تعتبر مسألة بيع الكلاب من المسائل الفقهية التي أثارت جدلًا بين علماء المذاهب الأربعة، حيث تتباين الآراء حول جواز بيع الكلاب واستخدامها لأغراض مختلفة.

يعكس هذا الاختلاف تباين الرؤى الفقهية حول ما إذا كان الكلب يعتبر مالًا يجوز بيعه والاستفادة منه، أو إذا كان يُحرَّم التعامل به تجاريًا.

آراء المذاهب الأربعة حول بيع الكلاب

المذهب الحنفي:
يرى الحنفية أن بيع الكلاب جائز، حيث يعتبر الكلب مالًا يُنتفع به شرعًا، وبالتالي يجوز بيعه.

 

يستند هذا الرأي إلى أن الكلب يمكن أن يكون له قيمة مادية يمكن الاستفادة منها في الحياة اليومية، سواء لأغراض الصيد، أو الحراسة، أو غيرها من الاستخدامات.

المذهب المالكي والشافعي والحنبلي:
على الجانب الآخر، يُحرِّم كل من المالكية والشافعية والحنابلة بيع الكلاب مطلقًا. 

يستند هذا الحكم إلى حديث ابن عباس رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثمن الكلب خبيث وهو أخبث منه». 

يعتبر هذا الحديث دليلًا على أن بيع الكلب يُعتبر من المعاملات غير المقبولة شرعًا.

استثناءات بيع الكلاب

بينما يتفق غالبية العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة على تحريم بيع الكلاب، إلا أن هناك بعض العلماء الذين يرون جواز بيع كلب الصيد فقط. 

يُستدل على هذا من حديث جابر بن عبد الله وعطاء النخعي، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من اتخذ كلبًا أنقص الله من أجره قيراطين إلا كلب صيد، أو كلب زرع، أو كلب حراسة». 

هذا النص يُشير إلى أن استخدام الكلاب في أغراض معينة مثل الصيد أو الحراسة قد يُعد مبررًا شرعيًا لجواز بيعها.

ومن بين من أيدوا هذا الرأي ابن نافع وسحنون من المالكية، الذين ذهبوا إلى جواز بيع الكلب المأذون في إمساكه استنادًا إلى حديث عبد الله بن عمرو: «أنه قضى في كلب الصيد أربعين درهمًا، وفي كلب الغنم شاة، وفي كلب الزرع فرقًا من الطعام، وفي كلب الطعام فرقًا من التراب».

فتوى دار الإفتاء المصرية

أوضحت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي أن الفقهاء اختلفوا في حكم بيع الكلاب، ومع ذلك، رأت دار الإفتاء ترجيح الرأي القائل بعدم جواز بيع الكلاب، والذي يُعد رأيًا غالبًا عند المالكية والشافعية والحنابلة.

يُشير هذا الرأي إلى أن بيع الكلاب غير جائز شرعًا باستثناء الحالات التي وردت فيها نصوص صريحة تجيز استخدام الكلاب لأغراض محددة مثل الصيد أو الحراسة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: تربية الكلاب الفتوى الشرعية دار الإفتاء المصرية المذاهب الأربعة دار الإفتاء بیع الکلاب فی کلب

إقرأ أيضاً:

حكم احتفال المسلم بيوم ميلاده.. الإفتاء تجيب

أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي مضمونه: "هل يجوز للمسلم الاحتفال بيوم ميلاده؟".

الإفتاء توضح حكم ذكر اسم الشخص في الدعاء خلال الصلاة الإفتاء توضح حكم لبس الرجل دبلة الزواج من الذهب حكم احتفال المسلم بيوم ميلاده

لترد دار الإفتاء أنه يجوز ذلك شرعًا؛ لما فيه من تذكر نعمة الله على الإنسان بالإيجاد، ويستأنس لذلك بقول الله تعالى حكاية عن سيدنا عيسى عليه السلام: ﴿وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وَلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾ [مريم: 33]، وبأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن صوم يوم الإثنين، فقال: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ -أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ-» رواه مسلم، فأشار بذلك إلى المعنى الذي يقتضي الحكم أن يوم مولد الإنسان هو يوم نعمة توجب الشكر عليها.

وقالت دار الإفتاء أن لا مانع من ذلك شرعًا؛ لما فيه من تذكر نعمة الله على الإنسان بالإيجاد، على ألا يعد ذلك عيدًا ولا يسميه بذلك، وعلى أن يكون الاحتفال خاليًا من المحرمات كالاختلاط المحرم وكشف العورات ونحو ذلك مما لا يجوز شرعًا، ويستأنس لذلك بقوله تعالى حكاية عن سيدنا عيسى عليه السلام: ﴿وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وَلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَياًّ﴾ [مريم: 33]، وبما رواه مسلم في "صحيحه" عن أبى قتادة الأنصاري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن صوم يوم الإثنين؟ فقال: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ- أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ-»، فأشار بذلك إلى المعنى الذي يقتضي الحكم أن يوم مولد الإنسان هو يوم نعمة توجب الشكر عليها، كما أشار الحديث إلى جواز الاحتفال بأيام النعم كلها، فيوم المولد ويوم نزول الوحي والبعثة الشريفة نعمتان توجبان الشكر في ذلك اليوم، ويستأنس لإظهار الفرح بكل نعمة من باب شكر الله تعالى عليها بعموم قوله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [يونس: 59].

وأضافت دار الإفتاء أنه يجوز لأقارب صاحب المناسبة وأصحابه المشاركة في الاحتفال؛ لما فيه من إدخال السرور على قلبه، وذلك من الأمور المستحبة شرعًا، فقد أخرج ابن شاهين في "الترغيب" بإسناد لا بأس به عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «تُدْخِلُ عَلَى أَخِيكَ الْمُؤْمِنِ سُرُورًا، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تُطْعِمُهُ خُبْزًا»، ويشهد له ما أخرجه الطبراني في "الأوسط" بإسناد ضعيف عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِدْخَالُكَ السُّرُورَ عَلَى مُؤْمِنٍ أَشْبَعْتَ جَوْعَتَهُ، أَوْ كَسَوْتَ عُرْيَهُ، أَوْ قَضَيْتَ لَهُ حَاجَةً»، وما أخرجه ابن وهب في "جامعه" عن محمد بن مسلم -وهو الطائفي- أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ»، وأخرج ابن أبي شيبة وابن الجعد بإسناد فيه ضعف عن ابن المنكدر أنه سئل: أي العمل أحب إليك؟ قال: إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ، قَالَ: فَمَا بَقِيَ مِمَّا يُسْتَلَذُّ؟ قَالَ: الْإِفْضَالُ عَلَى الْإِخْوَانِ.

وأوضحت دار الإفتاء أن إذا اندرج الاحتفال بتلك المناسبات الخاصة تحت أصل شرعي كشكر النعمة والتحدث بها وتذكر أيام الله، وإدخال السرور على المؤمن، فقد انسحب حكم ذلك الأصل عليها، وخرج عن أن يكون بدعة مذمومة على ما قرره الفقهاء والأصوليون وجرى عليه عمل الأمة سلفًا وخلفًا في مفهوم البدعة.


 

مقالات مشابهة

  • اختلاف بين مصر والسعودية بحكم الاحتفال بالمولد النبوي.. إليكم الرأيين
  • دار الإفتاء المصرية توضح حكم الاحتفال بالمولد النبوي
  • هل يجوز الذِّكْرُ بعدد معين؟ الإفتاء توضح
  • البدعة الا نتحتفل برسول الله
  • صيغة دعاء الاستفتاح في الصلاة
  • حكم احتفال المسلم بيوم ميلاده.. الإفتاء تجيب
  • نباح الكلب كشف اللصوص.. كواليس سرقة شقة مذيعة قناة الأهلي
  • ما حكم حلق اللحية في المذاهب الأربعة؟.. «الإفتاء» توضح
  • ‏حزب الله اللبناني يؤكد إلحاق إصابات مباشرة بموقع المالكية الإسرائيلي قبالة حدود لبنان الجنوبية
  • حزب الله يعلن استهدافه موقع المالكية وحققنا إصابة مباشرة