عمّان "العُمانية" تنسج الكاتبة الأردنية هيا صالح أحداث روايتها "جدارية الذكريات الملونة" بلغة هادئة، معاينةً قصصًا عميقة وصادقة يعيشها أبطال هذا العمل الذي تولّت الفنانة رنا حتاملة تصميم غلافَه وتحويل عدد من مشاهده في الصفحات إلى رسومات موحية.

تتناول الرواية الصادرة مؤخرًا عن "الآن ناشرون وموزعون" التحديات التي تواجه البشر في ظل نزوحهم بسبب الصراعات والحروب.

ومنذ العتبة الأولى "العنوان"، تدفع القارئَ إلى الاشتباك مع عالم يتأرجح بين الواقع والمتخيّل، ويظل السردُ ممسكًا بطرفَي الحبل، عبر تقنيات تقوم على التذكُّر والاسترجاعات الزمنية والاستباقات، لتصوّر حالة عامة يعيشها الأطفال بمخيمات اللجوء في شتى بقاع العالم، مقتربةً من أصغر أحلامهم وأكبرها في آن.

يقول بطل الرواية الموجّهة للناشئة: "رسمتُ بيتًا.. رسمتُه بقلم الرصاص على كتبي المدرسية، وعلى أوراقي، وعلى قِطَع الكرتون التي جمعتُها من الطريق، وعلى عُلَب الكبريت والمعلَّبات الفارغة، وحفرتُه بمسمارٍ مدبَّب على عمود الحديد الداخلي للخيمة التي نعيش بها في مخيَّم اللّاجئين".

وجاء السرد في الرواية بضمير المتكلم، حيث يسرد الفتى "يحيى" كيف بدأ وعيُه الجديد بالتشكُّل في مخيمٍ للّجوء بعد أن غادر بلاده رغمًا عنه، وخلال رحلة خروجه أصيب بمرضٍ أفقدَهُ ما حُفِظَ في ذاكرته من أحداث، لكنه استطاع امتلاك قدرة خاصة مكّنته من عبور ذكريات الآخرين، واستعارة ما فيها ليؤثّث بذلك ذاكرة جديدة تتلمّس بعضَ الماضي الذي فقده، وتبني عليه ما تأمله في المستقبل.

وتتضح هذه الفكرة مما يقوله البطل في أحد المقاطع: "في ذلك المساء أطلتُ النظر في عينَي جدَّتي، في تلكما الفجوتين العميقتين اللتين ورثتُ لونهما الأزرق، ثم شعرتُ بهما تبتلعاني كما تفعل دوامةٌ في بحر. وهكذا وجدتُني أعبُر إلى ذكريات جدَّتي أولاً، ثم اكتشفتُ أنني قادر على عبور ذكريات الآخرين أيضًا، وكان هذا سرِّي الكبير الذي لم أبُح به لأحد. لم يكن لدي تفسيرٌ لهذا السرّ، لكنّ ذلك لا يلغي حقيقة أنني امتلكتُ هذه القدرة".

وبقدر ما بدت هذه الحبكة الروائية غرائبية، استطاعت الكاتبةُ أن تهيِّئ لها الإطارَ المنطقي المقنع، لتنسج صلةَ وصل بين العالمين؛ المتخيَّل والواقع، فبدا أن يحيى -الابن الوحيد لوالديه- ينساق رغمًا عنه إلى الرسم، إذ يؤكد دومًا أن يديه ترسمان ولا تقبلان التوقف، ثم يمتلك القدرة على عبور ذكريات أهالي المخيم، إلى جانب معايشته الواقعية لهم، ورسم مشاعره تجاههم، ومراقبته حياةَ المخيم وهو يتمدد ويكبر ويصبح أشبه بالمدينة. نقرأ في هذا السياق:

"حين تأمَّلت المخيَّم ظهرتْ لي حقيقةُ أنه أصبح مدينة كبيرة، لكنها تشبه ذلك المكان الذي كانت جدَّتي في طفولتها تصنعه من رصف الحجارة إلى جوار بعضها بعضًا. مدينة هشَّة مصنوعة من الصفيح، يعيش سكانها على أمل مغادرتها والعودة إلى بيوتهم الحقيقية. ورغم أنهم قد يقضون كل حياتهم فيها، إلا أنهم يشعرون بأنها طارئة عليهم وأنهم طارئون عليها".

محور البيت، والحنين له، والرغبة في إعادة بنائه، يحضر بقوة على مدار الرواية، وضمن مستويات، من مثل: تقديم فهم بسيط للبيت المبني من الطوب والإسمنت، والتركيز على المعنى الرمزي للبيت الذي يحيل إلى الوطن/ العائلة/ الأمان.. وهي الرسائل التي حضرت بقوة في الرواية، مؤكدةً أن معاناة الإنسان لن تنتهي إلا حين تسود الحياةَ قيمُ العدل والمحبة والسلام والتآخي الإنساني.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

للعلاج في مستشفياتها..عبور 100 فلسطيني من رفح إلى مصر

استقبل معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة، اليوم السبت، 50 مصاباً فلسطينياً و53 مرافقاً لهم للعلاج في مصر.

وأكدت قناة "القاهرة" المصرية "وصول سيارات الإسعاف لمعبر رفح التي تقل 50 مصاباً فلسطينياً لتلقي العلاج في مصر" ، مشيرة إلى وجود لجنة صحية مصرية في انتظار المصابين الفلسطينيين لتقديم الخدمات الطبية لهم.

القاهرة الإخبارية ترصد وصول سيارات الإسعاف لمعبر رفح التي تقل 50 مصابا فلسطينيا لتلقي العلاج في مصر#القاهرة_الإخبارية#تضامنا_مع_فلسطين#فلسطين #غزةhttps://t.co/Gj6Ga3cz3t

القاهرة الإخبارية - AlQahera News (@Alqaheranewstv) February 1, 2025

ولفتت إلى أن مصر وتحديداً في محافظة شمال سيناء  استعدت لاستقبال الجرحى من قطاع غزة ودخول المساعدات إلى القطاع، بتجهيز المستشفيات والمنشآت الطبية ونقاط الإسعاف في مدينة الشيخ زويد، والعريش، والمدن المجاورة لها.

وغادرت أول دفعة من المرضى والجرحى الفلسطينيين قطاع غزة اليوم  للعلاج في الخارج عبر معبر رفح البري، للمرة الأولى منذ ثمانية أشهر، وفق مصادر فلسطينية.

وأفادت المصادر الفلسطينية بأن حافلات تقل المرضى والجرحى ومرافقيهم انطلقت بعد تجمعهم في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، ومستشفى ناصر الطبي، في مدينة خان يونس جنوبي القطاع، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل، والذي ينص على سماح إسرائيل يومياً بمغادرة 50 مريضاً و 50 جريحاً فلسطينياً، بالإضافة إلى 3 مرافقين لكل منهم.

وتعد هذه المرة الأولى التي يفتح فيها معبر رفح أمام سفر الفلسطينيين منذ مايو (أيار) الماضي، عندما شنت إسرائيل هجوماً على مدينة رفح جنوب القطاع وسيطر جيشها على المعبر.

مقالات مشابهة

  • الأبراج التي لا تناسبها حياة العزوبية
  • ما حقيقة طلب الأسد اللجوء إلى إيران؟
  • سيرة المسيري ذكريات تتجدد!
  • دراسة تربط بين الذكريات وزيادة الوزن وتفتح الباب لمعالجة السمنة
  • "كلفتنا دموعا ودماء": تهديد ترامب لقناة بنما يثير ذكريات الماضي الإمبريالي لأمريكا
  • هل أصلح صناع فيلم بضع ساعات في يوم ما أخطاء الرواية؟
  • للعلاج في مستشفياتها..عبور 100 فلسطيني من رفح إلى مصر
  • من ذكريات مجلس الخاقانيمجازفة ذكرى استشهاد السيد محمد باقر الصدر بطلها وجيه عباس
  • بدء تخفيف الازدحام على جسر الملك فهد
  • القنصل الإيطالي يبحث مع مؤسسة روانگه تمكين الشباب وقضايا اللجوء (صور)