هو عودة عنصر أساسي في الجغرافيا السياسية قبل الحرب العالمية الأولى: "توازن متشدد قائم على المصالح"، حيث تسعى الدول إلى مواجهة أو تعويض قوة وتأثير الجهات المهيمنة أو المهددة من خلال تشكيل تحالفات أو بناء القدرات العسكرية أو القيام بمناورات دبلوماسية - دون الإشارة إلى الهوية أو الأيديولوجية.
ويختم لاثام مقاله بالقول: "ما نشهده في الخليج العربي ليس غامضًا بشكل خاص، ولكنه عودة إلى (إعدادات المصنع) للجغرافيا السياسية، وإن كان ذلك مع لمعان إقليمي محدد للقرن الحادي والعشرين".
المصدر | أندرو لاثام / ذا هيل - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: منطقة الخليج الحرب الباردة العلاقات السياسية من خلال
إقرأ أيضاً: