#مـقـاومة #الضفة_الغربية : #النهضة_الثالثة

#زياد_ابحيص

شهدت الضفة الغربية منذ احتلالها عام 1967 نهضتان سابقتان للمـ.ـقـ.ـاومة قابلتهما حملتان تاريخيتان لإجهاضها، أما النهضة الأولى فكانت بانتـ.ـفاضة الحجارة المباركة في 1987 وأخذت شكل الفعل الشعبي الشامل الذي تشكلت قيادات جماهيرية وطنية وإسلامية لاستدامته وتنظيم وتيرته، وكانت آفاق المـ.

ـقـ.ـاومة فيها متاحة لمن أراد بمجرد خروجه من باب منزله: فرفع علم فلسطين مـ.ـقـ.ـاومة، وإحراق العلم الصهيوني مـ.ـقـ.ـاومة، والشعار على الجدار مـ.ـقـ.ـاومة، ورمي الحجر مـ.ـقـ.ـاومة، والإضراب التجاري مـ.ـقـ.ـاومة.

في مقابل هذا الفعل المـ.ـقـ.ـاوم مفتوح الآفاق جاءت محاولة الإجهاض الأولى بإعادة رسم الجغرافيا السياسية للضفة الغربية عبر اتفاق أوسلو، بوضع معظم الكتلة السكانية الفلسطينية تحت إدارة فلسطينية، وإبقاء معظم الجغرافيا الزراعية تحت السيطرة الصهيونية الشاملة وتحويلها إلى مساحة خصبة للاستيطان والهيمنة؛ في المحصلة بات رمي الحجر لا يصيب جندياً إلا في مساحات اشتباكٍ محدودة، وبات رفع علم فلسطين عملاً عادياً فكل مقرات السلطة ترفعه، وبات الإضراب تعطيلاً للاقتصاد الفلسطيني مع كونه بأسره ملحقاً بدائرة الاقتصاد الصهيوني، فأُغلقت بذلك آفاق الفعل الشعبي مع تكليف السلطة الفلسطينية بمهمة أمنية لتتولى أمر المجموعات التي “تطول أيديها” إلى الأهداف الصهيونية التي باتت خارج التناول الشعبي القريب.

مقالات ذات صلة مستجدات قرار اغلاق المحال التجارية بوقت محدد بالعاصمة عمان 2024/09/01

لم يلبث المجتمع الفلسطيني أن تأقلم مع الوضع الجديد، ومضى إلى نسخة جديدة من نهضة المـ.ـقـ.ـاومة في انتـ.ـفاضة الأقصى عام 2000، فوّض بموجبها إمكاناته البشرية والمادية للتنـ.ـظيم الفلسطيني ليتولى التنـ.ـظيم ترجمة هذه الموارد إلى اختراقٍ مـ.ـقـ.ـاومٍ للعمق الصهيوني بالعمليات الاستـ.ـشـ.ـهادية وعمليات القنص وإطلاق النار، من خلال خلا.يا سرية كانت تنشأ محلياً وترتبط بالتـ.ـنظيم قبل أن يلاحقها الاحتلال ويصفيها بالاغتيال أو الاعتقال، وأسهم موقف السلطة بقيادة ياسر عرفات في توفير شرط الحد الأدنى لوجود التنـ.ـظيمات بشتى أشكالها فقد كان يعول على العودة إلى العمل المسـ.ـلح كأحد خيارات تصحيح المسار البائس الذي انتهت إليه مفاوضات أوسلو.

رد الاحتلال بمعونة الولايات المتحدة بحملة إجهاضٍ جديدة عنوانها إنهاء التنـ.ـظيم الفلسطيني ومنع إمكانية عودته، وارتكزت محاولة الإجهاض إلى أربع أساليب أساسية: الأول تكريس الحواجز وتقطيع الأوصال مع رقابة متكاملة على الطرق الواصلة بين مدن الضفة الغربية بشبكة من الكاميرات وشق طرق موازية مخصصة للمستوطنين حيثما كان ذلك ممكناً، والثاني الاستثمار في نسخة جديدة من الأجهزة الأمنية، نسخة الجنرال الأمريكي كيث دايتون التي تعتبر المـ.ـقـ.ـاومة عدوها المركزي الأوحد ولا تقبل تسلل المـ.ـقـ.ـاومة إلى صفوفها أو ممارستها كأجهزة كما حصل مع سابقتها، والثالث التوسع في التوظيف في أجهزة السلطة وتوسيع دائرة المصالح المجتمعية المرتبطة بها مع التوسع في القروض والإنفاق الاستهلاكي، والرابع اتخاذ “الانقسام” بوابة لضرب أي تنـ.ـظيم فلسطيني مـ.ـقـ.ـاوم، مع تحويل بنية فتح بإقصاء العناصر التاريخية المـ.ـقـ.ـاومة منها واختصار فتح بكونها “حزب السلطة”، وبذلك أتم الصهاينة إغلاق الأبواب أمام أي تنـ.ـظيم فلسطيني مـ.ـقـ.ـاوم.

في مواجهة ما أنتجته هذه الحملة من واقعٍ معقد، نشهد اليوم تأقلماً فلسطينياً جديداً يؤسس للنهضة التاريخية الثالثة للمـ.ـقـ.ـاومة: بتأسيس الكـ.ـتائب المحلية المـ.ـقـ.ـاتلة العابرة للانتماء الأيديولوجي والفصائلي، والمرتكزة إلى جغرافيا مكتظة تتمتع بالسماكة السكانية الكافية التي تجعل اقتحامها مستعصياً على الجيش الصهيوني بل ومستعصياً على أجهزة دايتون أيضاً، ومن هنا عاد المخيم إلى الواجهة لأنه الجغرافيا التي تحمل هذه الإمكانات، فضلاً عما يحمله من إرثٍ للشـ.ـهـ.ـادة والمـ.ـقـ.ـاومة، وانضمت إليها البلدة القديمة في #نابلس؛ ولم يكن غريباً إذن أن يكون مخيم جنين أول هذه الأنوية المحلية المـ.ـقـ.ـاتلة نشأة في 6-9-2021، أي قبل ثلاث سنوات فقط من هذه الهجمة الصهيونية الشرسة على الضفة الغربية.

كما هو متوقع بالطبع بدأت هجمة الإجهاض التاريخية الثالثة بالاجتياحات المتتالية لبؤر المـ.ـقـ.ـاومة هذه، وبمحاولة تصفية قادة الكـ.ـتائب ومقـ.ـاتليها واستنزاف هذه الكتـ.ـائب الناشئة قبل أن تراكم القوة وتنتشر. رغم أن الاحتلال شن حملة الإجهاض هذه منذ الأيام الأولى، فقبل 7 أكتوبر كان قد شن عملية واسعة أسماها “بيت وحديقة” في شهر 7-2023 على مخيم #جنين، فإن هذه الكتـ.ـائب المحلية سبقته حتى الآن في التحديين: في تحدي البقاء والتمدد رغم ضريبة الدم واليوم تخوض كتـ.ـيبة جنين المعارك في الذكرى الثالثة لتأسيسها، وفي تحدي التمدد والانتشار رغم الملاحقة فوصلت إلى جنين المدينة وعدد من قراها وإلى طولكرم ونابلس وطوباس والفارعة وإلى مخيم عقبة جبر قرب أريحا، بل أخذت تمتد إلى قلقيلية المحاصرة وإلى الخليل بكتـ.ـيبة بيت أُمَّر، فتحولت الكتـ.ـيبة عبر تجربة السنوات الثلاث إلى أكثر من عشر كتـ.ـائب.

هذا التجذر والانتشار سببه أن هذه الكـ.ـتائب المحلية ابنة مسار تاريخي لنهضة المـ.ـقـ.ـاومة –كما كانت النهضتان السابقتان- وليست ابنة المحاولة التنـ.ـظيمية المحلية فحسب، فاستعادة وعي المـ.ـقـ.ـاومة في الضفة الغربية من بعد انتفاضة الأقصى مرّت بتأسيس الحراك الشبابي في #القدس في 2013 وتفعيل أدوات المواجهة الشعبية في هبة الفتى الشهيد محمد أبو خضير في رمضان 2014 وبانتـ.ـفاضة السكـ.ـاكين 2015 وبهبة باب الأسباط 2017 وبهبة باب الرحمة 2019 وبمعركة سيـ.ـف القدس 2021 التي كانت محطة القطاف الأولى لهذه التجربة ثم بمعركة الاعتكاف في 2023 وأخيراً بطوفان #الأقصى في السابع من أكتوبر 2023 والذي كان بحق محطة القطاف الثانية في هذه التجربة التي كانت تحاول اجتراح المستحيل إذ تواجه آخر ما توصلت له قوى الاستعمار مجتمعة من رقابة وتضييق أمني ومن هندسة اجتماعية.

غير أن هذا المسار الواثق لا يصنع الحتميات، فنجاح هذه الأنوية الجريئة المقـ.ـاتـ.ـلة في الصمود والتوسع رهنٌ بمقدار ما يوضع فيها من إرادة وما يقدم لها مجتمعها من إمكانات مادية وبشرية، وبما يتغير على عمقها الشعبي ليتيح آفاق احتضانها بعد عقدين من هندسة مصالح المجتمع بالاتجاه العكسي، وهذا يتطلب أن تخرج النخبة من موقع المتفرج المراهن على السباق، ومن حالة ترقب ما إذا كانت هذه التجربة ستنجح أم لا؛ فما دامت هذه النهضة التي أنتجها المسار التاريخي والأمر الواقع على الأرض فليس هناك مجال للاشتراط وانتظار نهضة تلبي طموح النخبة، حتى وإن كان بعض هذا الطموح مشروعاً ومدفوعاً بمحاولة تجويد أداء هذه الكـ.ـتائب حرصاً على نجاحها، بل الواجب اليوم النزول إلى الميدان واستغلال هذه النافذة التاريخية بكل طاقة ممكنة، فيكفي أنها ما زالت تُنتظر منذ 20 عاماً؛ فهل نملك رفاه أن نفوتها؟!

#طوفان_الأقصى

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: مـقـاومة الضفة الغربية النهضة الثالثة زياد ابحيص نابلس جنين القدس الأقصى طوفان الأقصى الضفة الغربیة مـ ـقـ ـاومة

إقرأ أيضاً:

هآرتس: سرّاق الأرض الإسرائيليون العنيفون يستهدفون الضفة الغربية بأكملها

قالت صحيفة هآرتس إن مؤيدي ضم الأراضي الفلسطينية لم يعودوا يكتفون بالمنطقة (ج) من الضفة الغربية المخصصة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة بموجب اتفاقيات أوسلو، بل زاد مشروع السرقة في تلك المنطقة نهمهم للتوسع إلى مناطق أخرى.

وأوضحت الصحيفة -في افتتاحيتها- أن حركة سرقة الأراضي الفلسطينية كانت تضع أنظارها منذ زمن على المنطقة (ب) الخاضعة للسيطرة المدنية الفلسطينية والسيطرة الأمنية الإسرائيلية، وفي سعيهم لسرقتها كسابقتها، يرى المستوطنون أن الاتفاقيات الدبلوماسية التي وقعتها إسرائيل ملزمة للفلسطينيين وحدهم.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هآرتس: عندما يصبح الجيش الإسرائيلي نموذجا للوحشيةlist 2 of 2إنترسبت: هل ينكر مسؤولو أوروبا جرائم الحرب في غزة رغم الوثائق؟end of list

وهكذا يسرق المستوطنون الأرض في المنطقة (ج)، ويبنون عليها -كما تقول الصحيفة- ثم تضفي الحكومة الشرعية على تلك البؤر الاستيطانية متجاهلة تماما اتفاقيات أوسلو وملحقاتها، أما عندما يحاول الفلسطينيون البناء والعيش حتى خارج المنطقة (ج)، فيصرخ المستوطنون بأن الاتفاقيات تنتهك ويطالبون إسرائيل بوقف البناء.

ولتوضيح ما أشارت إليه، استعرضت هآرتس قضية بلدة المالحة التي بناها الفلسطينيون في قسم من المنطقة (ب) تم نقله إلى السلطة الفلسطينية بموجب اتفاق واي عام 1998 بشرط استخدامه كمحمية طبيعية، ولكن عمليا تم إنشاء بلدة جديدة فيه، فقررت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والمستوطنون مصادرة سلطة فرض لوائح البناء في تلك المنطقة من السلطة الفلسطينية، على أساس أن البناء ينتهك اتفاق واي، وقبل حوالي أسبوعين هدمت إسرائيل المباني الفلسطينية منتهكة بذلك اتفاق واي.

إعلان

وفي غضون ذلك، بنى المستوطنون 5 بؤر استيطانية، كلها في المنطقة (ب)، يسكن فيها العديد من الشباب الذين يرهبون العائلات الفلسطينية.

ويقول والد إحدى آخر العائلات الفلسطينية المتبقية في المنطقة إن "المستوطنين ضربوا ابني مرتين. بعد ذلك بدؤوا في القدوم إلى منزلنا، ومرة تظاهر اثنان منهم بأنهما من الجيش وفتشا المنزل".

وخلصت الصحيفة إلى أن هدم المباني الفلسطينية في منطقة، امتنعت إسرائيل حتى الآن عن التدخل فيها، إلى جانب إنشاء بؤر استيطانية جديدة، يُظهِر أن الضم بدأ يتسلل إلى المنطقة (ب)، وهذا تطور خطير، لأن هذا القرار يهدد الفلسطينيين الذين يعيشون هناك ويسرع من انحدار إسرائيل إلى دولة فصل عنصري بلطجية أبعدت نفسها عن الأسرة الدولية.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 15 فلسطينيا من الضفة الغربية بينهم صحفي
  • كيف يخنق الاحتلال الإسرائيلي الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة؟
  • 2024 عام الاستهداف.. الضفة الغربية تواصل مقاومة جيش الاحتلال الإسرائيلي
  • استشهاد فلسطيني في قصف إسرائيلي شمال الضفة الغربية
  • هآرتس: سرّاق الأرض الإسرائيليون العنيفون يستهدفون الضفة الغربية بأكملها
  • مقتل 6 مسلحين بعملية إسرائيلية في الضفة الغربية
  • حماس: مقاومة طولكرم أثبتت أنها عصية على الانكسار
  • قوات الاحتلال تحاصر مستشفيات طولكرم شمالي الضفة الغربية
  • حملة اعتقالات إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية
  • استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال خلال مداهمة في الضفة الغربية