سودانايل:
2024-12-22@11:27:31 GMT

مُذكِّرات مُغترِب في دُوَلِ الخَليجِ العَرَبي ( ٤ )

تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT

المَسَافةُ بَيْنَ بِيشة وتَثْلِيث مِائةٌ وعِشْرونَ كيلومترا ، لكِنَّك لا تَقْطَعْهَا إلاّ في ساعتين ونِصفْ وذَلِكَ لِوُعُورةِ الطَّرِيق _ رِمالٌ صَحْرَاوِيَّة كَثِيفةٌ مُمْتَدَّة عنْ يَمِينِك وعنْ شِمالِك وأمَامَك ، ولا تَرى سِواها غَيْرَ بِضْعَةِ تِلالٍ وجِبالٍ مُنتَشِرةٍ هنا وهناك بعيداً عن خطِ سَيرِ المَرْكبَات .

والمَركبَاتُ رُباعِيَّةُ الدَّفعِ أو "الوانيتات" ( البكاسي) هي فقط التِى تَستَطيعُ قَطعَ هذه الفيافي ولا تَخْلُو مِن الأنِينِ والعَوِيلِ واحَياناً الضَّجِيجِ لِمَا يَعتَرِيها مِن إرهَاقِ الضَّغطِ عَليْها وارْتِفاعِ دَرَجةِ حَرارَتِها زَائِداً حَرارَة الطَّقسِ . ودَلِيلُكَ في خَطِ السَّيرِ هذا لافِتاتٌ حَدِيدِيَّةٌ قلِيلةٌ إذا أضَعْتَها فقدْ أضَعْتَ حَياتَك أو قَتَلكَ الانْتِظارُ في سَبيلِ أنْ يَفَتحِ اللهُ عَليكَ بِأحَدِ البَدوِ العابِرينَ على ظهر Datsun حوض أو Jeep . والبَدْو يَسْتَدِلُّون على الطَّريقِ بأشكالِ الجِبالِ وتَضَارِيسِها فَيُطلقُون عليها ( الأضْرَس ) ذو الحِجارَة النَّاتِئة مِثل الأسْنانِ أو الأضْراسِ والأدْهَم ( ذو الحِجارةِ السَّودَاء الدَّاكِنة والمَلسَاء ) والبَاز ( ذو الأذُرعِ الضَّخْمةِ مِثل أجْنحةِ الصَّقر ) . حَدَثَ ذاتَ مَرَّةٍ - بعدَ سِتّةِ أشْهُرٍ مِن قُدُومي وإقامتي في تثليث - أنْ ضَللْنَا الطَّريقَ في عَودَتِنا مِن بيشة. وكنتُ أقودُ بوكسي تويوتا موديل 80 ومعي أحدُ الزُّملاءِ ، وسُرعانَ ما ( غَرَّز ) أي وحِلَ في الرِّمال ( وَحْلَة بِت النَّاس ) . ولم نستطِعْ إخْراجَه بِالرَّغم من المجهوداتِ الخَارقةِ التي بَذلناها والحُرُوقاتِ التي أصابتْ أيدِينا من حرارةِ "العَادِم" كلَّما أزَحْنا الرِّمالَ من أسفلِ السَّيارة إذ أبْقَينا عليها وهي في حالة " مُحرِّك شَغَّال" حتى لا ندخُل في مُشْكِلة أخرى. وأخيراً عَجِزنا وأطْفانا المُحرِّك وانتظرنا الفَرَج . طالَ الانتظارُ وأصابَنا الجُوعُ فتَحرَّكنا في جِهتين ، نَصْعدُ جبلاً ونستَطلِع الطَّريق ثُمَّ نعودُ إلى موقِع السَّيارة . وجَدنا مُخيَّماً فيه بَدَويَّتان لم نَستبِنْ مِنهُنَّ غيرَ العُيُون وما أدْراكَ ما العيون ! فقد كانتا مُتدّثِرتَين بالعَباءاتٍ والبَراقِع ( جمع بُرقُع وهو النِّقاب أو الحِجاب ) . أكْرَمْنَنا ماءً وأُرْزاً ولحْماً وقُلنَ لنا : " انتظروا الرَّجَّال حتى يأتي من "الدِّيرة" . وانتظرنا وأوْشَكتْ الشَّمسُ على المَغِيب حين أتى الرَّجُل . وقالَ لنا ما مِن حَلٍّ سِوى أنْ تترُكوا السَّيارة إلى يومِ غدٍ بعد أنْ حلَّ الظَّلام وأنا أُوصِلكُم إلى تثليث في هذا الليل . وفِعلاً كانَ ما قالْ . فأوصَلنا وعادَ أدْراجَه إلى خَيمَتِه ونِسائِه . عُدنا في الغدِ مع فرَّاش المَدرَسة بسيّارتِه الجيب !!! واصْطَحَبنا السيارة البوكسي بعد سحبِها وإخراجِها من بَحرِ الرِّمال الذي أغْرقْنَاها فيه .
--------------------------------------
محمد عمر الشريف عبد الوهاب

m.omeralshrif114@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

حسن الزهراني لـ”الثقافية”: ملتقى الأدب الساخر علامة فارقة بالمشهد الثقافي

الثقافية – علي بن سعد القحطاني
أعلن النادي الأدبي في منطقة الباحة عن انطلاق الملتقى الأول للأدب الساخر، المقرر عقده في الفترة من 22 إلى 24 ديسمبر 2024م، الموافق 21 إلى 23 جمادى الآخرة 1446هـ.
وأوضح رئيس النادي الشاعر حسن الزهراني لـ”الثقافية” أن الملتقى يأتي بمشاركة نخبة من الأدباء والباحثين من داخل المملكة وخارجها، حيث أقرت لجنة مشورة الملتقى، التي تضم الدكتور عبدالله الحيدري والدكتور ماهر الرحيلي والقاص محمد الراشدي ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي، محاور الملتقى. وتشمل هذه المحاور:
* الأدب الساخر: المفهوم والدلالات والمصادر.
* الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر في المملكة.
* الخصائص الفنية للأدب الساخر محلياً.
* مستويات التأثر والتأثير بين التجارب الساخرة محلياً وعربياً.
* الأدب الساخر في الصحافة المحلية عبر التاريخ.
* أثر القوالب التقنية ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر.
* سيميائية الكاريكاتير الساخر محلياً.
وأضاف الزهراني بأن النادي تلقى 40 موضوعاً للمشاركة، وتم اعتماد 27 بحثاً من قِبل اللجنة لأسماء بارزة في مجال الأدب الساخر، مثل الدكتور محمد الخضير، والدكتور صالح الحربي، والدكتورة بسمة القثامي، والدكتور عادل الزهراني.. وغيرهم.
وأشار إلى تخصيص جلسة شهادات للمبدعين، يقدمها الكاتبان محمد الراشدي وعلي الرباعي، إلى جانب عرض فيلم مرئي حول فن الكاريكاتير الساخر.
ويعد الملتقى منصة مهمة لاستكشاف الأدب الساخر كوسيلة نقدية وثقافية، ولتسليط الضوء على تجارب أدبية وفنية متنوعة، مما يعكس ثراء هذا النوع الأدبي في المملكة.
وأكد الزهراني أن النادي يواصل مسيرته في تقديم فعاليات نوعية ومبتكرة، بعد النجاح الذي حققته ملتقيات الرواية والمسرح ومهرجانات الشعر والقصة القصيرة والقصيرة جداً خلال الأعوام الماضية، التي حظيت بتفاعل واسع على المستويين المحلي والعربي.
وأوضح الزهراني أن فكرة ملتقى الأدب الساخر جاءت لتسليط الضوء على أحد أكثر أشكال الكتابة الأدبية رواجاً وتأثيراً، وقال: “الأدب الساخر يتميز بقدرته الفريدة على مقاربة إشكالات الإنسان وقضاياه وفق طرح مغاير ونسق إبداعي جاذب ومختلف. ورغم ذلك، لم ينل هذا اللون الأدبي نصيبه الكافي من الاهتمام والعناية البحثية على المستوى المحلي؛ لذلك يقوم الملتقى على إبراز الكتابة الساخرة في فضاءات التداول البحثي والنقدي، والتحاور حول واقعها في الأدب المحلي قديماً وحديثاً، إلى جانب الاحتفاء بالمنجز الإبداعي في هذا المجال”.
وأشار الزهراني إلى أن الملتقى يهدف أيضًا إلى:
* تأسيس فعاليات وملتقيات مستقبلية تعنى بالأدب الساخر.
* تسليط الضوء على هذا الشكل الأدبي العريق في تاريخ الأدب العربي.
* تشجيع الأجيال الصاعدة والمواهب الشابة على تبني هذا اللون الكتابي والتجديد فيه.
* كسر رتابة الألوان الأدبية التقليدية واستكشاف آفاق جديدة ومبتكرة.
وأعرب الزهراني عن سعادته بالتفاعل الكبير الذي وجدته فكرة الملتقى من قبل الأدباء والمثقفين، مؤكدًا أن هذا الحدث سيكون علامة فارقة في المشهد الثقافي بالمملكة، وموجهاً الشكر لكل من أسهم في إنجاح هذا المشروع الثقافي الواعد.

مقالات مشابهة