أجمع خبراء على أن دعوة "نقابة الهستدروت" إلى إضراب شامل، للضغط على حكومة الاحتلال عقب مقتل 6 أسرى إسرائيليين في غزة، يعتبر تطورا مهما في موقف المجتمع الإسرائيلي تجاه الحرب، مع تفكك الإجماع السابق.

وقال الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور مهند مصطفى، إن هناك تحولا ملحوظا في موقف المجتمع الإسرائيلي تجاه الحرب، وأضاف "أن الإجماع الذي كان حول هذه الحرب بدأ يتفكك، وهناك انقسام عميق داخل المجتمع الإسرائيلي"، وأشار إلى أن هذا التحول قد يؤدي إلى "ظهور الخلافات القديمة إلى السطح، مثل الانقسامات بين اليمين واليسار".

ونوه مصطفى -خلال برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- إلى الانقسام الكبير الذي بدأ يظهر داخل المجتمع الإسرائيلي حول موقفه من هذه الحرب وأهدافها، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى إلى إطالة أمد الحرب وصولا إلى موعد الانتخابات الأميركية رغم فشله في حسم جميع الملفات العالقة حوله مثل حرب غزة والجبهة الشمالية وملف الأسرى.

واتفق أستاذ العلوم السياسية الدكتور حسن أيوب، مع مصطفى في رأيه وقال "إن المجتمع الإسرائيلي بدأ يدرك أن استمرار العدوان على غزة ليس له أي سند أخلاقي"، وأضاف أن إسرائيل تمر بحالة غير مسبوقة من عدم اليقين، مشيرا إلى أن هذه الأزمة "أثبتت هشاشة بعض المكونات الرئيسية التي قامت عليها الدولة والحركة الصهيونية".

تصريحات شعبوية

ويشرح مصطفى أهمية نقابة الهستدروت قائلا: "النقابة مسؤولة عن أغلب العاملين والموظفين في القطاع العام الإسرائيلي، بما في ذلك الشركات الحكومية والمجالس المحلية والبلديات"، وأضاف أن الإضراب الشامل يعني "شل الاقتصاد الإسرائيلي بشكل كامل، بما في ذلك المواصلات العامة والخدمات اليومية".

ولفت إلى أن تهديد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش للعمال المضربين بخصم رواتبهم، لا يخرج عن كونه تصريحا شعبويا، موضحا أنه حاول أن يبدو بطلا أمام ناخبيه ومضى أبعد من ذلك حينما وصف رئيس نقابة الهستدروت بأنه داعم لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

ويرى أيوب "أن إضراب النقابة التي تعتبر من الأعمدة التي قامت عليها الدولة الصهيونية قد يؤثر على مسار المفاوضات"، مشيرا إلى أن "المقاومة لا تزال تمتلك ورقة قوية في المفاوضات، وهي الأسرى الأحياء المتبقون".

ويشير مصطفى إلى أن "الإدارة الأميركية قد تجد في هذه الاحتجاجات فرصة متجددة لممارسة مزيد من الضغط على الحكومة الإسرائيلية".

وأضاف أن قرار الحكومة الإسرائيلية بالبقاء في محور رفح قد يكون له أهداف سياسية وأيديولوجية أكثر من كونها أمنية وعسكرية، وقال: " إن المؤسسة الأمنية والعسكرية تؤكد أن إسرائيل لا تحتاج إلى السيطرة على هذه المنطقة للحفاظ على مصالحها الأمنية".

موقف المقاومة

وفي ظل هذه التطورات، يبدو أن هناك عوامل متعددة قد تؤثر على مسار الأحداث في المستقبل القريب، ويلخص مصطفى هذه العوامل في 3 نقاط رئيسية هي: الضغط المتزايد على الحكومة الإسرائيلية بسبب قضية الأسرى، وتزايد الانتقادات داخل المؤسسة العسكرية والأمنية، إضافة إلى الضغوط الدولية، وخاصة من الولايات المتحدة.

وفيما يتعلق بموقف المقاومة الفلسطينية، يرى أيوب أنها لا تزال تمتلك أوراق قوة في المفاوضات، فمع خسارة 6 أسرى، إلا إن وجود أسرى أحياء لا يزال يشكل ورقة ضغط قوية، كما أن استمرار العمليات في قطاع غزة والضفة الغربية يضع ضغوطا إضافية على الحكومة الإسرائيلية.

وعلى الصعيد الأميركي، يرى أيوب أن الإدارة الأميركية قد تجد نفسها في موقف صعب. فمن جهة، هناك ضغوط داخلية عليها للحد من دعمها لإسرائيل، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأميركية، ومن جهة أخرى، لا ترغب في ممارسة ضغوط قوية على إسرائيل بسبب حساباتها الداخلية.

ولفت أيوب إلى أن الوضع الحالي "غير قابل للاستمرار"، مشيرا إلى أن الإدارة الأميركية قد تضطر إلى العودة إلى دور الوسيط وممارسة الضغوط بشكل دائم للتوصل إلى نوع من الاتفاق أو وقف للحرب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الحکومة الإسرائیلیة المجتمع الإسرائیلی مشیرا إلى أن

إقرأ أيضاً:

كيف يتلاعب نتنياهو بوقف إطلاق النار؟

غزة- «عُمان»- بهاء طباسي:

في أروقة السياسة الدولية، لا تكاد تتوقف المؤامرات التي تستهدف الفلسطينيين ووجودهم، وفي قلب هذه الترتيبات تبرز خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتهجير سكان قطاع غزة. يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي لم يكتفِ بالدمار والقتل والنزوح الذي فرضه على سكان القطاع منذ أشهر الحرب الأولى، بل يسعى اليوم لتحويل المأساة إلى واقع مفروض، عبر ترحيل الفلسطينيين إلى دول الجوار، أو دفعهم للهجرة القسرية.

لم تكن هذه الخطة جديدة، فلطالما حلمت إسرائيل بإفراغ القطاع من سكانه وتحقيق «الحل النهائي» لمشكلة غزة، لكنّ الفلسطينيين، برغم القصف والنزوح والمعاناة، يرفضون الاستسلام لهذا المخطط. وبينما تعقد الاجتماعات السرية وتُبرم الصفقات، يبقى الموقف الشعبي الفلسطيني راسخًا، كما يظهر جليًا في شهادات الناجين الذين تحدوا الموت ليثبتوا للعالم أنهم أصحاب الأرض.

في هذا التقرير، نستعرض الرفض الشعبي للخطة الأمريكية الإسرائيلية من خلال شهادات فلسطينية حية تعكس الإصرار على البقاء، كما نحلل آراء الخبراء السياسيين حول الصفقة التي تستهدف غزة، إضافةً إلى تسليط الضوء على المماطلة الإسرائيلية في إنهاء الحرب والانسحاب الكامل من القطاع.

«نموت في بيوتنا ولا نُهجّر»

«لا نخرج من بيوتنا لو هدموا علينا بيوتنا، نموت في أرضا، أنا سوف أبقى هنا، فليأتِ ترامب ويهدمها عليّ، ولن أخرج».. هكذا استهلّت أم حسين المغربي، وهي امرأة فلسطينية سبعينية، حديثها الغاضب حين سألتها «عُمان» عن موقفها من خطة التهجير التي يروج لها الإعلام الإسرائيلي والأمريكي.

وتتابع بصوت يملؤه التحدي: «إلى أين آخذ أولادي وأخرج؟ أين نذهب؟ نحن أيضًا نرفض اللجوء. ترامب هذا لا يستحق الرد عليه، لا ترامب ولا غيره يستطيع أن يخرجنا من منازلنا. فليفعلوا ما في استطاعتهم، بعد الله لا يوجد أحد من البشر يقدر علينا».

تعكس كلماتها صورة الفلسطيني المتمسك بأرضه رغم كل المحاولات المستمرة لإجباره على المغادرة. تضيف بصوت يختلط بالألم والإصرار: «هذه أرضنا، أرض الرباط، لا أحد يقدر يطلعنا منها، سنعيش ونموت هنا. نكبة 48 لن تتكرر مرة أخرى، نحن صامدون في أرضنا، نحن لا رايحين ولا جايين».

«سنموت واقفين كالأشجار»

أما ياسر عاطف صافي، الذي عاش فصول النزوح والمعاناة خلال الحرب، فكان أكثر حدة في رفضه لأي محاولات تهجير قسري لسكان غزة: «بصفتي مواطنًا من قطاع غزة عشت حرب إبادة، حرب نزوح، نحن نقول لترامب الذي يريد شراء غزة: خرجنا من ثنايا الركام لنقول لك بأن خطتك، والتي تدعو لها، مرفوضة رفضًا قاطعًا، ولن نترك شبرا من هذه الأرض وسنبقى صامدين حتى ولو قتلونا. سنموت كالأشجار واقفين».

ويضيف بنبرة متحدية : «غزة مقبرة الغزاة، ومن قال إن غزة ستموت؟ غزة بصمودها ستصنع الموت لأمريكا وإسرائيل بإذن الله. صامدون حتى الرمق الأخير في قطاع غزة ولن نخرج».

ياسر الذي هُدم بيته بالكامل، ونزح أكثر من 15 مرة خلال الحرب، يعيد التأكيد على عزيمته: «هذا لم يثننا عن التمسك بأرضنا، نعمل بالآية القرآنية : (وبشر الصابرين). نضع الملح على الجرح، ونبقى كما نحن ولن نخرج، ونقول له بأن دعوته مرفوضة مرة أخرى».

استهداف الأونروا مقدمة للتهجير

سلطات الاحتلال حظرت عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» في القدس الشرقية، يوم 30 يناير الماضي، بعد محاولات مستوطنين تعطيل عملها في مناطق الضفة الغربية عن طريق هجمات الحرق المتعمد والاحتجاجات على مدار السنوات الماضية.

وخلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، استهدف جيش الاحتلال مقرات الوكالة الأممية، حيث استشهد 223 من موظفيها وتم تدمير ثلثي مرافقها التعليمية والصحية.

يرى المحلل السياسي الفلسطيني إياد جودة أن الهجمات الإسرائيلية المتكررة على مراكز الأونروا ليست محض صدفة، بل تأتي ضمن مخطط أوسع لضرب البنية التحتية لأي وجود فلسطيني مستدام في القطاع.

وقال جودة، في تصريح لـ«عُمان»: «الأونروا هي رمزية اللاجئين الفلسطينيين، وبالتالي فإن استهداف الجيش الإسرائيلي لهذه المراكز هو مقدمة لموضوع التهجير الذي يتحدث عنه ترامب هذه الأيام، وكأن القصف الإسرائيلي جاء متفقًا تمامًا مع تصريحات ترامب التي أطلقها بتهجير الفلسطينيين خارج غزة أو حتى بيع القطاع لدول مجاورة».

لكنه أوضح أن: «المخططات الأمريكية والإسرائيلية بتضييق الخناق على الفلسطينيين واستهداف الجهود الأممية الرامية لمساعدتهم؛ لإجبارهم على الهجرة القسرية، كلها تحطمت على صخرة صمود الشعب الفلسطيني، والناس قابلت هذه التصريحات بسخرية واستهزاء وكأنهم واثقون من أنفسهم، أنه لن تمر هذه الدعوات».

المماطلة الإسرائيلية وتأجيل المرحلة الثانية من الاتفاق

وكعادة الاحتلال، يتهرب دائمًا من تعهداته، ولا يتطلع إلا لرغباته في توسيع حدود إسرائيل عن طريق الاستيطان وتهجير الفلسطينيين، وكشفت تقارير إعلامية إسرائيلية عن تردد الحكومة الإسرائيلية في المضي قدما في المرحلة الثانية من صفقة وقف إطلاق النار، والتي كان من المفترض أن تبدأ في اليوم السادس عشر من المرحلة الأولى.

وأكدت المصادر الإسرائيلية أن نتنياهو رفض مطلب حماس ربط إطلاق سراح الأسرى المتبقين بانتهاء الحرب، مشيرة إلى أن الحكومة الإسرائيلية قد توافق بضغط أمريكي على استئناف المفاوضات، لكنها تشترط التمسك بأهداف الحرب والقضاء على حماس.

وأظهرت الاجتماعات الأخيرة للمجلس الوزاري المصغر الإسرائيلي «الكابينت» انقسامات داخلية حول شروط المضي في المفاوضات، مع تأكيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على ضرورة تفكيك حماس شرطا لأي اتفاق مستقبلي.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية: أن الكابينت الإسرائيلي، تلقى اليوم ، تقريرا بشأن صفقة التبادل من فريق التفاوض العائد من الدوحة. وبينت أن الكابينت يجتمع غداً ، لاتخاذ قرارات بشأن الخطوات المقبلة المتعلقة بصفقة التبادل.

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قال إن إسرائيل ستبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بما يشمل مبادلة الرهائن الإسرائيليين بمحتجزين فلسطينيين.

وتركز التوجهات جهود الوساطة الحالية على إطلاق سراح جندي إسرائيلي وأربعة جثث إسرائيليين تحتجزهم كتائب القسام، كما تحاول إسرائيل تمديد المرحلة الأولى من الصفقة، دون الدخول في مفاوضات جادة حول المرحلة الثانية.

ومطلع مارس الجاري، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة التي استمرت 42 يومًا، في حين تنصلت "إسرائيل" من الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.

نتنياهو يتلاعب بالصفقة

ولذلك، يحذر الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الفلسطيني، يوسف تيسير، من خطورة تأجيل تنفيذ المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى: «تمر المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بمرحلة حساسة ودقيقة للغاية لا يمكن معها استبعاد الغدر الإسرائيلي والأميركي، في ظل وجود ترامب ونتنياهو، الذين يسعيان لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم».

ويوضح لـ«عُمان»: «نتنياهو يحاول إفساد الصفقة بأي ثمن، ويطمح لأي فرصة لوقف حتى تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق غزة، وسط ضغوط التيار الديني القومي في إسرائيل؛ لذا لا يمكن القول إلا أن الفصائل مطالبة بيقظة عالية لتفويت الفرص على الأقل حتى انتهاء هذه المرحلة».

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، وسام عفيفة، أن «نتنياهو يتأرجح على حبل الصفقة، بين صمت تكتيكي وضغوط متعددة الاتجاهات». وقال، لـ«عُمان»: «‏المرحلة الثانية من الصفقة قيد البحث، لكن تمديد الأولى بات مطروحًا، في محاولة لانتزاع مزيد من التنازلات من حماس وهروب نتنياهو من استحقاق إنهاء الحرب».

‏وأوضح: «حماس لا تريد خرق الاتفاق، لكن هذا لم يرضِ شهية نتنياهو وترامب لإطلاق سراح جميع المختطفين الإسرائيليين دفعة واحدة».

وتابع: «في المشهد الإسرائيلي، الحسابات دقيقة: تحلوا بالهدوء حتى مرت الدفعة السادسة من صفقة تسليم الأسرى، وها هم يمارسون ضغطًا إضافيًا عبر الوسطاء قبيل الدفعة السابعة. ‏مناورة أخرى في سباق مع الزمن، حيث لا يريد نتنياهو هدم الجسور قبل استكمال الأوراق التي لا يزال يحاول ترتيبها على طاولة المفاوضات».

هل سينجح مخطط التهجير؟

في ظل هذا المشهد المتشابك، يبقى السؤال الأهم: «هل سينجح ترامب ونتنياهو في مخطط تهجير الفلسطينيين؟» الإجابة تبدو واضحة في كلمات الفلسطينيين الذين يرددون بصوت واحد: «نموت في بيوتنا ولا نُهجّر». الصمود الفلسطيني هو الحاجز الأخير أمام هذه المخططات، وإرادة الشعب ستظل هي الفيصل في مواجهة المؤامرات.

مقالات مشابهة

  • كيف تفضح طموحات نتنياهو نقاط ضعف الاحتلال الإسرائيلي؟
  • المعارضة الإسرائيلية تتحالف مع رئيس «الشاباك» ضد مسعى «نتنياهو» لإقالته
  • وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق: يجب تغيير حكومة نتنياهو بأسرع وقت
  • مخلفات الإبادة الإسرائيلية.. قنابل موقوتة تهدد حياة الفلسطينيين
  • المواصلات في غزة تتحدث بشأن المركبات المتضررة نتيجة الحرب الإسرائيلية
  • الخلافات تتعمق.. نتنياهو يعتزم إقالة رئيس الأمن الداخلي الإسرائيلي
  • لانعدام الثقة.. نتنياهو يتحرك لإقالة رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي
  • كيف يتلاعب نتنياهو بوقف إطلاق النار؟
  • إضراب 1000 لاعب في الدوري الكولومبي.. ما السبب؟
  • لهذه الأسباب نتنياهو خائف