أمريكا بوجه تآكل هيبتها في اليمن: ما العمل؟
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
الجديد برس:
كشف طلب الاتحاد الأوروبي من صنعاء السماح له بسحب سفينة النفط اليونانية «سونيون»، التي استهدفتها، الأسبوع الماضي، القوات اليمنية البحرية ما أدى إلى إحراقها، عن العجز العسكري الغربي في مواجهة حركة «أنصار الله».
وجاء الطلب المذكور بعد أن فشلت بوارج بعثة «أسبيدس» الأوروبية في الوصول إلى السفينة، وهو وضع دفع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد، جوزيف بوريل، إلى الاعتراف بفشل احتواء العمليات اليمنية عسكرياً، ووصفها بـ«المعقدة والمتطورة جداً».
واعتبر بوريل ما يجري في البحر الأحمر تصعيداً خطيراً، مشدداً على ضرورة التوصل إلى حل في قطاع غزة، باعتباره الحل البسيط والناجع لوقف العمليات اليمنية. وأعادت حادثة «سونيون» وغيرها من الحوادث، تسليط الضوء على نطاق واسع في وسائل الإعلام الأمريكية ومراكز الدراسات، على النهج الذي تتّبعه واشنطن حيال التعامل مع هجمات «أنصار الله» في البحر الأحمر، والذي اعتبره محللون مثالاً واضحاً على «الإهمال الإستراتيجي» كونه محكوماً بالفشل ومكلفاً جداً، ويعرّض حياة أفراد الخدمة العسكرية الأمريكية المتمركزين في المنطقة لحماية السفن التابعة للحلفاء، للخطر، فضلاً عن مخاطرته بزعزعة استقرار اليمن والمنطقة على نطاق أوسع.
وفي هذا الإطار، نشرت مجلة «ناشيونال ريفيو» الأمريكية تقريراً تحت عنوان «سياسة الردع التي ينتهجها بايدن في البحر الأحمر فشلت»، تحدّثت فيه بإسهاب عن تداعيات إحراق السفينة اليونانية، وتأثيرات ذلك على هيمنة أمريكا على الملاحة البحرية، معتبرة أن ما يشهده مضيق باب المندب يشكّل كارثة أكبر بكثير من مجرد إحراق ناقلة النفط، لأنه مؤشر إلى أن زمن التفوق الأمريكي والهيمنة على خطوط الإمداد البحري، ينتهي، علماً أن ذلك التفوق هو ما ضمِن للولايات المتحدة الرخاء لمدة 200 عام.
وفيما اعتبر معظم المحللين الإستراتيجيين وصنّاع السياسات أن الفشل في البحر الأحمر دليل على تراجع الولايات المتحدة على المستوى الإستراتيجي، في ظل تآكل قوة الردع لديها، رأى آخرون أن الإخفاق الأمريكي في الشرق الأوسط، وخصوصاً في البحر الأحمر، سيشكل جزءاً مهماً من المناقشات عشية الانتخابات الرئاسية المقرّرة في الخامس من تشرين الثاني المقبل.
وتخشى النخبة الأمريكية من أن استمرار الصراع مع اليمن، سيؤدي إلى تفاقم التوترات الإقليمية المتنامية، ويجعل الحملة العسكرية الأمريكية في وضع سيئ، ومن أن الصراع سيؤدي إلى تعرض المزيد من السفن لنيران «أنصار الله». وفي الوقت نفسه، تحذّر من أن الأعمال العدائية الحالية بين واشنطن وصنعاء، قد تدفع الشرق الأوسط نحو حروب إقليمية.
الفشل في البحر الأحمر دليل على تراجع واشنطن على المستوى الإستراتيجي
كذلك، ثمة إجماع أمريكي على أن الاعتماد على السياسة الحالية القائمة على استهداف الأصول اليمنية جواً وبراً وبحراً، لا يمكن أن يمثّل حلاً لمشكلة بالغة الخطورة، وأن الولايات المتحدة لن تتمكن من تقليص قدرات اليمن إلى الحد الذي يجعله غير قادر على مهاجمة السفن العابرة للبحر الأحمر.
كما أن أكثر ما يشغل بال النخب وصنّاع السياسات، هو أن عواقب الفشل في ردع «أنصار الله» سوف تمتد إلى أجزاء أخرى من المنطقة والعالم، حيث ستتزايد الجرأة على تحدي الهيمنة الأمريكية، بحسب صحيفة «وول ستريت جورنال».
وفي هذا الإطار، ينظر المستوى الإستراتيجي بقلق إلى الدروس التي تعلّمها خصوم أمريكا في إيران والصين، من فشل الإستراتيجية الأمريكية في البحر الأحمر وخليج عدن، ويحتملون أن يرسم هؤلاء سيناريوات «قاتمة» لأداء واشنطن في حال اندلاع إطلاق نار بلا هوادة على الأمريكيين في مضيق هرمز أو إقدام الصين على حصار مضيق تايوان.
إزاء ذلك، يختلف الأمريكيون حول طريقة حل أزمتهم مع اليمن، حيث يرى البعض أنه لا بد من خطط عسكرية جديدة حتى لو أوصلت إلى الحرب الشاملة، وهؤلاء في المناسبة أقلية، وليس لهم تأثير في صنع القرار؛ فيما يرى آخرون أن الأزمة ليست أمريكية ولا ينبغي لدافعي الضرائب الأمريكيين تحمّلها، وهذا الرأي إجمالاً هو رأي العسكريين.
وبحسب وسائل إعلام أمريكية، فإن القادة في «البنتاغون» يقولون إن حماية الممرّات البحرية، «مشكلة دولية تتطلّب حلاً دولياً». ويُرجع هؤلاء القادة النقاش إلى المربع الأول، حيث رفضت الدول الكبرى، خصوصاً الحليفة لواشنطن، الانخراط معها في تحالف «حارس الازدهار».
كما ثمة من يطالب بالضغط على الدول الأوروبية والآسيوية لتولي دور في الدفاع عن الشحن في البحر الأحمر، بالنظر إلى أن لديها عدداً أكبر من السفن التي تعبر هذه المياه مقارنة بالولايات المتحدة. لكن الثابت أن فشل التجربة يستدعي عدم التعويل على حلفاء واشنطن في أوروبا وشبه الجزيرة العربية مثل السعوديين، والعُمانيين، والإماراتيين، والمصريين، أو قوى أخرى في المنطقة.
وعلى أي حال، يبدو أنه لا شيء سيتغيّر في الخطة الأمريكية الحالية، إذ إن الرئيس جو بايدن يترك الأزمات في كل جزء من العالم، بما فيها الأزمة في البحر الأحمر، لخليفته.
وكما قالت صحيفة «وول ستريت جورنال»، فإنه سيُترَك للناخبين تخمين ما قد تفعله كامالا هاريس بشكل مختلف عن القائد الأعلى الحالي. وتشكّك الصحيفة في أن أياً من المرشحيْن اللذيْن يتنافسان على خلافة بايدن، لديه خطة لإحياء النظام في ممر الشحن العالمي الذي يسيطر عليه «الحوثيون» الآن.
المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: فی البحر الأحمر أنصار الله
إقرأ أيضاً:
أمريكا تعتقل رئيس سجن عدرا سيء السمعة في سوريا.. هذه الأحكام التي تنتظره
وجهت السلطات الأمريكية، الخميس، تهما، إلى مشرف سجن عدرا سيئ السمعة في سوريا من عام 2005 إلى عام 2008 في عهد رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد، سمير عثمان الشيخ، تخصّ: التعذيب والتآمر لارتكاب التعذيب.
وكان المسؤولون الفيدراليون قد اعتقلوا الشيخ، البالغ من العمر 72 عامًا في تموز/ يوليو في مطار لوس أنجلوس الدولي، بتهمة الاحتيال في مجال الهجرة، وتحديدا أنه نفى في طلبات الحصول على التأشيرة والجنسية الأمريكية، واضطهد أي شخص في سوريا، وفقا لشكوى جنائية.
وسبق أن اشترى تذكرة طائرة ذهابا وإيابا لمغادرة مطار لوس أنجلوس الدولي في 10 تموز/ يوليو، في طريقه إلى بيروت، لبنان. ومن خلال منصبه كرئيس لسجن عدرا، يقال إن الشيخ أمر مرؤوسيه بإلحاق الألم الجسدي والعقلي الشديد بالسجناء وشارك بشكل مباشر في إلحاق الألم الجسدي والعقلي الشديد بالسجناء.
وبحسب مسؤولين فيدراليين، فإنه: أمر السجناء بالذهاب إلى -جناح العقاب-، حيث تعرضوا للضرب وهم معلقون في السقف، وأذرعهم ممدودة، وتعرضوا إلى جهاز يطوي أجسادهم إلى نصفين عند الخصر، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى كسور في العمود الفقري.
وفي السياق نفسه، قالت محامية عثمان الشيخ، نينا مارينو، خلال بيان عبر البريد الإلكتروني: "ينفي موكلنا بشدة هذه الاتهامات الكاذبة ذات الدوافع السياسية"، فيما وصفت القضية بأنها "استخدام مضلل للموارد الحكومية من قبل وزارة العدل الأمريكية من أجل محاكمة مواطن أجنبي بسبب جرائم مزعومة وقعت في دولة أجنبية ضد مواطنين غير أمريكيين".
من جهتهم، قال عدد من المسؤولين إنّ: الشيخ بدأ حياته المهنية بالعمل في مناصب قيادية بالشرطة قبل أن ينتقل إلى جهاز أمن الدولة السوري، الذي ركز على مكافحة المعارضة السياسية. وأصبح فيما بعد رئيسا لسجن عدرا وعميدا في عام 2005.
وفي عام 2011، تم تعيين الشيخ محافظا لدير الزور، وهي منطقة شمال شرق العاصمة السورية دمشق، حيث كانت هناك حملات قمع عنيفة ضد المتظاهرين. فيما تشير لائحة الاتهام إلى أنّه قد هاجر نحو الولايات المتحدة في عام 2020 وتقدم بطلب للحصول على الجنسية في عام 2023.
كذلك، اتهمت السلطات الاميركية مسؤولين سوريين اثنين بإدارة سجن ومركز تعذيب في قاعدة المزة الجوية في العاصمة دمشق، وذلك خلال لائحة اتهام تم الكشف عنها، الاثنين، وكان من بين الضحايا سوريون وأمريكيون ومواطنون مزدوجون؛ بينهم عاملة الإغاثة الأمريكية، ليلى شويكاني، البالغة من العمر 26 عامًا، بحسب المدعين العامين وفرقة العمل الطارئة السورية.
وقال المدعون الفيدراليون إنهم قد أصدروا أوامر اعتقال بحق المسؤولين اللذين ما زالا مطلقي السراح. فيما قال المدير التنفيذي لفرقة العمل الطارئة السورية، معاذ مصطفى، ومقرها الولايات المتحدة: "إنها خطوة كبيرة نحو العدالة..".
وتابع: "محاكمة سمير عثمان الشيخ سوف تؤكد من جديد أن الولايات المتحدة لن تسمح لمجرمي الحرب بالقدوم والعيش في الولايات المتحدة دون محاسبة، حتى لو لم يكن ضحاياهم مواطنين أمريكيين".
تجدر الإشارة إلى أنه في حالة إدانة الشيخ، فإنه سيواجه عقوبة قصوى بالسجن 20 عاما بتهمة التآمر لارتكاب التعذيب بالإضافة إلى عقوبة قصوى تصل إلى 10 سنوات في السجن لكل من تهمتي الاحتيال في الهجرة.