سرايا - لم يُحدّد الرئيس السوري بشار الأسد ما هي السياسات التي يُريد من حُلفاء الأمس في تركيا التراجع عنها بما وصفه “السياسات التي أدّت للوضع الراهن” بين تركيا وسورية، لكنّه قال إنها ليست شروطًا، وإنما مُتطلّبات من أجل إنجاح العملية.


هذه المُتطلّبات التي يتحدّث عنها الرئيس الأسد، ولا يضعها في سياق الشروط على الأقل للتواصل مع الأتراك، هي الرغبة السورية بالانسحاب التركي من الأراضي السورية، وهي ستبدأ كما وصفها الرئيس السوري بالمُصارحة، لا المُجاملة تحت عنوان المُصالحة، وهذا لا يعني أبدًا التنازل السوري عن مطلب الانسحاب التركي، فالرئيس الأسد قالها مُباشرة، وذلك أمام مجلس الشعب على هامش افتتاح الدور التشريعي الرابع له في العاصمة دمشق، بأن العودة للعلاقات الطبيعية تتطلّب أوّلًا إزالة أسباب تدمير هذه العلاقة”.



وأوضح الرئيس الأسد أن المرحلة التي تتحدّث عنها سوريا الآن هي مرحلة الأسس والمبادئ لأن نجاحها هو ما يؤسس للنجاح لاحقا، وأن “تصريحات المسؤولين الأتراك لا أساس لها من الصحة، فمعيارنا هو السيادة”.


لا ولن يتنازل الرئيس الأسد عن سيادة بلاده، فمعياره كما قال هو السيادة، ما دفع بالأتراك للتعلّق بتصريحاته، والأمل في البناء عليها، لحاجة أنقرة لدمشق، حيث وصف وزير الدفاع التركي يشار غولر، تصريحات الرئيس السوري بالإيجابية للغاية، وقال مُغازلًا دمشق: “لا توجد مشكلة بيننا يصعب حلّها.. أعتقد أنه بعد حل المشاكل، يُمكننا مواصلة أنشطتنا الطبيعية كدولتين متجاورتين.. أنقرة ودمشق قادرتان على حل جميع المشاكل”.


حجّة الأتراك للتواجد على الأراضي السورية، قد تكون باطلة بالأدبيّات السورية، أو يجري العمل على حلّها، الأمر الذي أكّده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حين أشار إلى أن الجانب التركي مستعد لمناقشة انسحاب القوات من سوريا، منوهاً إلى أنه لم يكن من الممكن بعد الاتفاق على المعايير المحددة لهذه العملية، وأضاف نحن نتحدّث عن عودة اللاجئين، وعن التدابير اللازمة لقمع التهديد الإرهابي، الأمر الذي سيجعل بقاء الوحدات التركية غير ضروري”، مشدداً على أن “كل هذا قيد الإعداد”.


وأمام مجلس الشعب السوري في 25 أغسطس الشهر الماضي، ذكّر الأسد تركيا قائلاً: “نحن لم نحتل أراضي بلد جار لننسحب، ولم ندعم الإرهاب كي نتوقف عن الدعم، والحل هو المصارحة وتحديد موقع الخلل لا المكابرة.. واستعادة العلاقة تتطلب أولا إزالة الأسباب التي أدت إلى تدميرها”.


يفتح الرئيس السوري هُنا باب الحوار مع تركيا، ولكن لا يتنازل أبدًا عن شروطه لعودة العلاقات مع تركيا بشكلها الرسمي أوّلاً، وعائليًّا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ثانيًا كما يُريد الأخير.


يملك الرئيس الأسد الورقة الأهم، لإجبار الأتراك على الانسحاب من بلاده، وهي مخاوف أنقرة من وجود تهديد لأمنها القومي بوجود “كيان كردي” عند حدودها الجنوبية، هذه المخاوف ستبقى قائمة طالما بقيت القوات التركية، ولم تفرض حكومة دمشق المركزية سيطرتها الكاملة على البلاد، وتواصل الدعم التركي للمُعارضة السورية “المُتفكّكة، والضعيفة الآن”، والتي تعتبرها دمشق “جماعات إرهابية”.


كما يملك الأسد ورقة أخرى، وهي ورقة اللاجئين، إذ يواجه أردوغان ضُغوطًا مُتزايدة من مُعارضيه، مما يدفعه للبحث عن حلول عملية تضمن إعادة جزء كبير من اللاجئين السوريين إلى سوريا.


الصحافة التركية، وفي عدّة مقالات، بدأت تتحدّث عن أن نظام الرئيس أردوغان أدرك، بأن حكومة الرئيس السوري لا تُشكّل خطرًا على أمن واستقرار تركيا، فيما احتمالية قيام دولة كردية من أكبر مخاوف الدولة التركية، وتُقر بعض مقالات هذه الصحافة، بأن رغبة عناق أنقرة لدمشق، أكبر منها من رغبة دمشق بعناق أنقرة، بل ويُقابلها برود ملموس من دمشق، على مبدأ أن الذي طلب لقاء الرئيس السوري، هو نظيره التركي، بعد قطيعة مُستمرّة مُنذ 13 عامًا.


الكرة الآن في ملعب تركيا، حيث تبدو سورية غير معنية بتقديم أي تنازلات، سوى أنها فتحت الباب للحوار، ولو يراه البعض مُواربًا، مع إصرارها على العنوان العريض الأبرز، الانسحاب التركي من أراضيها، أمّا فيما يتعلّق بشروط أنقرة التي تظهر بين الحين والآخر، وهي تطهير سوريا من “العناصر الإرهابية” حفاظًا على سلامة أراضيها، والثاني قيام سوريا بتحقيق مصالحة وطنية حقيقة مع شعبها في إطار القرار الدولي 2254، والعودة إلى المفاوضات الدستورية، والتوصل إلى اتفاق مع المعارضة، فلعلّ تصريحات الرئيس الأسد أمام مجلس الشعب ترد عليها بالرفض المُطلق حين قال: “نحن لم نحتل أراضي بلد جار لننسحب، ولم ندعم الإرهاب كي نتوقف عن الدعم، والحل هو المصارحة وتحديد موقع الخلل لا المُكابرة.


التساؤل التالي: هل تتبع أنقرة أسلوب المُراوغة، والمُكابرة، والمُناورة، أم قرّرت فعلاً اختيار المُصالحة مع الجار السوري؟
وترعى موسكو منذ 2022 مسار التقارب بين أنقرة ودمشق، وانضمّت إليهما طهران في 2023.


وقبل اندلاع أحداث الأزمة السورية كانت العلاقة السورية- التركية على أوجها، خاصة على صعيد الاقتصاد والاتفاقيات. ووقعت الحكومة التركية وحكومة الأسد بين عامي 2004 و2010 سلسلة اتفاقيات، وكان أبرزها اتفاقية “التجارة الحرة”، وتنفيذ مشروع سككي بين غازي عنتاب وحلب، واتفاقيات أخرى لإنشاء بنك تركي سوري مشترك، مع زيادة حجم التجارة إلى مستويات عليا، ليتبخّر كل هذا بعد العام 2011 تاريخ بداية الأزمة السورية.

إقرأ أيضاً : خبراء يقيمون عبر "سرايا" أثر قانون الجرائم الإلكترونية بعد عام من اقرارهإقرأ أيضاً : بالصور .. مئات المتضررين من المستثمرين في قطاع الطاقة المتجددة يعتصمون أمام وزارة الطاقة - تفاصيل إقرأ أيضاً : رفع سعر بيع الشعير لمربي الثروة الحيوانية باستثناء الأغنام

المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: الرئيس تركيا تركيا الرئيس الرئيس مجلس الشعب الرئيس سوريا الرئيس الدفاع الرئيس العمل القوات الوحدات مجلس الشعب تركيا الرئيس باب تركيا الرئيس الرئيس القوات حلول الرئيس الرئيس أمن الدولة الرئيس سوريا سوريا الرئيس مجلس الشعب موسكو الحكومة سرايا الحيوانية مجلس سوريا تركيا الصحة الحكومة الدولة أمن الجرائم الصحافة العمل الدفاع باب الشعب حلول الرئيس القوات موسكو الوحدات الرئیس السوری الرئیس الأسد

إقرأ أيضاً:

في ذكراها الـ14.. هذه محطات الثورة السورية من الشرارة الأولى إلى دخول دمشق

في مثل هذا اليوم قبل 14 عاما، انطلقت الثورة السورية حاملة معها آمال شعب يتوق للحرية والكرامة والتخلص من القبضة الأمنية التي حكم بها نظام الأسد البلاد طوال عقود عدة.

بدأت الاحتجاجات التي انطلقت في دمشق في 15 آذار /مارس ومن ثم درعا في 18 من الشهر ذاته سلميةً، لكن سرعان ما قوبلت بالقمع الدموي، ما أدى إلى تصاعد الأحداث وتحولها إلى صراع طويل الأمد.

وعلى مدار أكثر من عقد، مر السوريون بمراحل مفصلية مليئة بالتحديات والآلام، حتى حققت الثورة هدفها أخيرا في 8 كانون الأول /ديسمبر عام 2024، بإسقاط نظام بشار الأسد، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 عاما من حكم عائلة الأسد.

شرارة الثورة 
في 15 آذار /مارس عام 2011، خرج السوريون للتظاهر في مدينة دمشق مطالبين بالإصلاحات السياسية والعدالة، مستلهمين من الثورات العربية التي سبقتهم، ما أدى إلى اعتقالات في صفوف المتظاهرين.

وفي 18 آذار /مارس من العام ذاته، بدأت المظاهرات في درعا بعد اعتقال وتعذيب أطفال كتبوا شعارات مناهضة للنظام، ما أدى إلى مقتل الشاب محمود الجوابرة أو قتيل على أيدي قوات النظام في الثورة السورية.


وسرعان ما امتدت الغضب الشعبي  الذي فجرته الأحداث في درعا التي عرفت بمهد الثورة السورية، إلى العديد من المدن بينها دمشق وحمص وحماة وإدلب ودير الزور وغيرها.

رد نظام الأسد بالعنف المفرط، حيث أطلقت قوات الأمن والجيش الرصاص الحي على المتظاهرين، وبدأت حملات اعتقالات واسعة في صفوف المدنيين، في محاولة لكبح جماح الثورة التي اتسعت رقعتها وتصاعدت وتيرتها بسبب تشبث النظام بالخيار الأمني رافضا لإجراء إي إصلاحات.

في تموز /يوليو عام 2011 وتحت تصاعد العنف من قبل النظام، انشق بعض الضباط عن الجيش وأسسوا ما عرف باسم "الجيش السوري الحر" بقيادة العقيد رياض الأسعد، لتتحول الثورة بشكل تدريجي منذ ذلك الحين إلى العسكرة لمواجهة عنف النظام. 

التصعيد والعسكرة 
مع استمرار القمع الوحشي، بدأ النظام باستخدام "البراميل المتفجرة"، وقصف المدن بشكل عشوائي، ما أدى إلى سقوط آلاف الضحايا، وأسفر عن موجات نزوح ولجواء واسعة.

وفي 21 آب 2013، ارتكب النظام إحدى أبشع جرائمه عندما قصف الغوطة الشرقية بالسلاح الكيميائي، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1400 مدني أغلبهم من الأطفال.

في هذه الفترة، دخلت أطراف دولية وإقليمية على خط الصراع، حيث تدخلت إيران وميليشاتها على الأرض لدعم النظام، بينما دعمت دول أخرى المعارضة.

وفي أيلول /سبتمبر عام 2015، بدأت روسيا التي انضمت إلى داعمي النظام بشن ضربات جوية مكثفة على مناطق المعارضة، ما رجح كفة المعركة لصالح النظام الذي كاد يسقط حينها على وقع ضربات المعارضة.

المأساة الإنسانية والتهجير القسري 
شهدت هذه المرحلة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، ففي أواخر 2016، سقطت حلب الشرقية بيد النظام بعد حصار وتجويع وقصف استمر لأشهر، لتبدأ بذلك سلسلة من موجات التهجير القسري من عدة مناطق مثل الغوطة الشرقية ودرعا وريف حمص.

بحلول عام 2019، كان أكثر من 13 مليون سوري قد هُجّروا من ديارهم  سواء داخل البلاد أو كلاجئين في دول الجوار وأوروبا، وذلك بعد انكفاء المعارضة ومحاصرها في شمال غربي البلاد، في حين امتلأت سجون النظام الوحشية بالمعتقلين الذين فقد كثير منهم الحياة تحت أبشع أنواع التعذيب التي مارسها النظام بحقهم.

وكانت صور "قيصر" التي سربها المساعد أول فريد المذهان رئيس قسم الأدلة القضائية بالشرطة العسكرية في  العاصمة السورية دمشق، أكبر عملية تسريب أثبتت التعذيب الوحشي الذي كان النظام يمارسه ضد المعتقلين.

وتضمنت الصور التي أدت إلى فرض الكونغرس الأمريكي في كانون الأول /ديسمبر عام 2019  قانون "حماية المدنيين السوريين" الذي ههدف إلى فرض عقوبات اقتصادية على النظام وأفراد مرتبطين به. وعرف القانون باسم قانون "قيصر" في إشارة إلى جهود مسرب الصور المروعة.

الصمود والمقاومة 
رغم كل ذلك، لم يفقد السوريون الأمل، فقد استمر كفاحهم في الشمال السوري، وأصبحت إدلب آخر معاقل المعارضة بعد حملات النظام على معاقل المعارضة واحدا تلو آخر.

وعلى الصعيد السياسي، لم تنجح أي من المبادرات الدولية في إنهاء الصراع بسبب تعنّت النظام وداعميه أمام الحل السياسي، فضلا عن شروع العديد من الدول في العمل على إعادة تدوير نظام بشار الأسد ودمجه بالمنظومة الدولية.

لكن مع تفاقم الأزمات الداخلية، والانهيار الاقتصادي غير المسبوق في مناطق سيطرة النظام، بدأت حالة السخط تتصاعد حتى داخل المناطق التي كانت خاضعة له، وظهرت احتجاجات جديدة في السويداء ذات الغالبية الدرزية في 2023.

النصر وإسقاط النظام 
في أواخر 2024، تصاعدت الضغوط على النظام جراء الانهيار الاقتصادي الكبير وتحول رؤوس النظام إلى تجارة "الكبتاغون" وهو أحد أنواع المخدرات من أجل تأمين مصدرا ماليا، بينما بقي السوريون في مناطق سيطرة النظام يرزحون تحت وطأة الفقر وغياب الأمن وأبسط الخدمات والاحتياجات المعيشية.

كما ساهمت الأحداث التي تلت السابع من تشرين الثاني /أكتوبر عام 2023 في إضعاف داعمي النظام مثل إيران وحزب الله بسبب الضربات الإسرائيلية، في حين غرقت روسيا التي تمتلك قاعدتين عسكريتين على الساحل السوري في حربها المتواصلة مع أوكرانيا.

حتى جاءت اللحظة الفارقة في 27 تشرين الثاني /نوفمبر عام 2024 عندما أعلنت الفصائل السورية المسلحة في إدلب بدء عملية عسكرية واسعة تحت مسمى "ردع العدوان" ما أدى إلى انهيارات واسعة في صفوف النظام.

وخلال أقل من 48 ساعة، تمكنت فصائل المعارضة من بسط سيطرتها على محافظة حلب في 29 تشرين الثاني /نوفمبر من العام ذاته، ما قلب موازين القوى وأنهى التفاهمات الدولية التي أبقت الملف السوري في حالة من الجمود لأكثر من 7 سنوات.

في أعقاب ذلك، واصلت فصائل المعارضة بالتقدم إلى المدن وبسط سيطرتها عليها المحافظات السورية واحدة تلو الأخرى لينتهوا بعد 11 يوما في العاصمة دمشق.


وفي 8 كانون الأول /ديسمبر عام 2024، أعلنت الفصائل الثورية سيطرتها على دمشق بالكامل وسط انهيار مفاجئ لقوات النظام وهروب الرئيس المخلوع بشار الأسد وعائلته إلى روسيا التي منحته حق "اللجوء الإنساني" بأمر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وفي 29 كانون الثاني/ يناير 2025، أعلنت الإدارة السورية الجديدة عن تعيين قائد قوات التحرير أحمد الشرع رئيسا للبلاد في المرحلة الانتقالية، بجانب العديد من القرارات الثورية التي قضت بحل حزب البعث العربي الاشتراكي ودستور عام 2012 والبرلمان التابع للنظام المخلوع.

وشرع الشرع في إدارة البلاد في المرحلة الانتقالية، منجزا العديد من الاستحقاقات التي وعد بها عقب توليه منصب الرئاسة، بما في ذلك المصادقة على الإعلان الدستوري الذي من شأنه أن ينظم المرحلة الانتقالية التي حددت بموجب الإعلان بمدة 5 سنوات.

مقالات مشابهة

  • أبرز محطات الثورة السورية من الانطلاقة حتى التحرير (إنفوغراف)
  • حزب الله: لا علاقة لنا بأي أحداث تجري داخل الأراضي السورية
  • في ذكراها الـ14.. هذه محطات الثورة السورية من الشرارة الأولى إلى دخول دمشق
  • تركيا: نراقب عن كثب اتفاق الحكومة السورية مع قسد
  • إسرائيل قلقة من احتمال توسيع تركيا وجودها العسكري داخل سوريا
  • هل تورطت روسيا في دعم فلول الأسد بالساحل السوري؟
  • وزير خارجية تركيا: نراقب عن كثب اتفاق الحكومة السورية مع قسد
  • من التمرد إلى الاتفاق.. هدية فلول الأسد للثورة السورية
  • أردوغان يكرم الطيار السوري المحرّر من “صيدنايا” بعد اعتقال 43 عامًا
  • أردوغان يؤكد اقتراب بلاده من هدفها المتمثل في تركيا خالية من الإرهاب