زياد ابحيص يكتب .. مـقـاومة الضفة الغربية: النهضة الثالثة
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
#مـقـاومة #الضفة_الغربية : #النهضة_الثالثة
#زياد_ابحيص
شهدت الضفة الغربية منذ احتلالها عام 1967 نهضتان سابقتان للمـ.ـقـ.ـاومة قابلتهما حملتان تاريخيتان لإجهاضها، أما النهضة الأولى فكانت بانتـ.ـفاضة الحجارة المباركة في 1987 وأخذت شكل الفعل الشعبي الشامل الذي تشكلت قيادات جماهيرية وطنية وإسلامية لاستدامته وتنظيم وتيرته، وكانت آفاق المـ.
في مقابل هذا الفعل المـ.ـقـ.ـاوم مفتوح الآفاق جاءت محاولة الإجهاض الأولى بإعادة رسم الجغرافيا السياسية للضفة الغربية عبر اتفاق أوسلو، بوضع معظم الكتلة السكانية الفلسطينية تحت إدارة فلسطينية، وإبقاء معظم الجغرافيا الزراعية تحت السيطرة الصهيونية الشاملة وتحويلها إلى مساحة خصبة للاستيطان والهيمنة؛ في المحصلة بات رمي الحجر لا يصيب جندياً إلا في مساحات اشتباكٍ محدودة، وبات رفع علم فلسطين عملاً عادياً فكل مقرات السلطة ترفعه، وبات الإضراب تعطيلاً للاقتصاد الفلسطيني مع كونه بأسره ملحقاً بدائرة الاقتصاد الصهيوني، فأُغلقت بذلك آفاق الفعل الشعبي مع تكليف السلطة الفلسطينية بمهمة أمنية لتتولى أمر المجموعات التي “تطول أيديها” إلى الأهداف الصهيونية التي باتت خارج التناول الشعبي القريب.
مقالات ذات صلة مستجدات قرار اغلاق المحال التجارية بوقت محدد بالعاصمة عمان 2024/09/01لم يلبث المجتمع الفلسطيني أن تأقلم مع الوضع الجديد، ومضى إلى نسخة جديدة من نهضة المـ.ـقـ.ـاومة في انتـ.ـفاضة الأقصى عام 2000، فوّض بموجبها إمكاناته البشرية والمادية للتنـ.ـظيم الفلسطيني ليتولى التنـ.ـظيم ترجمة هذه الموارد إلى اختراقٍ مـ.ـقـ.ـاومٍ للعمق الصهيوني بالعمليات الاستـ.ـشـ.ـهادية وعمليات القنص وإطلاق النار، من خلال خلا.يا سرية كانت تنشأ محلياً وترتبط بالتـ.ـنظيم قبل أن يلاحقها الاحتلال ويصفيها بالاغتيال أو الاعتقال، وأسهم موقف السلطة بقيادة ياسر عرفات في توفير شرط الحد الأدنى لوجود التنـ.ـظيمات بشتى أشكالها فقد كان يعول على العودة إلى العمل المسـ.ـلح كأحد خيارات تصحيح المسار البائس الذي انتهت إليه مفاوضات أوسلو.
رد الاحتلال بمعونة الولايات المتحدة بحملة إجهاضٍ جديدة عنوانها إنهاء التنـ.ـظيم الفلسطيني ومنع إمكانية عودته، وارتكزت محاولة الإجهاض إلى أربع أساليب أساسية: الأول تكريس الحواجز وتقطيع الأوصال مع رقابة متكاملة على الطرق الواصلة بين مدن الضفة الغربية بشبكة من الكاميرات وشق طرق موازية مخصصة للمستوطنين حيثما كان ذلك ممكناً، والثاني الاستثمار في نسخة جديدة من الأجهزة الأمنية، نسخة الجنرال الأمريكي كيث دايتون التي تعتبر المـ.ـقـ.ـاومة عدوها المركزي الأوحد ولا تقبل تسلل المـ.ـقـ.ـاومة إلى صفوفها أو ممارستها كأجهزة كما حصل مع سابقتها، والثالث التوسع في التوظيف في أجهزة السلطة وتوسيع دائرة المصالح المجتمعية المرتبطة بها مع التوسع في القروض والإنفاق الاستهلاكي، والرابع اتخاذ “الانقسام” بوابة لضرب أي تنـ.ـظيم فلسطيني مـ.ـقـ.ـاوم، مع تحويل بنية فتح بإقصاء العناصر التاريخية المـ.ـقـ.ـاومة منها واختصار فتح بكونها “حزب السلطة”، وبذلك أتم الصهاينة إغلاق الأبواب أمام أي تنـ.ـظيم فلسطيني مـ.ـقـ.ـاوم.
في مواجهة ما أنتجته هذه الحملة من واقعٍ معقد، نشهد اليوم تأقلماً فلسطينياً جديداً يؤسس للنهضة التاريخية الثالثة للمـ.ـقـ.ـاومة: بتأسيس الكـ.ـتائب المحلية المـ.ـقـ.ـاتلة العابرة للانتماء الأيديولوجي والفصائلي، والمرتكزة إلى جغرافيا مكتظة تتمتع بالسماكة السكانية الكافية التي تجعل اقتحامها مستعصياً على الجيش الصهيوني بل ومستعصياً على أجهزة دايتون أيضاً، ومن هنا عاد المخيم إلى الواجهة لأنه الجغرافيا التي تحمل هذه الإمكانات، فضلاً عما يحمله من إرثٍ للشـ.ـهـ.ـادة والمـ.ـقـ.ـاومة، وانضمت إليها البلدة القديمة في #نابلس؛ ولم يكن غريباً إذن أن يكون مخيم جنين أول هذه الأنوية المحلية المـ.ـقـ.ـاتلة نشأة في 6-9-2021، أي قبل ثلاث سنوات فقط من هذه الهجمة الصهيونية الشرسة على الضفة الغربية.
كما هو متوقع بالطبع بدأت هجمة الإجهاض التاريخية الثالثة بالاجتياحات المتتالية لبؤر المـ.ـقـ.ـاومة هذه، وبمحاولة تصفية قادة الكـ.ـتائب ومقـ.ـاتليها واستنزاف هذه الكتـ.ـائب الناشئة قبل أن تراكم القوة وتنتشر. رغم أن الاحتلال شن حملة الإجهاض هذه منذ الأيام الأولى، فقبل 7 أكتوبر كان قد شن عملية واسعة أسماها “بيت وحديقة” في شهر 7-2023 على مخيم #جنين، فإن هذه الكتـ.ـائب المحلية سبقته حتى الآن في التحديين: في تحدي البقاء والتمدد رغم ضريبة الدم واليوم تخوض كتـ.ـيبة جنين المعارك في الذكرى الثالثة لتأسيسها، وفي تحدي التمدد والانتشار رغم الملاحقة فوصلت إلى جنين المدينة وعدد من قراها وإلى طولكرم ونابلس وطوباس والفارعة وإلى مخيم عقبة جبر قرب أريحا، بل أخذت تمتد إلى قلقيلية المحاصرة وإلى الخليل بكتـ.ـيبة بيت أُمَّر، فتحولت الكتـ.ـيبة عبر تجربة السنوات الثلاث إلى أكثر من عشر كتـ.ـائب.
هذا التجذر والانتشار سببه أن هذه الكـ.ـتائب المحلية ابنة مسار تاريخي لنهضة المـ.ـقـ.ـاومة –كما كانت النهضتان السابقتان- وليست ابنة المحاولة التنـ.ـظيمية المحلية فحسب، فاستعادة وعي المـ.ـقـ.ـاومة في الضفة الغربية من بعد انتفاضة الأقصى مرّت بتأسيس الحراك الشبابي في #القدس في 2013 وتفعيل أدوات المواجهة الشعبية في هبة الفتى الشهيد محمد أبو خضير في رمضان 2014 وبانتـ.ـفاضة السكـ.ـاكين 2015 وبهبة باب الأسباط 2017 وبهبة باب الرحمة 2019 وبمعركة سيـ.ـف القدس 2021 التي كانت محطة القطاف الأولى لهذه التجربة ثم بمعركة الاعتكاف في 2023 وأخيراً بطوفان #الأقصى في السابع من أكتوبر 2023 والذي كان بحق محطة القطاف الثانية في هذه التجربة التي كانت تحاول اجتراح المستحيل إذ تواجه آخر ما توصلت له قوى الاستعمار مجتمعة من رقابة وتضييق أمني ومن هندسة اجتماعية.
غير أن هذا المسار الواثق لا يصنع الحتميات، فنجاح هذه الأنوية الجريئة المقـ.ـاتـ.ـلة في الصمود والتوسع رهنٌ بمقدار ما يوضع فيها من إرادة وما يقدم لها مجتمعها من إمكانات مادية وبشرية، وبما يتغير على عمقها الشعبي ليتيح آفاق احتضانها بعد عقدين من هندسة مصالح المجتمع بالاتجاه العكسي، وهذا يتطلب أن تخرج النخبة من موقع المتفرج المراهن على السباق، ومن حالة ترقب ما إذا كانت هذه التجربة ستنجح أم لا؛ فما دامت هذه النهضة التي أنتجها المسار التاريخي والأمر الواقع على الأرض فليس هناك مجال للاشتراط وانتظار نهضة تلبي طموح النخبة، حتى وإن كان بعض هذا الطموح مشروعاً ومدفوعاً بمحاولة تجويد أداء هذه الكـ.ـتائب حرصاً على نجاحها، بل الواجب اليوم النزول إلى الميدان واستغلال هذه النافذة التاريخية بكل طاقة ممكنة، فيكفي أنها ما زالت تُنتظر منذ 20 عاماً؛ فهل نملك رفاه أن نفوتها؟!
#طوفان_الأقصىالمصدر: سواليف
كلمات دلالية: مـقـاومة الضفة الغربية النهضة الثالثة زياد ابحيص نابلس جنين القدس الأقصى طوفان الأقصى الضفة الغربیة مـ ـقـ ـاومة
إقرأ أيضاً:
بن غفير يدعو إلى ضم الضفة الغربية رداً على "الجنائية الدولية"
وصف وزير الأمن القومي اليميني المتطرف، ايتمار بن غفير، الخميس، المحكمة الجنائية الدولية بأنها "معادية للسامية حتى النخاع" لإصدارها أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع السابق، يوآف غالانت، مطالباً باستيطان الأراضي الفلسطينية رداً على القرار.
وذكر بن غفير على شبكة "إكس" الاجتماعية أن "إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، والنائب يوآف غالانت عار غير مسبوق، لكنه ليس مفاجئاً على الإطلاق. المحكمة الجنائية الدولية تظهر مجدداً أنها معادية للسامية حتى النخاع".
وأضاف الوزير أن "الرد على أوامر الاعتقال يجب أن يكون تحقيق السيادة على جميع أراضي الضفة الغربية. الاستيطان في جميع أنحاء البلاد وفرض عقوبات على السلطة الوطنية الفلسطينية".
وبلهجة مماثلة، وصف وزير المالية، المستوطن بتسلئيل سموتريش، على شبكة "إكس" هذه الخطوة القانونية بأنها "معاداة السامية والكراهية نحو إسرائيل"، داعياً نتانياهو إلى فرض "عقوبات مؤلمة على السلطة الوطنية الفلسطينية وقادتها حتى نقطة الانهيار".
كما أدان زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق، يائير لابيد، قرار محكمة لاهاي، مؤكدا أنه "مكافأة للارهاب"، في إشارة إلى هجمات حركة حماس في السابع من أكتوبر (تشرين أول) من عام 2023 التي سبقت اندلاع الحرب في قطاع غزة.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية اليوم الخميس مذكرتي اعتقال ضد نتانياهو ووزير دفاعه السابق باعتبارهما مسؤولين عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة منذ الثامن من أكتوبر (تشرين أول) من العام الماضي على الأقل.
كما وافق القضاة على إصدار مذكرة اعتقال بحق محمد ضيف، رئيس الجناح العسكري لحركة حماس، رغم أن إسرائيل أعلنت عن مقتله في غارة إسرائيلية على القطاع في يونيو (حزيران) الماضي، وهو ما لم تؤكده الحركة الفلسطينية، ولم تتمكن المحكمة من تأكيد وفاته.
ورفضت الدائرة التمهيدية بالمحكمة بالإجماع الطعون التي قدمتها إسرائيل في سبتمبر (أيلول)، التي نفت اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بالوضع في دولة فلسطين بشكل عام، وعلى المواطنين الإسرائيليين بشكل خاص.