“يا بني العزيز، سوف تراني يوماً ما، عجوزاً، وقد لا يكون لسلوكي أي معنى، خذ وقتك لفهمي، كما كنت صبوراً، وأخذت وقتي لتعليمك، لا تسخر من جهلي، أو ذاكرتي السيئة، كن لطيفاً ورحيماً. أنا لا أسعى إلى أي شيء في سني، فقط أنتظر موتي. كن معي، وليس ضدي”.
هذا جزء من رسالة طويلة مؤثرة، وصلتني مؤخراً على تطبيق الواتس آب، وهي من الرسائل المتداولة بكثرة، وفيها يوصي أحد الآباء إبنه بالصبر، والتفهُّم في مواجهة صراعاته مع العالم الحديث، والتكنولوجيا.
وهذه الرسالة، إن كانت حقيقية، أو مؤلفة بأسلوب أدبي، هي تذَّكير قوي بأهمية التواضع والاحترام تجاه والدينا، وتجاه كبار السن، ففي كثير من الأحيان، نرى كبار السن يتعرضون للسخرية، بسبب عدم قدرتهم على التأقلم مع تعقيدات تكنولوجيا اليوم، أو عدم فهمهم لما يدور حولهم من أحداث متسارعة، وفي بعض الأحيان، يواجه الكثير منهم الصعوبات، والإحباط في التعامل مع هاتف ذكي جديد، أو إنجاز بعض الأعمال عبر خدمات الحكومة الإلكترونية، أو حتَّى قضاء المشاوير اليومية التي اعتادوا عليها في السابق، في الوقت الذي كان فيه هذا الأب، أو هذا الجد، يعتمدان على نفسيهما في إنجاز جميع الأعمال، دون الإعتماد على أحد، ولكنهما الآن يجدان نفسيْهما مضطريْن لطلب المساعدة لعجزهما.
وفي عالمنا الحالي المتسارع الخطى، من السهل أن ننسى أن ليس كل شخص لديه نفس القدر من الخبرة في التكنولوجيا، مثل الجيل الحالي، الذي نشأ في ظل هذه التكنولوجيا، و تماشى مع التطورات الحديثة، ولكن بينما نتلذَّذ بأحدث الأدوات والتطبيقات، يتعيّن علينا أن نتذكَّر أن كبار السن، يجدون صعوبة شديدة في التأقلم مع التطورات السريعة، وأن التكيُّف مع مثل هذا التغير التكنولوجي السريع، يشبه تعلُّم لغة جديدة دون معلم.
كبار السن يشعرون بالوحدة، ويشتكون من عدم توفُّر وقت أبنائهم لهم، ولا يجب أن يقابل هذا بالتأفف، فهم يشعرون بالضعف، و المرض، وفقدان الذاكرة التدريجي، ويغضبون سريعاً، ويصبحون أكثر حساسية حتّى مع أقرب المقرَّبين من
أبنائهم، لا يحبون الانتقاد، ويرفضون قبول أي مساعدة من الآخرين، وبدلاً من السخرية من ارتباكهم، يتعيَّن علينا أن نقدم لهم الصبر والدعم، فقط تخيَّل محاولة إتقان مهارة معقّدة دون توجيه، إنه لأمر محبط.
لقد أمضى كبار السن حياتهم في المساهمة في المجتمع، وحكمتهم لا تقدر بثمن، أفلا ينبغي لنا أن نكرم ذلك، من خلال تقديم المساعدة لهم بدلاً من السخرية؟
هناك من يضيق صدره، ويؤثر الإبتعاد تجنّباً للمشاكل، بل ويجاهد أن يعيش بعيداً عن والديه، ويجد العذر في أنه لن يستطيع تقديم أي شيء لوالديه، بسبب كثرة نقدهما، وغضبهما، و اتهامهما للأبناء بالتقصير، والفائز هنا، من يتحمَّل الوضع، ويصمد أمام غضبهما، أو تضجّرهما من باب البر بهما، ويقدم كل ما في وسعه لإسعادهما، وإدخال الفرح والسرور إلى قلبيهما.
الوالدان نعمة لا تقدَّر بثمن، والبركة في دعائهما لنا، وسوف نجد أثر ذلك في تعامل أبنائنا معنا، وباب الجنة مفتوح للبار بوالديه، وهو باب للرزق.
قال الله عزّ وجلّ في محكم التنزيل: “وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما”.
jebadr@
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: کبار السن
إقرأ أيضاً:
مستقبل وطن بقنا ينظم ندوة «صوتك مسموع» ويطلق مبادرة «سحورك علينا»
في إطار حرصه على دعم قنوات التواصل بين المواطنين والمسؤولين، وتعزيز التكافل الاجتماعي خلال شهر رمضان المبارك، نظّمت أمانة العلاقات الحكومية، بحزب مستقبل وطن بمحافظة قنا ندوة تثقيفية تحت عنوان "صوتك مسموع وواصل للمسؤول"، وذلك بمقر جمعية رعاية الطلبة، إلى جانب إطلاق مبادرة "سحورك علينا"، حيث تم توزيع 200 وجبة سحور على الفتيات المغتربات بالجمعية.
أدار الندوة الإعلامي محمود تغيان، حيث استُهلت بتلاوة عطرة من القرآن الكريم بصوت فضيلة الشيخ علاء الدندراوي، أعقبها كلمة ترحيبية ألقتها الدكتورة ناهد عبده، أمينة العلاقات الحكومية، أكدت خلالها على دور الأمانة باعتبارها حلقة وصل فاعلة بين المواطنين والمسؤولين التنفيذيين، مشيرة إلى أن الندوة استضافت مسؤولين من وزارة الأوقاف وأهل العلم للإجابة عن الاستفسارات الدينية، كما شددت على أهمية تعزيز التواصل المباشر مع الجهات التنفيذية لضمان وصول صوت المواطنين ومعالجة قضاياهم بفعالية، مؤكدةً أن الحزب يولي اهتمامًا كبيرًا بتكريس قيم الحوار المجتمعي وتقديم الحلول البناءة للمشكلات المطروحة.
وأعرب جمال يوسف، رئيس مجلس إدارة جمعية رعاية الطلبة، عن تقديره لدور الحزب في دعم التوعية المجتمعية، مشيدًا باختيار الجمعية لاستضافة هذه الفعالية الثقافية.
من جانبه، أكد المهندس أحمد كامل حمزة، أمين تنظيم المحافظة، أن الحزب يواصل جهوده في تنفيذ المبادرات والفعاليات التي تسهم في دعم استقرار المجتمع وتوفير بيئة حوارية بنّاءة بين المواطنين وصناع القرار.
وأضاف "حمزه" أن الحزب يسعى دائمًا إلى إطلاق مبادرات مجتمعية تعزز قيم التضامن والتكافل، خاصة في شهر رمضان المبارك، مشيرًا إلى أن مبادرة "سحورك علينا" تأتي في هذا الإطار كخطوة لدعم الفئات المستحقة وتخفيف الأعباء عن كاهلهم.
كما قدّم فضيلة الشيخ محمد ذكي يونس، وكيل وزارة الأوقاف، كلمة تناول فيها أهمية التنشئة الأسرية السليمة في بناء مجتمع متماسك، فيما تحدث فضيلة الشيخ حجازي فارس، إمام وخطيب مسجد سيدي عبد الرحيم القنائي، عن فضل شهر رمضان وأثره الروحي والتربوي في حياة المسلمين.
واختُتمت الندوة بفتح باب النقاش وتلقي الأسئلة الدينية من الحضور، وسط تفاعل كبير من المشاركين.
شهدت الندوة مشاركة عدد من قيادات حزب مستقبل وطن بمحافظة قنا، من بينهم الدكتور عبد الرحمن خلاوي، أمين الشباب، و سيد الخولي، أمين المتابعة، والدكتورة حنان مصطفى، أمينة المهنيين، والعمدة عبده عطا، أمين مركز قنا، و المهندسة عبير النجار، أمينة المرأة بمركز قنا، و محمد أبو المجد، أمين العلاقات الحكومية بمركز قنا.
تأتي هذه الفعالية ضمن جهود الحزب الرامية إلى تعزيز التواصل بين المسؤولين والمواطنين، والمساهمة في نشر الثقافة الدينية الصحيحة خلال الشهر الكريم، إلى جانب ترسيخ قيم التكافل الاجتماعي عبر مبادرات إنسانية تستهدف الفئات الأكثر احتياجًا.