الموقع بوست:
2024-09-15@06:41:56 GMT

عودة الأمهات في اليمن للجامعة.. قصص نجاح وتحديات

تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT

عودة الأمهات في اليمن للجامعة.. قصص نجاح وتحديات

من سن الطفولة إلى مرحلة الصّبا، عادةً ما نُسأل ماذا ستصبحين في المستقبل؟ تتنوع الإجابات وقتها بين طبيبة، ومهندسة، ومعلمة، والكثير من الأمنيات التي وضعتها الفتيات في درج النسيان، لأن الواقع كانت له حسابات أخرى، إلّا أنّ هذه الأمنيات استمرت بمطاردة بعضهن، فغلبت واقعهن دافعةً إياهن نحو تحقيقها.

 

"هدى السيد، وهيفاء بن عبدالحق، وأم محمد، وفاطمة الحنيشي، وحنان باصليلة، وأم جُمانة"، أمهات قرّرن العودة لمقاعد الجامعة عبر نظام الدراسة عن بعد، ومشاركة قصصهن كدافع للأمهات الحالمات، حيث لا مستحيل في تحقيق أحلامهن مهما كانت الظروف.

 

العادات والتقاليد

 

تقول هيفاء بن عبدالحق (29 عامًا) "تجربتي للعودة إلى الدراسة لم تكن سهلة أبدًا، مررت بصعوبات كثيرة وحرب، تارةً بيني وبين نفسي، وتارةً بين العادات والتقاليد التي نعاني منها في مجتمعنا و بيئتنا البدوية".

 

في حديثها لـ "الموقع بوست" تضيف هيفاء "انقطعت عن دراستي بسبب زواجي، الأمر الذي كان مؤلمًا بالنسبة لي لكوني محبة للعلم، وأصبحت الدراسة حلم وأمنية بخاطري لم أستطع الوصول إليها، فقد انقطعت عنها مدة ثمان سنوات - مرت ما بين إنجابي طفلتين وتربيتهن وعدة مشاكل انتهت بالانفصال- وجدت نفسي وحيدة مكسورة فكرت كثيرا واتخذت أصعب قرار وهو العودة لإكمال تعليمي".

 

التحقت هيفاء بجامعة حضرموت وتخصصت في القانون العام، معلقةً بأن الجامعة هي المرحلة الأصعب في مسيرتها التعليمية لأنها تتنافى مع عادات وتقاليد بيئتها، إلا أنها نجحت في التغلب على هذا التحدي وتابعت تعليمها الجامعي.

 

وفي ذات السياق تقول فاطمة الحنيشي "تعاملت بالتجاهل مع العادات والتقاليد، فقد كان حُلم إكمال تعليمي أقوى من أن يوقفه".

 

هدى السيد، هي الأخرى، قالت لـ "الموقع بوست": "عاداتنا وتقاليدنا كانت تحتم على الفتاة الزواج بعد إنهاء الثانوية العامة، كنت رافضة الزواج، لأن رغبتي تواقةً للتعليم، ولكن والدي أقنعني بأنني أستطيع إكمال تعليمي إذا تزوجت".

 

وتؤكد أم محمد (38 عاماً) قائلة "العادات والتقاليد أعتبرها إحدى الصعوبات التي واجهتها؛ لأنني زوجة وأم فمن الضروري أن أقوم بدوري وواجباتي نحو هذه العادات والتقاليد التي يمارسها الأهل والأقارب وأن أشاركهم فيها بقدر المستطاع".

 

تشجيع الأهل والشريك

 

"جهد وإصرار وعزم وصبر ودعم زوجي".. هكذا أجابت أم محمد، عن الدعم الذي تلقته من شريك حياتها لمواصلة تعليمها الجامعي الذي اختارته في تخصص إدارة الأعمال.

 

تتحدث أم محمد، لـ"الموقع بوست" عن العودة قائلة "قراري للعودة لمقاعد الدراسة الذي غاب أكثر من 15 عامًا، ليس بالأمر السهل وأنا في هذه الظروف ومسؤولياتي كزوجة وأم وموظفة، ولكن حبي وشغفي للدراسة كانا يلازمنني، حاولت بكل ثقة، إصرار، صبر وتوكل بالله في البدء من جديد وأحقق حلمي وطموحي وهدفي الذي احلم به".

 

حيث تعمل أم محمد في وظيفة إدارية بمدرسة حكومية إلى جانب دراستها الجامعية ناهيك عن الالتزامات الزوجية والمنزلية وواجبات الأمومة. بينما ترى أم جُمانة 28 عامًا، أنها لم تتلقَّ الدعم الكافي من شريك حياتها كالذي تلقته من والدها ووالدتها المشجعين لها بشدة وتفاني.

 

أما طالبة القانون العام، فاطمة الحنيشي، ترى أن والديها كانا الداعمان لها في مسيرتها التعليمية، الحنيشي أمـًا منفصلة تدرس وتعمل وترعى أطفالها الثلاثة.

 

فيما تركت هدى السيد رسالة تقول فيها: "أنا حققت شيء أنتِ تحبيه يا أمي"، متابعة "وفاة أمي مشجعتي وملهمتي ومعلمتي أثر بي كثيرًا، وكل ما أشعر بتقاعس اتذكر والدتي وأهدي إليها تعبي وشغفي ودرجاتي ونجاحي لأمي التي آمنت بي".

 

"زوجي يجلب الطعام من المطعم كي أركز في امتحاناتي ولا اتشتت في تحضير الوجبات"، الغيض من الفيض التي تحدثت به حنان باصليلة عن دعم شريكها لها.

 

جهة العمل الداعمة

 

"أنا امرأة عاملة والوقت لم يكن في صفي مع واجبات الأمومة والعمل المنزلي، فالأمر كليًا متعب ومرهق بشدة فالتعليم يتطلب التزام وجدية، حيث فكرت مليًا في أوقات بإيقاف قيد الدراسة من شدة المسؤولية وقوة الإنهاك".

 

كما وصفت حنان باصليلة وهي أم لأربعة أطفال وتعمل في مصنع المكلا لتعليب الأسماك "الغويزي" وتتحدث حول محيطها قائلة "كان داعمًا خاصة جهة العمل التي أعمل معها، حيث يسمح لي مشرفي العمل بمغادرة الدوام اثناء انعقاد اللقاءات التعليمية في الجامعة لحضور المحاضرات، ناهيك عن إعطائي إجازة غير مستقطعة من الراتب والحافز في فترة الامتحانات، إضافة إلى دفع مبلغ مالي كمعاونة من قبل الإدارة على تسديد الرسوم الدراسية الجامعية المكلفة جزاهم الله خير".

 

وبينت باصليلة (34 عامًا) أن دافعها وحافزها في العودة للتعليم الجامعي هو الحصول على المكانة المهنية في العمل وللتحسين من أجرها في العمل، وليفتخر بها أولادها بأن والدتهن قانونية أو محامية في المستقبل القريب "شيء يرفع من رأس عيالي"، حد تعبيرها.

 

العمر مجرد رقم

 

 تتحدث هدى السيد عن العمر قائلة "لديّ بنتين وثلاثة أولاد، حيث أن بنتي الكبرى تدرس في الجامعة بالوقت الجاري، أبلغ من العمر 39 عامًا، وأرى أن العمر مجرد رقم فقط، أما المهم فهو الروح، الإحساس والعطاء".

 

هدى فضلت تسمية قصتها "نضال امرأة" وعبرت عن شعورها قائلة "أشعر بأني مجاهدة في سبيل الله، فقد توليت زمام المسؤولية في ريعان شبابي كزوجة كأم في العائلة ونجحت في جميع مسؤولياتي مثلما نجحت بالالتحاق في الجامعة لاحقًا، وتخصصت في القانون العام لأن واحدة من أحلامي هي العمل في السلك الدبلوماسي مستقبلاً وأصبح الدبلوماسية هدى السيد".

 

سنة التخرج

 

إن كلاً من أم جُمانة، هدى، حنان، فاطمة وهيفاء في المستوى الرابع والأخير من مراحل الدراسة الجامعية حيث تصف فاطمة ذات 27 عامًا، مشاعرها قائلة "مجرد التخيل أنني على أعتاب التخرج، وسأقف على منصة التخرج بعد جميع الضغوطات والصعاب التي واجهتها أكاد أن أجزم أني سأبكي، لأنني حاربت كثيرًا حتى أصل إلى هذه المرحلة فأنا أول فتاة تصل إلى الجامعة في الأسرة وهذا بحد ذاته كان ضمن التحديات التي واجهتها".

 

تشهد أم جُمانة سنتها الأخيرة في تخصص رياض الأطفال وهي حامل في طفلها الثالث وتعمل كمعلمة في المدرسة وتحدثت عن التحديات التي تواجه الأمهات العاملات مع الدراسة الجامعية، خنقتها العَبرَة وهي تروي تفاصيل الرحلة الشاقة وصولاً  لحديثها عن سنة التخرج فابتسمت، وشددت على اختيار الأصدقاء الإيجابيين بعناية لما لهم من شأن في دعم الرحلة.

 

وجهت هيفاء رسالة للفتيات أجمَع بالقول "لا يوجد نجاح يأتي بالسهل أبدًا، فقط تحتاج الفتاة إلى اتخاذ قرار وإكمال المشوار".

 

تقول القاضي أنهار محمد عبدالخالق، رئيس الشعبة الشخصية بمحكمة استئناف حضرموت "إن العودة لمقاعد الدراسة الجامعية بعد غياب نتيجة أسباب وظروف شخصية أو أسرية خطوة مهمة جدًا لتمكين المرأة من الحصول على مصدر دخل خاص بها، فالاستقلال المالي يقلل من اعتمادهن على أطراف أخرى لتلبية احتياجاتهن واحتياجات أطفالهن، علاوةً على أنها تصبح أنموذجًا يحتذى به لأبنائها.

 

*تم إنتاج القصة الصحفية ضمن مشروع غرفة أخبار الجندر اليمنية الذي تنفذه مؤسسة ميديا ساك للإعلام والتنمية


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن حضرموت أمهات التعليم العالي حقوق العادات والتقالید أم محمد

إقرأ أيضاً:

دولة كانت أكبر مصدّر للأطفال.. ودلائل على إرغام الأمهات للتخلي عن أطفالهن

(CNN)-- عُرفت كوريا الجنوبية لعقود من الزمن بأنها أكبر "مصدر للأطفال" في العالم - حيث أرسلت مئات الآلاف من الأطفال إلى الخارج بعد أن دمرت الحرب البلاد وتركت العديد من الأمهات معدمات الحال.

العديد من هؤلاء الأطفال المتبنين، الذين أصبحوا الآن بالغين منتشرين في جميع أنحاء العالم ويحاولون تتبع أصولهم، ويتهمون الوكالات بالفساد وسوء التصرف، بما في ذلك في بعض الحالات انتزاعهم قسراً من أمهاتهم.

ويدعم تقرير صدر في وقت سابق من هذا الأسبوع من قبل "لجنة الحقيقة والمصالحة" الحكومية بكوريا هذه الادعاءات ويكشف عن أدلة جديدة على الأساليب القسرية المستخدمة لإجبار الأمهات على التخلي عن أطفالهن.

ووجدت اللجنة، المكلفة في عام 2022 بالتحقيق في هذه الادعاءات، أن أكثر من عشرة أطفال في العديد من مرافق الرعاية التي تمولها الحكومة في الثمانينيات تم نقلهم قسراً إلى وكالات التبني، أحيانًا "في يوم الولادة أو في اليوم التالي".

وقد فحصت ثلاثة مرافق رعاية في مدينتي دايجو وسيغونغ، حيث تم نقل 20 طفلاً إجمالاً إلى وكالات التبني في عامي 1985 و1986. وتم تبني معظم هؤلاء الأطفال في الخارج في الولايات المتحدة، وأستراليا، والنرويج، والدنمارك.

وقالت اللجنة لشبكة CNN في بيان، إن "الظروف تؤكد أن المرافق تجبر الأمهات على التنازل عن حقوقهن الأبوية"، مما يمثل انتصاراً حلواً ومراً للمتبنين الذين سعوا على مدى عقود إلى محاسبة الحكومة.

ولا تزال اللجنة تحقق في قضايا يُزعم أنها تتعلق بأوراق مزورة. ومن المتوقع نشر تقرير مؤقت في وقت لاحق من هذا العام.

مقالات مشابهة

  • إيران تعلن عودة سفينتين حربيتين بعد نجاح مهتمهما في البحر الأحمر وخليج عدن
  • بدء قطر ناقلة "سونيون" التي استهدفها الحوثيون قبالة اليمن
  • أين وصلت مراجعة ساعات العمل بقطاع التعليم التي وعدت بها الوزارة كجزء من الاتفاق؟
  • أحمد أبوضيف: الجامعات الأهلية غير هادفة للربح وتؤهل الطالب لسوق العمل
  • الفيضانات والسيول التي ضربت اليمن تلحق أضرارا بنصف مليون مواطن
  • دولة كانت أكبر مصدّر للأطفال.. ودلائل على إرغام الأمهات للتخلي عن أطفالهن
  • مصطفى أبو سريع يعلق على نجاح دور “دياسطي” بمسلسل "عمر أفندي" (فيديو)
  • طلاب بالجامعات التكنولوجية: بدأنا العمل في مصانع وشركات كبرى أثناء الدراسة
  • اقرأ في عدد «الوطن» غدا.. السيسي يدعو للتمسك بتطبيق ميثاق الأمم المتحدة لإرساء نظام قائم على مبادئ القانون الدولي
  • رئيس حزب العمل الإسرائيلي: الشمال ينهار والحكومة تتخلى عنه