ماذا لدى إسرائيل ضد مخيم جنين للاجئين؟
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
وسط أكبر هجوم إسرائيلي على الضفة الغربية المحتلة منذ الانتفاضة الثانية، تجد مدينة جنين ومخيمات اللاجئين القريبة منها نفسها مرة أخرى في بؤرة الهجمات العسكرية الإسرائيلية.
وتحاصر قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة جنين، التي يسكنها ما يقرب من 50 ألف شخص، كجزء من هجوم أوسع شهد شن هجمات على جنين ونابلس وطوباس وطولكرم، وأدى حتى الآن إلى استشهاد 10 فلسطينيين وإصابة كثيرين آخرين.
لقد كانت جنين النقطة المحورية للتوغلات العسكرية الإسرائيلية عدة مرات من قبل، والتي على مدى تاريخ طويل من الاعتداءات العسكرية -على حد تعبير زيد الشعيبي الناشط الفلسطيني في مجال حقوق الإنسان في الضفة الغربية للجزيرة- "مثل غزة على نطاق أصغر. لا ترى الطرق لأنها مدمرة. البنية التحتية.. نظام الصرف الصحي والكهرباء وأنابيب المياه وشبكات الاتصالات تضررت".
الاقتحامات المتكررة
فمن الاعتداء الحالي إلى أعمال العنف التي شهدتها الانتفاضة الثانية بين عامي 2000 و2005، نادرا ما كانت جنين بعيدة عن أسوأ ما في العاصفة التي لا تزال تجتاح الضفة الغربية.
ويعتقد أن مخيم اللاجئين في جنين يأوي نحو 14 ألف شخص، جميعهم تقريبا من نسل الفلسطينيين الذين جردوا من أراضيهم ومنازلهم عند إنشاء الكيان الإسرائيلي في عام 1948. والظروف في المخيم يائسة. ومن بين المخيمات العشرة المنتشرة في الضفة الغربية المحتلة، تعاني جنين من أعلى معدلات البطالة والفقر، وفقا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا).
وفي يناير/كانون الثاني من العام الماضي، استشهد 10 فلسطينيين خلال هجوم إسرائيل على مخيم جنين، وخلال هجماتها المتكررة، تقوم القوات الإسرائيلية بتدمير أحياء بأكملها، بدعوى أنها تؤوي مقاتلين. وقال نشطاء لقناة الجزيرة إن المدنيين يعاقبون في هذه العملية بالقتل أو الاعتقال أو التشريد.
في أبريل/نيسان من عام 2002، شنت إسرائيل هجوما كبيرا على مخيم جنين، اشتبكت خلاله قوات المشاة الإسرائيلية وقوات الكوماندوز وطائرات المروحية الهجومية مع مسلحين بأسلحة خفيفة وأفخاخ محلية الصنع عبر المخيم المدني، في رد أدانته جماعات حقوق الإنسان لاحقا باعتباره "غير متناسب".
وفي ذلك العام استشهد 52 فسلطينيا، نصفهم من المدنيين، بحسب تقرير للأمم المتحدة صدر في وقت لاحق من ذلك العام، في مقابل مقتل 23 جنديا إسرائيليا.
المقاومة و"الموت بفخر"
وتتواجد عدة جماعات مسلحة في جنين، بما في ذلك حركة الجهاد الإسلامي وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي تدير قطاع غزة، والجناح العسكري لحركة التحرير الفلسطينية (فتح) التي يتزعمها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ويتواجد في المخيم مقاتلون يعملون تحت مظلة كتيبة جنين.
وترى الخبيرة في شؤون إسرائيل وفلسطين في مجموعة الأزمات الدولية، تهاني مصطفى، في تصريح للجزيرة أن هذه الجماعات في جنين بدأت كآلية دفاع مجتمعي، لذا كلما زادت الهجمات الإسرائيلية العنيفة وكلما أصبحت أكثر منهجية، كبرت هذه الجماعات، بحسب قولها.
وقالت إن الشباب الذين ينضمون إلى هذه الجماعات يردون على الاحتلال الإسرائيلي ويشعرون بخيبة أمل تجاه السلطة الفلسطينية، التي تدير الضفة الغربية المحتلة، ويعتبرها العديد من الفلسطينيين أداة مساعدة لإسرائيل.
وقال الناشط الفلسطيني الشعيبي لقناة الجزيرة إن فرصة "الموت بفخر"، أدت إلى انضمام المزيد من الشباب إلى صفوف المقاومة، وأضاف أن عائلات الشهداء -حتى لو كانوا يشعرون بالألم- يفهمون سبب تورط إخوانهم أو أبنائهم أو أفراد آخرين من عائلاتهم في هذا الأمر حتى لو لم يكونوا أعضاء من المقاومة، فهم مستهدفون".
جنين في منظور الإسرائيليين
وينعكس موقع جنين في الخيال الشعبي الإسرائيلي كمركز للمقاومة غالبا في برلمان البلاد، الكنيست. ففي ديسمبر/كانون الأول 2023، في أعقاب عملية عسكرية جرت قبل الفجر في جنين، دافع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير عن الجنود الإسرائيليين الذين استخدموا مكبر الصوت في أحد المساجد لبث الأغاني الدينية اليهودية إلى السكان القريبين.
وفي يونيو/حزيران من العام نفسه، بعد المزيد من التوغلات في المنطقة، دعا وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، إلى الانتشار العسكري الكامل في البلدة، بما في ذلك الدبابات والقوات الجوية، بعد إصابة 7 جنود إسرائيليين أثناء القتال هناك. وقتلت القوات الإسرائيلية 4 فلسطينيين في تلك العملية.
وبحسب أوري غولدبرغ، المحلل السياسي المقيم في تل أبيب، فإن الجمهور الإسرائيلي اعتاد على رؤية نفسه على أنه الضحية ولهذا فهو يفشل في تصور جنين كمخيم للاجئين.
وقال إن "القضايا الإنسانية والمحنة الفلسطينية لا تهم الإسرائيليين حقا. إنك تسمع تعبيرات مثل عش الإرهاب وغيرها من التعبيرات اللاإنسانية عن جنين أكثر مما تسمعه في أي مكان آخر".
وأضاف غولدبرغ أنه نتيجة لذلك جزئيا، تزايد الوجود العسكري الإسرائيلي بمعدل أعلى حول مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم منذ بداية الحرب على غزة مقارنة بأي مكان آخر.
وتابع: "إنها جزء من نفس الدورة"، موضحا كيف أدت المقاومة المسلحة في جنين إلى الرد الافتراضي بين المشرعين الإسرائيليين والجمهور بـ"أوه، جنين. هذا سيئ. يجب أن نفعل شيئا"، قبل أن يتم إطلاق دعوات للعمل العسكري وتقديم تفاصيل عن أي اتهام.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات الضفة الغربیة فی جنین
إقرأ أيضاً:
ماذا يعني إلغاء إسرائيل الاعتقال الإداري للمستوطنين بالضفة؟
مخاوف فلسطينية أثارها قرار وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، وقف إصدار مذكرات اعتقال إداري ضد مستوطنين إسرائيليين متهمين بمهاجمة فلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة.
المخاوف تنبع خصوصا من كون اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين تصاعدت منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حتى في ظل إصدار مذكرات اعتقال بحق بعضهم.
والجمعة، أعلنت وزارة الحرب الإسرائيلية وقف إصدار قرارات اعتقال إداري ضد مستوطنين متهمين بمهاجمة فلسطينيين في الضفة الغربية.
وقال مكتب الوزير يسرائيل كاتس في بيان، إن الوزير أبلغ رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" رونين بار، في لقاء عقداه الأسبوع الجاري، "قراره وقف استخدام مذكرات الاعتقال الإدارية ضد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية وطلب منه وضع أدوات بديلة".
والاعتقال الإداري هو اعتقال يستند إلى معلومات سرية لا يتم الكشف عنها، لكنها طالت مستوطنين متهمين بجرائم خطيرة ضد المدنيين الفلسطينيين بما فيها القتل وإحراق الأراضي والممتلكات والاعتداءات الجسدية المبرحة.
زيادة من خطر المستوطنين وضوء أخضر لانتهاكاتهم
وعن الموضوع تحدث محافظ نابلس غسان دغلس لـ"الأناضول" قائلا إن القرار "سيزيد من خطر المستوطنين في الضفة ويمنح ضوءًا أخضرا لهم لممارسة مزيد من الانتهاكات والجرائم بحق الفلسطينيين في الضفة".
واعتبر دغلس القرار "تشريعًا لقتل الفلسطينيين خاصة مع تعزيز عمليات تسليحهم وحماية جيش الاحتلال الإسرائيلي لهم".
ويأتي القرار "متوافقًا مع سلسلة قرارات سابقة للحكومة الإسرائيلية ووزرائها، هدفت لتعزيز الاستيطان في الضفة، تمهيدًا لضمها"، وفق دغلس.
وحذر دغلس من "تصاعد اعتداءات المستوطنين في قابل الأيام، واستهداف كل ما هو فلسطيني".
رسالة للجمهور الإسرائيلي: "لن نضعف أمام الجنائية الدولية"
مدير عام النشر والتوثيق في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أمير داود رأى بدوره عدم وجود جديد في القرار "كون الاعتقالات التي تمت لمستوطنين متهمين بهجمات على الفلسطينيين، كانت محدودة وغير مؤثرة، وهدفها ذر الرماد في العيون".
وبين داود أن "قادة المستوطنين ممن يدعمون ويمولون إرهابهم بالضفة، لم يسبق أن تعرضوا للاعتقال أو المساءلة".
واعتبر أن "اعتقالات بعض المستوطنين سابقًا، كانت شكلية ولم تؤثر على طبيعة وكثافة اعتداءاتهم، وأظهرت تواطؤا للحكومة الإسرائيلية معهم".
وعلى سبيل المثال ذكر داود أن "أكثر من 800 مستوطن هاجموا قرية المغير (شمال شرق رام الله، في نيسان/ أبريل الماضي)، وأحرقوا منازل ومنشآت، لكن لم يتم اعتقال سوى ثلاثة منهم، وأطلق سراح اثنين لاحقا".
"لا نتوقع من حكومة قادتها ووزراؤها هم من قادة المستوطنين ومنظماتهم، إلا أن تدعم إرهاب المستوطنين وتشجعه"، يضيف داود.
ويعتقد داود أن قرار كاتس هو "رسالة للجمهور الإسرائيلي بأن الحكومة ماضية في مخططاتها ولن تضعف أمام قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت".
والخميس، أصدرت المحكمة مذكرتي اعتقال دوليتين بحق نتنياهو وغالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الإبادة المتواصلة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ووفق البيان حول إلغاء الاعتقال الإداري قال كاتس إنه "ليس من المناسب لإسرائيل أن تتخذ مثل هذا الإجراء الصارم ضد المستوطنين في واقع يتعرض فيه الاستيطان اليهودي في الضفة لتهديدات إرهابية فلسطينية خطيرة، بدعم ومساندة من محور الشر الإيراني"، على حد تعبيره.
وزاد: "إذا كان هناك اشتباه في ارتكاب أعمال إجرامية يمكن محاكمة مُرتكبيها، وإذا لم يكن الأمر كذلك، هناك إجراءات وقائية أخرى يمكن اتخاذها غير الاعتقال الإداري"، دون ذكر تلك الإجراءات.
وكانت وزارة الخارجية الفلسطينية، اعتبرت أن قرار كاتس، "سيشجع المستوطنين المتطرفين على ممارسة الإرهاب ضد الفلسطينيين وأرضهم وممتلكاتهم، وتصعيد الجرائم ضدهم، ويعطيهم شعورا إضافيا بالحصانة والحماية".
وأكدت الخارجية الفلسطينية أن "عدد الذين تم اعتقالهم من المستوطنين قليل جدا، وفق اعتقالات شكلية بنمط الباب الدوار".
وطالبت "بتحرك دولي فاعل للجم إرهاب مليشيات المستوطنين، ووضع حد لإفلاتهم المستمر من العقاب، وحماية شعبنا من تغول الاحتلال".
فيما أدانت حركة "السلام الآن" اليسارية الإسرائيلية، والنائب العربي بالكنيست أحمد الطيبي، قرار كاتس، واعتبرا أنه "دعم للإرهاب اليهودي".
وقالت "السلام الآن"، التي ترصد الاستيطان بالأراضي الفلسطينية وتعارضه، في منشور على منصة "إكس": "حكومة تدعم الإرهاب اليهودي".
تسهيلات لارتكاب مزيد من الجرائم
اعتبر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين في فلسطين قدورة فارس، السبت، أن قرار وقف إصدار مذكرات اعتقال إداري ضد مستوطنين متهمين بمهاجمة فلسطينيين بالضفة الغربية، "يضعهم فوق أي محاسبة قانونية ويعطيهم تسهيلات لارتكاب مزيد من الجرائم".
وفي بيان، قال فارس إن "صدور هذا القرار بهذا الوقت، دليل على مدى وقاحة الاحتلال واستهتاره وتعاليه على المنظومة الدولية وتشكيلاتها".
وأضاف أن القرار "يعطي تسهيلات للمستوطنين لارتكاب مزيد من الجرائم بحق الفلسطينيين، ويجردهم من بعض القيود الشكلية، والتي كان الاعتقال الإداري لهم جزءًا منها".
وشدد أن قرار كاتس "يعكس عنصرية إسرائيلية كونه يأتي في الوقت الذي تتوسع فيه سلطات الاحتلال باستخدام سياسة الاعتقال الإداري ضد الفلسطينيين، والتي يحتجز بفعلها اليوم نحو 3500 فلسطيني".
وطالب فارس المجتمع الدولي "الخروج عن صمته القاتل بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه".
بدورها، اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيان، الجمعة، أن قرار كاتس "يشجع المستوطنين على مزيد من الجرائم".
شهادة "كوشير"
من جهته، قال الطيبي في منشور على "إكس": "في الواقع، هذه شهادة كوشير (شهادات الحلال اليهودي) من وزير الدفاع للإرهاب اليهودي. ثم سيتذمرون من لاهاي (المحكمة الجنائية الدولية)، إنها حكومة من أنصار الإرهاب".
وفي 7 أكتوبر 2024، أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على جماعة إسرائيلية متطرفة تدعى "شبان التلال"، لعملها على إقامة بؤر استيطانية "غير شرعية" في مختلف أنحاء الضفة الغربية.
ووفق معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، نفذ المستوطنون 360 اعتداء بالضفة الغربية خلال تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
ويقيم نحو نصف مليون مستوطن في 146 مستوطنة، و144 بؤرة استيطانية مقامة على أراض فلسطينية بالضفة الغربية.
وبموازاة حرب الإبادة في قطاع غزة، وسّع الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، ما أسفر إجمالا عن استشهاد 795 فلسطينيا، وإصابة نحو 6 آلاف و450 آخرين، وفق معطيات فلسطينية رسمية.
وبدعم أمريكي ترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 148 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.