الطاقة الشمسية في لبنان... بين الايجابيات المضيئة والسلبيات المظلمة
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
منذ بدء الأزمة الاقتصادية اللبنانية وتراجع إنتاج الطاقة الكهربائية إلى حد الصفر في كثير من الأوقات، واللبناني يعاني من انقطاعات لفترات طويلة للتيار الكهربائي بالإضافة إلى ارتفاع أسعار مولدات الطاقة في الأحياء والزواريب وعدم انتظامها رغم ارتفاع اسعارها، الأمر الذي فرض على الكثيرين البحث عن وسيلة كهربائية أفضل في بلد تغمره أشعة الشمس معظم أيام السنة، فكانت فكرة التحول إلى ألواح الطاقة والاعتماد على الطاقة الشمسية قدر الإمكان في كثير من البيوت والمؤسسات.
وإذا كانت حاجات لبنان من الكهرباء هي 12.5 مليون ميغاواط/ساعة، بحسب أرقام وزارة الطاقة لعام 2019، فإن تغطية 50% فقط من سطوح الأبنية بألواح الطاقة الشّمسيّة، يمكن أن تولّد 28.1 مليون ميغاواط/ساعة سنوياً، أي أكثر من ضعفي هذه الحاجة. الأرقام هي خلاصة دراسة أجراها باحثون في مركز الاستشعار عن بعد التابع للمجلس الوطني للبحوث العلميّة، بالتعاون مع جامعة ميونيخ التقنية في ألمانيا، مستخدمين صورا ملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية.
غلبون: بلدة نموذجية في إنتاج الطاقة تعتبر غلبون بلدة نموذجية وذلك بعد ان اعتمدت على إنتاج الطاقة الكهربائية النظيفة وباتت اليوم تؤمن معظم حاجاتها الكهربائية من ألواح الطاقة الشمسية. وبدعم من جمعية "بيئة نظيفة للحياة" وبتمويل من إرغا فاوندايشن Erga Foundation التابعة لمجموعة إرغا الهندسية، أنشأت بلدة غلبون 4 محطات لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بقوة 156 كيلوواط وتنتج 220 ميغاواط ساعة في السنة من أجل دعم شبكة المولدات في غلبون وشبكة كهرباء لبنان.
وتقوم هذه المحطات بتغطية 86% من احتياجات الطاقة السنوية لغلبون خلال النهار أو 42% من اجمالي احتياجات الطاقة السنوية.
بلدية غلبون تعمل باطار مشروع نموذجي متكامل يطال التشجير واستبدال اضاءة الشوارع بمصابيح تضاء من خلال الطاقة الشمسية المستقلة. الجانب المظلم
وفي ما خص الحوادث والمخاطر التي قد تسببها أنظمة الطاقة الشمسية، يقول متخصص في مجال الطاقة المتجددة لـ"لبنان24" إن غالبية ألواح الطاقة الشمسية التي تدخل لبنان هي من النوعية الجيدة، لكن ذلك لا ينفي وجود أخطار ممكنة في حال كانت الألواح مستعملة، أو مُعاداً تركيبها، وقد تسبب في اندلاع حرائق". وأضاف المتخصص:، "تعود الاسباب لكثير من المشكلات والحوادث إلى كيفية التوصيل والى عدم تمكينها والاستغناء عن استعمال الموصلات الخاصة بالالواح بالاضافة الى استعمال كابلات قد تكون رفيعة وغير قادرة على تحمل كمية الانتاج الكهربائي للنظام ككل او غير مناسبة مع الكمية المستهلكة". ومن المشكلات الاخرى التي قد تحدث هي تخزين الطاقة المتجددة والبطاريات خاصة تلك المركبة من الليثيوم إذ وصل إلى لبنان الكثير منها من النوعية المعاد تجديدها والتي تسببت وقد تتسبب في المستقبل باحداث انفجارات وحرائق خطيرة والأمر يعود إلى نوعيتها الرديئة أو لاخطاء في توصيلها و برمجتها.
أما بيئيا فثمة جانب آخر مظلم للطاقة الشمسية تنتجه منازلنا، إذ يبلغ متوسط عمر الألواح الشمسية من 25 إلى 30 عاما فقط. وهذا يعني أن هناك جبالا من الخردة تلوح في الأفق، ما ينذر في حصول كارثة بيئية حقيقية مقبلة، إذ يقول خبراء إننا سنحتاج قريبا لخطة للتعامل مع ملايين الألواح التي ستخرج من الخدمة.
قانون الطاقة المتجددة
بُذلت جهود لإدخال تشريعات جديدة لدعم جهود الطاقة المتجددة في لبنان. ووافق مجلس الوزراء في 23 أيار من العام 2023 على مشروع قانون إنتاج الطاقة المتجدّدة الموزّعة، والذي عمل على صياغته المركز اللّبناني لحفظ الطاقة بالتعاون مع وزارة الطاقة والمياه ومؤسّسة كهرباء لبنان. وفي ظلّ فراغٍ رئاسي وما يترتب عنه من قيود دستوريّة على العمليّة التشريعيّة، فقد وجد هذا القانون مكانًا له على جدول أعمال آخر جلسةٍ تشريعيّةٍ لمجلس النواب في 14 كانون الأول من العام 2023، حيث تمّ إقراره. يسمح هذا القانون الجديد للمستهلكين بتبادل الكهرباء التي ينتجونها من مصادر الطاقة المتجدّدة مع تلك التي تنتجها مؤسّسة كهرباء لبنان، أو تخزينها في الشبكة العامة لدوراتٍ مدّتها 12 شهرًا يحصلون في نهايتها على تعويضٍ لنسبةٍ مئويةٍ معيّنة من المتبقّي من فائض انتاجهم. أمّا بالنسبة للإنتاج والبيع المباشر للطاقة المنتجة من أنظمة الطاقة المتجدّدة، فيُمكن للمُنتجين المرخّصين استخدام الشبكة العامّة لتوزيع طاقتهم المُولَّدة في كل المناطق داخل الأراضي اللبنانية، وذلك بموجب اتفاقيّةٍ موقّعةٍ مع مؤسّسة كهرباء لبنان ومقابل رسوم عبور، تُحدّد سقفه هيئة تنظيم قطاع الكهرباء. كما يُمكنهم البيع المباشر من دون المرور بالشبكة العامّة شرط أن يكون عقار المستهلك واقع في نفس عقار المنتج للطاقة المتجدّدة أو في عقارٍ ملاصقٍ له مباشرةً.
يمنح القانون رقم 318/2023 صلاحياتٍ وواجباتٍ واسعة لهيئة تنظيم قطاع الكهرباء التي نصّ القانون رقم 462/2002 على إنشائها من دون أن يتحقّق ذلك بعد. بانتظار تعيين أعضاءٍ لها، تضطلع هيئة تنظيم قطاع الكهرباء بدورٍ محوريٍّ في التنفيذ الفعّال لهذا التشريع، حيث أنها الجهة الرسمية والمؤسسة العمومية المعنية بنفاذ هذا القانون، وبترجمة مواده إلى قرارات إجرائية تضمن حسن تنفيذه. ويعود لهيئة تنظيم قطاع الكهرباء تحديد معايير الأهليّة لتقديم طلب تركيب العدّاد الصافي، ومواصفات أنظمة الطاقة المتجدّدة الملائمة، وإجراءات ربط هذه الأنظمة على الشبكة وشروطه، والرسوم ذات الصِّلة بالإضافة إلى صلاحيات أخرى.
تشكل الطاقة الشمسية حلاً مهماً لحل مشاكل نقص التيار الكهربائي في لبنان، ولقد أصبحت اليوم خياراً ذكيا للعديد من المصانع التي باتت تنتج ما نسبته 25 في المئة من إجمالي حاجتها للطاقة الكهربائية. بفعل تراجع كفاءة الشبكة الكهربائية القائمة في لبنان وارتفاع تكلفة الواردات من مواد الوقود الاحفوري، ازداد طلب الصناعات والمصانع على الحصول على تيار كهربائي نظيف واقتصادي، وهذا يبرز أهمية الطاقة الشمسية بشكل لافت ويشجع على تنفيذ المزيد من المشاريع الشمسية في المستقبل. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: تنظیم قطاع الکهرباء الطاقة المتجددة الطاقة الشمسیة کهرباء لبنان إنتاج الطاقة فی لبنان
إقرأ أيضاً:
يا له من عار.. غضب في إيران بسبب انقطاع الكهرباء
قالت صحيفة "فاينانشل تايمز" إن انقطاع التيار الكهربائي في إيران هذا الأسبوع وسط نقص حاد في الوقود كشف عن ضعف الدولة الغنية بالنفط أمام العقوبات الأميركية وسلط الضوء على تأثير سنوات من نقص الاستثمار.
تمتلك إيران ثالث أكبر احتياطي نفطي في العالم وثاني أكبر احتياطي للغاز الطبيعي. ومع ذلك، اضطر الإيرانيون في الأشهر الأخيرة إلى مواجهة نقص مؤلم في الطاقة.
في الصيف، جفت محطات الوقود في بعض وجهات السفر الشمالية الشهيرة، مما أجبر سائقي السيارات الغاضبين على الوقوف في طوابير لساعات. والآن يأتي انقطاع التيار الكهربائي لمدة ساعتين يوميا مع حلول برد الشتاء.
وأوقف انقطاع الكهرباء إشارات المرور، مما أدى إلى تفاقم الازدحام ، وترك سكان المباني الشاهقة خائفين من المصاعد.
وتنقل الصحيفة عن مهندس في طهران رفض الكشف عن اسمه الكامل قوله "انقطاع التيار الكهربائي، يا له من عار في بلد غني جدا بالنفط والغاز مع إمكانات هائلة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح".
وأضاف "هذا نتيجة للمديرين والمسؤولين غير الفعالين الذين يتحدثون فقط ولا يتصرفون".
وأدى النقص المزمن في الاستثمار في البنية التحتية الذي تفاقم بسبب العقوبات الأميركية بالإضافة إلى سوء الإدارة والدعم الحكومي الضخم، الذي يشجع على ارتفاع استهلاك الوقود ويثقل كاهل الدولة التي تعاني من ضائقة مالية، إلى تفاقم النقص في الكهرباء والغاز والبنزين.
والأزمة الاقتصادية وأزمة الطاقة شديدة لدرجة أن الرئيس مسعود بيزيشكيان اعترف في سبتمبر بأن الحكومة تكافح من أجل دفع أجور العمال، وبالتالي كانت تستفيد من صندوق التنمية الوطني، وهو صندوق ثروة سيادي من المفترض أن يحمي عائدات النفط الحالية للأجيال القادمة.
ويدفع الإيرانيون أقل من ثلاثة سنتات أميركية مقابل لتر من البنزين في المضخة، ويتنافسون مع ليبيا وفنزويلا على تصنيفهما كأرخص الأسعار في العالم.
ووفقا لصندوق النقد الدولي، أنفقت إيران 163 مليار دولار في دعم الطاقة في عام 2022، والذي بلغ أكثر من 27 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي أعلى حصة من الاقتصاد في أي بلد.
وشكك بيزيشكيان في دعم البنزين "غير العقلاني" عندما "لا نملك ما يكفي من المال لشراء المواد الغذائية والأدوية"، وقال في مؤتمر صحفي عقد مؤخرا: "نحن ندفع الكثير من المال لأولئك الذين يستهلكون الكهرباء والغاز والبنزين بسخاء".
هذا الأسبوع، سمحت الحكومة لأول مرة باستيراد وبيع البنزين عالي الجودة بأسعار غير مدعومة، وهي خطوة تستهدف الإيرانيين الأثرياء الذين يقودون سيارات باهظة الثمن.
وبالنسبة للطاقة المحلية، تبنت إيران أيضا في السنوات الأخيرة نظام تسعير تدريجي لتثبيط الاستهلاك المفرط للغاز الطبيعي والكهرباء من قبل الأسر الغنية.
وتثير الحاجة إلى خفض الدعم بشكل جذري تثير المخاوف من تكرار أحداث عام 2019، عندما أثار ارتفاع أسعار البنزين بين عشية وضحاها احتجاجات مميتة في المدن الإيرانية.
كما أن ارتفاع أسعار الوقود من شأنه أن يدفع التضخم إلى الارتفاع في جميع أنحاء الاقتصاد.
وتشير التقديرات الرسمية إلى أن البلاد تواجه عجزا يوميا يبلغ حوالي 20 مليون لتر من البنزين، وفي العام الماضي استوردت ما يقرب من ملياري دولار من الوقود، وفقا لوزارة النفط.
وفي الوقت نفسه، يتم تهريب ملايين اللترات عبر الحدود يوميا إلى البلدان المجاورة مثل باكستان وأفغانستان من قبل التجار الذين يستفيدون من الفرق بين أسعار السوق والسعر المدعوم من إيران.
وبالنسبة للكهرباء، تواجه الشبكة الوطنية عجزا بأكثر من 17 ألف ميجاوات من الإنتاج، كما يقول المسؤولون، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن محطات الطاقة قديمة وتحتاج إلى استبدال، لكن نتيجة العقوبات يصعب الحصول على التكنولوجيا الجديدة.
ومع تأثير العقوبات على الاقتصاد الإيراني، أشار بزشكيان، الذي تولى منصبه كرئيس في يوليو، إلى انفتاحه على استئناف المفاوضات مع الغرب. ولكن بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية، فإن احتمالات استئناف المحادثات غير مؤكدة، وفق الصحيفة.