الجزيرة:
2025-02-07@06:26:18 GMT

اللايقين يستنزف إسرائيل

تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT

اللايقين يستنزف إسرائيل

تعيش إسرائيل قيادة ومجتمعًا في حالة مستمرة من اللايقين العالي، مما يجعل المجتمع في وضع من القلق والذعر والترقّب المستمر، ويجبر القيادة على اتخاذ قرارات وتبني توجهات لا تستند إلى معطيات حقيقية وكاملة، كما ينعكس كل ذلك في إعداد الموازنات العسكرية والأمنية، فكيف ذلك؟

مع استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة وفي مواجهة عدة جبهات أخرى بما فيها الضفة الغربيّة، يستمر العجز في الموازنة العامة الإسرائيلية في الارتفاع، كما تم تعديل الموازنة أكثر من مرّة، وفي هذا السياق يرى الكولونيل الإسرائيلي رام أميناخ (62 عاما) الذي عمل مستشارا ماليا لرئيس الأركان ورئيس قسم الموازنة في وزارة الدفاع وعضوًا في منتدى الأركان العامة وفي إدارة وزارة الدفاع، أنّ إعداد موازنة الدفاع الإسرائيلي يواجه تحديات أساسية متمثلة بـسوء التخطيط واللايقين، وقد نجحت إسرائيل في السابق في إدراك التهديدات الأمنية وتقدير مصدرها وحجمها وطبيعتها وتوقيتها وبالتالي صممت الموازنات العسكرية والخطط القادرة على التصدي للتهديدات في إطار الحفاظ على العقيدة الأمنية وركائزها الرئيسية مثل الحروب السريعة الخاطفة والردع العالي، وهذا ما لم تنجح به إسرائيل في ظل حكم رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، مما جعلها تقع فريسة طوفان الأقصى وأدّى إلى انهيار عقيدتها الأمنية.

حيث شهدت إسرائيل في السنوات الأخيرة وفي ظل حكم نتنياهو توجها للخفض المستمر لموازنات الدفاع، بما انعكس بشكل مباشر على عدد الطائرات والدبابات ومختلف أصناف العتاد العسكري الأخرى، مع تقليص موازنة البحث والتطوير، وانعكس أيضا في تقلّص حجم الجيش مقارنة بحجم التحديّات والتهديدات في إطار التحوّل إلى جيش "صغير بارع وعبقري".

وقد أثبت طوفان الأقصى وتبعاته من اشتعال جبهات متعددة ومستمرة فشل هذا التوجه، وبالتالي تدفع إسرائيل الآن ضريبة خفض الموازنات العسكرية في السنوات الأخيرة، وهو ما يجبرها على تعويض هذا الانخفاض التراكمي على سنوات خلال فترة أشهر قليلة وتحت وطأة الحرب المشتعلة، وهذا سينهك الموازنة العامة للحكومة حيث إنّ الإنفاق العسكري السريع التضخم على شكل صدمة، سيكون على حساب بنود أخرى قد تتعلّق بتطوير البنى التحتية أو الخدمات الاجتماعية والصحية للمواطنين، وسيجبر إسرائيل على جسر العجز في الموازنة الناشئ عن تضخم الإنفاق العسكري من خلال تعديل أنظمة وسياسات الضريبة أو الاقتراض الداخلي والخارجي، وجميعها خيارات تمس بشكل مباشر بمستوى معيشة الإسرائيليين والاستقرار المالي لهم ولدولة الاحتلال.

 

كيف يتم وضع الموازنات الدفاعية؟

تبدأ الخطوة الأولى في إعداد الموازنات العسكرية، بحسب الكولونيل أميناخ، عبر التقدير الصحيح والدقيق للتهديدات الأمنية الداخلية والخارجية من خلال قراءة وتقييم الموازنات العسكرية للعدو وحجمه وقدراته وخططه، وعلى هذا الأساس يتم تصميم الموازنات والخطط الدفاعية والهجومية والتجهيز والإعداد في القطاعات العسكرية والأمنية والقطاعات المكمّلة.

ولمقاربة هذا الطرح، يفترض الكولونيل وجود تهديد إيراني معيّن، ممثلا بعدد مجهول من الهجمات (س)، وكل هجمة تشمل عددا مجهولا من الصواريخ (ص)، وبالتالي فحجم التهديد هو حاصل ضرب (س) و(ص)، أي عدد الهجمات ضرب عدد الصواريخ في كل هجمة.

ومن واقع خبرة الكولونيل في إعداد الموازنات العسكرية فإنّ كلفة الدفاع الإسرائيلي تعادل 10 أضعاف كلفة الهجوم الإيراني. وفي مواجهة كل صاروخ باليستي تحتاج إسرائيل ما لا يقل عن عدد اثنين من "السهم 3″، وإذا كان عدد الصواريخ الباليستية المتوقع في إحدى الهجمات هو "110"، فالدفاع الإسرائيلي يحتاج ما لا يقل عن عدد 220 من السهم 3، وذلك بكلفة تتعدّى 3 مليارات شيكل (827 مليون دولار). إلّا أنّه من المتوقع أن يرافق الصواريخ الباليستية الإيرانية دفعات من صواريخ كروز والمسيّرات، وهذا يحتاج لتفعيل المزيد من الأنظمة الدفاعية، وفي هذه الحالة ستصل الكلفة لصد هجوم واحد إلى حوالي 4-5 مليارات شيكل (1.1 إلى 1.4 مليار دولار)، أي أنّ الكلفة لصد 10 هجمات من هذا المستوى قد تصل إلى 50 مليار شيكل (14 مليار دولار).

إلّا أنّ هذا التقدير للتهديدات الخارجية محصور بإيران فقط، وعند احتساب هجمات أخرى من غزة ولبنان واليمن والعراق والضفة الغربية، فإنّ كلفة الدفاع ستفوق قدرة إسرائيل على تحمّلها، مما يجبرها على طلب مشاركة المقدرات الدفاعية من الولايات المتحدة ودول أخرى، ولكن هذا يتطلب الوثوق الكامل بالأصدقاء والحلفاء واستعدادهم لبذل كل مقدراتهم للدفاع عن إسرائيل، ولكن حتى في ظل هذا السيناريو -وهو ما حصل في الهجوم الإيراني في أبريل/نيسان الماضي- فقد نجح جزء من الهجوم الجوي في إصابة أهدافه على الجغرافيا الإسرائيلية، أمام ذلك لا بد من اللجوء إلى المقاربة الثانية المتمثّلة برفع ضريبة الهجوم على الأعداء، استنادًا لمبدأ الهجوم خير وسيلة للدفاع أو الردع بالهجوم الاستباقي.

الاعتبارات أعلاه تضع إسرائيل أمام الضرورات التالية: ضرورة تجنيد اليهود الألترا-أرثوذكس وهو توجّه ما يزال يواجه رفضًا كبيرًا واحتجاجات واسعة من طرف الحريديم. ضرورة رفع الموازنة العسكرية إلى حدودها القصوى وتعزيز الاستثمار في الدفاع والهجوم معا. أثر اللايقين على إعداد الموازنة العسكرية الإسرائيلية؟

أثبت طوفان الأقصى فشل إسرائيل في الخطوة الأولى الأساسية عند إعداد الموازنة العسكرية، وهي القدرة على تقدير إمكانيات وخطط العدو مما وصف بأنّه فشل استخباراتي، أي أثبت الطوفان أنّ (س) و(ص) بالنسبة لإسرائيل ما تزال (س) و(ص) أي قيمًا متغيّرة مجهولة ولا يقينية.

أمام (س) و(ص) مجهولتين تضطر إسرائيل إلى رفع مستوى التحوّط المالي واللوجستي والعسكري، خاصّة أنّ إسرائيل أمام لا يقين كمّي متمثّل في كلفة الدفاع والهجوم، ولا يقين نوعي متمثل في إدراك مصدر الهجوم وطبيعته وجغرافيّته وتوقيته، وسيؤدي ذلك إلى:

ارتفاع كلفة الدفاع والهجوم الإسرائيليين فوق الكلفة الفعلية المطلوبة، بسبب معامل اللايقين. ارتفاع حصّة بنود التحوّط العسكري من إجمالي الموازنة، والتحوّط هو المبالغ المالية المرصودة لتعزيز قدرات عسكرية غير معرّفة أو محددة مسبقًا. هذا اللايقين في الموازنة والمعكوس في بند التحوّط، سيظهر في الساحة العملياتية على شكل تأخر في الجاهزية أو ارتباك.

ومن جهة ثانية، فإنّ اللايقين لا ينحصر في الكم والنوع فقط بل يشمل الزمن أيضا، واستمرار اللايقين على مدى زمني طويل نسبيا يؤدي إلى الرفع المستمر للتحوّط في الموازنة وفي الواقع الميداني، وهذه المعادلة تشكّل أحد أهم عناصر حروب الاستنزاف في العصر الحديث.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی الموازنة إسرائیل فی التحو ط

إقرأ أيضاً:

اقرأ في عدد «الوطن» غدا.. مصر تحذر إسرائيل من تصفية القضية وتهجير أهالي غزة

تقرأ في عدد «الوطن» غدا الجمعة، موضوعات وقضايا جديدة من وجهات نظر مختلفة حول الشأنين المحلي والدولي، وإلى أبرز العناوين:

الصفحة الأولى

- «مدبولى»: توجيهات رئاسية بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين لإعادة إعمار غزة

- مصر تحذر إسرائيل من تصفية «القضية» وتهجير أهالي غزة

- إنشاء خط بحرى بين ميناءى سفاجا وجيبوتى لتعزيز التبادل مع أفريقيا

- قوات الدفاع الشعبى والعسكرى تُنفذ مشروعين بالشرقية والوادى الجديد لمجابهة الأزمات

- تعاون مصرى - يابانى فى مجالات الطاقة المتجددة لتحقيق الاستدامة

الصفحة الثانية

- «الاتصالات» تفتتح مقر «تى تك» الرائدة فى خدمات التعهيد

- د. محمود خليل: البؤس والضر والمواجهة 

- «الرى» تبدأ إجراءات الرفع المساحى لكافة أراضى طرح النهر 

- «السياحة»: ارتفاع حجوزات السفر من تركيا إلى مصر 

- وزير التعليم: نستهدف الوصول إلى 100 مدرسة ألمانية

- «التنمية المحلية» تتابع تشجير الطريق الدائرى والمحاور المرورية 

- «المشاط»: التحول الأخضر محور أساسى لاستراتيجية التنمية 

- «الصحة»: مباحثات لتوطين صناعة الأدوية مع «Africa-CDC»

الصفحة الثالثة

- حصاد «معرض الكتاب».. صورة مُشرفة للثقافة المصرية 

- تفاقم معاناة الفلسطينيين جراء الأمطار والعواصف فى رفح الفلسطينية وخان يونس 

- العالم يواصل رفضه لـ«مخطط التهجير».. ووزير الدفاع الإسرائيلى يوجه بوضع خطة لتنفيذه

الصفحة الرابعة

- «عودة للديار».. الغزاوية مرابطون حتى الشهادة 

- «راجعين ندفن الحبايب».. «زيارة قبور الشهداء».. أول مشوار للغزيين بعد العودة 

- «جيل جديد».. «مواليد النازحين» تشهد العودة: الفرحة صارت فرحتين 

- مش هنسيب أرضنا.. عائلة «الكحلوت»: هنعمَّر بيتنا من جديد

- «كرسى السنوار».. مزار الأطفال لاستكمال مسيرة المقاومة الفلسطينية: سلاماً على «يحيى»

- «حماة التراث».. مكتبة حمزة.. قصفها الاحتلال الإسرائيلى مرتين فعاد صاحبها لبنائها من جديد

الصفحة الخامسة

- مساعد وزير الخارجية الأسبق: مصر تتمسك بمحددات تسوية القضية الفلسطينية.. ولم أشك لحظة فى ردها الحاسم 

- السفير جمال بيومى: «القاهرة» انتهجت الدبلوماسية الهادئة.. ونجحت فى التأثير على الأحداث بالمنطقة

- وضع قضية فلسطين سيئ للغاية فى ظل حكومة نتنياهو ليس لأنها يمينية متطرفة وإنما لأنها جاهلة 

- «نابليون» أول من فكر فى زرع إسرائيل بالمنطقة لفصل المشرق العربى عن المغرب العربى.. وعطاء مصر لفلسطين بدأ قبل ألفى عام وما زال الدور المصرى قائماً

- الدبلوماسية المصرية الأنجح فى المنطقة.. والرئيس السيسى حقق نجاحاً كبيراً فى أفريقيا والعالم.. والدفاع عن مصالحنا والترويج لها ليس مهمة صعبة

الصفحة السادسة

- خالد منتصر: تاريخ التهجير

- عمار على حسن: طه حسين والتعليم (4)

- أحمد رفعت: اقتراح بفرق مصرية متخصصة تعيد الحياة إلى غزة فوراً!

- ناصر عبدالرحمن: بين المرونة والمداهنة والنفاق.. الشخصية المصرية (13)

- أمينة خيري: غزة والكوكب وهويتنا

- بلال الدوى: «قوة الشرعية» ستنتصر على «شرعية القوة»

الصفحة السابعة

- صدام كلاسيكى.. الزمالك مع الإسماعيلى فى غياب «السعيد والونش وجابر» ظهور منتظر للصفقة الجديدة.. و«مصدق» يقترب

- مواجهات قوية.. حرس الحدود يستضيف إنبى.. سموحة يتحدى بيراميدز.. والطلائع ضد الجونة

- 4 صفقات تكفى.. اتجاه فى الأهلى لغلق تدعيمات الشتاء.. اختبار طبى لـ«بن شرقى».. و«معلول» 70 فى المائة

- 3 ملفات عاجلة.. حسام حسن يطلب مشاركة المنتخب فى كأس العرب 

الصفحة الثامنة

-«ياللى بدعتوا الفنون».. منتجات يدوية وتراثية بلمسة 50 عارضاً فى «أيادى مصر» بكفر الشيخ

- «الشرنقة» على الطيب ضابط لآخر مرة: أبحث عن التجديد

- مزودة بـ«سنسور» وGPS.. «بدلة ذكية» لكبار السن.. هدية من طلاب «الهندسة الطبية»

- التعاون والسلام والأمل.. رسائل يحملها 3 أطفال على خشبة المسرح: «حلم بكرة»

 

مقالات مشابهة

  • محمد صلاح يقود تشكيل ليفربول لمواجهة توتنهام بكأس الرابطة الإنجليزية
  • اقرأ في عدد «الوطن» غدا.. مصر تحذر إسرائيل من تصفية القضية وتهجير أهالي غزة
  • التشكيل الرسمي لمواجهة القادسية ضد الرائد بدوري روشن السعودي
  • هل تنفذ إسرائيل خطة تهجير الفلسطينيين؟: وزير الدفاع يوجه أوامر عاجلة
  • تشكيل مباراة نيوكاسل وآرسنال بـ كأس كاراباو
  • تشكيل قمة ميلان وروما بـ كأس إيطاليا
  • أبراهام VS ديبالا.. تشكيل مباراة ميلان ضد روما في كأس إيطاليا
  • أنشيلوتي يعلن تشكيل الريال ضد ليجانيس.. إندريك في الهجوم وفينيسيوس على الدكة
  • إلهام أحمد تطلب من إسرائيل لعب دور في سوريا!
  • وزير الدفاع التقى رئيس المحكمة العسكرية: لإحقاق الحق وإرساء العدالة