الحرب وتفاقم الصراع حول الموارد
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
بقلم : تاج السر عثمان
١
تستمر الآثار المدمرة للحرب في السودان من نزوح وانتهاكات لحقوق الانسان والمدنيين والنساء والاطفال، وتدمير البنيات التحتية، وتعطيل الصناعة والخدمات الصحية والتعليم، والزراعة مما يهدد بالمجاعة والمزيد من جرائم الحرب، اضافة إلى الآثار المدمرة للسيول والامطار، وما نتج عنها من تدمير للقرى، وانهيار سد اربعات في ولاية البحر الأحمر ، والآثار المدمرة لها في قري ومدن الولاية الشمالية.
لايمكن تناول الحرب اللعينة الجارية في السودان بمعزل عن تفاقم الصراع بين المحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب على الموارد في السودان، وصراع المحاور الذي يتمثل في : أمريكا وحلفائها ، روسيا، الصين، والإمارات، مصر وتركيا وايران التي بدأت تسليح الجيش، الخ، اضافة لدخول دول الجوار التي تنهب ايضا موارد السودان مثل: تشاد التي تتهمها حكومة البرهان بمساندة الدعم السريع مع الإمارات، اضافة لدخول بعض دول الجوار في حلبة الصراع مثل: اريتريا التي تساند بعض الحشود المسلحة في الشرق (للمزيد من التفاصيل:راجع مجلة أثر، الخميس ١١ أغسطس ٢٠٢٤) ، كما تأثرت دولة جنوب السودان بالحرب التي يعتمد اقتصادها على ٩٠ ٪ من تصدير النفط فقد عطلت الحرب تصديره عبر السودان، وأدي تدفق النفط الي تدهور اقتصاد الجنوب وتدهور العملة الخ،كما تأثرت مصر بالحرب مما أدي لتوقف صناعا تها التي تعتمد على المواد الخام من السودان وخسرت المليارات من الدولارات. الخ.
كما فشل مؤتمر جنيف الأخير في التوصل لوقف إطلاق النار، فقد اغلق غياب الجيش الباب أمام محاولات وقف إطلاق النار. وجاء حديث البرهان في مؤتمره الصحفي الأخير ليصب الزيت علي النار، برفض المشاركة في جنيف، ودعا لتكوين حكومة تكنوقراط مؤقتة، التي قابلها الدعم السريع بدعوة لتكوين حكومة في الخرطوم للحد من سلطة البرهان، مما يوضح خطورة تقسيم السودان بعد مؤتمر جنيف، بتكوين حكومتين، الأمر الذي يعيد التجربة الليبية.مما يتطلب وحدة السودانيين لحل مشاكلهم بأنفسهم لضمان عدم تفكيك البلاد، والضغط الجماهيري القاعدي لوقف الحرب.
رغم ماجاء في مؤتمر جنيف عن ضمان وصول المساعدات، الا أن وقف إطلاق النار هو الضمان لوصول الأغاثات للمتضررين.
٢
جاءت الحرب في ظروف اشتد فيها الصراع الدولي علي الموارد، والأزمة العامة للرأسمالية التي تفاقمت بعد فشل الاصلاحات لمواجهة أزمة الرأسمالية في العام 2008 /2009م، التي لم تكن جذرية، و بعد الحرب الروسية - الاوكرانية التي أدت لزعزعة النظام المالي والراسمالي العالمي، وحرب غزة التي تستهدف إبادة وتشريد الشعب الفلسطيني، ونهب موارد المنطقة وتفكيكها لدويلات لا حول لها ولاقوة على اساس عرقي وديني ، وتزايد قوة الصين اقتصاديا، حيث ارتفعت مساهمتها في الاقتصاد العالمي بنسبة 12% ، بينما انخفضت مساهمة أمريكا في الاقتصاد العالمي بنسبة 20%، اضافة الي أن تعليق روسيا المعاملات التجارية بالدولار سيؤدي الي استكمال حلقة تفكيك هيمنة الدولار.
كما تتفاقم الأزمات مثل: تراجع معدلات النمو الاقتصادي العالمي بسبب ارتفاع معدلات البطالة والتضخم والمديونية العامة، و الاستقطاب الطبقي، وشدة استغلال العاملين وتشريدهم ، وارتفاع الأسعار والتضخم، والانفاق العسكري علي حساب خدمات الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي،وتفاقم الصراع بين اقطاب الرأسمالية" اليابان، الاتحاد الاوربي، الولايات المتحدة ، وصراعها مع الدول الرأسمالية أو الرأسمالية الدولية الصاعدة مثل : " الصين، روسيا، الهند ، جنوب افريقيا ، البرازيل،.الخ"، واحتدام حدة الصراع على الموارد في البلدان النامية ومنها السودان.
٣
هذا اضافة لنهوض الحركة المطلبية والجماهيرية ضد البطالة ، وبعد أزمة كورونا التي حصدت الالاف من المواطنين، وضد العنصرية، وإلابادة الجماعية للشعب الفلسطيني من اسرائيل المدعومة ماليا وعسكريا من الولايات المتحدة الأمريكية، وتنامي الأحزاب الثورية بمختلف منطلقاتها المطالبة بالضمان الاجتماعي والعدالة والدفاع عن البيئة ووقف سباق التسلح والحرب ، واحترام حقوق الانسان، وحقوق المرأة، وضد الاحتباس الحراري الذي يهدد كوكبنا، ودعم التعليم ، الصحة، الدواء، وضد الخصخصة وتشريد العاملين ، والاضرابات الواسعة لتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والثقافية، فضلا عن تنامي دور الأحزاب الاشتراكية الشيوعية، وتنامي أحزاب اليسار كما في الانتخابات الفرنسية الأخيرة.
كما يتفاقم الصراع الايديولوجي لتغبيش وعي الكادحين مثل : أن الماركسية والشيوعية تجاوزها الزمن، واحلال الاحسان من قبل بعض منظمات المجتمع المدني الممولة من مراكز الرأسمالية محل النضال والإنتاج من أجل تحسين الأوضاع المعيشية والثقافية والمعيشية، و ضد نهب ثروات الشعوب الزراعية والمعدنية والحيوانية مقابل فتات وقروض لا تسمن ولا تغني من جوع، وتدمر تلك البلدان وانتاجها ، وتجعلها تابعة ومتوجهة للخارج ولاهته وراء البنك والصندوق الدوليين ومؤسسات التمويل الرأسمالية الأخري لاغرافها في المزيد من الديون َما يجعلها خاضعة وتابعة ، وطلبا للمعونات بدلا من من التوجه للداخل لدعم الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي.
لاشك أن التراكم النضالي للعاملين في مراكز الرأسمالية وبلدان التحرر الوطني أو البلدان النامية ، سوف يفضي الي ثورات أعمق من النهوض الجماهيري الواسع كما حدث في الربيع العربي وثورة ديسمبر في السودان التي مازالت جذوتها متقدة رغم محاولة طرفي الحرب اللعينة لتصفيتها، وثورات أمريكا اللاتينية، والولايات المتحدة مثل: احتلو"وول استريت" وضد العنصرية بعد اغتيال المواطن الزنجي فلويد، وثورات وبورما وموجة الاضرابات الواسعة للطبقة العاملة في جميع البلدان الرأسمالية وغيرها، وحركات الشباب والنساء والطلاب والمزارعين المطالبة بتحسين اوضاعها ، والنهوض الجماهيري لوقف إبادة الشعب الفلسطيني. الخ، وهذا التراكم سوف يحدث اختراقا في أضعف حلقات الرأسمالية، ويقود لعودة الأشتراكية بعنفوان اقوي من الماضي بعد الاستفادة من دروس التجربة السابقة.
بالتالي، فان حرب السودان هي حلقة في سلسلة حروب المنطقة والعالم بهدف نهب الموارد الثروات في ظل اشتداد وتفاقم حدة الصراع بين أقطاب الرأسمالية في العالم. مما يتطلب اوسع نهوض جماهيري لوقف الحرب واسترداد الثورة وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها ومهام الفترة الانتقالية.
alsirbabo@yahoo.co.uk
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السودان
إقرأ أيضاً:
“الشاي” يدخل الصراع بين السودان وكينيا.. تهديدات بإتخاذ قرارات قاسية
“الشاي” يدخل في الصراع بين السودان وكينيا.. تهديدات بإتخاذ قرارات قاسية حسب وكيل وزارة الخارجية بفرض بلاده حظرا على استيراد المنتجات الكينية وخاصة الشاي.
بورتسودان – متابعات تاق برس- قال وكيل وزارة الخارجية السوداني المكلف السفير حسين الأمين، إن السودان يدرس الآن خيارات أخرى للرد على خطوات كينيا باستضافة مؤتمر لقوات الدعم السريع وقوى سياسية معارضة متحالفة معها لتشكيل حكومة موازية للحكومة الحالية التي يقودها قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان ويتخذ من العاصمة المؤقتة بورتسودان مقرا لها.
وكشف عن أنه من بين هذه الخيارات حظر استيراد المنتجات الكينية، لجهة أن السودان ثاني أكبر مستورد أفريقي للشاي الكيني.
وأكد السفير بحسب موقع المحقق، أن استدعاء السفير السوداني في نيروبي جاء رداً على رعاية الرئيس الكيني وليام روتو لاجتماعات المليشيا المتمردة وأعوانها في بلاده للتوقيع على ميثاق سياسي.
الشاي الكينيحكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريعوزارة الخارجية السودانية