القدس المحتلة – يرقب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تصاعد الاحتجاجات الجماهيرية وتداعيات الإضراب الاقتصادي الشامل الذي أعلن عنه اتحاد النقابات العمالية "الهستدروت" دعما لمنتدى عائلات المحتجزين في قطاع غزة للضغط على حكومته لإبرام صفقة تبادل مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وأتى الإضراب الذي أعلن عنه رئيس "الهستدروت" أرنون بار ديفيد، بالتزامن مع تصعيد مظاهرات عائلات الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية بغزة، الذي انضمت إليه حركات سياسية ومنظمات مجتمع مدني وأحزاب من معسكر المعارضة، وذلك بعد اعتراف الجيش الإسرائيلي بالعثور على جثث 6 محتجزين أسرى داخل نفق في رفح أمس الأحد.

وشمل الإضراب، الذي بدأ عند الساعة السادسة من صباح اليوم الاثنين، كافة المرافق الاقتصادية والتجارية والخدماتية والوزارات الحكومية والمواصلات العامة ومطار اللد "بن غوريون" وشركات التكنولوجيا والمدارس والمحاكم والجامعات والقطاع الصحي والمجالس والبلديات.

نقطة تحول

بدت مشاهد الاحتجاجات -التي تُعتبر الأوسع منذ بدء "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة- وكأنها نقطة تحول في الحراك الهادف لإسقاط حكومة نتنياهو، التي فشلت في تحقيق أهداف الحرب وترفض التوصل لصفقة تبادل تضمن إعادة الأسرى.

ووسط تصاعد الغضب الجماهيري ضد حكومة نتنياهو، عكست هذه الحالة عمق الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي، وعززت الانقسام والاستقطاب السياسي والحزبي وتصدع الإجماع الذي كان داعما للحرب في أشهرها الأولى، مع تأكيد القناعات أن نتنياهو ضحى بالمحتجزين الأسرى في سبيل البقاء على كرسي رئاسة الوزراء.

وتعتقد الكاتبة الإسرائيلية سيما كدمون أن قضية العثور على جثث المحتجزين الستة ستكون نقطة تحول في كل ما يتعلق بالحراك من أجل إبرام صفقة تبادل وباستمرار الحرب على غزة، مشيرة إلى أن الإضراب الشامل وإمكانية تمديده يعكسان حالة الخلافات على أهداف الحرب والانقسام بشأن استمرارها.

وفي مقال لها بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، قالت كدمون إن "الشعور بالخذلان وحالة الضياع ومشاعر الذنب ترافق المجتمع الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وكذلك الغضب من سلوك ونهج الحكومة التي قدمت سجلا من البؤس والغموض والتراخي في مفاوضات صفقة التبادل وهو بمثابة حكم على المحتجزين بالإعدام".

في نهاية المطاف، تقول كدمون إن أي شخص يدرك أنه لم يتم تحقيق أي من الأهداف التي قُدمت لهم في بداية الحرب تقريبا.

وتتابع "ربما تكون حماس قد قُوضت لكنها لم تُهزم، والنصر لم يكتمل، والمحتجزون يقبعون في أنفاق الأسر بغزة، علاوة على آلاف النازحين من منازلهم وأراضيهم التي احترقت ودمرت بشكل لا يمكن التعرف عليه، وعليه أتى الإضراب وتصاعدت الاحتجاجات لعلها تكون نقطة تحول".

تمرد وعصيان

وحيال هذه التحولات، يولي يهودا شاروني محلل الشؤون الاقتصادية في الموقع الإلكتروني "والا" أهمية بالغة للإضراب الشامل، لكنه اعتبره "مجرد وسيلة" لتنفيس الغضب الشعبي التي لن تنجح إلا في حال استمرار الإضراب لعدة أيام وتصعيد الاحتجاجات حتى الوصول للعصيان المدني، وهو العنصر الوحيد الكفيل بإلزام نتنياهو بقبول الصفقة وإعادة المحتجزين، برأيه.

ويعتقد المحلل الاقتصادي أن نتنياهو لا يهمه مصير الأسرى ولا مصير الاقتصاد الإسرائيلي، قائلا إن ما قد يدفعه إلى تغيير موقفه هو "نزول جماهيري إلى الشوارع وضغط هائل على أعضاء الكنيست من الليكود، للتمرد".

ووفقا له، فإن نتنياهو -الذي تحول إلى رهينة لسياسات أحزاب اليمين المتطرف والشركاء في الائتلاف الحكومي- عهد المستقبل السياسي والاقتصادي إلى رئيس "الصهيونية الدينية" بتسلئيل سموتريتش، ورئيس "عظمة يهودية" إيتمار بن غفير، و"كل ذلك من أجل أهداف شخصية واعتبارات سياسية".

ولفت إلى أن الوضع الاقتصادي المتأزم جراء استمرار الحرب لا يحرك نتنياهو، "فمن أجل البقاء السياسي هو مستعد لزيادة العجز بالموازنة العامة، وتحدي شركات التصنيف الائتماني الدولية".

وفي ظل تصاعد الاحتجاجات، يرى شاروني أنه لا يزال هناك عدد من أعضاء الكنيست الذين قد يدفعون إلى إجراء تصويت على حجب الثقة عن الحكومة، أو الضغط لتحديد موعد للانتخابات، إلى جانب تشكيل حكومة وحدة وطنية، مثلما دعا لذلك رئيس حزب "شاس" الحاخام أرييه درعي.

مخاوف وقلق

وتحسبا لتداعيات الاحتجاجات السياسية وخطوات الإضراب التصعيدية على المشهد الحزبي، يقول مراسل الشؤون السياسية في صحيفة "هآرتس" ميخائيل هاوزر طوف إن "نتنياهو يرقب التطورات، ويخشى أي محاولة للتمرد بالليكود قد يقودها وزير الدفاع يوآف غالانت".

ويضيف أن مسؤولين كبارا في محيط نتنياهو اعترفوا بأنه "قلق"، على حد تعبيرهم، من احتمال تزايد الاحتجاجات بشكل كبير في الشارع الإسرائيلي وانضمام غالانت إليها، حيث سيكون من المستحيل الاستمرار في إدارة ملف المحتجزين بالطريقة نفسها التي كانت عليها من قبل.

وأشار إلى أن نتنياهو -الذي يخشى اتساع دائرة الاحتجاجات قبالة منزله وديوان رئيس الوزراء- لم يحسم قراره بعد بشأن صفقة التبادل، ويجري مشاورات محدودة مع مقربيه، حيث سيتخذ قراراته وفقا لكثافة المظاهرات وتصاعدها في الأيام المقبلة.

وعزز وزير كبير من الليكود هذا الطرح، ونقل مراسل الشؤون السياسية عن الوزير قوله "من غير السار الاعتراف بذلك، لكن نتنياهو لن يقدم صفقة إلا عندما تكون الشوراع مغلقة وحالة من العصيان المدني، وهو الآن يخشى بن غفير وسموتريتش أكثر من عائلات المحتجزين".

يُشار إلى أن نقابة العمال "الهستدروت" التي تقود الإضراب، تأسست في عام 1920 بوصفها منظمة تهدف إلى توفير استجابة شاملة لاحتياجات العمال اليهود الذين هاجروا إلى "أرض إسرائيل"، وبوصفها أداة صهيونية لبناء الاستيطان اليهودي في فلسطين التاريخية، إذ إن المؤسسات التي أنشأها قبل "قيام" إسرائيل اعتُبرت مؤسسات "الدولة على الطريق وحجرها الأساس".

واكتسبت الهستدروت قوة كبيرة وأصبحت هيئة اقتصادية تمتلك جزءا كبيرا من الاقتصاد الإسرائيلي ومن المؤسسات التعليمية والصحية الكبرى، بالإضافة إلى تمثيل معظم العاملين في الاقتصاد وسوق العمل البالغ تعدادهم نحو 4.5 ملايين مستخدم، بحسب بيانات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات نقطة تحول إلى أن

إقرأ أيضاً:

الرئيس الإسرائيلي ينقلب على نتنياهو: العزل أفضل من السجن

رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو (وكالات)

في خطوة مفاجئة قد تعصف بمستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كشف الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ عن موقف صادم، مقترحًا عزله من منصبه بدلاً من تقديمه للسجن في قضايا الفساد التي يحاكم عليها حاليًا.

وفي مقابلة نارية مع صحيفة هآرتس العبرية، أكد هرتسوغ أن من "حق الحكومة اتخاذ قرارات مصيرية كإقالة النائب العام ورئيس جهاز الشاباك، شريطة الالتزام الكامل بالقانون"، في إشارة ضمنية إلى صلاحيات الطوارئ التي قد تُستخدم لتفكيك البنية القانونية التي تحاصر نتنياهو.

اقرأ أيضاً الكشف عن مشروب شائع يحطم أسطورة السرطان.. يحمي من 4 أنواع قاتلة 28 أبريل، 2025 السعودية تضع خططًا جديدة لمرحلة ما بعد الحوثيين: هل يشهد اليمن تحولًا جذريًا؟ 28 أبريل، 2025

لكن ما زاد من حدة التوتر هو الصدام العلني بين نتنياهو ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار. ففي جلسة أمام المحكمة العليا، وصف نتنياهو رئيس الشاباك بالكاذب، منكرًا أي أمر منه بمراقبة المتظاهرين الذين خرجوا ضده في عام 2023، واعتبر أن هذه الادعاءات "أكاذيب كاملة".

هذا التراشق الكلامي يأتي على خلفية الاتهامات المتبادلة بشأن الإخفاق في التصدي لهجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، حيث تبادل نتنياهو وبار اللوم حول المسؤولية الأمنية لتلك الليلة الدامية.

وأصر نتنياهو على أن "رئيس الوزراء ووزير الدفاع لم يتم تحذيرهم... ولم يُنبه أي جندي أو مشارك في مهرجان نوفا"، مؤكدًا أن بار أخفق في تنفيذ أهم مهامه.

الدوائر السياسية في إسرائيل تترقب تطورات هذا الصراع المحتدم، حيث بات احتمال عزل نتنياهو سياسيًا أقرب من أي وقت مضى، وسط تصاعد الانقسامات داخل المؤسسة الحاكمة، وتراكم الملفات الجنائية والأمنية حوله.

مقالات مشابهة

  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • شروط الاحتلال الإسرائيلي التي أدت لإلغاء مسيرة العودة
  • توتر وتحشيد والانتقالي يخشى فقد السيطرة في عدن
  • نتنياهو يتحدث عن عدد المحتجزين الأحياء بغزة ووفد التفاوض الإسرائيلي في القاهرة
  • نتنياهو: مهمتنا ليست الانتصار في الحرب فقط بل إعادة المحتجزين
  • هكذا فاجأ نتنياهو الجيش الإسرائيليّ بالكشف عن تفاصيل عمليّة تفجير البيجر
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • الرئيس الإسرائيلي ينقلب على نتنياهو: العزل أفضل من السجن
  • الرئيس الإسرائيلي يقترح عزل نتنياهو بدلا من سجنه
  • نهاية أم مخرج سياسي.. ماذا حول صفقة "إقرار بالذنب" التي اقترحها الرئيس الإسرائيلي بشان نتنياهو؟ "تفاصيل"