آخرهم رانيا يوسف وحسن الرداد من التمثيل للغـناء.. "كاريـر شيـفت" أم "شغف" و"حلم مؤجل"؟!
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
في علوم الإدارة، يلجأ الشخص في مرحلة من عمره لاتخاذ قرار "يبدو مصيريا"، بالإقدام على خطوة "تغيير المجال"، أو الوظيفة، بما يطلق عليه "كارير شيفت"، بعد فشله في الحفاظ على "استقراره النفسي أو المادي أو الاجتماعي"، أو كل ما سبق، فيسعى لخوض المغامرة، بإيجاد "خطة بديلة" تعينه على صعوبات الحياة، ليتكسب منها لقمة العيش، أو لـ"يجد نفسه" في عمل يحبه ويرضي طموحه ويحقق له "الرضا عن الذات"، ولا شك أن النفس البشرية لا يمكن اكتشاف دهاليزها بالكامل، ويستعصي فهمها على أعتى خبراء علم النفس، وربما تزداد تعقيداتها بحسب "مهنة صاحبها"، ومن البديهي أن الفنان ذو "تركيبة نفسية خاصة"، ربما أعقد من كل التصورات، بحكم تعرضه لضغوط أكبر، تجعل "حالته المزاجية" في مهب الريح، تتحكم فيه وتحركه دوافع نفسية ربما لا يفهمها من حوله، فيكتفون بمقولة "ده فنان بقا والفنون جنون"!
منذ أيام، فوجئ الجمهور، بطرح أغنية فيديو كليب، بعنوان "ليك"، من إخراج بتول عرفة، تؤديها الممثلة رانيا يوسف، على طريقة "اللبنانية هيفاء وهبي"، من رقص واستعراض، وثارت حالة من الجدل، كعادة كل ظهور لـ"رانيا"، ولكن التريند لم يكن هذه المرة بسبب "بطانة فستان"، أو "مايوه جريء"، ولكن لأن "رانيا" لم تغنّ من قبل في أي من أعمالها الفنية، على مدار "31" سنة، منذ أول ظهور لها في مسلسل "العقاب"، ولم تلمح للمقربين برغبتها أو حتى ظهرت عليها أعراض الموهبة طيلة السنوات الماضية، ولو بـ"مجرد دندنة" في السهرات الخاصة، اللهم إلا "يا واد يا تقيل" التي كانت تغنيها بشكل كوميدي في البرامج، فانتقدها كثير من المهتمين بالشأن الغنائي، واصفين صوتها بأنه "لا يصلح للغناء"، وتساءل بعض الإعلاميين عمن "نصح رانيا بالغناء"، باعتباره "أوقعها في الفخ"!
قبلها بأيام، طرحت الممثلة الصاعدة أميرة أديب، أغنية "فيديو كليب" بعنوان "كارت محروق"، نالت إعجاب جمهورها من المراهقين، فالفتاة التي لم تبلغ الخامسة والعشرين من عمرها، "بلوجر شهيرة"، حققت نجاحات في عالم "الموضة" و"التجميل"، وصنعت "براند" باسمها، وخاضت تجربة التمثيل منذ "5" سنوات، وهي من أسرة فنية فوالدها المخرج عادل أديب ابن الكاتب الراحل عبد الحي أديب، ووالدتها الفنانة منال سلامة، وخالها الفنان شريف سلامة، ولكن حملات النقد طالت "أميرة" بسبب "جرأة ملابسها"، أيضا، ما دعا "ابن عمها" لنشر "بوست" يدافع عنها ويصفها بأنها موهوبة ومتحققة بنجاحات وشعبية تساوي ثقل أفراد أسرتها بالكامل مجتمعين!
معنى ذلك، أن "الكارير شيفت" ليس بالضرورة أن يكون نابعا من "مشاعر الإحباط والفشل"، ولكن وراءه أحيانا "دوافع خفية ورغبات دفينة" وإحساسا بالرغبة في السعي وراء "متعة جديدة"، أو "شغف داخلي"، أو مغامرة لإيجاد "معنى وقيمة مضافة للحياة"، بعد اكتشاف "موهبة" أو "مهارة" مميزة.
وكان عدد من الممثلين، قد فاجأوا جمهورهم بطرح أغانٍ، وآخرهم حسن الرداد، الذي سبقت مشاركته بـ"كوبليهات" غنائية محدودة في بعض أفلامه، ثم أطل شهر رمضان الأخير، بأغنية "دعائية"، غناها منفردا، لمسلسله "محارب"، ومنذ أيام، طرح أغنية فيديو كليب، بعنوان "أصيّف"، على شواطئ الساحل الشمالي، يؤديها ضمن أحداث مسرحيته "التليفزيون" التي عرضت في مهرجان العلمين، منتصف أغسطس الجاري.
وكانت أيتن عامر، قد طرحت منذ عامين أغنية بعنوان "بناقص"، إخراج بتول عرفة، التي اختارتها رانيا يوسف لاحقا، وحصدت أيتن ملايين المشاهدات، ثم شاركت أكرم حسني غناء دويتو "إيه يا ستو أنا"، في مسلسل "مكتوب عليا"، رمضان 2023، فأحبها الجمهور، لتقرر عمل "كليبات" جديدة مصحوبة باستعراضات، لم تخلُ جميعها من "خفة الظل والردح الشعبي"، ووصل بها الحلم إلى "إحياء حفلات غنائية"، بينما فوجئ الجمهور، مطلع العام الماضي، بأغنية فيديو كليب "رومانسية حزينة" تؤديها الممثلة الشابة ليلى أحمد زاهر، بعنوان "كلمة أخيرة"، إنتاج وإخراج المطرب والممثل هشام جمال، وبعد خطبتهما، واصلت "ليلى" مشوارها الغنائي بـ"دويتو" مع هشام، مطلع العام الحالي، بعنوان "أمور بسيطة"، وكان "هشام" قد سبق له إنتاج ألبومات غنائية و"كليبات" للفنانة الشابة دنيا سمير غانم، منذ أكثر من "10" سنوات، منها أغاني "قصة شتا"، و"الوقت بيسرقنا"، وغيرها، وتعدت مشاهداتها "90" مليون مشاهدة، عبر يوتيوب، وكانت "دنيا" قد مهدت للجمهور موهبتها الغنائية، في "دويتو" مع محمد هنيدي ضمن أحداث فيلمهما "يانا يا خالتي"، 2005.
وكان للممثلة سمية الخشاب، نصيب في الغناء، منذ دخولها الوسط الفني، بمشاركات بسيطة بدأت بمسلسل "سامحوني مكانش قصدي"، 1999، ثم بطولة غنائية مع المطرب مصطفى قمر، في فيلم "بحبك وانا كمان"، 2003، واستغرقتها رحلة التمثيل، حتى عاودها شغفها القديم وغنت دويتو مع فيفي عبده للدعاية لمسلسلهما "كيد النسا"، 2011، وظلت سمية تطرح "كليبات" لا تترك أي بصمة، على فترات متباعدة، كان آخرها دويتو بعنوان "ملبن مصر"، مع مطرب المهرجانات عمر كمال، 2021، وهو نفس العام الذي فاجأت فيه الممثلة ياسمين رئيس، جمهورها، لأول مرة، بغناء "دويتو" مع مطرب المهرجانات حسن شاكوش، في كليب حقق أكثر من "260" مليون مشاهدة، بعنوان "افتحي شباكك انا جيت".
وظل حلم الغناء يراود الفنانة يسرا، منذ بداياتها في فيلم "بياضة" 1981، مع رشدي أباظة، وراحت تدندن ببعض الأغنيات في عدد قليل من أفلامها، حتى فاجأت الوسط، مطلع الألفية، بطرح ألبوم غنائي كامل، بعنوان "حب"، وصورت أغنيتها الشهيرة "روح للناس يا حب"، ثم عاودها الشغف في 2018، بأغنية "3 دقات"، مع المطرب الصاعد "أبو"، وحققت نجاحا كبيرا تجاوز "860" مليون مشاهدة، عبر "يوتيوب".
بينما تواصل الممثلة لقاء الخميسي، إشباع هوايتها بالغناء بشكل محدود، عبر السوشيال ميديا. أما الفنان أحمد الفيشاوي فيعلن فخره بـ"نقش اسمه" في عالم الراب، ويواصل إهدار موهبته التمثيلية الكبيرة، بأداء أغنيات لم تحقق نجاحا يذكر، ومنها أغنية مخصصة فقط للهجوم على زميله الفنان محمد رمضان، بعنوان "نمبر 2"، وبالمناسبة لا يمكن تصنيف تجربة الأخير بأنها "كارير شيفت"، فـ"رمضان" بصمة فريدة في عالم الحفلات الغنائية، تخطت نسب مشاهدات أغانيه حواجز "المليار مشاهدة"، ومثل هذا الرقم لمسلسلاته التليفزيونية، وكذلك الفنان أحمد مكي الذي حققت أغانيه "الراب" ذات الطابع المميز، مئات الملايين من المشاهدات، فيما تبقى محاولات محدودة للفنانة بشرى، التي بدأت مشوارها بأغنية دويتو مع محمود العسيلي بعنوان "تبات ونبات"، منذ عشرين عاما، حققت نجاحًا كبيرًا، ولكن "بشرى"، ركزت في التمثيل والإنتاج، مكتفية بالغناء على فترات بعيدة، وأخيرا، حقق الممثل محمد عز، حلم حياته الذي كان مؤجلاً لسنوات طويلة، (بحسب تعبيره)، بإحياء أول حفل غنائي له، بأحد مطاعم المعادي بالقاهرة، منتصف مايو الماضي، بعد محاولات مضنية، وطرح عددًا من أغاني الفيديو كليب، منذ 2019، لم تحقق أي منها نجاحا يذكر، وفي دنيا "الممثل المغني" هناك تجربتان فريدتان للراحل محمود عبد العزيز ومحمد سعد، بطرح ألبوم غنائي كامل بعد نجاح فيلميهما "الكيف" و"اللمبي"، وإن زعم أحدهم أن التمثيل والغناء وجهان لـ"مهنة واحدة"، هي الفن، فيمكن الرد عليه ببساطة أن لكل منهما "نقابة مهنية منفصلة"!
أما لو فتحنا باب الحديث نحو "كارير شيفت" آخر، فالقائمة طويلة آخرها سماح أنور، التي أعلنت منذ أيام تأسيسها "منصة ذكاء اصطناعي" بالشراكة مع أطراف عالمية لصناعة المحتوى، فيما اتجهت التونسية درة، مؤخرًا، للإخراج، لتلحق بمواطنتها هند صبري، والأردنية صبا مبارك، والسورية سولاف فواخرجي، ضمن قائمة الممثلين المخرجين، وظهرت موهبة "تأليف الكتب" على بعض الممثلين، ومنهم خالد الصاوي ومحيي إسماعيل، وكريم فهمي، ومن قبلهم السورية رغدة، وأحب بعضهم مهنة "البلوجرز" مثل وفاء عامر وراندة البحيري ومها أحمد، بينما يحاول بعض الفنانين "الاحتماء" بالمشاريع الخاصة من غدر الفن، بالمطاعم والكافيهات: ومنهم أحمد السقا وأمير كرارة ومصطفى قمر وأشرف عبد الباقي وبيومي فؤاد، وآخرون، أما لعبة الكراسي الموسيقية بين الممثلين والمذيعين فالقائمة لا تسعها مجلدات الفن الحديث!
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: رانيا يوسف حسن الرداد صعوبات الحياة فیدیو کلیب
إقرأ أيضاً:
إيران تفتح باب التفاوض مع أمريكا.. ولكن!
27 مارس، 2025
بغداد/المسلة:
محمد صالح صدقيان
تترقب الأوساط الإقليمية والدولية باهتمام كبير ما ستؤول إليه العلاقة بين الإدارة الأمريكية الجديدة والقيادة الإيرانية علی خلفية البرنامج النووي الإيراني وذلك في أعقاب الرسالة التي وجّهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إيران وتولى نقلها إلى طهران المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الامارات العربية المتحدة أنور قرقاش.
تقول مصادر إيرانية إنّ الرد الإيراني علی رسالة ترامب أصبح جاهزاً وأنه يتناول أربعة مجالات تطرقت إليها رسالة ترامب وهي الآتية:
الأول؛ المسألة النووية الإيرانية:
تُبدي إيران استعدادها للجلوس مع الجانب الأمريكي أو مع مجموعة 4+1 إذا وافق الأمريكيون على مبدأ العودة إلی هذه المجموعة لمناقشة الملف النووي الإيراني استناداً للتطورات التي حقّقها هذا البرنامج في السنوات الماضية، وبما يُساهم في إزالة قلق الدول الغربية حيال احتمال انتاج أو حيازة إيران للسلاح النووي.
الثاني؛ البرنامج الصاروخي الإيراني:
تقول إيران إنها لا يُمكن أن تناقش قوتها الدفاعية مع أي جهة أجنبية وأن هذه القوة سواء أكانت في إطار البرنامج الصاروخي أو الطائرات المُسيرة أو غيرها إنما هي قضية قومية إيرانية خصوصاً في ظل تحقُق الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل دوري من عدم عسكرة البرنامج النووي الإيراني.
الثالث؛ النفوذ الإيراني إقليمياً:
تتمسك إيران بمقولة عدم تدخلها في قرارات أصدقائها في “محور المقاومة” وأنها تحترم خصوصيات كل حليف.. وبالتالي لكل حليف من الدوافع ما يضعه في مواجهة المشروع الإسرائيلي التوسعي وأيضاً التواجد الأجنبي في المنطقة، إضافة إلی أنها لا تريد ولا تسمح لنفسها أن تتفاوض نيابة عن هؤلاء الحلفاء، وهي لا تحتاج إلى أذرع في المنطقة ولا إلى من يُحارب بالنيابة عنها!
الرابع؛ التهديدات الأمريكية:
تعتبر إيران أن ما ورد من تهديدات في رسالة ترامب للقيادة الإيرانية إنما يُعطي مؤشراً إلی أن الجانب الأمريكي ما يزال يُراهن علی الخيارات العسكرية، وبالتالي، فإن إيران “مستعدة لمواجهة مصادر التهديد بقوة تجعل هؤلاء يندمون على فعلتهم”.
الرد الإيراني ربما يكون حاداً من حيث الشكل ولا يفتح باب المفاوضات، ذلك أن طهران قرأت الرسالة الأمريكية علی أنها “رسالة تهديدية”، كما قال وزير الخارجية عباس عراقجي، لكنها، وبرغم ذلك، تعاملت معها بإيجابية لأجل عدم إغلاق هذا المسار؛ بمعنی أنها قرّرت الرد علی الرسالة خلافاً لتعامل المرشد الإيراني السيد علي الخامنئي عندما رفض استلام رسالة ترامب إبّان ولايته الرئاسية الأولی.
وفي خضم هذه التطورات، كانت طهران ترصد صدور تصريحات متناقضة لشخصيات في الادارة الأمريكية، فمبعوث الرئيس ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف قال إن ترامب لا يريد الحرب مع إيران ولا يری مبرراً للجوء إلى الخيار العسكري معها، في الوقت الذي قال مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز في مقابلة تلفزيونية بعد 24 ساعة من تصريحات فيتكوف إن الولايات المتحدة ستُفكك برنامج إيران النووي كاملًا، “وعلى إيران أن تتخلى عن برنامجها النووي بطريقة يراها العالم أجمع. وإذا لم يفعلوا، فإن الوضع يتجه نحو التصعيد. جميع الخيارات مطروحة، وقد حان الوقت لإيران للتخلي تمامًا عن رغبتها في امتلاك سلاح نووي”. وفي هذا الإطار، كشفت تقارير أمريكية أن الكيان الاسرائيلي يسعی لانتزاع موافقة أمريكية لشن هجوم جوي يستهدف المنشأت النووية الإيرانية.
في ظل هذه الأجواء، تسعى طهران إلى تقييم ما يخرج عن واشنطن من مواقف، وهل يُمكن الارتكاز إلى تصريحات ويتكوف أم والتز أم يجب ان ننتظر لرؤية أي دخان سيخرج من مدخنة البيت الأبيض؟ ولسان حال طهران أن دبلوماسية الصبر هي ألفباء الفهم العميق للسيكولوجية السياسية للطرف الآخر، وهنا تكمن إشكالية فشل ترامب في التعامل مع إيران، على الرغم من براعته المزعومة في عقد الصفقات الكبری. زدْ على ذلك أن إيران ليست المكسيك وبالتالي لن تنجح استراتيجية الضغوط القصوى عليها.
إن تجاهل الثقافة السياسية الإيرانية التي تُقدّس مقاومة الهيمنة الأجنبية يُقوّض أي مسار للتقدم إلى الأمام، كما أن الإصرار الأمريكي على تبني سردية فوقية في التحدث مع إيران هو أمرٌ لا ينسجم مع السياق الإيراني، كما تحدث مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز. ولطالما تمحورت السردية الإيرانية حول عناوين الفخر الوطني والاقتدار الوطني والمقاومة والكرامة. ومن غير المرجح أن تنجح أية استراتيجية دبلوماسية أمريكية طالما أنها تغفل هذه الروح الوطنية عند الشعب الإيراني.
إن أمريكا تميل إلى التعامل مع الدبلوماسية من منظور إكراهيّ وتعامليّ – مع التركيز على “المكاسب” السريعة والتنازلات الواضحة – وغالبًا ما يتعارض هذا الأمر مع رؤية إيران الأكثر رمزيةً وتنوعًا للمشاركة.
في السياق الإيراني، لا تقل أهمية نبرة الدبلوماسية وإطارها وافتراضاتها الأساسية عن جوهرها. أي نهج يتجاهل هذه الأبعاد قد يُنظر إليه على أنه يفتقر إلى الاحترام أو الصدق.
وبدلاً من إضعاف عزيمة إيران بأشكال مختلفة، فإن حملة “الضغوط القصوی” التي وقّع عليها الرئيس ترامب تجعل من المستحيل سياسياً على أي زعيم إيراني – إصلاحي كان أم أصولي – قبول مبدأ التفاوض بهذه الطريقة المُهينة. وكما أوردنا أعلاه فإن أي نظام يستمد شرعيته من خلال الدفاع عن مشاعر الكرامة الوطنية ومقاومة التدخلات الخارجية.
ولا يمكن لأي شخصية سياسية إيرانية أن تبدو وكأنها تستسلم للتهديدات. صحيح أن “الضغوط القصوى” ولّدت صعوبات اقتصادية، لكنها رفعت أيضاً التكلفة السياسية للتنازلات.
وبالنسبة إلى طهران، فإن الكيان الإسرائيلي الذي يُمارس قادته أقصى الضغوط على ترامب من أجل اعتماد الخيار العسكري في مواجهة إيران، لم يعد مجرد منافس إقليمي، بل عدوٌّ وجوديٌ. وأيُّ مؤشر على أن المفاوضات تُنسَّق مع إسرائيل أو تتأثر بها يُعزّز الاعتقاد بأن دبلوماسية المفاوضات فخٌّ مُصمَّم لإضعاف إيران من الداخل، ولذلك فان مثل هذه المفاوضات لا تعتبرها طهران فرصةً، بل تهديدًا لها.
وإذا كان ترامب يرغب في فتح باب المفاوضات مع إيران عليه التخلي عن القوالب القسرية واعتماد استراتيجية دبلوماسية متجذرة في التفاهم الثقافي، والاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة. وهذا يعني فصل عملية التفاوض عن نفوذ وتأثير اي طرف ثالث وبخاصة كيان الاحتلال، فكلما زاد وتيرة تدخله وعلت نبرته ازدادت شكوك طهران وتعمّقت أكثر فأكثر.
في الخلاصة، بات الجانبان الإيراني والأمريكي أمام تحدٍ صعبٍ، وتستطيع واشنطن ادارة مقاربة ناجعة لدفع عجلة المفاوضات وإلا ستبقى العملية الدبلوماسية مهمشة، وستظل المواجهة تُشكل سمة بارزة في العلاقات الثنائية بين واشنطن وطهران، حالياً ومستقبلاً، وكما كانت على مدى العقود الأربعة الماضية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts