مأمورية في قلب الدلتا: القوات المسلحة تواصل تقديم خدمات تجنيدية «مجانية» للمستحقين

كانت نقطة التجمع في الصالة المغطاة، باستاد كفر الشيخ الرياضي. بادرت إدارة التجنيد والتعبئة للقوات المسلحة بحشد المئات من ذوى الاحتياجات الخاصة، ممن يستحقون الإعفاء النهائي من أداء الخدمة العسكرية. سبق هذه الخطوة التى حظيت بترحاب كبير من ذويهم قيام منطقة تجنيد وتعبئة المنصورة، بالتنسيق مع مكاتبها في محافظات: الدقهلية، وكفر الشيخ، ودمياط، لتنفيذ توجيهات القيادة العامة للقوات المسلحة، عبر تقديم خدمات تجنيدية، مجانا، للحالات المستحقة، وحسم مواقفهم، دون تكبد عناء السفر للقاهرة.

علمت «الأسبوع» أن عمليات التنسيق، التي تستهدف تعزيز التيسيرات التجنيدية لذوى الاحتياجات الخاصة، تقوم خلالها إدارة التجنيد والتعبئة للقوات المسلحة، بتوجيه لجان متخصصة للمناطق المستهدفة، بصورة دورية، مع توسيع نطاق «الخدمات المتنقلة» على النحو الذي شهدته محافظة كفر الشيخ، التى كانت نقطة تجمع لمحافظات مجاورة، وقبلها محافظات حدودية. تتعاون خلال عمليات التنسيق إدارة التجنيد والتعبئة مع جمعيات الرعاية الاجتماعية الخاضعة لإشراف وزارة التضامن ومدارس التنمية الفكرية، والجامعات، بهدف إجراء الكشف الطبي على الحالات المستهدفة، وإنهاء مواقفها التجنيدية، ثم منحها الشهادات في أماكن تواجدها، بدون أي رسوم مالية.

تتعدد مظاهر التيسير في تقديم الخدمات التجنيدية. عند تقدم الشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة لمنطقة التجنيد التابعين لها، وكذلك مجمعات خدمة المواطنين، المنتشرة على مستوى الجمهورية، لإنهاء مواقفهم التجنيدية. تبادر القوات المسلحة بتقديم جميع التيسيرات الإدارية، والطبية، والخدمية، دون انتظار توقيت المرحلة التجنيدية الخاصة بهم، مع تسليمهم شهادات المعاملة التجنيدية، في اليوم نفسه، بينما تواصل الخدمة الصوتية التى تقدمها الإدارة عبر «الخط الساخن 15499» من خلال تقديم مستخرج شهادة المعاملة التجنيدية عبر الموقع الالكتروني للإدارة.

علاقة الشاب بالتجنيد

سألت مدير مكتب تجنيد وتعبئة المنصورة (ضابط، برتبة عميد) عن بداية علاقة الشاب بإدارة التجنيد.يقول: «بمجرد استخراج بطاقة الرقم القومى، يتم تحرير بطاقة الخدمة العسكرية -6 جند- وعلى الشاب التقدم للمكتب المختص فى النصف الثانى من شهر ديسمبر، خلال العام الذى يصل فيه لسن 19 عاما. يلتقي الشاب، مندوب التجنيد بالقسم أو المركز التابع له، لاستلام بطاقة الخدمة العسكرية». وعن مفهوم «الإعاقة» وفق إجراءات إدارة التجنيد والتعبئة، يشير إلى أنها «عبارة عن فقد جسم الإنسان لأحد أعضائه أو فقد عضو من أعضاء الجسم لوظيفته. إذا فقد الإنسان أحد أعضاء جسمه كبتر أحد الأطراف مثلا أو فقد العضو لوظيفته، كعدم الرؤية، أصبحت هذه الإصابة تشكل عائقاً فى حياة الإنسان، وتحول بينه وبين ممارسة حياته بشكل طبيعى، مثل بقية الأفراد».

خطوات الكشف الطبى والعرض على اللجنه الطبية العليا، تشمل: «أولا، نقوم في منطقة التجنيد التابع لها الشاب، بعد استلامه بطاقة الخدمة العسكرية، باستقباله على كرسى متحرك، ونخصص له مرافق من المنطقة نفسها، يصاحبه في كل مراحل الكشف. بعد تقرير عدم اللياقة للخدمة العسكرية، بمعرفة المجلس الطبى العسكرى، يكون التنبيه باستلام شهادة الإعفاء النهائى من الخدمة، ضمن جهود القوات المسلحة لدعم ذوى الاحتياجات الخاصة».

رؤية القيادة العامة

التعامل مع «ذوي الاحتياجات الخاصة» جزء من خطط عمل إدارة التجنيد والتعبئة بالقوات المسلحة، بحسب مدير الإدارة اللواء، محمد صبحي مهنا، الذي أوضح لـ«الأسبوع» أن «الإدارة، تراعي الحالات الإنسانية الخاصة، التي قد تحول دون قدرة بعض المواطنين على أداء الخدمة العسكرية. يتم منح إعفاءات خاصة لبعض الفئات بناءً على ظروفهم الاجتماعية أو الصحية، تشمل هذه الفئات العائل الوحيد للأسرة، والحالات المرضية التي تستدعي عناية طبية مستمرة، والطلاب الذين يتابعون دراستهم في تخصصات معينة. هذه الإعفاءات تعكس البعد الإنساني، ومراعاة الأوضاع الشخصية والإنسانية».

التيسيرات التى تقوم بها الإدارة، على مستوى الجمهورية، تشمل أيضا «اللجان التجنيدية» المتكاملة، التى تتكون، غالبا من «محكمة عسكرية، ضباط، ضباط صف، جنود ومدنيين مختصين بالمعاملات التجنيدية، وتجهيزات فنية ولوجيستية لاستخراج الشهادات الفورية» للمستحقين، خاصة في المحافظات الحدودية. يقول اللواء محمد صبحي مهنا: «لدينا تعليمات واضحة من القيادة العامة للقوات المسلحة، بتسهيل الإجراءات، والتخفيف عن المواطنين. انتقال أعضاء اللجان التجنيدية، أسهل بكثير من سفر أعداد كبيرة من أصحاب المواقف التجنيدية للحصول على الخدمات المطلوبة.. خدماتنا لهم، مجانية، تتوافق مع روح القانون، تحكمها أبعاد وطنية، واجتماعية، وإنسانية».

يستعرض اللواء، محمد صبحي مهنا، الخطوات الإجرائية: «ننهي المواقف التجنيدية للمتقدمين بسرعة غير مسبوقة.. المسألة، لا تتوقف عند تلقي الأوراق الخاصة بهم، بل مساعدتهم في استكمال جميع الإجراءات المطلوبة.. القوات المسلحة، لا تبخل بأي دعم أو دور يخفف الأعباء عن شعبنا العظيم. نعمل وفق رؤية استراتيجية واضحة، وخطوات مرحلية تضمن توسيع مساحة الاستفادة من الخدمات، قبل وصول اللجان التجنيدية، واللجان متعددة التخصصات، نقوم بالتنسيق مع الجهات الرسمية والشعبية، وإبلاغهم بالخطوط العريضة لخطط عمل اللجان».

مستهدفات القوات المسلحة

عن مستهدفات القوات المسلحة، ممثلة في إدارة التجنيد والتعبئة، يقول اللواء محمد صبحي: «نحرص على وصول الخدمات لشريحة واسعة من الأهالي، الذين يسارعون، عادة، بعد معرفة المواعيد، بتجهيز الأوراق المطلوبة، وبالتالي، المساهمة في سرعة إنهاء الإجراءات، والاستفادة من الجهد المقدم. تتم عمليات الاستقبال عبر عناصر مكلفة بتقديم الخدمات بعد مراجعة الأوراق المطلوبة، وتحديد الموقف القانوني، يتم توجيههم، داخل المقر نفسه، للمكتب المعني بإتمام الخدمة المطلوبة.. خلال عملية إنهاء الإجراءات التجنيدية، يتم عرض بعض الحالات على النيابة والمحكمة العسكرية، المصاحبة للجنة التجنيدية، حيث تُصدر حكمها، مع إيقاف التنفيذ، قبل التصديق عليه من رئيس اللجنة. تنتهي العملية بإصدار نموذج شهادة المعاملة التجنيدية، تحرص اللجان المختصة على اصطحاب معدات حديثة، تساعد في عمليات إصدار شهادات المعاملات المطلوبة، فورًا، وتغليفها، قبل تسليمها للمستفيد».

خلال زيارته الميدانية للمحافظات المستهدفة بالخدمات، يحرص اللواء، محمد صبحي مهنا، على عقد «لقاءات جماهيرية» مع المستحقين وأهاليهم. يبلغهم فيها رسالة أساسية من القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة، بـ«تقديم كل أوجه الدعم المتاح لحل أي مشكلات وتذليل أي عقبات.. عدم تحميل الأهالي أي أعباء مالية في تقديم الخدمات التجنيدية». في كل المحافظات التى استفادت من هذه الأنشطة، يثمّن الحضور الدور الذي تقوم به القوات المسلحة، لاسيما الحرص على تناغم الأداء، وتذليل العقبات وتلبية المطالب، مع تسليم «الشهادات التجنيدية» على المستحقين، كما حدث في كفر الشيخ، بمشاركة محافظ الإقليم، اللواء د.علاء عبد المعطي.

تسيهل الخدمات التجنيدية

يشير اللواء محمد صبحي، إلى أن «التجنيد والتعبئة»، واحدة من أقدم الإدارات بالقوات المسلحة المصرية. حرصت، خلال السنوات الأخيرة، على الدمج بين مظاهر «الضبط والربط» التقليدية، والتقدم التقني الكبير، الذي يسهِّل تقديم الخدمات التجنيدية، حتى أن معظمها أصبح يتم في لحظات محدودة، للمستحقين في الداخل، مع تنفيذ مبادرات وتوجيه لجان لتقديم الخدمات نفسها للمصريين في الخارج. تتعدد الخدمات الميسرة التي تقدمها إدارة التجنيد والتعبئة خاصة تسهيل الإجراءات، وفقًا للقوانين واللوائح المحددة، كما يتم تقديم خدمات متكاملة تشمل الاستعلام الإلكتروني، حجز المواعيد، وإصدار الشهادات والأوراق الرسمية مثل شهادات التأجيل والإعفاء. تم تطوير منصات إلكترونية حديثة تهدف إلى تقليل الإجراءات الروتينية وتوفير الوقت والجهد للمجندين، هذه الخطوات تسهم في تحقيق الراحة النفسية للمجندين وأسرهم، وتعزز شفافية وسرعة الإجراءات.

المصدر: الأسبوع