الضَلال الإول
2005
تاليف
سامح صلاح محمد أحمد
-1-
كل ما يذكره هو وميض متحرك وسلم مغطى بموكيت برتقالى اللون ..الذى تم وصفه له لاحقاً بإنه جزء من منزل كان ملك لهم فى السابق فى إحدى الدول الخليجية الغنية بالنفط (الكويت) حيث إبتعث إبيه للعمل كدبلوماسى هناك ابان فترة تولى المؤتمر الوطنى زمام الإمور فى السودان .
وقد عانى كثيراً من مسألة إتساخ الملابس فى فترات مختلفة من حياته إبتداءاً بفترة " الضلال الإول " أو هى التى يحب إن يسميها إعلاءاً لشأن الإنثى ، فكلمة (ضلال ) فى اللغة هى إسم (مذكر ) و الرجال فى المفهوم الإسلامى قوامون على النساء ، لذا هم إجدر بغض البصر و حفظ الفرج .
أما (الفيمنزم) يطلقون عليها فترة (المراهقة ) وهى إسم مؤنث وهى فترة زمنية يمر بها إى شخص وغالباً ما تكون ( شماعة ) لفعل المنكرات .
-2-
كانت الطاولة القصيرة تجلس بثبات على أربعة أرجل خشبية، بسيطة لكنها قوية. ...كانت وسط الفسحة داخل منزلهم المتواضع هناك فى إحدى ضواحى العاصمة ، الذي يطل على أحد الشوارع الفرعية المهترئة، حيث كانت مياه البالوعات تتجمع، محدثة روائح كريهة تملأ الأجواء.
حيث كانت المقاعد منسوجة بحبال البلاستيك، تتميز بألوانها الزاهية، مما أضاف لمسة من الحيوية إلى المكان.... على سطح الطاولة، كانت هناك أوراق من الكوشتينة، مبعثرة قليلاً، كأنها تحمل ذكريات النقاشات والأحاديث التي دارت حولها.
أكواب من الزجاج الشفاف كانت موجودة، عادة ما نستخدمها لشرب الشاي، لكن اليوم كانت تحمل بقايا من مشروب عائلي مميز. بجانب الأكواب، كانت هناك قارورة ممتلئة بنوع من الخمر المقطر من البلح، تعكس أجواء الاحتفال والمرح.
وهو فى الثانية من عمره، لم أستطع مقاومة فضوله ، حاول أن يشرب قليلاً من القارورة، لكنني لم يستطع استساغة المشروب نظراً لقوته. و نكهته قوية وغريبة...
بعد خروج الضيوف، كانت الضحكات لا تزال تتردد في الفضاء، تملأ المكان بذكريات جميلة.... على الرغم من الظروف المحيطة، كانت تلك اللحظات تضفي شعورًا بالدفء والانتماء، حيث اجتمعنا حول تلك الطاولة، نتشارك الأحاديث والأحلام.
في إحدى ليالي الصيف الهادئة، كان هو يترقب مع والديه إعلان نتائج الثانوية العامة على شاشة التلفاز. كان التلفاز يقع في منتصف مكتبة ضخمة، تأخذ شكلًا مهيبًا وتضم العديد من الكتب الإسلامية القيمة. كان من بين الكتب التي تزين أرفف المكتبة، صحيح البخاري ومسلم، اللذان يعتبران من أهم كتب الحديث. وكذلك نهج البلاغة لسيدنا علي بن أبي طالب، الذي يجمع بين الحكمة والفصاحة.
كانت المكتبة تضفي على الغرفة جوًا من السكينة والعمق الثقافي، وكأنها تروي قصة من الإيمان والمعرفة. كل كتاب كان يحمل عبق التاريخ وينادي القارئ لاكتشاف المزيد. في تلك الأجواء، كانت لحظات متابعة الأخبار أو البرامج العائلية تمنحه إحساسًا بالترابط، حيث يشارك الأفكار والعبر المستخلصة من الكتب الموجودة حوله.
كان الجو مشحونًا بالتوتر والأمل... كانت نظراتهم تتبادل بين الشاشة ووجوه بعضهم البعض، وكأنهم ينتظرون لحظة فاصلة ستغير مجرى حياته.... لم يكن هناك أحد يتوقع منه أن يحرز أي درجة تذكر للالتحاق بجامعة الخرطوم مثلاً ... لم يكن له هدف أكاديمي واضح ، لإنه كان خجول أكثر من الازم ، مما أثر على طموحاته الأكاديمية، ولكنه كان يحب اللغة الإنجليزية والترجمة.
وأثناء جلسة العشاء، اقترحت أخته الوسطى أن يدرس علوم الحاسوب، لأنها نفس نوع الدراسة التي درستها هي. كانت كلماتها تحمل الأمل والتشجيع، وكأنها تعطيه دفعة نحو مستقبل جديد.
لكن الاقتراح كان أسوأ ما يمكن، لأنه لم يقم على تقييم حقيقي لقدراته الأكاديمية. كان مجرد محاولة للحصول على وظيفة في السوق، مما يعني أنه يتجه نحو شيء مادي بحت. وكان ذلك نتاجًا لثقافة البوبار في السودان، التي تركز على رغبة الأهالي في تعليم أبنائهم في الكليات العلمية، بينما يقلل كثيرون من شأن الكليات الاجتماعية والفلسفية.
كان يشعر بأن هذا الاقتراح لا يعكس شغفه أو اهتماماته الحقيقية.... بدلاً من أن يُنظر إليه كفرد يحمل طموحات فكرية، كان يُدفع نحو مسار ينظر إليه كخيار آمن وعملي، مما جعله يتساءل عن مستقبله وما إذا كان سيجد فيه ما يسعده. في أعماقه، كان يدرك أن التعليم يجب أن يكون أكثر من مجرد وسيلة لكسب المال؛ بل يجب أن يكون فرصة للنمو الشخصي والفكري.
************
samihsalah2018@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
نائب ترامب: لولا الكرم الأميركي ما كانت أوكرانيا موجودة
شن جي دي فانس نائب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الجمعة، هجوما لاذعا ضد الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، مشيرا إلى أن أوكرانيا لم تكن موجودة لولا كرم الولايات المتحدة.
وقال دي فانس في تصريح إعلامي: "أنا أعني الرئيس زيلينسكي، لم تكن بلاده موجودة لولا كرم الولايات المتحدة".
وتابع موجها حديثه لزيلينسكي: "قل شكرا، وإذا كنت لا تتفق مع الرئيس ترامب فقط التقط الهاتف واتصل به، أو اتصل بأحد دبلوماسيينا العظماء".
وأضاف دي فانس موجها حديثه للرئيس الأوكراني: "لاتذهب في جولة إعلامية حول أوروبا وتسيء إلى رئيس الولايات المتحدة".
وأكمل: "إنها إهانة له (ترامب) وإهانة لي وإهانة للشعب الأميركي، ما فعله زيلينسكي أمر غبي، التحدث بسوء عن ترامب في الأماكن العامة لن يغير رأيه".
واختتم نائب ترامب حديثه قائلا: "زيلينسكي يحتاج إلى مستشارين أفضل".
وكان زيلينسكي قد قال، في وقت سابق الأربعاء، إن ترامب يعيش في "فضاء من المعلومات المضللة" من صنع روسي.
يأتي هذا بينما وصف ترامب زيلينسكي بأنه "ديكتاتور" وحذره بأن "من الأفضل له أن يتحرك بسرعة" للتفاوض على إنهاء الحرب، وإلا فقد يخاطر بعدم وجود دولة ليقودها.