الاستثمار فى القطاع الرياضى
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
يعد الاستثمار الرياضى أحد مجالات الاستثمار الواعدة فى مصر، لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إذ يمكنه أن يسهم بشكل كبير فى تحقيق فوائد متعددة للمجتمع والدولة. وتبرز أهمية هذا النوع من الاستثمار خاصة إذا ما نظرنا إلى النمو الملحوظ فى القطاع الرياضى، حيث شهدت مصر تطورات كبيرة فى البنية التحتية والمتمثلة فى المرافق الرياضية والمنشآت الشبابية.
وقد ساهمت الاستثمارات الحكومية بين عامى 2018 و2022 التى تجاوزت 40 مليار جنيه فى تطوير كبير فى قطاع الشباب والرياضة، والذى ترافق أيضاً مع استثمارات من القطاع الخاص، التى قاربت 3 مليارات جنيه لتطوير مراكز الشباب والمنشآت الرياضية. كما بلغت استثمارات المشروعات الصغيرة والخدمية فى السنوات الأربع الماضية 2.4 مليار جنيه.
تمتلك مصر اليوم 1018 نادياً، و4050 ملعباً خماسياً، و4374 مركز شباب، و7 مراكز تنمية رياضية إلى جانب العشرات من وحدات الطب الرياضى. ويتصدر الدورى المصرى لكرة القدم القارة الأفريقية من حيث القيمة السوقية بقيمة تتجاوز 166 مليون يورو، متفوقاً على الدورى الجنوب أفريقى الذى تبلغ قيمته نحو 157 مليون يورو. وكانت مصر قد استضافت أكثر من 289 بطولة على المستويات الدولية والقارية والعربية خلال هذه الفترة.
كما نراه فى تجارب الدول الغربية، فإن الاستثمار فى البنية التحتية الرياضية يشكل محفزاً رئيسياً لخلق فرص العمل فى مجالات متعددة كالتدريب، والتسويق، والصيانة والتعليم والإعلام الرياضى، وإدارة الفعاليات وما إلى ذلك. وعلى سبيل المثال، بناء الملاعب والصالات الرياضية يسهم فى توفير وظائف عديدة للعمالة المحلية ويحفز الاقتصاد من خلال الخدمات المرتبطة بهذه المنشآت. كما أن تنظيم الفعاليات الرياضية الدولية من شأنه أن يجذب الاستثمارات الأجنبية ويزيد من عائدات السياحة، ويدعم الاقتصاد الوطنى بشكل كبير. تُظهر التجارب الدولية أهمية هذه الاستثمارات فى تعزيز الاقتصاد المحلى، حيث تقدر اليونسكو بأن الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للبنية التحتية الرياضية فى أستراليا تصل لنحو 16.2 مليار دولار سنوياً.
ومن الجدير بالذكر أن الاستثمارات الرياضية تجر معها عربات اقتصادية أخرى، كتطوير الصناعات المرتبطة بها، مثل تصنيع المعدات والأدوات الرياضية والأزياء الرياضية. توسع هذا القطاع قد ينمى الناتج المحلى الإجمالى لمصر ويضعها فى موقع ريادى كمرکز إقليمى لصناعة الرياضة. فى الولايات المتحدة، تقدر الفوائد الاقتصادية للرياضات الشبابية والهواة بنحو 40 مليار دولار فى الإنفاق المباشر فى عام 2021، ما أدى إلى تأثير اقتصادى إجمالى قدره 91.8 مليار دولار وخلق 635,000 وظيفة وتوليد عائدات ضريبية بقيمة 12.9 مليار دولار.
كما أن تشجيع الأنشطة البدنية من خلال بناء المزيد من المنشآت الرياضية وتوفير المعدات بأسعار معقولة سينعكس حتماً على مستهدفات تحسين الصحة العامة ورفع الوعى الصحى والثقافة البدنية والوقاية من العديد من الأمراض المُزمنة. فممارسة الرياضة بانتظام تسهم فى رفع مستويات اللياقة البدنية فى المجتمع، ويُعلى الإنتاجية ويعزز من الصحة النفسية ويقلل من مستويات التوتر والاكتئاب. بالإضافة إلى ذلك، تلعب الرياضة دوراً مهماً فى غرس قيم التعاون والعمل الجماعى والشعور بالوطنية.
وعلى الرغم من هذه الفوائد الواضحة، يواجه الاستثمار الرياضى فى مصر عدة تحديات تعيق تحقيق أقصى استفادة منه. من أبرز هذه التحديات هو نقص التمويل المخصص للمشاريع الرياضية فى بعض المناطق مثل صعيد مصر والمحافظات الحدودية، وضعف البنية التحتية مثل انقطاع التيار الكهربائى والنقل غير الفعال، بالإضافة إلى نقص الوعى بأهمية الرياضة وفوائدها بين بعض أفراد المجتمع.
علاوة على ذلك، يواجه القطاع تحديات إضافية مثل توزيع الموارد وإدارة المشاريع الرياضية بفاعلية إلى جانب ضعف التشريعات الحالية حيث تؤثر هذه العوامل سلباً على بيئة الاستثمار وتقلل من جاذبية القطاع للمستثمرين المحليين والأجانب. ويضاف إلى ذلك الافتقار إلى البيانات الموثوقة التى يمكن استخدامها لتقييم الفرص والمخاطر الاستثمارية بشكل دقيق.
كما أن هناك العديد من العوامل الهيكلية التى تؤثر فى تطوير هذا القطاع الحيوى كنقص التمويل، ونقص الكوادر المؤهلة والأعداد الكافية من المدربين والإداريين ذوى الخبرة العالية، إلى جانب افتقار المنشآت الرياضية إلى المعدات الحديثة اللازمة لتوفير بيئة تدريبية مثالية.
لتجاوز هذه التحديات ينبغى على راسمى السياسات تبنى استراتيجية وطنية للاستفادة من هذا القطاع. أولاً، يتطلب أن ترتكز هذه الاستراتيجية على زيادة التمويل المخصص للمشاريع الرياضية، وتخصيص ميزانيات أكبر وتوفير حوافز ضريبية لجذب الاستثمارات الأجنبية.
ثانياً، ينبغى أن تعمل الاستراتيجية الوطنية على تحسين البنية التحتية الرياضية فى جميع المحافظات والمناطق، خاصة تلك التى تعانى نقصاً فى المرافق. يمكن تحقيق ذلك عبر الشراكات بين القطاعين العام والخاص لبناء وتطوير المنشآت الرياضية الحديثة.
ثالثاً، لا بد أن تسعى الاستراتيجية الوطنية لتعزيز مبادئ الشفافية والحوكمة فى إدارة الاستثمارات والمشاريع الرياضية لضمان بيئة استثمارية نزيهة وشفافة ولتشجيع المستثمرين على الدخول فى السوق المصرى.
رابعاً، التعليم والتدريب فى المجال الرياضى أمر لا يمكن الاختلاف عليه. فمن الأهمية توفير برامج تدريبية متخصصة للمدربين واللاعبين والإداريين لضمان تطوير المواهب الرياضية والإدارية، إلى جانب الاهتمام بالبحث العلمى فى مجالات الطب الرياضى والتكنولوجيا الرياضية لتحسين الأداء وتقليل الإصابات.
خامساً، من الضرورى أن تعتمد الاستراتيجية على الحملات الإعلامية والبرامج التوعوية حول أهمية الرياضة وفوائدها للصحة العامة والتنمية المجتمعية. مواقع التواصل الاجتماعى هى أدوات محورية يمكن أن تسهم فى نشر الوعى بين أفراد المجتمع بأهمية الرياضة ويعزز الابتكار والتنوع فى القطاع.
سادساً وأخيراً، الاستثمار فى التكنولوجيا الرياضية والبنية التحتية الرقمية يمكن أن يساعد على تحسين الكفاءة وزيادة العائدات. فتبنى تقنيات مثل تحليل البيانات الكبيرة والذكاء الاصطناعى يمكن أن يحسن من استراتيجيات التدريب والتسويق والإدارة.
ما يجب إدراكه هو أن الاستثمار الرياضى يحمل إمكانيات هائلة لمصر، حيث يمكنه أن يكون مُحركاً رئيسياً للنمو الاقتصادى وخلق فرص العمل، فضلاً عن تحقيق فوائد اجتماعية واسعة النطاق. تحقيق التقدم هنا معتمد على مدى قدرة راسمى السياسات على تبنى رؤية طموحة لجعل قطاع الرياضة ليس مجرد نشاط ترفيهى، بل كأداة قوية للتغير الاجتماعى والاقتصادى وقوة دافعة حقيقية للتنمية الشاملة فى المجتمع المصرى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مار
إقرأ أيضاً:
صرف الإسكندرية تبحث مع وفد أوروبي سبل الاستثمار لتحسين البيئة
عقدت شركة الصرف الصحي بالإسكندرية اجتماعًا موسعًا برئاسة اللواء "محمود نافع" رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب، مع وفد من الاتحاد الأوروبي، وذلك لبحث سبل التعاون في إنشاء محطات لمعالجة الصرف الصناعي وتعزيز الرقابة البيئية على المناطق الصناعية، في إطار تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على الموارد المائية والشبكة العامة للصرف الصحي.
تناول الاجتماع دراسة المناطق الصناعية في الإسكندرية، بما في ذلك منطقة مرغم الصناعية "مرغم بحري"، والمنطقة الحرة في العامرية، حيث تم التأكيد على ضرورة تركيب حساسات على السيب النهائي للمنشآت الصناعية بهدف رصد مصادر التلوث وإحكام الرقابة عليها.
أكد اللواء "محمود نافع" خلال الاجتماع أن التعاون مع الاتحاد الأوروبي يأتي ضمن خطة الدولة لتطوير منظومة الصرف الصحي وتحسين جودة المياه، مشيرًا إلى أن الرقابة المستمرة على المنشآت الصناعية ستسهم في الحد من الملوثات وتحسين كفاءة تشغيل شبكات الصرف الصحي ومحطات المعالجة، مما يعود بالنفع على الاقتصاد والبيئة.
من جانبه، أكد الدكتور "عاطر حنورة" رئيس الوحدة المركزية للشراكة مع القطاع الخاص بوزارة المالية، خلال مشاركته في الاجتماع عبر الفيديو كونفرانس، أن الدولة قادرة على تنفيذ المشروعات تحت مظلة الشراكة مع القطاع الخاص، مما يسهم في توفير التمويل وتخفيف الأعباء المالية عن الحكومة، مع ضمان تحقيق أعلى مستويات الكفاءة والجودة، مشيرًا إلى أهمية مواجهة التحديات التنظيمية والفنية وإيجاد الحلول المناسبة لتسريع وتيرة التنمية.
يقدم الاتحاد الأوروبي برنامج دعم فني لمشروعات البنية التحتية في إطار الشراكة المصرية الأوروبية، وأكد الحضور أن مشروعات البنية التحتية، وخاصة مشروعات التحلية ومعالجة الحمأة والمياه والصرف الصحي، يتم تنفيذها بالشراكة مع القطاع الخاص، حيث يوفر التمويل اللازم ويخفف العبء عن الدولة في التشغيل والصيانة.
وأشاروا إلى أن أول مشروع تم تنفيذه بنظام المشاركة مع القطاع الخاص كان مشروع قناة السويس، مما يبرز نجاح هذا النموذج في تنفيذ مشروعات طويلة الأجل بكفاءة عالية.
يُعد الاستثمار في معالجة وإعادة استخدام الحمأة أحد الحلول المبتكرة لتعزيز الاستدامة البيئية وتحقيق أقصى استفادة من المخلفات الناتجة عن محطات الصرف الصحي، ومن أبرز الاستخدامات تحويل الحمأة إلى سماد عضوي، وهو ما يدعمه الاتحاد الأوروبي ضمن برامجه الفنية لدعم المشروعات البيئية.
يساهم هذا النهج في تقليل المخلفات الصلبة، وتحسين خصوبة التربة الزراعية، وتقليل الاعتماد على الأسمدة الكيميائية، مما يحقق فوائد اقتصادية وبيئية في آنٍ واحد، كما أن تعزيز مشروعات إعادة استخدام الحمأة يندرج ضمن استراتيجية الدولة لتحقيق الإدارة المتكاملة للمخلفات وضمان استدامة الموارد الطبيعية.
حضر الاجتماع نخبة من المسؤولين والخبراء في مجال المياه والصرف الصحي : الدكتور "أيمن عياد" رئيس قطاع المياه بالاتحاد الأوروبي، الدكتور "محمد طارق" استشاري الاتحاد الأوروبي، المهندسة "مروة الدريني" ممثل الاتحاد الأوروبي، الدكتور "محمد شعبان" استشاري الاتحاد الأوروبي، الدكتور "عمرو ثابت" استشاري الاتحاد الأوروبي، الدكتورة "غادة ندا" وكيل وزارة الصحة بالإسكندرية، الدكتور "سامح رياض" عبدالله أيوب" رئيس الإدارة المركزية لفرع الإسكندرية، قطاع شئون الفروع بجهاز شئون البيئة، اللواء مهندس "أحمد عبد الرؤوف" مدير مشروعات هيئة التنمية الصناعية، الدكتور "أيمن عياد" مدير قطاع المياه والمرافق بالاتحاد الأوروبي، الدكتور "وليد عبد العظيم" عميد كلية الهندسة، الأستاذ "أيمن عبدالعزيز" رئيس المنطقة الحرة بالإسكندرية، المهندس "حسين مكي" رئيس الهندسة والمشروعات بهيئة الاستثمار، المهندس "حسنين"، المهندس "محمد عويضة"، الدكتور "عبدالعزيز غيث"، المهندس "أحمد قنديل".
في ختام الاجتماع، تم التأكيد على أهمية تسريع وتيرة التنمية من خلال تنفيذ المشروعات بنظام الشراكة مع القطاع الخاص، والعمل على تحقيق التكامل بين الجهات المختلفة لضمان نجاح المشروعات وتحقيق أقصى استفادة منها، بما يحقق الاستدامة البيئية والتنموية.