«المفاوضات العبثية».. تستهلك الوقت والعائد الفلسطيني «صفر»
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
بينما تتواصل زيارات وفود التفاوض، لمصر وقطر، بهدف التوصل إلى صيغة مناسبة لحسم مفاوضات التهدئة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، يستمر المجلس الأمني المصغر، في إسرائيل، في اتخاذ قرارات تسير في الاتجاه الآخر لجهود التهدئة، في ظل إعادة نشر قوات إسرائيلية في مناطق غير متفق عليها، ما يؤكد إستراتيجية الاحتلال في استهلاك الوقت، وتبديد طاقة الخصوم عبر «مفاوضات عبثية» رغم الحرص المصري على إنجاز التهدئة، لأبعاد عدة، يتصدرها الدعم الإنساني لأهالي القطاع المنكوب.
تخصصت إسرائيل في تحويل جولات التفاوض في ملف الصراع العربي- الإسرائيلي، خاصة خلال الـ35 عامًا الماضية إلى متاجرة في الوهم، بداية من مفاوضات مؤتمر مدريد عام 1991، ثم مفاوضات أوسلو (إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي) في سبتمبر عام 1993، وحتي الآن، من خلال مواصلة قضم أجزاء جديدة من الأراضي الفلسطينية، وتحويلها إلى مستوطنات، تحيط بها الأسوار العازلة (استراتيجية المناطق الآمنة).
خلال الشهور الـ11 الماضية، تعددت جولات التفاوض، التى تتعامل معها إسرائيل بـ«عبثية» والتى استهدفت بالأساس التغرير بالرأي العام العالمي، والزعم بأنها راغبة في إنهاء الحرب في قطاع غزة، والتحايل على المؤسسات المعنية بتطبيق القانون الدولي، خاصة مع الاتهامات الموثقة التى تؤكد ارتكاب جيش الاحتلال الإسرائيلي جرائم حرب وإبادة جماعية في قطاع غزة، ضد المدنيين، مما تسبب في استشهاد أكثر من 40 ألف مواطن فلسطيني، وإصابة أكثر من 100 ألف آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن.
تلاعب رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، خلال مدة العدوان الأخير بالرأي العام الإسرائيلي نفسه، لاسيما أهالي المحتجزين، عبر المماطلة والتسويف واختلاق الأعذار والحجج لإفشال مفاوضات وقف إطلاق النار طوال هذه المدة، ما تسبب في خلافات طاحنة بين المؤسسات الإسرائيلية، لاسيما المؤسسة العسكرية والمحكمة العليا، من ناحية، والكنيست (البرلمان) الذي تسيطر الأحزاب اليمينية المتطرفة على الأغلبية فيه، من ناحية أخرى، وكيف تحاول السلطة السياسية البقاء لأطول فترة ممكنة، على حساب عداد الضحايا الذي لا يتوقف.
يُصر نتنياهو، وحكومته المتطرفة على الاستمرار في العدوان، وسط فاتورة كارثية في قطاع غزة، الذي يتعرض منذ 11 شهرًا للتدمير المباشر، فيما يعاني قاطنوه التهجير القسري والتجويع وارتكاب جرائم الإبادة، التي تدينها المؤسسات الدولية (محكمة العدل الدولية، المحكمة الجنائية الدولية، والأمم المتحدة نفسها) فيما يجهض نتنياهو ورفاقه المتطرفون أي محاولة لإنجاح مفاوضات الهدنة، مدعومًا من المؤسسات التشريعية والسياسية والعسكرية الأمريكية، فضلاً عن استخدام حق النقض (الفيتو) لإجهاض أي إدانة لإسرائيل داخل مجلس الأمن الدولي.
يعتقد نتنياهو أن أي اتفاق هدنة سيؤدي إلى فضح ممارسات حكومته، وتداعيات عدوانها على الشعب الفلسطيني، ومن بين أساليب التلاعب بعملية التفاوض، إرسال فريق «منزوع الصلاحيات» يكتفي فقط بـ«الاستماع» منذ 17 يناير الماضي، وهو ما كشف نوايا نتنياهو مما أدى إلى تعرضه لانتقادات داخلية حادة. وفي مرحلة لاحقة من مفاوضات قمة باريس الأولى في 28 إلى 31 يناير، التقى رئيس الموساد برنيع بالوسطاء في باريس ووصف المفاوضات بالإيجابية وأشار إلى تقدم فيها قبل أن يسارع نتنياهو بإجهاض الصفقة وإصداره بيانات صحفية ادعى فيها بأن الهوة ما زالت كبيرة.
في 6 فبراير الماضي، حاول رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، رونين بار، استئناف المفاوضات للتوصل إلى اتفاق إنساني لتوصيل المساعدات لأهالي غزة، غير أن نتنياهو نزع صلاحيات فريق التفاوض وكلفه بالاستماع للوسطاء فقط ونقل مقترحاتهم إليه دون تقديم أي مواقف في عملية التفاوض. فى 13 فبراير تواصلت المباحثات في القاهرة، إلا أن نتنياهو ضم إلى فريق التفاوض مستشاره الشخصي، أوفير فولك. لم تكن جولة القاهرة أفضل حالاً من سابقتها في باريس التي كانت قد استعدت لجولة جديدة فيما عرف بمفاوضات باريس الثانية، فى 23 فبراير الماضي، التى «قيد» فيها نتنياهو صلاحيات فريق التفاوض، ثم عانت المفاوضات فترة جمود حتى 16 مارس، حيث طلب أعضاء حكومة الحرب المصغرة وكبار العسكريين استئناف المفاوضات إلا أن نتنياهو رفض طلبهم مما عرضه لانتقادات شديدة.
فى 8 أبريل مارس، مارس الوسطاء ضغوطًا على إسرائيل لتسريع عملية التفاوض وعقد اتفاقًا مؤقتًا للإفراج عن 33 أسيرًا. كان الاتفاق على وشك الحسم، وأعلن الجيش الإسرائيلي عن اكتمال عملية خان يونس وعزمه الانسحاب الكامل من المنطقة، إلا أن نتنياهو طالب بتحقيق النصر الكامل، ودخول جنوب رفح وامتنع عن عقد أي اجتماعات لحكومة الحرب المصغرة رغم التقدم الكبير في المباحثات مع حماس، وكادت الصفقة الجزئية أن تتم.
في 4 مايو الماضي، أصدر نتنياهو بيانًا يزعم فيه أن إسرائيل لن توافق تحت أي ظرف من الظروف تتضمن إطلاق سراح الأسرى وأن الجيش سيدخل رفح ويدمر حركة حماس، وبعد فترة جمود من المفاوضات أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عن مبادرة مطلع يونيو، عن مبادئ أساسية تهدف لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وأعلن أن نتنياهو موافق على هذا الإعلان، إلا أنه سرعان ما خرج وأعلن أن شروط إسرائيل لإنهاء الحرب لم تتغير وهي تشمل تدمير القدرات العسكرية والحكومية الفلسطينية ولم يكون هناك وقف لإطلاق النار قبل تحقيق هذا.
تراوح المفاوضات مكانها، بسبب مماطلات نتنياهو حتى وصلت إلى وضعها الراهن، من إيطاليا، قبل أسابيع، إلى قطر، مطلع أغسطس، ثم مصر، مؤخرًا، ولاحقًا، لقطر، مجددًا، لكن الأفق لايزال ضبابيًّا، بسبب نتنياهو، الذي يعلم جيدًا أن نجاح مفاوضات الهدنة، يعني بدء محاكمته الداخلية في إسرائيل، وخارجها، بسبب العدوان الغاشم على قطاع غزة.
اقرأ أيضاًوزير الأمن القومي بالاحتلال: لن أستقيل.. وإذا كان «نتنياهو» يريد فليقتلني بنفسه
«المسيري.. مفكر ضد الصهيونية».. قريبًا على شاشة «الوثائقية»
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل الشعب الفلسطيني بنيامين نتنياهو وقف إطلاق النار في قطاع غزة المجلس الأمني المصغر إطلاق النار فی قطاع غزة أن نتنیاهو إلا أن
إقرأ أيضاً:
مفاوضات غزة - "مقترح مُحدث" لاستئناف المفاوضات ولكن..
تباينات تسود محادثات اتفاق وقف إطلاق النار ب غزة ، التي تستضيفها الدوحة، عقب إعلان " حماس " موافقتها على "مقترح لاستئناف المفاوضات" وإطلاق سراح مواطن أميركي على قيد الحياة، بينما اتهمتها حكومة بنيامين نتنياهو بـ"التلاعب"، وعدم قبول مقترح المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، الساعي إلى تمديد المرحلة الأولى.
ذلك التطور الجديد عقب محادثات لأيام في الدوحة، شارك فيها ويتكوف، يشي، بحسب خبراء تحدثوا لـ"الشرق الأوسط"، بأن "هناك احتمالاً بأن تفضي المفاوضات لهدنة أوسع". وأشاروا إلى أن "المقترح المحدث حالياً لا يزال ينتظر مشاورات جديدة، خاصة أنه قد لا يحمل انتقالاً مباشراً للمرحلة الثانية، وإنما اتفاق جديد قد يكون شاملاً".
إقرأ أيضاَ: مسؤول أميركي ينفي إقالة ترامب لـ "مفاوض حماس"
وذكرت "حماس" في بيان صحافي، الجمعة، أنها "تسلّمت الخميس مقترحاً من الوسطاء لاستئناف المفاوضات، تعاملت معه بمسؤولية وإيجابية، وسلمت ردّها عليه فجر الجمعة، متضمناً موافقتها على إطلاق سراح الجندي عيدان ألكسندر، الذي يحمل الجنسية الأميركية، إضافة إلى جثامين 4 آخرين من مزدوجي الجنسية".
وأكدت الحركة "جاهزيتها التامة لبدء المفاوضات والوصول إلى اتفاق شامل حول قضايا المرحلة الثانية"، دون أن تحسم موقفها من مقترح ويتكوف، الذي أثيرت بشأنه مناقشات الأيام الماضية.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عدّ أن إطلاق عيدان ألكسندر وجثامين المواطنين الأميركيين الأربعة بـ"مثابة أولوية للإدارة الأميركية".
إقرأ أيضاً: هكذا تعتزم إسرائيل الرد على ما توصلت له واشنطن وحماس بشأن غزة
نتنياهو الذي بات في مأزق عقب مغازلة "حماس" لواشنطن لم ينتظر طويلاً في التعقيب، وقال مكتبه: "في حين قبلت إسرائيل مخطط ويتكوف، فإن (حماس) تُصرّ على رفضه ولم تتحرك قيد أنملة، وفي الوقت نفسه، تواصل الانخراط في التلاعب والحرب النفسية"، وتحدث عن "عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي اجتماعاً مع الفريق الوزاري، مساء السبت، لتلقي تقرير مفصل من فريق التفاوض والبتّ في الخطوات المقبلة لإطلاق سراح المختطفين".
وأفاد موقع "أكسيوس" الأميركي، الخميس، نقلاً عن مصادر بأن ويتكوف قدّم اقتراحاً مُحدثاً لتمديد وقف إطلاق النار في غزة حتى 20 أبريل (نيسان) المقبل، مقابل إطلاق "حماس" سراح مزيد من المحتجزين، واستئناف المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وبتقديرات أستاذ العلوم السياسية والمختص بالعلاقات الدولية والشؤون الإسرائيلية الدكتور طارق فهمي، فإنه "لم نعد نتحدث عن الاتفاق الرئيسي في المفاوضات، والتركيز الآن على مفاوضات مرحلة جديدة، تتجاوز السعي للتمديد، وقد تصل إلى اتفاق شامل"، لافتاً إلى أن ويتكوف "عرض فكرة تركز على هدنة الـ50 يوماً، ثم مراحل زمنية أخرى والحديث الآن ليس عن المرحلة الثانية".
وإزاء تلك التطورات، يرى فهمي أننا "أمام عدة مسارات: الأول، العودة إلى المفاوضات ولكنها ستبقى أطر عامة بشأن المرحلة الثانية، لكن بعد الـ50 يوماً وتسليم رهائن وأسرى وترضية المفاوض الأميركي الذي يحرج إسرائيل ويضعها في ورطة مع إدارة ترمب. والأمر الثاني العمل على بناء إجراءات ثقة، خاصة أنه لا تزال إسرائيل تتحدث عن نزع سلاح (حماس)، ولا إعمار في ظل وجودها، بخلاف انتظار إجراءات بشأن دور السلطة الفلسطينية مستقبلاً".
وينتظر أن تبدأ "حماس" محادثات بالقاهرة بشأن تلك المفاوضات. وأفادت الحركة في بيان ثانٍ، الجمعة، بأن وفدها المفاوض برئاسة خليل الحية توجه إلى "القاهرة للقاء المسؤولين المصريين ومتابعة تطورات ملف المفاوضات، واتفاق وقف إطلاق النار".
وبينما تمسكت حركتا "حماس" و"الجهاد" في بيان، الخميس، بالبدء في تنفيذ المرحلة الثانية، وصولاً لاتفاق شامل، وجّه أعضاء "منتدى عائلات الأسرى الإسرائيليين" مناشدةً لرئيس الوزراء الإسرائيلي: "نطالبكم بأن توجهوا الوفد إلى عدم العودة من الدوحة دون اتفاق على جميع المختطفين البالغ عددهم 59 دفعة واحدة وإبرام اتفاقية شاملة".
وبشأن مستقبل تلك الخطوات والمواقف، قال المدهون: "من المبكر الجزم بتوجهات السلوك الإسرائيلي في هذه المرحلة وعدم قدرة نتنياهو على اتخاذ قرارات حاسمة"، مرجحاً: "احتمال أن يلجأ نتنياهو إلى سياسة المماطلة لكسب الوقت أو تحسين شروطه، لكن الضغط الأميركي المتوقع بعد الموافقة على إطلاق سراح أحد مواطنيه قد يشكل عاملاً حاسماً في دفع مسار الاتفاق نحو التنفيذ وإنهاء الحرب، وإن كان ذلك قد يستغرق بعض الوقت".
ويرى فهمي أنه "من المبكر وضع تصورات بشأن مستقبل المرحلة الثانية، في ظل مرحلة ضبابية وإصرار نتنياهو على مصالحه وتحركات إسرائيلية نحو انهيار الاتفاق".
المصدر : وكالة سوا - صحيفة الشرق الاوسط اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين لليوم الـ 48 على التوالي: الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم ومخيميها غزة - استشهاد الصياد محمد صيام برصاص البحرية الإسرائيلية حجب قناة الأقصى الفضائية عن الظهور في كافة الأقمار الصناعية الأكثر قراءة اجتماع طارئ للجنة فلسطين في "عدم الانحياز" بمدينة جدّة مع يوم المرأة العالمي.. كم عدد شهداء حرب غزة من النساء؟ غزة: الإيجاز الأسبوعي لعمل طواقم الطوارئ الحكومية والخدمات المقدمة مركز حقوقي: إسرائيل تصعّد جرائم هدم المنازل في الضفة الغربية عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025