يتجه المشاركون في جلسات «الحوار الوطني» لفتح ملف الدعم العيني (مزاياه، وعيوبه) وإمكانية تحويله إلى دعم نقدي، ضمن الاهتمام بملف الاقتصاد، جنبًا إلى جنب مع ملفات سياسية واجتماعية، من خلال العمل على صياغة وطرح بدائل، في هيئة مقترحات تشريعية وقرارات تنفيذية، من بينها إمكانية تحويل الدعم العيني إلى مساعدات نقدية، مطلع العام المقبل.

الدعم النقدي، عبارة عن تحويلات مالية مباشرة من الحكومة إلى الأفراد أو الأسر المستحقة، بهدف رفع مستوى دخلهم، وتحسين قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية. يساعد الدعم النقدي المباشر للمواطنين ذوي الدخل المحدود على تلبية احتياجاتهم الأساسية وتحسين مستوى معيشتهم، غذائيًّا، تعليميًّا، وصحيًا، ويعزز الاستقرار الاجتماعي.

يأتي هذا في ظل معضلات وصراعات يشهدها العالم، خلال السنوات الأخيرة (تفشي فيروس كورونا، الحرب الأوكرانية- الروسية، وتأثر سلاسل الإمداد والتوزيع، التى تفاقمت خلال الـ11 شهرًا الماضية، نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وانعكاسه على أمن الملاحة في البحر الأحمر) ومن ثم، ارتفاع العديد من أسعار السلع الغذائية، عالميًّا، ومحليًّا.

هذه المعطيات دفعت الخبير الاقتصادي د.السيد خضر (مدير مركز الغد للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية) لوضع دراسة حول «استراتيجيات الدعم النقدى.. معضلة تحويل الدعم العينى والقضاء على الفساد الإدارى» وكيف أن «الدولة المصرية باتت مطالبة بالتغيير الجذرى لمنظومة الدعم العينى، وتحويله إلى نقدى، مع تحقيق التوازن فى آليات الصرف ووضع مبالغ تتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الضاغطة، لحماية محدودى الدخل، وتعزيز العدالة الاجتماعية».

اختلال منظومة الدعم

توضح الدراسة عدم عدالة الدعم العينى، وأن هناك بعض أصحاب الدخول المرتفعة فى هيئات وشركات يستفيدون منه بدون وجه حق، وأهمية توجيه الدعم إلى الفئات الأكثر احتياجاً، لتحسين مستوى المعيشة، الحد من الفقر، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، ما يخدم برامج الحماية الاجتماعية 2030، وتطالب الدراسة بـ«البحث عن آليات تُمكن الفئات الضعيفة وتساعدهم على المشاركة فى عملية التنمية».

ترى الدراسة أنه «عندما يحصل مواطنون على دعم نقدي- أداة فعالة لتوزيع الثروة بشكل عادل بين أفراد المجتمع- فإنهم ينفقونه على السلع والخدمات، مما يزيد الطلب الكلي ويحفز النشاط الاقتصادي، ويتيح للمواطنين اختيار السلع والخدمات التي تلبي احتياجاتهم، كما يزيد الوعي والشفافية حول كيفية إنفاق الأموال العامة، كون الدعم النقدى يسمح بالتخطيط والرقابة على نفقات الدعم».

تتعدد استراتيجيات الدعم النقدي، حسب الظروف الاقتصادية والاجتماعية للدول. كالدعم، غير المشروط (دعم نقدي للأسر المستحقة، دون شروط، وحرية تصرفهم فيها)، والدعم المشروط (يتم ربطه بشروط معينة: إرسال الأطفال للمدرسة، زيارة العيادات الصحية، بهدف تحسين سلوكيات معينة.. .الخ)، الدعم المؤقت (لمدة محددة، بهدف مساعدة الأسر على تجاوز صعوبات مؤقتة)، والدعم النقدي الدائم (يقدم للأسر التي تعاني من فقر مزمن، بهدف رفع مستواها المعيشي على المدى الطويل).

تحديات وحلول الدعم

تشير الدراسة إلى تحديات تواجه عملية تنفيذ برامج الدعم النقدي، لاسيما: أولاً، تحديد المستحقين بشكل حقيقى، ما يتطلب نظامًا فعالاً لجمع البيانات والتحقق من الأهلية. ثانيًا، القضاء على الفساد الإدارى، حتى لا تستفيد عناصر غير مستحقة من برامج الدعم النقدي. ثالثًا، أهمية وجود آليات فعالة للمراقبة والتقييم. رابعًا، فك الاشتباك بين الدعم النقدي وعدم تأثيره على حوافز العمل، لدى البعض. خامسًا، التعامل مع التضخم، حتى لا يؤدي زيادة الطلب، الناتج عن الدعم النقدي إلى ارتفاع الأسعار، التى قد تؤثر بدورها على القدرة الشرائية لمستحقي الدعم».

توضح الدراسة أن «هناك طرق عدة لتحسين فاعلية الدعم النقدي في مواجهة التحديات الاقتصادية: تحسين استهداف المستحقين تطوير آليات دقيقة لتحديد الأسر والأفراد الأكثر احتياجًا، الاعتماد على بيانات موثوقة ومحدثة عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين، مشاركة المجتمع المدني في عملية الاستهداف، زيادة كفاءة التنفيذ والرقابة، من خلال تبسيط إجراءات التسجيل والصرف للمستفيدين، الاستفادة من الرقمنة والتقنيات الحديثة كالتحويلات النقدية الإلكترونية».

تؤكد الدراسة أن «العبرة، ليست بزيادة الإنفاق على منظومة الدعم النقدى بمختلف أنواعها لتحسين مستوى المعيشة، وإنما بحسن الإدارة والتطبيق الحقيقى لها، فزيادة الإنفاق على الدعم لن تسهم في خفض معدلات الفقر، وإنما تحدث إعادة برمجة منظومة الدعم، وذلك بإنشاء منظومة للدعم النقدي بالتوازي مع إعادة هيكلة منظومة الدعم السلعي، وتحويلها لمنظومة دعم نقدي، مع فرض الرقابة الفاعلة والصارمة على أداء الأسواق، وعلى محتكرى السلع الغذائية».

مبادرات عدة للحماية

من جانبه يوضح خبير التشريعات الاقتصادية، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية الإسكندرية للإدارة والمحاسبة د.عمرو يوسف، أن «الدولة أطلقت العديد من حزم الحماية الاجتماعية، والعمل على مواجهة التضخم عبر استخدام توليفة متنوعة من السياسات النقدية والمالية، لتقييد التضخم، بالتزامن مع مواجهة الدولة حربًا منظمة، من قبل محتكري السلع والبضائع، الذين يستهدفون تجفيف الأسواق منها، ما يتطلب وضع تشريع عاجل للتعامل مع المتلاعبين، بقانون رادع».

وأوضح «يوسف» أن «النقاش حول الدعم السلعي والدعم النقدي، الأساس فيه كيفية الوصول إلى طريقة تعزز دور الدولة المجتمعي، وتضمن وصول الدعم إلى مستحقيه. ويواجه الدعم الكثير من العقبات والمشكلات، حيث حاولت الدولة على مدار سنوات تنقيح القوائم من غير المستحقين للدعم، لكن عمليات التنقيح لم تكن كاملة، ولا تزال مسألة الصرف للمستحقين الحقيقيين مؤرقة، ما يعزز الاتجاه نحو الدعم النقدي، كحل جذري، يتطلب تضافر جهات عدة لوضع آليات محددة: الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، هيئة التأمينات والمعاشات، وزارات: الداخلية، الدفاع، التربية والتعليم، والمجلس الأعلى للجامعات الخاصة والأهلية».

ووفقًا لرئيس الحكومة د.مصطفى مدبولي، فإن مصر قد تبدأ في التحول من دعم السلع الأولية الأساسية إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة للمواطنين، بدءًا من السنة المالية المقبلة شرط التوصل إلى توافق في الآراء بشأن هذه المسألة في الحوار الوطني الذي يناقش مجموعة متنوعة من الإصلاحات، بمشاركة الأحزاب والخبراء وأساتذة الجامعات والخبراء المتخصصين، من كافة الاتجاهات للنقاش وسماع الآراء المختلفة حول طبيعة الدعم وماهيته وكيفية وصوله إلى مستحقيه لمواجهة ارتفاع الأسعار وحماية الطبقات الأكثر احتياجًا.

تستهدف «الحوار الوطني» يستهدف الوصول إلى مخرجات تتفق مع الطموحات والآمال الكبيرة التي يعلقها المصريون على جلساته، منذ إعلان د.مصطفى مدبولى، الاستعانة بها فى وضع الرؤية الاقتصادية للدولة، عبر دراسة المشكلات بشكل أكثر عمقًا، ووضع رؤية متكاملة بالتعاون مع كل أطياف المجتمع والخبراء الاقتصاديين، للخروج بروشتة للحكومة للتنسيق والتشاور فى تطبيقها لضبط العملية الاقتصادية.

اقرأ أيضاًوزير التموين: نبحث تحويل الدعم العيني لـ نقدي وتحديد الفئات المستحقة.. فيديو

الحكومة تكشف حقيقة اعتزامها إلغاء الدعم العيني للسلع التموينية وتحويله إلى نقدي

مساعد وزير التموين: لا توجد نية لتحويل الدعم العيني لنقدي

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: جلسات الحوار الوطني الدعم العيني الدعم نقدي جلسات المقبلة لـ الحوار الوطني الحوار الوطنی الدعم العینی الدعم النقدی منظومة الدعم دعم نقدی

إقرأ أيضاً:

حزب المصريين: الحوار الوطني عزز دور المرأة والشباب في صناعة القرار

قال محمد مجدي، أمين لجنة الإعلام بحزب المصريين، إن الحوار الوطني الذي أطلق بتوجيهات من القيادة السياسية ممثلة في الرئيس السيسي أصبح ركيزة أساسية لتعزيز التلاحم بين مختلف شرائح المجتمع، ومكن بدوره من تبادل الأفكار والرؤى التي تسعى إلى تحقيق المصالح الوطنية العليا.

الحوار الوطني وخلق مناخ سياسي

وأضاف مجدي في بيان اليوم الخميس، أن إطلاق الرئيس السيسي فكرة الحوار الوطني يأتي في إطار حرصه على إشراك جميع فئات المجتمع في رسم ملامح مستقبل البلاد، وإيمانًا بأهمية الحوار كوسيلة لبناء مجتمع متماسك ومتطور، موضحا أن الحوار الوطني عزز المشاركة السياسية، وخلق مناخا سياسيا جديدا يتمتع بالتعددية ومشاركة جميع الأطراف على طاولة حوار واحدة يناقشوا من خلالها في جميع الملفات التي تهم المواطن المصري في المقام الأول، سواء في المحور السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي.

الجمهورية الجديدة

وأوضح أمين لجنة الإعلام بحزب المصريين، أن الحوار الوطني عزز دور الشباب والمرأة في المشاركة بفعالية في صنع القرار، الأمر الذي تستهدفه الجمهورية الجديدة في سياستها التي تحتاج إلى مشاركة الجميع يدا بيد، مؤكدًا أن شباب الدولة المصرية يبذلون دورا قويا في مناقشات الحوار الوطني في محاوره الثلاثة السياسي، الاقتصادي والمجتمعي.

وأكد على أهمية الحوار الوطني الذي تجريه الدولة في هذه المرحلة الحيوية من تاريخها، موضحا أنه يمثل ركيزة أساسية لدعم استقرار الوطن، وتعزيز تماسك المجتمع، وإيجاد حلول جذرية للقضايا الهامة التي تواجه المواطنين.

ولفت إلى أن الحوار الوطني أتاح الفرصة لتبادل الرؤى والأفكار بين مختلف الأطياف السياسية والمجتمعية، مما ساهم في صياغة سياسات تعبر عن تطلعات الشعب وتحقق العدالة الاجتماعية، ومثل آلية فعالة لتحقيق التوافق الوطني، وعزز من قدرة الدولة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.

ونوه بأن فتح قنوات الحوار بين الدولة والمواطنين عزز الثقة المتبادلة وأكد على أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً.

 

مقالات مشابهة

  • الدعم النقدى..الخبراء يرحبون والمواطنون خائفون
  • وزير الإسكان: تسليم المرحلة الأولى من رأس الحكمة مطلع أكتوبر المقبل
  • حملة «إيد واحدة».. دعم مستمر للأكثر احتياجا في مواجهة التحديات الاقتصادية الخارجية
  • عجز الميزانية يتدنى إلى 32,8 مليار درهم منذ مطلع هذا العام
  • القوة المشتركة: قواتنا دمرت أكثر من 20 عربة قتالية واستولت على 10 آليات عسكرية من قوات الدعم السريع بشمال دارفور
  • كيف نظم قانون الضمان الاجتماعي ضوابط الجمع بين الدعم النقدي "تكافل وكرامة"؟
  • حزب المصريين: الحوار الوطني عزز دور المرأة والشباب في صناعة القرار
  • «خارجية النواب»: دمج توصيات الحوار بقانون الإجراءات الجنائية يعزز الثقة في منظومة العدالة
  • الجيش السوداني يعلن تدمير آليات لقوات الدعم السريع بالفاشر
  • العراق يوقع عقداً لشراء منظومة دفاع جوي من كوريا الجنوبية الأسبوع المقبل