من وراء العزلة الدولية للسودان؟
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
إلى عهد حكومة الصادق المهدي – الديمقراطية الثالثة، كان يتمتع السودان بعلاقات دولية طبيعية، ولم توضع حكوماته على قوائم التصنيف الإجرامي، ونظامه المصرفي وعلاقاته التجارية كان يضبطها "السيستم" العالمي، رغم ضعف الأنظمة العسكرية طويلة الأمد وهشاشة الحكم الديمقراطي المسنود بأحزاب أقل ما توصف به أنها طائفية، كانت الحالة السودانية ينظر إليها من قبل المحيط العالمي بنوع من الإشفاق، وشيء من الأمل بخروجها إلى بر أمان الاستقرار السياسي، وهنالك منظمات وهيئات دولية كانت تعمل على جعل هذا القطر الإفريقي منطلقاً لتزويد العالم بالموارد الاقتصادية المتنوعة والمتعددة، ومن هذه الهيئات التي كانت عاملة في هذا الشأن بجد واجتهاد لجعل الحلم ممكناً، مشروع هيئة تنمية غرب السافانا الممول من البنك الدولي، والمدعوم من المانحين – أمريكا وبريطانيا ودول أخرى، المشروع الذي كان بادرة لجدوى مؤكدة تجعل من جغرافيا غرب السافانا محط أنظار الدنيا، وأضابير مكاتب هيئة تنمية غرب السافانا المبنية على نسق بديع جنوب مدينة نيالا – على مقربة من الإذاعة، كانت تحتضن أرفف دواليبها الصور الملتقطة عبر الأقمار الصناعية، المحددّة لإحداثيات الموارد الطبيعية والزراعية والحيوانية، هذا فضلاً عن الأصول التي تملكها من سيارات وآليات حفر ومعدات، زد على ذلك توفيرها لعدد كبير من الوظائف للسكان المحليين، هل تصدق يا عزيزي القارئ أن هذه المؤسسة العملاقة باعها والي جنوب دارفور في العهد البائد – عبد الحليم المتعافي لمن دفع أكثر، وتقاسم حصيلة ثمنها بينه وبين الفاسدين من جوقة الحزب الفاسد، إنّ نموذج تدمير هيئة تنمية غرب السافانا يعتبر قطرة صغيرة في بحر فساد بيع أصول وممتلكات الشعب المسكين، فهنالك مؤسسات وهيئات محلية عالمية بيعت بأوامر ولاة ووزراء ونافذين في النظام القديم.
البعد الآخر لعمليات إنهاء الوجود الدولي في السودان إما ببيع ألأصول والاستحواذ عليها، أو بطرد الموظفين العاملين، هو استمراء نظام الفساد والاستبداد استباحة مقدرات العلاقات الدولية للبلاد وتعاونها المشترك مع المجتمع الدولي، سواء كانت هذه المقدرات معنوية أو مادية – أصول ثابتة وسائلة، ولا يجب أن ننسى آخر عمليات التخريب والسطو التي طالت أصول البعثة الأممية المشتركة – اليوناميد – وكيف نهبتها الحركة المسلحة التي تدين بالولاء لجماعة الاخوان المسلمين، حين سطت على السيارات والمعدات والآليات في وضح نهار مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور، وآخر تجليات بقايا النظام البائد المرتكب لجرائم الإبادة الجماعية القائمة اليوم، أنه وقف ضد إرادة الشعب والوسطاء والمسهلين بعدم التعاون لوضع حد لحرب أشعلها ولم يحسب حسبان ما آلت إليه من مآسي، ومن أعظم الجرائم الحمقاء التي وضعت حداً فاصلاً بين السودان ومحيطه الدولي، استخدام فلول النظام القديم لجهاز الدولة كسلاح لارتكاب جرائم الإرهاب الدولي العابرة للحدود، بالقرصنة والاعتداء على الاساطيل البحرية (المدمرة كول)، والاشتراك في الجريمة الإرهابية بتفجير سفارتي الولايات المتحدة الأمريكية بتنزانيا و كينيا، وتخطيط وتمويل وتنفيذ جريمة الشروع في اغتيال الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، هذا غير ملفهم الأسود في نقل السلاح للمنظمات والجماعات الإرهابية في الإقليم، كل هذه التجاوزات الدولية لا يجب أن يرتكبها نظام حكم دولة إفريقية غلبانة، دون أن تتعرض للعقوبات الدولية والتضيق الاقتصادي الذي يدفع بالإرهابيين لإشعال الحروب، هذا هو التطور الطبيعي للحالة السودانية، التي تحكم فيها العقل الإرهابي لثلاثة عقود وبضعة سنين، فحرم هذا القطر الطموح المنافع المترتبة من التواصل الصحي مع الأسرة الدولية، حتى رئيس حكومة الانتقال الهزيلة الدكتور عبد الله آدم حمدوك قد أنجز انجازاً مشهوداً بفتح الأبواب التي أغلقها الإرهابيون ثلاثون عاماً، فما لبث أن عمل المتطرفون على إغلاقها مرة أخرى بحكم الشراكة (الخطيئة) مع المدنيين في ذات الحكومة.
على المجتمعين الدولي والإقليمي أن يعملا معاً على معط جذر منظومة الإرهاب أولاَ، والتعاون مع كل المؤمنين بقضية اجتثاث الشجرة الخبيثة من عروقها من أعماق أرض السودان، ثم من بعد ذلك ستتوقف الحرب تلقائياً بقطع شأفة مشعليها، فليس من العقل في شيء انتظار الكادر الحزبي الذي حكم البلاد زمناً تجاوز المدة التي حققت فيها ماليزيا نهضتها الاقتصادية، أن يكون شريكاً في إصلاح بلد يعتبر هذا الكادر الإرهابي العامل الأول والأخير في تدميره، والإيقاع به في حضيض البلدان المنكوبة بالكوارث الإنسانية، من حروب وجوع وفقر ومرض ونزوح ولجوء، على الفاعلين دولياً وإقليمياً الخروج من المنطقة الرمادية، والعمل بكل قسوة على قطع رأس ثعبان الإرهاب والتطرف الذي يحتسي دماء الأطفال والنساء والشيوخ صباح مساء، في سادية مفرطة دون أن يطرف له جفن، برمي البراميل المتفجرة فوق رؤوسهم، لقد آن الأون للسودان أن يعود إلى الأسرة الدولية معافى من قيود العقوبات، ومرفوع عن قوائم دعم الإرهاب، وخالياً من بؤر التطرف والهوس الديني الذي فتك بعقول الشيب والشباب، لقد خسر السودان كثيراً جراء عهد الظلام الذي أخرجه من التفاعل الدولي بإيجابية.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
شاهد بالفيديو.. بروفيسور ومؤرخ سوداني يفجر المفاجأت: البئر التي رمي فيها سيدنا يوسف موجودة بالسودان ووالده سيدنا يعقوب كان يقيم في جبل مرة بدارفور ورحل إلى مصر بعد الواقعة
فجر بروفيسور ومؤرخ سوداني, مفاجأة كبيرة عبر مقطع فيديو تحدث فيه عن وجود السودان, من قديم الزمان وتحديداً من أيام سيدنا يوسف عليه السلام.
وبحسب رصد ومتابعة محرر موقع النيلين, فقد أكد المؤرخ زكريا سيف الدين, أن واقعة رمي سيدنا يوسف من قبل أخوانه حدثت بالسودان.
وذكر أن “الجب” أو البئر التي رمي فيها سيدنا يوسف تقع في منطقة “عين سيرو” باقليم دارفور بغرب السودان.
كما أكد وبحسب ما نقل عنه محرر موقع النيلين, أن سيدنا يعقوب, والد سيدنا يوسف, هاجر من منطقة جبل مرة, بدارفور, إلى مصر بعد واقعة سيدنا يوسف.
ياسين الشيخ _ الخرطوم
النيلين
إنضم لقناة النيلين على واتساب