سودانايل:
2025-03-18@06:55:51 GMT

الضَلال الإول

تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT

الضَلال الإول
2005
تاليف
سامح صلاح محمد أحمد

-1-

كل ما يذكره هو وميض متحرك وسلم مغطى بموكيت برتقالى اللون ..الذى تم وصفه له لاحقاً بإنه جزء من منزل كان ملك لهم فى السابق فى إحدى الدول الخليجية الغنية بالنفط (الكويت) حيث إبتعث إبيه للعمل كدبلوماسى هناك ابان فترة تولى المؤتمر الوطنى زمام الإمور فى السودان .

.. لا يذكر بالظبط ما حدث ولكن قالوا له لاحقاً بإن العائلة قد نزحت من الكويت الى الإردن براً هرباً من هول الحرب كل ما يستطيع تذكره من الرحلة هو لقطات من سيارة كارسيدا موديل 1991م ، و إيضاً حاجته الماسة لتغير ملابسهِ المتسخة ...!!
وقد عانى كثيراً من مسألة إتساخ الملابس فى فترات مختلفة من حياته إبتداءاً بفترة " الضلال الإول " أو هى التى يحب إن يسميها إعلاءاً لشأن الإنثى ، فكلمة (ضلال ) فى اللغة هى إسم (مذكر ) و الرجال فى المفهوم الإسلامى قوامون على النساء ، لذا هم إجدر بغض البصر و حفظ الفرج .
أما (الفيمنزم) يطلقون عليها فترة (المراهقة ) وهى إسم مؤنث وهى فترة زمنية يمر بها إى شخص وغالباً ما تكون ( شماعة ) لفعل المنكرات .

-2-
كانت الطاولة القصيرة تجلس بثبات على أربعة أرجل خشبية، بسيطة لكنها قوية. ...كانت وسط الفسحة داخل منزلهم المتواضع هناك فى إحدى ضواحى العاصمة ، الذي يطل على أحد الشوارع الفرعية المهترئة، حيث كانت مياه البالوعات تتجمع، محدثة روائح كريهة تملأ الأجواء.
حيث كانت المقاعد منسوجة بحبال البلاستيك، تتميز بألوانها الزاهية، مما أضاف لمسة من الحيوية إلى المكان.... على سطح الطاولة، كانت هناك أوراق من الكوشتينة، مبعثرة قليلاً، كأنها تحمل ذكريات النقاشات والأحاديث التي دارت حولها.
أكواب من الزجاج الشفاف كانت موجودة، عادة ما نستخدمها لشرب الشاي، لكن اليوم كانت تحمل بقايا من مشروب عائلي مميز. بجانب الأكواب، كانت هناك قارورة ممتلئة بنوع من الخمر المقطر من البلح، تعكس أجواء الاحتفال والمرح.
وهو فى الثانية من عمره، لم أستطع مقاومة فضوله ، حاول أن يشرب قليلاً من القارورة، لكنني لم يستطع استساغة المشروب نظراً لقوته. و نكهته قوية وغريبة...
بعد خروج الضيوف، كانت الضحكات لا تزال تتردد في الفضاء، تملأ المكان بذكريات جميلة.... على الرغم من الظروف المحيطة، كانت تلك اللحظات تضفي شعورًا بالدفء والانتماء، حيث اجتمعنا حول تلك الطاولة، نتشارك الأحاديث والأحلام.
في إحدى ليالي الصيف الهادئة، كان هو يترقب مع والديه إعلان نتائج الثانوية العامة على شاشة التلفاز. كان التلفاز يقع في منتصف مكتبة ضخمة، تأخذ شكلًا مهيبًا وتضم العديد من الكتب الإسلامية القيمة. كان من بين الكتب التي تزين أرفف المكتبة، صحيح البخاري ومسلم، اللذان يعتبران من أهم كتب الحديث. وكذلك نهج البلاغة لسيدنا علي بن أبي طالب، الذي يجمع بين الحكمة والفصاحة.
كانت المكتبة تضفي على الغرفة جوًا من السكينة والعمق الثقافي، وكأنها تروي قصة من الإيمان والمعرفة. كل كتاب كان يحمل عبق التاريخ وينادي القارئ لاكتشاف المزيد. في تلك الأجواء، كانت لحظات متابعة الأخبار أو البرامج العائلية تمنحه إحساسًا بالترابط، حيث يشارك الأفكار والعبر المستخلصة من الكتب الموجودة حوله.
كان الجو مشحونًا بالتوتر والأمل... كانت نظراتهم تتبادل بين الشاشة ووجوه بعضهم البعض، وكأنهم ينتظرون لحظة فاصلة ستغير مجرى حياته.... لم يكن هناك أحد يتوقع منه أن يحرز أي درجة تذكر للالتحاق بجامعة الخرطوم مثلاً ... لم يكن له هدف أكاديمي واضح ، لإنه كان خجول أكثر من الازم ، مما أثر على طموحاته الأكاديمية، ولكنه كان يحب اللغة الإنجليزية والترجمة.
وأثناء جلسة العشاء، اقترحت أخته الوسطى أن يدرس علوم الحاسوب، لأنها نفس نوع الدراسة التي درستها هي. كانت كلماتها تحمل الأمل والتشجيع، وكأنها تعطيه دفعة نحو مستقبل جديد.
لكن الاقتراح كان أسوأ ما يمكن، لأنه لم يقم على تقييم حقيقي لقدراته الأكاديمية. كان مجرد محاولة للحصول على وظيفة في السوق، مما يعني أنه يتجه نحو شيء مادي بحت. وكان ذلك نتاجًا لثقافة البوبار في السودان، التي تركز على رغبة الأهالي في تعليم أبنائهم في الكليات العلمية، بينما يقلل كثيرون من شأن الكليات الاجتماعية والفلسفية.
كان يشعر بأن هذا الاقتراح لا يعكس شغفه أو اهتماماته الحقيقية.... بدلاً من أن يُنظر إليه كفرد يحمل طموحات فكرية، كان يُدفع نحو مسار ينظر إليه كخيار آمن وعملي، مما جعله يتساءل عن مستقبله وما إذا كان سيجد فيه ما يسعده. في أعماقه، كان يدرك أن التعليم يجب أن يكون أكثر من مجرد وسيلة لكسب المال؛ بل يجب أن يكون فرصة للنمو الشخصي والفكري.

************
samihsalah2018@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

دماء تسيل وقتـ لي تتساقط على الحدود اللبنانية السورية.. ماذا يحدث هناك؟

 
أفادت وسائل إعلام لبنانية بأن مجموعة من مسلحي العشائر اللبنانيّة عمدت على التصدي لعناصر “هيئة تحرير الشام”، حيث وقعت إشتباكات علي الحدود اللبنانية السورية  أدّت إلى مقتل شخصين وإصابة إثنين آخرين.

وتشهد المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا بين الحين والآخر اشتباكات متفرقة، تعود أسبابها إلى أنشطة التهريب أو توترات أمنية بين مجموعات مسلحة، في ظل تعقيدات المشهد الأمني في المنطقة.  

وتواصل الجهات المختصة متابعة تطورات الأوضاع، وسط دعوات لضبط النفس والعمل على تهدئة الأوضاع لتجنب أي تصعيد إضافي قد يؤثر على الاستقرار الأمني في المنطقة الحدودية.

و شهد  أواخر الشهر الماضي اندلاع اشتباكات في منطقة مطربا، وسط توتر أمني متزايد في المنطقة.  

وذكرت مصادر محلية بأن المواجهات شهدت استخدامًا مكثفًا للأسلحة الخفيفة والمتوسطة، مما أثار حالة من القلق بين السكان القريبين من موقع الاشتباكات. ولم ترد حتى الآن معلومات مؤكدة عن حجم الخسائر البشرية أو الأضرار المادية الناجمة عن المواجهات.  

مقالات مشابهة

  • لصوص دقلو في كرب شديد، أياً كانت جحورهم
  • كيف كانت طبيعة ووظائف الدولة في فترة الحكم التركي؟
  • ندوة ثقافية بـ«دار الكتب بطنطا حول ترشيد الاستهلاك في رمضان
  • دماء تسيل وقتـ لي تتساقط على الحدود اللبنانية السورية.. ماذا يحدث هناك؟
  • البعاتي كانت عيناه تتحركان بشكل آلي (ومخيف نوعا ما)
  • طابور الصباح من إحدى مدارس الطيبين
  • عون: لا استقرار بلبنان ما دام هناك احتلال في الجنوب
  • كيف اكتشف سيدنا إبراهيم أن هناك إلهًا واحدًا أزليًّا لا يتغير؟
  • غوتيريش: هناك ارتفاع مقلق في التعصب ضد المسلمين
  • لماذا هناك خطان على المنشفة؟.. سؤال يشعل ضجة وسط تكهنات بمواقع التواصل الاجتماعي