خلال فعاليات الاجتماعات السنوية لبنك التنمية الجديد NDB التابع لتجمع «بريكس» بجنوب إفريقيا، شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى بنك التنمية الجديد، في جلسة نقاشية بعنوان «مؤسسات التمويل التنموي في طليعة استثمارات البنية التحتية»، وذلك بمشاركة السيد/ جين لي تشون، رئيس مجلس إدارة البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، والسيدة/ سوازي تشابالالا، النائبة الأولى لرئيس البنك الأفريقي للتنمية، وأدار الجلسة السيد/ هان بين، مدير القطاع الخاص ببنك التنمية الجديد.

وفي كلمتها أوضحت الدكتورة رانيا المشاط، أهمية الاجتماعات السنوية لبنك التنمية الجديد، التي تنعقد في جنوب إفريقيا، والنموذج التنموي الذي نفذته الدولة، مشيرة إلى أن ذلك يعكس التنوع الكبير في النماذج التنموية المُطبقة لدى الدول أعضاء البنك، كما أن ذلك أيضًا ينعكس في تعامل بنك التنمية الجديد مع بنوك التنمية الأخرى متعددة الأطراف، بهدف تمويل المشروعات المختلفة.

وأكدت أن أهمية البنية التحتية حيث تعمل على ربط الأسواق، وتعزز النمو الاقتصادي، وتحسن جودة الحياة للمواطنين، موضحة أن حجم احتياجات البنية التحتية في الأسواق الناشئة والدول النامية هائل، ويتطلب تريليونات الدولارات سنويًا لتلبية هذه الاحتياجات، لتنفيذ المشروعات في المجالات المختلفة مثل المياه، والصرف الصحي، والطاقة المتجددة، والنقل وغيرها، وهو ما يؤكد أن تطور البنية التحتية ينعكس مباشرة على جودة حياة المواطنين ويدفع بالاقتصاد إلى الأمام.

وذكرت أنه مع زيادة متطلبات مشروعات البنية التحتية ترتفع تكاليف الاستثمارات، حيث تُقدر فجوة تمويل البنية التحتية في إفريقيا وحدها نحو 100 مليار دولار، كما أن الموارد العامة لم تعد كافية، مشيرة إلى أن منطقة إفريقيا جنوب الصحراء تُسجل فيها احتياجات تمويل البنية التحتية 7% من الناتج المحلي الإجمالي، وترتفع تلك النسبة في مناطق أخرى.

وتابعت "وفقًا للبنك الدولي، تحتاج الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط إلى تريليونات الدولارات لسد هذه الفجوات. ويجب أن لا ننسى الفجوة التكنولوجية أيضًا، فعندما ننظر تقرير البنك الدولي Middle income trap، نجد أن عدم قدرة الدول متوسطة ومنخفضة الدخل على اللحاق بركب التقدم التكنولوجي يؤدي إلى اتساع فجوات تمويل التنمية ويحد من قدرتها على تحقيق التقدم المنشود.

ومن ناحية أخرى، أشارت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، إلى عدم كفاية تمويل المناخ، وفي الوقت الذي تفرض فيه التغيرات المناخية واقعًا قاسيًا وتحديات غير مسبوقة، فإن هناك تفاوت شديد في الحصول على التمويل وهو ما تحاول بنوك التنمية متعددة الأطراف أن تتغلب عليه، والمساعدة في معالجته، لا سيما في القارة الإفريقية.

وأضافت الدكتورة رانيا المشاط، أن جذب الاستثمارات لمشروعات المناخ يتطلب جهدًا كبيرًا، وهنا يأتي دور البنوك التنموية، والحكومات، والقطاع الخاص، والمنظمات غير الهادفة للربح، وأي مصادر تمويل أخرى يمكنها تقليل المخاطر على القطاع الخاص، موضحة أن رؤية بنك التنمية الجديد، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وبنك التنمية الأفريقي، المشتركة يُمكن أن تدفع الحلول العملية لتمويل المناخ وخفض تكلفة تنفيذ المشروعات من خلال إتاحة أدوات التمويل المبتكرة تُعزز التقدم من التعهدات المناخية إلى التنفيذ.

وتطرقت إلى الجهود الوطنية لتعزيز حلول تمويل المناخ، واستضافة مؤتمر المناخ COP27، والعمل مع شركاء التنمية لتدشين «دليل شرم الشيخ للتمويل العادل»، الذي يعمل على تعزيز التمويل المناخي كمًا ونوعًا ومعالجة الفجوات والتفاوت في التمويل بين الدول، وهو ما يجب أن تُركز عليه المؤسسات الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف، من أجل خلق نهج مستدام لتنفيذ مشروعات المناخ، وإتاحة المزيد من أدوات التمويل.

كما أكدت «المشاط»، على أهمية الملكية الوطنية والاستراتيجيات الواضحة لتنفيذ أولويات كل دولة، والتكامل بين جهود المناخ والتنمية. واختتمت حديثها بالتأكيد على أهمية استغلال تجمع "دول البريكس" وبنك التنمية الجديد التابع لها، تعزيز تدفق الاستثمارات بين تلك الدول، لتلبية تطلعات شعوب الدول المختلفة، كما أشارت أيضًا إلى التعاون والتكامل بين بنوك التنمية متعددة الأطراف، وهو ما لم يكن يحدث في أوقات سابقة. وتابعت "علينا نحن كدول أيضًا أن نلعب دورنا في دفع هذا التعاون، من خلال تقديم مشروعات استثمارية تتسم بالشفافية، والوضوح، وقادرة على جذب التمويل المختلط، والاستثمارات الخاصة".

من جانبه قال رئيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، إن الاستثمارات في البنية التحتية المستدامة ضرورية لتحقيق نمو شامل ومرن والوفاء بأهداف المناخ العالمية، مشيرة إلى أنه في ظل الفجوة المتزايد في تمويل البنية التحتية، فإن مؤسسات التمويل التنموية مطالبة بإعادة التفكير في نهجها لتوسيع نطاق تمويل البنية التحتية بسرعة في الاقتصادات النامية، وتوفير التمويل بأسرع وقت ممكن وحشد الموارد الفنية والمالية اللازمة لتنفيذ المشروعات بكفاءة. كما تطرق إلى أهمية التعاون بين بنوك التنمية متعددة الأطراف، من خلال التمويل المشترك، وضرورة تقليل تكاليف المعاملات.

بينما أشارت نائب رئيس البنك الأفريقي للتنمية، إلى أن عدم التوسع في مشروعات البنية التحتية، يجعل تحقيق التنمية المستدامة في إفريقيا، وأجندة الاتحاد الإفريقي 2063، صعبًا للغاية، موضحة أن البنك يُدرك أن معالجة فجوة البنية التحتية في إفريقيا لا يمكن أن يتم دون شراكة وتعاون. كما أكدت أن تسريع وتيرة تطوير البنية التحتية لن يحدث دون إعادة النظر في الإجراءات المعقدة التي تمر بها الموافقات في مؤسسات التمويل الدولية والبنوك التنموية، ومن الضرور تبسيط وتقليل وقت الموافقة على التمويل، لتعزيز استفادة العملاء من القطاعين الحكومي والخاص.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: بنوک التنمیة متعددة الأطراف تمویل البنیة التحتیة فی البنیة التحتیة التنمیة الجدید تمویل المناخ وهو ما إلى أن

إقرأ أيضاً:

ركيزة أساسية للسياسة الخارجية.. ترامب يستخدم وسائل ضغط بلا هوادة.. ويعتبر الحصول على المعادن النادرة جزءا من الأمن القومى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أصبح السباق العالمي للحصول على المعادن الحيوية ركيزة أساسية للسياسة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب. ومع احتفاظ الصين باحتكار شبه كامل لاستخراج ومعالجة هذه الموارد الأساسية، تبنت الولايات المتحدة استراتيجيات عدوانية لتأمين الوصول إليها. وفي حين ركز جو بايدن على الشراكات المتعددة الأطراف لتعزيز سلاسل التوريد، اتخذ ترامب نهجًا أكثر مباشرة وضغطًا، مما أثار مخاوف بشأن الاستراتيجية الاقتصادية العالمية للولايات المتحدة.
كان اهتمام الرئيس ترامب الأخير باحتياطيات أوكرانيا المعدنية مفاجأة للكثيرين. أرسلت إدارته وزير الخزانة سكوت بيسنت إلى كييف للتفاوض على اتفاقيات تقاسم المعادن. وأشارت تصريحات ترامب العامة إلى موقف لا هوادة فيه، حيث صاغ مطالبه كمسألة تتعلق بالأمن القومي حيث أعلن: "أريد أمن المعادن النادرة"، رغم تعثر مفاوضاته مع زيلينسكى يوم الجمعة.
إن هذا الطلب للسيطرة على موارد أوكرانيا ليس حادثًا معزولًا. فقد أعرب ترامب أيضا عن اهتمامه بالحصول على حقوق التعدين في جرينلاند وكندا. وقد دفع ضغطه المباشر على رئيس الوزراء جاستن ترودو الزعيم الكندي إلى التحذير من أن تهديدات ترامب بضم أجزاء من كندا كانت "حقيقية".
إن الموقف العدواني للإدارة الأمريكية يشير إلى العودة إلى استراتيجيات استخراج الموارد على الطراز الإمبراطوري، حيث يتم دفع التوسع الاقتصادي من خلال السيطرة المباشرة على الثروة الطبيعية بدلا من المشاركة الدبلوماسية.


منافسة استراتيجية 


إن المعادن الحيوية، التي تشمل الليثيوم والكوبالت والعناصر الأرضية النادرة، لا غنى عنها لكل من تقنيات الطاقة المتجددة والتطبيقات العسكرية. وتدرج هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية ٥٠ من هذه المعادن، مؤكدة على ضعفها في مواجهة اضطرابات سلسلة التوريد. يتم استخراج هذه المواد في مناطق مثل أمريكا الجنوبية وهضبة التبت في الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية في أفريقيا.
منذ عام ٢٠١٧، جعل ترامب تأمين الموارد المعدنية أولوية للسياسة الخارجية. وقد دعت أوامره التنفيذية إلى تقليل الاعتماد على الخصوم الأجانب للحصول على هذه المواد. ويتماشى هذا مع استراتيجية الإدارة الاقتصادية الأوسع نطاقًا "أمريكا أولًا"، والتي تنظر إلى أمن الموارد كوسيلة للهيمنة الاقتصادية والجيوسياسية.


دور كييف


برزت أوكرانيا كلاعب حاسم في هذه المنافسة. منذ العام الماضي، كانت كييف وواشنطن تتفاوضان على اتفاقيات لتسهيل وصول الولايات المتحدة إلى الثروة المعدنية في أوكرانيا. وكان من شأن اتفاق تم الانتهاء منه تقريبًا في الخريف الماضي أن يمنح الولايات المتحدة أولوية الوصول إلى فرص الاستثمار. ومع ذلك، في أعقاب إعادة انتخاب ترامب، أرجأ المسؤولون الأوكرانيون التوقيع، مفضلين التفاوض مباشرة مع الإدارة الجديدة.
ويتضمن أحدث اقتراح لترامب مطالبات لأوكرانيا بتسليم نصف عائداتها من استخراج المعادن، بالإضافة إلى أرباح الغاز والنفط والبنية الأساسية. حتى أن المقترحات الأولية تضمنت دفع ٥٠٠ مليار دولار للولايات المتحدة، مقابل الدعم المالي والعسكري الأمريكي خلال إدارة بايدن. وقد وصف المنتقدون هذه المصطلحات بأنها "استعمارية" و"تجارية".


نهج بايدن


على النقيض من ذلك، اتخذت إدارة بايدن نهجًا تعاونيًا. أطلقت وزارة الخارجية مبادرات لبناء سلاسل إمداد بديلة للمعادن الحيوية، بالعمل مع دول شريكة مثل كندا وجرينلاند وأنجولا. شكل مسؤولو بايدن تحالفات مع دول غنية بالمعادن، مما يضمن حصولهم على المساعدة الفنية والاستثمار من الشركات الأمريكية والحليفة.
أكد خوسيه دبليو فرنانديز، وهو شخصية رئيسية في استراتيجية بايدن المعدنية، على أهمية الشراكات بدلًا من الإكراه. وقال: "هذه دول تريد الاستثمار، وليس العلاقات الاستعمارية". وتسلط تعليقاته الضوء على التباين بين المشاركات الدبلوماسية لبايدن وأساليب ترامب الأكثر مواجهة.


التداعيات العالمية


يضيف السياق الأوسع للمنافسة بين الولايات المتحدة والصين على المعادن الحيوية إلحاحًا لهذه الجهود. حذر تقرير حديث من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية من أن الولايات المتحدة تعتمد على الواردات بنسبة ٥٠ إلى ١٠٠ في المئة من ٤١ معدنًا حيويًا. ومن بين هذه المعادن، تهيمن الصين على إنتاج ٢٩ منها، وهو ما يسلط الضوء على ضعف أمريكا.
وقد استغلت الصين بالفعل هيمنتها المعدنية كسلاح اقتصادي، ففرضت قيودًا على تصدير العناصر الأرضية النادرة وغيرها من الموارد الحيوية. وقد أدى هذا إلى تفاقم المخاوف في واشنطن من أن أمن المعادن ليس مجرد قضية اقتصادية بل مسألة أمن قومي.
يتقاطع دفع ترامب للمعادن أيضًا مع العلاقات التجارية الشخصية. ترتبط شخصيات مثل وريث مستحضرات التجميل رونالد س. لودر والمصرفي الاستثماري هوارد لوتنيك بمشاريع التعدين في جرينلاند ومناطق أخرى. يُقال إن اهتمام ترامب المتجدد بالحصول على حقوق المعادن في جرينلاند كان متأثرًا بلودر، مما يسلط الضوء على تقاطع الأعمال والسياسة في السياسة الخارجية لإدارته.
من ناحية أخرى، عزز وزير الخارجية ماركو روبيو التزام الإدارة بـ"الهيمنة على الطاقة". وأكدت رحلته الأخيرة إلى جمهورية الدومينيكان على إمكانات الثروة المعدنية في أمريكا اللاتينية للمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، وخاصة للتكنولوجيا العسكرية المتقدمة.
من غير المرجح أن تتضاءل الأهمية الاستراتيجية للمعادن الحيوية، بغض النظر عن الإدارة التي تتولى السلطة. قد يؤدي نهج ترامب الحازم والعملي فى نفس الوقت، إلى تحقيق مكاسب قصيرة الأجل ولكنه يخاطر بتنفير الحلفاء. وفي الوقت نفسه، تقدم استراتيجية بايدن الدبلوماسية الرامية إلى بناء سلاسل إمداد مرنة خارج الصين حلًا طويل الأجل.
إن التحدي الذي يواجه صناع السياسات في الولايات المتحدة سوف يتمثل في الموازنة بين المخاوف الأمنية الوطنية والشراكات الاقتصادية. وكما تقول أبيجيل هانتر من مركز استراتيجية المعادن الحيوية: "تنظر العديد من البلدان إلى مواردها الطبيعية باعتبارها عنصرًا أساسيًا في السيادة الوطنية وإمكانات التنمية الاقتصادية. وهذا يجعل المفاوضات شديدة الحساسية".
ومع تزايد الطلب العالمي على هذه المعادن، من المتوقع أن تشتد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين. وما إذا كانت الولايات المتحدة سوف تؤمن مستقبلها المعدني من خلال الدبلوماسية أو الإكراه يظل سؤالًا مفتوحًا.

مقالات مشابهة

  • وزير الإنتاج الحربي: مركز التميز العلمي ركيزة أساسية لربط البحث بالصناعة
  • وزيرة التخطيط تستقبل المفوضة الجديدة للاتحاد الأوروبي لشئون المتوسط
  • برلماني: الاستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية خطوة أساسية لتحقيق رؤية مصر 2030
  • الشيوخ بناقش إلزام الشركات العاملة في مشروعات البنية التحتية بإعادة الشيء لأصله في الشرقية
  • الغربية تسابق الزمن.. استمرار أعمال تغطية مصرف الزهار بقطور لتطوير البنية التحتية
  • التماسك الأسري.. ركيزة أساسية لبناء مجتمع مزدهر
  • ركيزة أساسية للسياسة الخارجية.. ترامب يستخدم وسائل ضغط بلا هوادة.. ويعتبر الحصول على المعادن النادرة جزءا من الأمن القومى
  • النزاهة النيابية تهاجم ايرثلنك: دمرت البنية التحتية وأموالها غير مشروعة
  • قبل حلول شهر رمضان المبارك وبالتعاون مع منظمة هاند.. جهود كبيرة لإدارة المسجد الأموي بدمشق من أجل تحسين البنية التحتية والخدمات المقدمة للمصلين
  • سعود بن صقر: التعليم ركيزة أساسية ورافد مهم لإعداد قادة المستقبل