مخاوف من استغلال قانون العفو في تسويات مشبوهة
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
2 سبتمبر، 2024
بغداد/المسلة: قانون العفو العام المرتقب في العراق يثير جدلاً واسعاً بين مختلف الأوساط السياسية والشعبية.
ويعد هذا القانون خطوة تهدف إلى إعفاء فئات معينة من العقوبات، وبشكل أساسي المعتقلين الذين لم تثبت إدانتهم بجرائم خطيرة أو الذين حُكم عليهم لأسباب سياسية، مما يسهم في تقليل عدد المعتقلين وتحقيق المصالحة الوطنية.
ومع ذلك، يثير القانون مخاوف كبيرة تتعلق بالأمن وزيادة الإفلات من العقاب.
ويخشى العديد من المواطنين والخبراء من أن يؤدي القانون إلى إطلاق سراح أفراد يمكن أن يعودوا لممارسة أنشطة إجرامية تهدد الأمن المجتمعي. فبعد إصدار قانون عفو مشابه في عام 2016، لوحظت زيادة بنسبة 7% في معدل الجرائم خلال العام التالي، مما زاد من المخاوف بشأن تأثير هذه القوانين على الاستقرار والأمن في البلاد.
بينما يعتبر البعض أن القانون خطوة إيجابية نحو المصالحة الوطنية وتعزيز التماسك الاجتماعي، يرى آخرون أن الإفراج عن الجناة يمكن أن يؤثر سلباً على العدالة الجنائية، حيث قد يشعر الضحايا بأن حقوقهم لم تُحترم، مما يزيد من الشعور بالظلم والمرارة. ولذا، فإن هناك دعوات لوضع آليات قانونية تضمن تعويض الضحايا وضمان عدم تكرار الجرائم من قبل من يتم الإفراج عنهم.
القانون المقترح يستثني المتهمين بجرائم الإرهاب والفساد المالي والإداري من العفو، وهو ما يعتبره البعض خطوة ضرورية للحفاظ على النظام والأمن. ومع ذلك، هناك من يرى أن هذا الاستثناء قد يؤدي إلى مزيد من الانقسامات، خصوصاً إذا كانت بعض التهم مفبركة أو مبالغ فيها لأسباب سياسية.
من ناحية أخرى، يمكن شمول الجرائم البسيطة بالعفو العام، إلا أن هناك إجماعاً على أن المصلحة الوطنية تقتضي عدم التهاون مع المتهمين بالإرهاب. وتبرز هنا تحديات تحقيق توازن بين الرغبة في المصالحة والحفاظ على الأمن، وهو ما يتطلب نقاشاً مجتمعياً وسياسياً مستفيضاً لضمان عدم المساس بالأمن الوطني.
تتزايد المخاوف من أن يؤدي تطبيق قانون العفو العام إلى إطلاق سراح معتقلين بناءً على تسويات رشوة وعمولات، وهو أمر غير مستغرب في العراق نظراً لانتشار الفساد في العديد من القطاعات.
ووفقاً لمؤشر مدركات الفساد لعام 2023، يعاني العراق من مستويات عالية من الفساد، مما يزيد من الشكوك حول نزاهة تنفيذ القانون وإمكانية استغلاله لتحقيق مكاسب شخصية على حساب العدالة والأمن.
ويظل قانون العفو العام المرتقب في العراق موضوعاً مثيراً للجدل، حيث يتطلب توازناً دقيقاً بين تحقيق المصالحة الوطنية وحفظ الأمن وضمان العدالة للضحايا.
وبينما يمكن أن يسهم في تخفيف الاحتقان الاجتماعي والإفراج عن العديد من المعتقلين، تظل هناك تحديات كبيرة ومخاوف حقيقية بشأن تداعياته على الأمن والعدالة في ظل انتشار الفساد.
ونجاح هذا القانون يعتمد بشكل كبير على كيفية تطبيقه وضمان وجود آليات قانونية فعالة تحمي حقوق جميع الأطراف المعنية وتمنع الإفلات من العقاب.
يذكر أن مجلس النواب العراقي أنهى القراءة الأولى لمشروع قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام رقم (27) لسنة 2016 المقدم من اللجان القانونية، والأمن والدفاع، وحقوق الإنسان، “الذي يهدف إلى تحديد المقصود بجريمة الانتماء للتنظيمات الإرهابية بناءً على ما جاء في المنهاج الوزاري الذي أقره مجلس النواب”، وفق بيان الدائرة الإعلامية للمجلس.
ومنذ تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، يواجه قانون العفو العام مصيراً غامضاً على الرغم من وجود اتفاق سياسي على تشريعه، إلا أن مراقبين أشاروا إلى وجود إرادة سياسية، ولا سيما من قبل الإطار التنسيقي لتعطيل القانون وعدم الالتزام بالوعود التي مُنحت سابقاً للجهات الأخرى (السنة) لضمان مشاركتهم في الحكومة الجديدة. ويعد قانون العفو العام أحد أبرز مطالب الكتل السنية التي اشترطت إقراره في أثناء مفاوضات تشكيل إدارة الدولة الذي ضم الإطار التنسيقي الشيعي والكتل الكردية والسنية الذي تمخض عن تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني.
ويتضمن البرنامج الحكومي، وفق نواب من المكون السني، إصدار قانون العفو العام والتدقيق الأمني في محافظاتهم وإلغاء هيئات أو إيقاف العمل بها كانت تشكل مصدر قلق وأزمة لديهم.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: قانون العفو العام
إقرأ أيضاً:
رئيس الحكومة يشرف على تنزيل قانون العقوبات البديلة ويشكل لجنة قيادة لدراسة الإحتياجات التدبيرية والمالية
زنقة 20 ا الرباط
ترأس رئيس الحكومة عزيز أخنوش، اليوم الأربعاء بالرباط، اجتماعا حضره كل من وزير العدل، والمندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، والمدير العام لصندوق الإيداع والتدبير، تمت خلاله مناقشة آليات تفعيل القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، والصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 22 غشت 2024، حيث تم تدارس الاحتياجات التدبيرية والإدارية والمالية لتنزيل هذا الورش الإصلاحي، الرامي إلى الحد من الآثار السلبية للعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة، وتفادي الإشكالات المرتبطة بالاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية.
وحسب بلاغ لرائسة الحكومة، فقد تم الاتفاق في هذا الاجتماع، على التصور وطريقة الاشتغال الكفيلة بتنزيل قانون العقوبات البديلة، من خلال تشكيل لجنة للقيادة ولجان موضوعاتية ستنكب على دراسة الإشكاليات التقنية والعملية المرتبطة بهذا الورش الطموح، في أفق إخراج المراسيم التنظيمية المتعلقة بالعقوبات المذكورة، داخل أجل لا يتعدى خمسة أشهر، وذلك في احترام تام لأجل الدخول حيز التنفيذ المنصوص عليه في القانون المشار إليه.
كما جرى كذلك وضع الإطار العام للاتفاقية التي ستجمع بين صندوق الإيداع والتدبير، والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، التي سيكون من بين مهامها تتبع تنفيذ العقوبات البديلة، مركزيا أو محليا.
وينسجم التفعيل القضائي للعقوبات البديلة، مع التوجيهات الملكية السامية، الداعية إلى “نهج سياسة جنائية جديدة، تقوم على مراجعة وملاءمة القانون والمسطرة الجنائية، ومواكبتهما للتطورات”.
حضر هذا الاجتماع أيضا كل من الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة، ورئيس قطب القضاء الجنائي بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ومدير الشؤون الجنائية والعفو ورصد الجريمة بوزارة العدل، ومدير التجهيز وتدبير الممتلكات بوزارة العدل، ومدير الميزانية بوزارة الاقتصاد والمالية.