بينما تتواصل زيارات وفود التفاوض، لمصر وقطر، بهدف التوصل إلى صيغة مناسبة لحسم مفاوضات التهدئة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، يستمر المجلس الأمني المصغر، في إسرائيل، في اتخاذ قرارات تسير في الاتجاه الآخر لجهود التهدئة، في ظل إعادة نشر قوات إسرائيلية في مناطق غير متفق عليها، ما يؤكد إستراتيجية الاحتلال في استهلاك الوقت، وتبديد طاقة الخصوم عبر «مفاوضات عبثية» رغم الحرص المصري على إنجاز التهدئة، لأبعاد عدة، يتصدرها الدعم الإنساني لأهالي القطاع المنكوب.

تخصصت إسرائيل في تحويل جولات التفاوض في ملف الصراع العربي- الإسرائيلي، خاصة خلال الـ35 عامًا الماضية إلى متاجرة في الوهم، بداية من مفاوضات مؤتمر مدريد عام 1991، ثم مفاوضات أوسلو (إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي) في سبتمبر عام 1993، وحتي الآن، من خلال مواصلة قضم أجزاء جديدة من الأراضي الفلسطينية، وتحويلها إلى مستوطنات، تحيط بها الأسوار العازلة (استراتيجية المناطق الآمنة).

خلال الشهور الـ11 الماضية، تعددت جولات التفاوض، التى تتعامل معها إسرائيل بـ«عبثية» والتى استهدفت بالأساس التغرير بالرأي العام العالمي، والزعم بأنها راغبة في إنهاء الحرب في قطاع غزة، والتحايل على المؤسسات المعنية بتطبيق القانون الدولي، خاصة مع الاتهامات الموثقة التى تؤكد ارتكاب جيش الاحتلال الإسرائيلي جرائم حرب وإبادة جماعية في قطاع غزة، ضد المدنيين، مما تسبب في استشهاد أكثر من 40 ألف مواطن فلسطيني، وإصابة أكثر من 100 ألف آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن.

تلاعب رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، خلال مدة العدوان الأخير بالرأي العام الإسرائيلي نفسه، لاسيما أهالي المحتجزين، عبر المماطلة والتسويف واختلاق الأعذار والحجج لإفشال مفاوضات وقف إطلاق النار طوال هذه المدة، ما تسبب في خلافات طاحنة بين المؤسسات الإسرائيلية، لاسيما المؤسسة العسكرية والمحكمة العليا، من ناحية، والكنيست (البرلمان) الذي تسيطر الأحزاب اليمينية المتطرفة على الأغلبية فيه، من ناحية أخرى، وكيف تحاول السلطة السياسية البقاء لأطول فترة ممكنة، على حساب عداد الضحايا الذي لا يتوقف.

يُصر نتنياهو، وحكومته المتطرفة على الاستمرار في العدوان، وسط فاتورة كارثية في قطاع غزة، الذي يتعرض منذ 11 شهرًا للتدمير المباشر، فيما يعاني قاطنوه التهجير القسري والتجويع وارتكاب جرائم الإبادة، التي تدينها المؤسسات الدولية (محكمة العدل الدولية، المحكمة الجنائية الدولية، والأمم المتحدة نفسها) فيما يجهض نتنياهو ورفاقه المتطرفون أي محاولة لإنجاح مفاوضات الهدنة، مدعومًا من المؤسسات التشريعية والسياسية والعسكرية الأمريكية، فضلاً عن استخدام حق النقض (الفيتو) لإجهاض أي إدانة لإسرائيل داخل مجلس الأمن الدولي.

يعتقد نتنياهو أن أي اتفاق هدنة سيؤدي إلى فضح ممارسات حكومته، وتداعيات عدوانها على الشعب الفلسطيني، ومن بين أساليب التلاعب بعملية التفاوض، إرسال فريق «منزوع الصلاحيات» يكتفي فقط بـ«الاستماع» منذ 17 يناير الماضي، وهو ما كشف نوايا نتنياهو مما أدى إلى تعرضه لانتقادات داخلية حادة. وفي مرحلة لاحقة من مفاوضات قمة باريس الأولى في 28 إلى 31 يناير، التقى رئيس الموساد برنيع بالوسطاء في باريس ووصف المفاوضات بالإيجابية وأشار إلى تقدم فيها قبل أن يسارع نتنياهو بإجهاض الصفقة وإصداره بيانات صحفية ادعى فيها بأن الهوة ما زالت كبيرة.

في 6 فبراير الماضي، حاول رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، رونين بار، استئناف المفاوضات للتوصل إلى اتفاق إنساني لتوصيل المساعدات لأهالي غزة، غير أن نتنياهو نزع صلاحيات فريق التفاوض وكلفه بالاستماع للوسطاء فقط ونقل مقترحاتهم إليه دون تقديم أي مواقف في عملية التفاوض. فى 13 فبراير تواصلت المباحثات في القاهرة، إلا أن نتنياهو ضم إلى فريق التفاوض مستشاره الشخصي، أوفير فولك. لم تكن جولة القاهرة أفضل حالاً من سابقتها في باريس التي كانت قد استعدت لجولة جديدة فيما عرف بمفاوضات باريس الثانية، فى 23 فبراير الماضي، التى «قيد» فيها نتنياهو صلاحيات فريق التفاوض، ثم عانت المفاوضات فترة جمود حتى 16 مارس، حيث طلب أعضاء حكومة الحرب المصغرة وكبار العسكريين استئناف المفاوضات إلا أن نتنياهو رفض طلبهم مما عرضه لانتقادات شديدة.

فى 8 أبريل مارس، مارس الوسطاء ضغوطًا على إسرائيل لتسريع عملية التفاوض وعقد اتفاقًا مؤقتًا للإفراج عن 33 أسيرًا. كان الاتفاق على وشك الحسم، وأعلن الجيش الإسرائيلي عن اكتمال عملية خان يونس وعزمه الانسحاب الكامل من المنطقة، إلا أن نتنياهو طالب بتحقيق النصر الكامل، ودخول جنوب رفح وامتنع عن عقد أي اجتماعات لحكومة الحرب المصغرة رغم التقدم الكبير في المباحثات مع حماس، وكادت الصفقة الجزئية أن تتم.

في 4 مايو الماضي، أصدر نتنياهو بيانًا يزعم فيه أن إسرائيل لن توافق تحت أي ظرف من الظروف تتضمن إطلاق سراح الأسرى وأن الجيش سيدخل رفح ويدمر حركة حماس، وبعد فترة جمود من المفاوضات أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عن مبادرة مطلع يونيو، عن مبادئ أساسية تهدف لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وأعلن أن نتنياهو موافق على هذا الإعلان، إلا أنه سرعان ما خرج وأعلن أن شروط إسرائيل لإنهاء الحرب لم تتغير وهي تشمل تدمير القدرات العسكرية والحكومية الفلسطينية ولم يكون هناك وقف لإطلاق النار قبل تحقيق هذا.

تراوح المفاوضات مكانها، بسبب مماطلات نتنياهو حتى وصلت إلى وضعها الراهن، من إيطاليا، قبل أسابيع، إلى قطر، مطلع أغسطس، ثم مصر، مؤخرًا، ولاحقًا، لقطر، مجددًا، لكن الأفق لايزال ضبابيًّا، بسبب نتنياهو، الذي يعلم جيدًا أن نجاح مفاوضات الهدنة، يعني بدء محاكمته الداخلية في إسرائيل، وخارجها، بسبب العدوان الغاشم على قطاع غزة.

اقرأ أيضاًوزير الأمن القومي بالاحتلال: لن أستقيل.. وإذا كان «نتنياهو» يريد فليقتلني بنفسه

«المسيري.. مفكر ضد الصهيونية».. قريبًا على شاشة «الوثائقية»

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل الشعب الفلسطيني بنيامين نتنياهو وقف إطلاق النار في قطاع غزة المجلس الأمني المصغر إطلاق النار فی قطاع غزة أن نتنیاهو إلا أن

إقرأ أيضاً:

مفاوضات غزة: صعوبات تظهر قد تُؤخّر التوصل لاتفاق لهذا الموعد

كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، اليوم الثلاثاء، 24 ديسمبر 2024، عن صعوبات ظهرت على مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة ، وإبرام صفقة تبادل.

ووفق الصحيفة العبرية، فإن صعوبات تظهر في المفاوضات قد تؤخر التوصل لاتفاق قريبا، وقد تخرج المفاوضات برمتها عن مسارها.

ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع على المفاوضات قوله: "لا يوجد تقدم حقيقي، ننتظر ردا من حماس عن عدة قضايا".

وأضاف، "حماس تماطل ولم تسلم قوائم المختطفين لديها، حماس لا تريد صفقة جزئية لا تضمن مراحل أخرى تنتهي بها الحرب". وفق قوله

اقرأ أيضا/ تمديد حالة الطوارئ في إسرائيل لعام آخر

ذات المصادر قالت للصحيفة: يبدو إننا لن نصل لاتفاق مع نهاية العام، المفاوضات لا تسير بسلاسة، إنها معقدة للغاية، الوفود بالدوحة تواصل عملها وستستمر بذلك لأيام أخرى".

وحول الموعد المحتمل لعقد صفقة، قالت المصادر إن التوصل لاتفاق سيستغرق وقتا أطول، والموعد الأكثر احتمالية هو قبل تولي الرئيس الأميركي المحتمل دونالد ترامب منصبه بأيام، (قبل 20 يناير من العام المقبل 2025).

اقرأ أيضا/ شهيد وإصابات خلال عدوان الاحتلال على طولكرم واقتحام نابلس

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي  بنيامين نتنياهو ، قد تطرّق مساء أمس، إلى المفاوضات الرامية للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى، في ظل التقارير التي تشير إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق "في الأسابيع القليلة المقبلة"، قائلا "لا أعرف كم من الوقت سيستغرق هذا".

وأضاف نتنياهو "يمكنني أن أخبركم أنني لا أستطيع أن أخبركم بكل الأشياء التي نقوم بها".

وتابع، "أود أن أقول بحذر إن هناك تقدمًا معينًا، وهذا التقدم له ثلاث أسباب رئيسية: أولاً، يحيى السنوار لم يعد بيننا، ثانيًا، كانت حماس تأمل أن تأتي إيران وحزب الله لمساعدتها، لكنهم مشغولون الآن بلعق جراحهم من الضربات التي وجهناها لهما، وثالثًا، حماس نفسها تتلقى ضربات، وهي تحت ضغط عسكري مستمر"

المصدر : وكالة سوا

مقالات مشابهة

  • مكتب نتنياهو : فريق المفاوضات يعود من قطر للتشاور بعد أسبوع مفاوضات مكثف
  • فريق التفاوض الإسرائيلي يعود من قطر لإجراء مشاورات.. والدوحة تعلّق
  • تطورات جديدة في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة
  • باحث: نتنياهو يستغل المفاوضات لتنفيذ مخططاته في قطاع غزة
  • رغم 14 شهرًا من العدوان الغاشم.. شروط إسرائيل تهدد «مفاوضات غزة» وتفاؤل حذر من مصر والوسطاء
  • مفاوضات غزة: صعوبات تظهر قد تُؤخّر التوصل لاتفاق لهذا الموعد
  • محلل سياسي: نتنياهو يدفع الشعب الفلسطيني إلى النزوح الكامل للجنوب والوسط
  • لتبادل الأسرى.. نتنياهو يؤكد إحراز بعض التقدّم في المفاوضات مع حماس
  • الهلال الأحمر الفلسطيني: إسرائيل تعتقل فلسطينيا مصابا في نابلس وتمنعنا من علاجه
  • نتنياهو: تقدم "طفيف" في مفاوضات صفقة التبادل مع حماس