محللون: العملية العسكرية الإسرائيلية بالضفة تستهدف الأردن
تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT
عمّان- تتزايد المخاوف في الأردن من انعكاسات عملية "المخيمات الصيفية" الإسرائيلية في الضفة الغربية على الأمن القومي الأردني، حيث يرى محللون أن مخاطرها لا تقتصر فقط على الأمن الداخلي الفلسطيني، بل تمتد لتشمل تأثيرات مباشرة على المملكة، بحكم العلاقة التي تربط الأردن وفلسطين وما يتقاطع منها مع مطامع الاحتلال وسعيه لحسم الصراع على حساب البلدين.
ومع بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في مناطق شمال الضفة الغربية، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلى إخلاء الضفة من الفلسطينيين، وقال في تصريحات نشرها عبر حسابه على منصة "إكس" إنه يجب التعامل مع التهديد في الضفة مثل غزة، ودعا لتنفيذ إخلاء بحق السكان، قائلا "هذه حرب على كل شيء".
في الوقت نفسه علقت مراسلة قناة "كان" العبرية في الضفة الغربية كرمل دنفور أن هناك إمكانية لتطبيق إجلاء منظم لسكان المناطق المستهدفة بالعملية، وخصوصا مخيم نور شمس.
وتشير هذه التصريحات والتحليلات إلى مخططات محتملة لتفريغ بعض المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، مما يثير قلقًا في الأردن، خاصةً أن تاريخ التهجير القسري للفلسطينيين يشكل جزءًا من الذاكرة السياسية والوطنية للبلاد، التي استقبلت أعدادًا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين، كما ينذر بخطر وجودي في ضوء مطامع إسرائيلية قديمة متجددة تستهدف الأردن.
يقول الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص إن هناك قضية غائبة عن النقاش، وهي أن الاحتلال ينظر للأردن بطريقة مختلفة عما ينظر بها لبقية الدول العربية، فهو ينظر لسوريا ومصر والعراق -على سبيل المثال- بعين التفريق والتخريب والتدمير حيثما استطاع، لكنه ينظر للأردن بعين الإحلال، وهي نفس العين التي ينظر بها لفلسطين المحتلة وللضفة الغربية وغزة.
ويضيف ابحيص للجزيرة نت أن الاحتلال الإسرائيلي يتطلّع لمد استعماره الإحلالي للأردن "وهذا ليس سرا، وهو جزء أساسي من شعار المنظمات الصهيونية التنقيحية، التي يعتبر حزب الليكود اليوم امتدادا لها"، وأضاف أن "شبيبة الليكود" ما زال شعارهم حتى اليوم يشمل خريطة الأردن وفلسطين باعتبارها "إسرائيل التاريخية".
ويعتبر ابحيص أن الهجمة اليوم على الضفة الغربية هي "تحدي حسم"، موضحا أن ذلك سيتبعه النظر للأردن بعين الاحتلال والإحلال، "ولذلك لابد من الإدراك أن المقاومة في طولكرم وجنين اليوم تدافع عن جرش وعجلون والكرك، كما تدافع عن نابلس والخليل، وللأسف هذه النظرة بعيدة عن عين النخبة السياسية الرسمية".
ويوضح أن المشكلة لا تكمن بأنه سيكون هناك "فائض سكاني يهاجم الأردن ويذوّب هويتها" كما يجري عرضه، بل إن المشكلة الحقيقية أنه إذا نجح مشروع الحسم في الضفة الغربية فهو لن يتوقف، وسيفرض على الأردن الإجابة عن سؤال كيف سيدافع عن نفسه بعد ذلك وهو لديه اتفاقيات سلام وتطبيع ويعتمد على الجانب الإسرائيلي بتوفير الغاز والماء، وكاد أن يعتمد عليه بالكهرباء.
وتوضيحا لما وصفه بـ"مشروع الحسم"، يشير ابحيص إلى أنه من المهم معرفة أنه مشروع واحد في العقل الصهيوني، ويعني إنهاء الصراع على فلسطين لصالح الصهيونية نهاية حاسمة لا يمكن تغييرها، وضمان عدم مجيء من يحاول تغييرها، "وبما أنهم مدركون أن هذا لن يحصل إلا بالإبادة والتهجير فهم ذاهبون لذلك، مستبطنين أنهم على باطل".
ويضيف "يدرك العقل الصهيوني أنه ما دام هناك شعب في الضفة وغزة فسيكون هناك مقاومة، وإذا ما أردنا التخلص منها للأبد فلا بد من تهجير الشعب"، ويتابع "واجهة هذا الحسم ومقدمته هو السيطرة على المسجد الأقصى وتحويله لهيكل، لأن ذلك يعني القدرة على الحسم بالمقدس، وهي أصعب النقاط التي إن حسمت يسهل كل ما بعدها من تهجير في غزة والضفة، حتى يصبح احتلال الأردن مسألة وقت".
وعن سبب توجه الاحتلال للحسم، يقول الباحث إن المعارك المرتبطة بالأقصى وغزة والضفة متماسكة وتمنع الحسم، وتؤكد استمرارية المواجهة مع الاحتلال، وهو ما يدفع الأخير للخوف من انتقال الصراع لأجيال قادمة، وهو ما يقلل فرص بقائه، فيتجه لأسلوب التهجير في الضفة وغزة والمخيمات، أو تغيير هوية المسجد الأقصى".
ولتوضيح أثر ما يحصل في الضفة على الأردن، ذكر العقيد المتقاعد من الجيش الأردني الدكتور محمد المقابلة للجزيرة نت أن هناك ارتباطا عضويا وجغرافيا وتاريخيا وديمغرافيا بين الضفة والأردن، موضحا أن هناك تخوفات من ضغط الاحتلال لتهجير السكان الفلسطينيين، مما قد يؤدي مع الوقت لحدوث انفجار سكاني باتجاه الأردن، ليتحقق خطر الوطن البديل للفلسطينيين، ويهودية الدولة".
وأردف قائلا إنه في حال وقوع ذلك ستحدث حالة من الصدام الداخلي الأردني، ستؤدي بدورها لإضعاف كل من الأردن وفلسطين، وهو ما سيستغله الاحتلال ليدفع نحو تنفيذ المرحلة الثانية من المشروع الصهيوني وهي "اعتبار الأردن جزءا من أرض إسرائيل"، في تفسير عملي لخريطة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش التي وضعت الأردن ضمن خريطة "إسرائيل الكبرى".
وعن أثر استمرار التصعيد في الضفة، يشير العقيد المقابلة أن من شأن ذلك أن يزيد من المشاعر الوطنية والإيمانية لدى الأردنيين، حيث لا يمكن ضمان أنهم سيبقون صامتين، مما قد يؤدي لتصعيد عسكري من حيث زيادة حشد القوات العسكرية وفرض حالة الطوارئ، مما سيشكل تهديدا لإسرائيل سيدفعها للضغط على الأردن بحجة الالتزام باتفاقية السلام التي لا تلتزم هي بها بالمقابل".
من جهتها، تقول أستاذة العلوم السياسية أريج جبر للجزيرة نت إن الأردن تنبه للسياقات التي تسعى لتصفية القضية الفلسطينية المخطط لها على حساب الأردن، خاصة مع العملية الحالية والاقتحامات المتكررة لمخيمات وبلدات الضفة الغربية، والتصريحات الإسرائيلية وما تحمله من تحريض نحو إخلاء قسري للضفة مع تحديد وجهة الحركة نحو الأردن، لتثبيت واقع أن الأردن وطن بديل.
وما يعزز المخاوف حسب جبر الإعلان عن نية تشكيل فرقة عسكرية إسرائيلية في المناطق الحدودية، بالإضافة لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية سبتمبر/أيلول 2023، والتي رفع خلالها خريطة الطموح الإسرائيلي والمشروع التوسعي المطروح قيد التنفيذ.
وأشارت جبر إلى أنه ومنذ اللحظات الأولى للعدوان على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدأت تتهافت تصريحات على المستويين العسكري والسياسي الإسرائيلي تطالب بضرورة الحل المبني على عملية تهجير مزدوج، جنوبًا من غزة باتجاه مصر وآخر من الضفة الغربية باتجاه الأردن.
وقالت أستاذة العلوم السياسية إن ما يهم الآن هو الانتباه للدعوات السابقة واللاحقة والتي تتسق مع الخطوط العريضة لما يعرف بـ"صفقة القرن" باعتبار أن الأردن وطن بديل وعليه أن يستوعب كافة أطياف وموجات اللجوء القادمة ويوطنها، وهذا ما أجاب عليه الأردن صراحة باللاءات الثلاث، ومن بينها "لا لاعتبار الأردن وطنا بديلا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
شهيد بطوباس ومستوطنون يحرقون منشآت ويعتدون على فلسطينيين بالضفة
استشهد شاب فلسطيني متأثرا بجروحه برصاص الجيش الإسرائيلي بمدينة طوباس بالضفة الغربية المحتلة، في حين أحرق مستوطنون إسرائيليون منشآت فلسطينية وهاجموا عددا من الفلسطينيين.
وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية، باستشهاد الشاب أحمد بني عودة (22 عاما) برصاص الاحتلال في بلدة طمون بطوباس شمالي الضفة الغربية، واحتجاز جثمانه.
وذكرت وزارة الصحة أن الهيئة العامة للشؤون المدنية أبلغتها باستشهاد الشاب بني عودة برصاص الاحتلال في طمون مساء الأحد.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد اقتحمت البلدة وحاصرت منزلا وأطلقت الرصاص على الشاب وأصابته بجروح، قبل أن تعتقله دون معرفة طبيعة إصابته.
وفي الخليل، أحرق مستوطنون إسرائيليون، اليوم الاثنين منشآت فلسطينية وهاجموا عددا من الفلسطينيين بتجمعين جنوبي الضفة الغربية.
وقال الفلسطيني تامر مخارزة، من تجمع "واد السمسم" جنوب بلدة الظاهرية، جنوب مدينة الخليل، إن نحو 15 مستوطنا إسرائيليا هاجموا التجمع واعتدوا على السكان وممتلكاتهم.
وذكر مخارزة أن المستوطنين هاجموا المنطقة، وأحرقوا مسكنين مأهولين وبركسا (منشأة لإيواء الماشية)، واعتدوا على 4 من السكان بالضرب باستخدام العصي والحجارة.
إعلانوأضاف أن نحو 15 مستوطنا شاركوا في الهجوم وأطلقوا القنابل الغازية بين الأغنام.
من جانبه، قال أسامة مخامرة الناشط في متابعة الانتهاكات الإسرائيلية، إن مستوطنين هاجموا رعاة الأغنام في منطقة واد الرخيم وقرية التوانة شرق وجنوب شرق بلدة يطا، جنوب مدينة الخليل.
وأوضح مخامرة، أن جيش الاحتلال قام باعتقال عدد من الشبان من منطقة واد الرخيم واقتيادهم إلى جهة غير معلومة.
وخلال فبراير/ شباط المنصرم، نفذ الجيش الإسرائيلي 1475 اعتداء، فيما نفذ المستوطنون 230 اعتداء على الفلسطينيين في الضفة الغربية، وفق تقرير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان (حكومية).
في الأثناء، طالبت السلطة الفلسطينية، اليوم الأحد، بتدخل دولي "عاجل" لوقف مشاريع الاستيطان الإسرائيلية "وإنقاذ المنطقة من دوامة الحروب".
جاء ذلك في بيان لوزارة الخارجية الفلسطينية، إثر مصادقة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت)، على شق طريق استيطاني بمحيط القدس الشرقية المحتلة.
وأدانت الوزارة "بشدة" مصادقة "الكابينت" بشق الطريق مطالبة بتدخل دولي عاجل لوقف مشاريع الاستيطان والضم.
كما طالبت المجتمع الدولي بوقفة جادة لفرض الحل السياسي على حكومة الاحتلال باعتباره "المدخل الوحيد لإنقاذ المنطقة من دوامة الحروب والعنف ولتحقيق أمنها واستقرارها وازدهارها".
وقالت الخارجية الفلسطينية إن مصادقة الكابينت تندرج في إطار تهويد القدس وفصلها عن محيطها الفلسطيني وتكريس ضمها بقوة الاحتلال.
واعتبرت ذلك أحد أوجه ومظاهر حرب الإبادة والتهجير والضم التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني بهدف تصفية قضيته ووجوده الوطني.
وأضافت الخارجية الفلسطينية أن تقاعس المجتمع الدولي في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بات يشكل غطاءً تستظل الحكومة الاسرائيلية به لتصعيد عدوانها وتعميق الاستيطان وارتكاب المزيد من الجرائم بحق شعبنا.
إعلانوحذرت من المخاطر المترتبة على ضرب فرصة تطبيق حل الدولتين والتأثيرات الكارثية على ساحة الصراع والمنطقة برمتها، وفقا للبيان.
وسيربط الطريق المصادق عليه بين البلدات الفلسطينية، لكن سيعزلها عن بقية الضفة الغربية، ويفصل حركة الفلسطينيين عن الطرق الرئيسية التي تربط القدس بمستوطنة "معاليه أدوميم"، ليقتصر استخدام هذه الطرق على الإسرائيليين.
وقد تمهد هذه الخطوة لضم "معاليه أدوميم" رسميا إلى إسرائيل، وهي مستوطنة كبيرة تقع شرق القدس، ما قد يكون له تداعيات سياسية على وضع الضفة الغربية، وفق صحيفة يديعوت أحرونوت.
ومرحبا بخطوة "الكابينت"، اعتبر نتنياهو أن الطريق الجديد سيفيد جميع سكان المنطقة عبر تسهيل وتحسين الحركة المرورية، والمساهمة في الأمن، كما سيشكل محورا إستراتيجيا للنقل يربط بين القدس ومعاليه أدوميم ومنطقة الأغوار، على حد قوله.
حماس تحذر
والأحد، حذرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في بيان، من تداعيات مصادقة "الكابينت" على المشروع الاستيطاني لشرق الطريق في القدس.
وأكدت أنه يهدف لتعزيز ربط المستوطنات وعزل البلدات الفلسطينية، ويكشف خطط تل أبيب لتعزيز الاستيطان وتهجير الفلسطينيين من المدينة المحتلة.
ويكثف الاحتلال إجراءاته لتهويد القدس الشرقية، بما فيها المسجد الأقصى، وطمس هويتها العربية والإسلامية، عبر جرائم بينها الاستيطان والتهجير.
وبالتزامن مع حرب الإبادة على غزة، صعّد جيش الاحتلال والمستوطنون عدوانهم على الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 940 فلسطينيا، وإصابة قرابة 7 آلاف شخص، وفق معطيات فلسطينية رسمية.
وبدعم أميركي مطلق ترتكب إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 164 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
إعلان