عربي21:
2025-02-22@03:46:47 GMT

عاش كفاح الشيوعيين!

تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT

لم أمر على اليسار من أي باب، ولو عابر سبيل، ومع ذلك أفتقد لهتاف "عاش كفاح الشعب المصري.. عاش كفاح الشيوعيين"!

فعندما وفدتُ للقاهرة، في هذه التغريبة الاختيارية، كنت أعتقد أن سكان القاهرة محظوظون بوجود النقابة العامة للمحامين، ففي الأغلب الأعم يشهد مساء يوم الخميس من كل أسبوع مؤتمرا حاشدا عن الحريات، وفي وقت كان فيه هوى النقابات المهنية يساريا، وإن سمح بمؤتمرات ضد اعتقال الإسلاميين.



وكانت هذه المؤتمرات يحضرها رموز القوى الوطنية في مصر، ومن فتحي رضوان، إلى محمد عصفور، إلى حلمي مراد، إلى أحمد نبيل الهلالي، بجانب النقيب أحمد الخواجة بطبيعة الحال، في أيام كانت فيها مصر تزخر بمثل هذه الرموز، من كل ألوان الطيف السياسي. ونحن نعيش الآن في زمن القحط وعلى كافة المسارات، فحتى السلطة لم يعد فيها أشخاص يشار لهم بالبنان، أو بالسبابة.. قحط عم أرجاء البلاد، فهذا زمن أصحاب القامات المنخفضة!

حسام عيسى الذي كان:

كان يمكن لمثلي أن يلحظ أن هناك خلافا بين الشيوعيين والناصريين، وليس بينهما وبين الإسلاميين، وعندما تعطى الكلمة لرمز ناصري يكون الهتاف الذي يبدو للجاهل عفويا لا أكثر: "عاش كفاح الشعب المصري.. عاش كفاح الشيوعيين"، يختلط مع هتاف آخر: "عاش كفاح الشعب العربي عاش كفاح الناصريين"، فيبدو لك متناغما، ولكنه في حقيقته يعبر عن خلاف لا وحدة!

إذ كانت هذه الأيام ذكرى إعدام سيد قطب، فإن الرجل يحتاج إلى إعادة قراءة لتاريخه وتحولاته الجادة، على قواعد البحث العلمي، وبروح حسام عيسى سابقا، وليس بقواعد المكايدات السياسية التي تحكم المشهد الآن، والتعامل مع الأمر بهذه الخفة، بانتزاع موقف من هنا وكلمة من هناك من السياق العام خدمة لأغراض حزبية، وفي زمن تحول فيه حسام عيسى نفسه
وذات مؤتمر أعطيت الكلمة للدكتور حسام عيسى، وكان في مرحلة النقاء الثوري، وقبل أن تطفو على سطح بنيانه الجيناتُ السلبية بعد الانقلاب العسكري، وإسناد حقيبة التعليم العالي إليه، وقد حمل أوزارا من زينة القوم، وبعد حرقه سياسيا، والاستغناء عن خدماته لمصلحة الاستبداد، فلا نفع طبلة ولا طار، فلا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى!

قبل أن يبدأ كلمته تداخل هتاف "عاش كفاح الشعب المصري.. عاش كفاح الشيوعيين"، مع هتاف "عاش كفاح الشعب العربي.. عاش كفاح الناصريين"، وكان مدركا أن الهتاف الأول موجها ضده كناصري فأراح كل الأطراف بالاعتراف بخطأ المرحلة الناصرية في ملف الحريات، وقال إنه يؤمن أن "شهدي عطية وطني وشهيد، وأن سيد قطب وطني وشهيد"، فلم تملك القاعة إلا أن تصفق له تصفيقا حادا، بعدها أمكنه أن يشق طريقه بسهولة واقتدار!

لا يعرف كثيرون الآن "شهدي عطية"، أول روح تزهق بيد الحكم العسكري، وقد كان شيوعيا من المؤمنين بثورة يوليو وبأهدافها وبقياداتها، وكان يتصور أن اعتقاله "غلطة" وأن عبد الناصر عندما يعلم بأمر اعتقاله سيصدر قرارا بالإفراج عنه في الحال ويعتذر له، لكنه قتل من التعذيب الذي تعرض له بينما ناصر في يوغوسلافيا، لتكون نهاية كاشفة عن أن الحكم الديكتاتوري خطر حتى على الذين يوالونه!

من المفارقات أن سيد قطب كان مؤمنا مثله بثورة يوليو وبأهدافها، وبلغ حماسه لها أنه انحاز لحكم الإعدام الذي أصدرته ضد اثنين من عمال كفر الدوار، هما خميس والبقري، وهو الحكم الذي وقع عليه الرئيس محمد نجيب!

وإذ كانت هذه الأيام ذكرى إعدام سيد قطب، فإن الرجل يحتاج إلى إعادة قراءة لتاريخه وتحولاته الجادة، على قواعد البحث العلمي، وبروح حسام عيسى سابقا، وليس بقواعد المكايدات السياسية التي تحكم المشهد الآن، والتعامل مع الأمر بهذه الخفة، بانتزاع موقف من هنا وكلمة من هناك من السياق العام خدمة لأغراض حزبية، وفي زمن تحول فيه حسام عيسى نفسه، قبل أن يحال للتقاعد، فينتهي كسياسي كما انتهى كسلطة!

تصفية اليسار:

لقد تطور الأمر بعد ذلك سريعا، وتمت تصفية اليسار في الجامعات وهيمن الإسلاميون على النقابات، وبغياب اليسار كان الصراع بين أغلبية التيار الإسلامي وأقليته؛ الإخوان والجماعة الإسلامية، وشهدت بعض الجامعات معارك طاحنة، وانحاز الإخوان لمعركة الدولة مع الجماعات الدينية الأخرى، باعتبارها جماعات عنف، وبانتصار السلطة في المعركة مع هذه الجماعات، تسيّد الإخوان المشهد!

ولم يكن غياب اليسار سببه هو هذا الصراع فقط، لكن بالإضافة الى هذا فإن انهيار الاتحاد السوفييتي كان له أكبر الأثر على الإحساس بفشل المشروع، وكانت فرصة مقاول اليسار رفعت السعيد، الأمين العام لحزب التجمع اليساري، فاندفع تحت لافتة الخطر على الدولة من جماعات العنف الديني، ليبرم صفقة الموت مع السلطة، وكان المدفوع له ثمنا بخسا؛ عضوية له بالتعيين في مجلس الشورى، وواحدة بالتزوير لرئيس الحزب خالد محيي الدين، بجانب بعض التسهيلات الأخرى.

أما الناصريون فقد انتهوا بتأسيس حزب لهم، وكان يمكنهم بالدعم المالي الذي جاءهم من هنا وهناك أن يصدروا أكبر صحيفة ويؤسسوا أكبر حزب، لكنهم اختلفوا وتفرقوا وذهبت ريحهم!

وكأن الأحزاب هي بداية النهاية لأي تيار فاعل، وقد بدأ العد التنازلي لليسار في مصر بتأسيس حزب له بعد تجربة الحزب الواحد، واستمرار النظر للتنظيمات غير الرسمية على أنها مجرّمة قانونا، وزاد عليها السؤال ما هو المبرر لها مع وجود حزب شرعي؟!

كان زميلنا محمد منير، الصحفي اليساري المرموق رحمه الله، يتندر على المفارقة الغريبة كلما مررنا من أمام "كشري أبو طارق" في وسط القاهرة، والذي هو على مقربة من حزب التجمع! فيقول إن أبا طارق بدأ بعربة كشري في الشارع مع بداية حزب التجمع، انظر كيف صار برجا متعدد الطوابق، وكيف أصبح حزب التجمع؟

أحد الزملاء الناصرين كان يتندر بأن الإخوان تلقوا الدعم ليُنشئوا تنظيما كبيرا، أما الدعم للناصريين فقد أضعف الحالة، وإن نقل قيادات من طبقة إلى أخرى لأن الدعم كان يسلم لشخصيات بعينها، وكل دولة منحازة كان لها وسيطها المختار، فلم يذهب الدعم لمستحقيه!

انكشاف مصر:

بقيام ثورة يناير انكشفت مصر، فالهيمنة هي للإسلاميين وحدهم؛ المرتبة الأولى للإخوان، والثانية للتيار الإسلامي غير الإخواني، ويخوض حزب اليسار الانتخابات البرلمانية على قوائم الرأسمالية، حيث الشركة القابضة للأحزاب السياسية برئاسة رجل الأعمال نجيب ساويرس!

لم يستغل اليسار مساحة الحرية في الحضور، فكان البديل هو إفشال التجربة، ولو بالتحالف مع أعداء الثورة
وأي عاقل لا بد أن يقلقه هذا الفراغ، وكان ينبغي على الإسلاميين أنفسهم أن يقلقوا، لكنهم سعدوا بأنهم فقط الرقم الصحيح في المعادلة، وقد تصرف اليساريون كبلدياتنا في النكتة الشهيرة، وقد غرقت سفينة كانت تحمله مع أجانب في عرض البحر، واستقروا في جزيرة معزولة!

تقول النكتة: إن ماردا جاء ليلبي لكل منهم طلبا واحدا، فكان طلب كل واحد فيهم أن يعود إلى بلاده؛ إلى إيطاليا، إلى أمريكا، إلى فرنسا، وجاء الدور على صاحبنا فوجد نفسه وحيدا، فكان طلبه من المارد أن يعيد له زملاء الرحلة!

لم يستغل اليسار مساحة الحرية في الحضور، فكان البديل هو إفشال التجربة، ولو بالتحالف مع أعداء الثورة، وقد أدخلوا كل زناة الليل إلى حجرتها!

إن التنوع السياسي سمة من سمات المجتمعات الكبيرة، وإن هذا التنوع يحفظ توازن الحياة السياسية وهو ضمانة لاستمرارها، ولو تسيد فصيل واحد سيكون بداية النهاية!

إنني أتابع تجربة الاشتراكيين الثوريين، وأتمنى لها القوة والانتشار، لعودة اليسار القوي للبلاد، حتى لا تنتهي الحياة السياسية بانفراد فصيل واحد بالمشهد، وهو ما حدث بعد ثورة يناير!

فعاش كفاح الشيوعيين..

وعاش كفاح الجميع..

x.com/selimazouz1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اليسار المصري الاستبداد الأحزاب الثورة مصر الثورة اليسار الاستبداد أحزاب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب التجمع سید قطب

إقرأ أيضاً:

ما الذي يدور في عقل ترامب؟

قال المجاهد العربي العظيم عمر المختار مرة: إن الضربات التي لا تقصم ظهرك تقويك. وبالتأكيد أن الضربات المتتالية التي يتلقاها العرب لم تقصم ظهورهم ولا نالت منهم، ورغم كل مؤامرات الكون لا زلنا واقفين وصامدين إلى أن تقوم الساعة.. هذا ما أراده الله لهذه الأمة. مهما حصل فما يؤلمك اليوم قد يكون السبب في كونك قوياً غدا، كما قال نجيب محفوظ. صخرة ألقاها دونالد ترمب في بحيرة العرب الراكدة لتعكر صفوها وتخلطها رأساً على عقب، معلنًا عن رغبته في تهجير أهل غزة من القطاع إلى الخارج وتحديدا إلى مصر والأردن ودول أخرى بادياً رغبته في تملكها بأي طريق سواء كان بالشراء أو الاستيلاء أو الاستعمار وطرد أهلها منها. والوعد بتحويلها إلى جنات تجري من تحتها الأنهار ومزارع من عنب ورمان (ريفييرا الشرق الأوسط) ينعم الساكنون فيها بفلل وملاعب جولف ومسابح، كل ذلك ولا يحق للفلسطينيين العودة إليها أو السكن فيها.

ما يمتاز به ترامب هو الصراحة والشفافية ولا يجيد المراوغة أو الدبلوماسية، وفي نفس الوقت الغرور والصلف والمكابرة والتباهي بالنفس، هذه الصفات تزعج الكثيرين بالطبع وتحرج آخرين من الزعماء أمام شعوبهم. يريد ترامب اللعب على المكشوف، وربما المرحلة تتطلب ذلك لتدفع العرب إلى التفكير أيضاً بشكل مختلف وبصوت مسموع بما يتوافق مع ذلك، لتدخل القضية الفلسطينية مرحلة جديدة من الصراع العربي الصهيوني.

الأفكار التي أطلقها ترامب كانت كفيلة بإشعال الأوساط وما زالت ارتداداتها تتفاعل ولم تنتهِ بعد، وما أن يشعر ساكن البيت الأبيض بخفوتها يشعلها بإطلاقه مزيدا من التهديد والوعيد وفتح أبواب جهنم. يحلو لساكن البيت الأبيض ترديد سرياليته المقيتة وأحلامه الغريبة. ذلك الساكن لا يراعي ذمة ولا أخلاقا ولا قانونا أو عرفا ولا حتى إنسانية، فهو ليس إلا تاجر سمسار ومرابٍ لا يهمه في الأمر شيئا غير جمع المال، العالم في فكره ليس إلا مصرف كبير يجمع منه الأموال، والعالم العربي ليس في فكره إلا أكوام من المال والثروة التي تقع تحت أيادي من لا يحسنون التصرف بها ولا يستحقونها وله الحق وحده في الاستيلاء على تلك الثروة دون شفقة أو مبرر.

تلك الأفكار الجهنمية التي طرحها في لحظة عنفوان تلقفها رئيس وزراء إسرائيل وزبانيته المتطرفون وصفقوا وهللوا لما يسمعون مما تجاوز حتى أحلامهم، بل وصل تماديه إلى إعلانه بشكل مستفز عن مقترح نقل أهل غزة إلى المملكة العربية السعودية و«إقامة دولة فلسطينية على أراضيها الواسعة» وهي بلا شك نظرة لا أخلاقية واستعلاء وخرق فظ لكل الأعراف وللقانون الدولي.

وفي الحقيقة ترامب رغم مغامراته النزقة إلا أنه لو افترضنا أنه يريد حل القضية الفلسطينية وغزة إلا أنه لم يقدم خطة مدروسة، كل ما قدمه تصريحات عنترية وتهديدات ووعيد. وعندما شعر بعدم قبولها طالب العرب بالبديل قائلا لهم «إذا رفضتم الخطة، فعليكم طرح أفكاركم». وأن يقدموا خطة متكاملة لترامب كما صرح بذلك وزير خارجيته روميو. العرب بدورهم تفاعلوا مع تلك الأفكار وسارعوا إلى الإعلان عن إقامة سلسلة من القمم العربية والإسلامية للرد على تلك الخطة الزئبقية. ما يتم تداوله الآن من خطة عربية أو خطة مصرية أو الورقة المصرية لحل قضية غزة رغم أن تفاصيلها لم تعلن بعد إلا أنه هناك بعد الوشوشات عن اقتراح تم تنسيقه مع الأردن وقطر والإمارات والسعودية، يقوم على رفض فكرة تهجير أهل غزة وإعادة توطينهم في الخارج. والخطة تشمل أيضاً إعادة إعمار القطاع على مراحل تستمر 5 - 10 سنوات بتمويل عربي (دول الخليج) وبتنفيذ شركات مصرية وأمريكية. على أن يتم تشكيل إدارة فلسطينية في القطاع تتحمل المسؤولية عن إدارة وتنسيق نشاطات الأجهزة المدنية الحيوية، والخدماتية، وتكون مسؤولة عن معبر رفح.

تلك الخطة الظاهرة التي يتم تسريبها واضحة تماماً، لكن الخشية من المخفي منها أو العبارات القابلة للتأويل والتفسيرات المختلفة ومراوغتها وهنا الخطورة. والسؤال الذي بات يطرح على نطاق واسع وبشكل متسارع هو، هل يلدغ العرب من نفس الجحر مرتين؟ وهل يبتلع العرب الطعم الذي رمي لهم؟

لا نريد الخوض فيما يعتقده المرتجفون ويعتقدون أن تدمير غزة جاء بسبب حماس والمقاومة. في المقابل يعتقد الكثيرون أن ما عجز عنه الصهاينة وداعموهم طوال الخمسة عشر شهراً من تدمير ومذابح لا يجب على العرب تقديمه على طبق من ذهب وما لم يستطعه نتنياهو من أهداف أعلنها في بداية عدوانه سيتحقق بشكل آخر.

على أمل أن يدرك العالم أجمع بما فيهم العرب بأنهم من حاصروا غزة ومنعوا عن أهلها الدواء والغذاء ووضعوهم في سجن كبير فقط بدون سقف ومنطقياً طال الزمن أو قصر سيأتي يوم وينفجر الوضع، والعالم كله يدرك أنه ليس طوفانا بل طوفانات كثيرة سوف تأتي إن ظلت غزة محاصرة للأبد.

يدرك المرتجفون أنهم سبب كل البلاوي والتراجع وأنهم قدموا خدمات جليلة للصهيونية والغرب. وإن ما يقدمونه كخطة للترامب (إن كان ذلك ضروريا) عن غزة تتضمن التخلص من حماس والمقاومة وذلك بالضبط ما يريده نتنياهو والغرب أجمع. الشيء الآخر، أغلب العرب الفاعلون على الساحة الآن الذين يتصدرون المشهد ويطلب منهم تقديم خطة لغزة هم بالأساس يضعون حماس والمقاومة في صف الأعداء وصنفوها في خانة الإرهاب ووسموها بالحركة الإرهابية، أي منطق هذا؟ هل ستكون الضمائر والنخوة العربية ومعاناة الفلسطينيين والأمهات الثكلى ودماء الشهداء حاضرة في أذهانهم وهم يفكرون في تقديم خطتهم. شيء آخر، أيضا، إن ارتفعت الأصوات منذ بداية الحرب على غزة أن العرب لديهم الثروة لإعادة بناء غزة، لا يهم ذلك فليفعل نتنياهو تدميراً وقتلاً ويرتكب المذابح طالما هناك من يعيد البناء. لماذا لا يتصدى العرب ويطالبون العالم بأجمعه وخصوصاً تلك الدول التي ساهمت في تدمير غزة وأرسلت الأسلحة، لماذا لا يتحملون ما اقترفته أيديهم من إجرام؟

ها هو ترامب يطلب من أوكرانيا تقاسم معادنها وثرواتها كتعويض عن الأسلحة والدعم المالي الذي دفعوه لهم. لماذا العرب لا ينطلقون من هذا طالما هذا هو منطق الغرب.

إسرائيل ليست بتلك القوة المتصورة التي كانت تروج لها، المقاومة الفلسطينية الشجاعة كسرت هذه الغطرسة ومرغت أنوفهم في وحل ورمال غزة ولم تعد سردية القوة وما يروجونه قائمة ولن تصمد، فإسرائيل والغرب لم يستطيعوا تدمير «حماس»، وبات العالم كله يدرك أن قوتها تلك مصنوعة وبمساعدة وحماية الغرب.

الابتزاز الأمريكي للعرب لا يتوقف عند حد معين، فمن المطالبة بدفع مبالغ على شكل استثمارات أو شراء أسلحة أو إعادة تعمير ما تدمره إسرائيل إلى التهديد بقطع المساعدات عن مصر والأردن والكل يعرف أن الرابح الوحيد ليس هذه الدول فقط إذ أن الأمريكيين لم يمنوا بتلك المساعدات لسواد عيون هذه الدول أو بنوايا صافية في الرغبة بالمساعدة، الأهداف من تلك المساعدات هو الحفاظ على الاستقرار في المنطقة وتخدم أمريكا أكثر، وأن الأموال الأمريكية التي تدفع للأردنيين ليست مساعدات بقدر ما هي «بدل خدمات لا يفيد» كما علق أحد الأردنيين. وفي مجمل الحال لا تشكل المساعدات الأمريكية الموسمية ما تزيد قيمتها التأثير على الميزانية عن 5-7% فقط، ما يعني أنه يمكن بقليل من الترشيد والتفكير خارج الصندوق الاستغناء عنها. على حد رأي خبير أردني.

المطلوب من القمم العربية هو ترسيم استراتيجية عربية للتعامل مع هذه الدول العربية، بالتأكيد تملك الكثير من الأوراق وتستطيع استخدامها عند الضرورة وليس أفضل من هذا الوقت فإذا حيدنا سلاح النفط عن العملية فأننا بالتأكيد أمام أوراق أخرى وفاعلة جداً وأهمها هي وحدة العرب ورص صفوفهم وتكتلهم في كلمة واحدة. ناهيك عن ورقة التطبيع التي تلهث خلفها إسرائيل وترامب ويريدونها دون ثمن بالإضافة إلى وقف الاتفاقيات الموقعة مع هذا الكيان الذي لم تلتزم هي بها، ماذا لو لوحت الدول المطبعة بوقف التطبيع وقطع تلك العلاقة؟

الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وهي الدولة الرائدة والقائدة في عالمنا العربي هي لوحدها تملك الكثير من الأوراق التي لا يملكها غيرها من الدول وما يتميز به الأمير محمد بن سلمان من قدرة على القيادة بلا شك سيكون له الأثر الفعال في وقوف هذا التخبط العربي، بالإضافة إلى أن نوايا السعودية قد تكون أكثر صدقاً من غيرها من الدول وذلك لما لها من قداسة ورمزية لدى المسلمين والعرب. بمجرد ما تعلن المملكة عن موقفها القاطع غير القابل للمفاوضات والنقاش وغير المساومة في تحقيق سلام عادل ودائم لن يكون ممكناً دون تحقيق الشعب الفلسطيني حقوقه الشرعية، وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، ولن توافق على إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بدون تحقيق هذه الحقوق المشروعة. مجرد هذا الإعلان وبنوايا صادقة سوف تتداعى معه دول عربية أخرى وإسلامية ويخلق زخما وديناميكية مختلفة.

مقالات مشابهة

  • «تسليح القابضة» تكرّم عيسى المهيري
  • مينا مسعود يكشف قصة كفاح خاله في مجال الخياطة.. ماذا قال؟
  • الملتقى التوظيفى بحوش عيسى يوفر أكثر من 1500 فرصة عمل على أرض البحيرة
  • ناجي عيسى يبحث مع نائب رئيس البنك الدولي إعداد دراسة حول الاقتصاد الليبي
  • «الجليلة» تتلقى تبرعاً بـ 50 مليوناً من «عيسى العثمان»
  • ملامح شخصية نبيل عيسى بمسلسل إخواتي
  • حمد بن عيسى: شيخ الأزهر صاحب فكرة مؤتمرِ الحوارِ الإسلامي من أرضِ البحرين قبلَ عامين
  • ما الذي يدور في عقل ترامب؟
  • كشف الستار عن حالة ظَفَارِ للشيخ عيسى الطائي قاضي قضاة مسقط (37)
  • ارتفاع تأييد اليسار الألماني بفضل حضوره القوي على الإنترنت قبل الانتخابات